المحتوى الرئيسى

السيف والصولجان: قصة الصراع على الحكم فى تاريخ المسلمين

07/12 12:10

يذكر صاحب «البدايه والنهايه» ان معاوية بن أبى سفيان ارسل بكتاب الي علي بن أبي طالب اثناء الصراع بينهما قال فيه: «يا ابا الحسن ان لي فضائل كثيره، وكان ابي سيداً في الجاهليه، وصرت ملكاً في الاسلام، وانا صهر رسول الله صلي الله عليه وسلم، وخال المؤمنين، وكاتب الوحي». فقال «علي»: يفخر عليّ ابن اكله الاكباد». لقد كان معاويه صريحاً اشد الصراحه في وصف الحال التي ال اليها، حين قال: «وصرت ملكاً في الاسلام»، وهو ما يؤكد ان خطوط التحول نحو السيطره علي الامره والاماره كان واضحاً في ذهن معاويه، كما كان ظاهراً في تلقينات ابيه له، منذ اللحظه الاولي التي دخلا فيها الاسلام.

لقد كان الحلم قديماً يجري في عروق بني امية منذ سنين، ويختمر في اذهانهم جيلاً بعد جيل. ربما بدا هذا الحلم منذ الليله الاولي التي وصل فيها امر الخلافه الي عثمان رضي الله عنه. فعثمان ينتسب الي اميه، فهو ابن عفان بن ابي العاص بن اميه بن عبدشمس بن عبدمناف، ويبدو ان العائله الامويه قد قررت منذ هذه اللحظه الا يخرج الامر من بين يديها بعد ذلك. في هذا السياق يمكن ان نفهم موقف معاويه حين وصل الامر الي علي، بعد مقتل عثمان رضي الله عنهم. فقد رفع «قميص عثمان»، وطالب بالثار لابن عمومته والقصاص ممن قتلوه ونابذ علياً العداء، وخاض ضده موقعه صفين التي انتهت بالتحكيم، وبعد ان خلص له الامر نسي عثمان وقميصه والثار من قتلته، لان همه الاول، كان ملك العرب. وقد تعمد معاويه ان يدير الامر مع علي من خلال الشبكه العائليه التي انتمي اليها. تلك العائله التي كان يحاول ان يمكّن لها ويجعلها قاعده لحكمه ولوراثه حكمه من بعده. فقد استعان -كاشد ما تكون الاستعانه- بعمرو بن العاص، وابن عمومته مروان بن الحكم. وقد كان «عمرو» حاضراً اشد الحضور في الصراع بين علي ومعاويه. فعمرو هو من اشار علي معاويه بفكره التحكيم عندما بدا جيش العراق بقياده علي يظهر علي جيش الشام، وهو الذي ادار عمليه وضع الاسس الاجرائيه لها، وكان ممثلاً لمعاويه فيها، وهو صاحب الخدعه التي اطاحت بعلي رضي الله عنه.

وعمرو هو ابن العاص بن وائل السهمي، وكان من المستهزئين (اي العاص بن وائل)، وهو القائل لما مات القاسم (وفي روايه اخري عبدالله) ابن النبي، صلي الله عليه وسلم: ان محمداً ابتر لا يعيش له ولد ذكر، فانزل الله تعالي: (انّ شَانِئَكَ هُوَ الابْتَرُ). وقد اسلم -كما تذكر كتب التاريخ- قبل فتح مكه، بعد غزوه الخندق. ويذكر صاحب الكامل في التاريخ ان: «عمراً لما بلغه قتل عثمان قال: ان يل هذا الامر طلحة فهو فتي العرب سبباً، وان يله ابن ابي طالبٍ فهو اكره من يليه الي. فبلغه بيعه علي فاشتد عليه واقام ينتظر ما يصنع الناس، فاتاه مسير عائشه وطلحه والزبير، فاقام ينتظر ما يصنعون، فاتاه الخبر بوقعه الجمل فارتج عليه امره، فسمع ان معاويه بالشام لا يبايع علياً وانه يعظم شان عثمان، وكان معاويه احب اليه من علي، فدعا ابنيه عبدالله ومحمداً فاستشارهما وقال: ما تريان؟، اما علي فلا خير عنده، وهو يدل بسابقته، وهو غير مشركي في شيء من امره. فقال له ابنه عبدالله: توفي النبي، صلي الله عليه وسلم، وابوبكر وعمر وهم عنك راضون، فاري ان تكف يدك وتجلس في بيتك حتي يجتمع الناس علي امام فتبايعه. وقال له ابنه محمد: انت نابٌ من انياب العرب ولا اري ان يجتمع هذا الامر وليس لك فيه صوت. فقال عمرو: اما انت يا عبدالله فامرتني بما هو خير لي في اخرتي واسلم لي في ديني، واما انت يا محمد فامرتني بما هو خير لي في دنياي، وشر لي في اخرتي. ثم خرج ومعه ابناه حتي قدم علي معاويه، فوجد اهل الشام يحضون معاويه علي الطلب بدم عثمان، وقال عمرو: انتم علي الحق، اطلبوا بدم الخليفة المظلوم، ومعاويه لا يلتفت اليه، فقال لعمرو وابناه: الا تري معاويه لا يلتفت اليك؟ فانصرف الي غيره. فدخل عمرو علي معاويه فقال له: والله لعجب لك!، اني ارفدك بما ارفدك وانت معرض عني، اما والله ان قاتلنا معك نطلب بدم الخليفه ان في النفس من ذلك ما فيها، حيث تقاتل من تعلم سابقته وفضله وقرابته، ولكنا انما اردنا هذه الدنيا. فصالحه معاويه وعطف عليه».

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل