المحتوى الرئيسى

هذه قصة العزير‏

07/10 14:18

قال الحافظ ابو القاسم ابن عساكر: هو عزير بن جروه ويقال ابن سوريق بن عديه بن ايوب بن درزنا بن عري بن تقي بن اسبوع بن فنحاص بن العازر بن هارون بن عمران.

ويقال عزير بن سروخا جاء في بعض الاثار ان قبره بدمشق. ثم ساق من طريق ابي القاسم البغوي عن داود بن عمرو، عن حبان بن علي، عن محمد بن كريب، عن ابيه، عن ابن عباس مرفوعاً: لا ادري العزير بيع ام لا ولا ادري اعزير كان نبياً ام لا.

ثم رواه من حديث مامل بن الحسن، عن محمد بن إسحاق السجزي عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريره مرفوعاً نحوه.

ثم روي من طريق اسحاق بن بشر، وهو متروك عن جويبر ومقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس ان عزيراً كان ممن سباه بختنصر وهو غلام حدث، فلما بلغ اربعين سنة اعطاه الله الحكمه. قال: ولم يكن احد احفظ ولا اعلم بالتوراه منه. قال: وكان يذكر مع الانبياء حتي محي الله اسمه من ذلك حين سال ربه عن القدر.

وهذا ضعيف ومنقطع ومنكر، والله اعلم.

وقال اسحاق بن بشر، عن سعيد، عن ابي عروبه، عن قتاده، عن الحسن، عن عبد الله بن سلام. ان عزيراً هو العبد الذي اماته الله مائه عام ثم بعثه.

وقال اسحاق بن بشر: انبانا سعيد بن بشير، عن قتاده، عن كعب وسعد بن ابي عروبه عن قتاده عن الحسن ومقاتل وجويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس وعبد الله بن إسماعيل السدي عن ابيه، عن مجاهد، عن ابن عباس وادريس، عن جده وهب بن منبه قال اسحاق كل هؤلاء حدثوني عن حديث عزير وزاد بعضهم علي بعض قالوا باسنادهم ان عزيراً كان عبداً صالحاً حكيماً خرج ذات يوم الي ضيعه له يتعاهدها، فلما انصرف اتي الي خربه حين قامت الظهيره واصابه الحر، ودخل الخربه وهو علي حماره فنزل عن حماره ومعه سله فيها تين وسله فيها عنب، فنزل في ظل تلك الخربه واخرج قصعه معه فاعتصر من العنب الذي كان معه في القصعه ثم اخرج خبزاً يابساً معه فالقاه في تلك القصعه في العصير ليبتل لياكله، ثم استلقي علي قفاه واسند رجليه الي الحائط فنظر سقف تلك البيوت وراي ما فيها وهي قائمه علي عروشها وقد باد اهلها وراي عظاماً باليه فقال: "اَنَّي يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا" فلم يشك ان الله يحييها ولكن قالها تعجباً فبعث الله مالك الموت فقبض روحه، فاماته الله مائه عام.

فلما اتت عليه مائه عام، وكانت فيما بين ذلك في بني اسرائيل امور واحداث. قال: فبعث الله الي عزير ملكاً فخلق قلبه ليعقل قلبه وعينيه لينظر بهما فيعقل كيف يحيي الله الموتي. ثم ركب خلفه وهو ينظر، ثم كسي عظامه اللحم والشعر والجلد ثم نفخ فيه الروح كل ذلك وهو يري ويعقل، فاستوي جالساً فقال له الملك كم لبثت؟ قال لبثت يوماً او بعض يوم، وذلك انه كان لبث صدر النهار عند الظهيره وبعث في اخر النهار والشمس لم تغب، فقال: او بعض يوم ولم يتم لي يوم. فقال له الملك: بل لبثت مائه عام فانظر الي طعامك وشرابك، يعني الطعام الخبز اليابس، وشرابه العصير الذي كان اعتصره في القصعه فاذا هما علي حالهما لم يتغير العصير والخبز يابس، فذلك قوله "لَمْ يَتَسَنَّهْ" يعني لم يتغير، وكذلك التين والعنب غض لم يتغير شيء من حالهما فكانه انكر في قلبه فقال له الملك: انكرت ما قلت لك؟ فانظر الي حمارك. فنظر الي حماره قد بليت عظامه وصارت نخره. فنادي الملك عظام الحمار فاجابت واقبلت من كل ناحيه حتي ركبه الملك وعزير ينظر اليه ثم البسها العروق والعصب ثم كساها اللحم ثم انبت عليها الجلد والشعر، ثم نفخ فيه الملك فقام الحمار رافعاً راسه واذنيه الي السماء ناهقاً يظن القيامه قد قامت. فذلك قوله "وَانظُرْ اِلَي حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ايَهً لِلنَّاسِ وَانظُرْ اِلَي الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً" يعني وانظر الي عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضاً في اوصالها حتي اذا صارت عظاماً مصوراً حماراً بلا لحم، ثم انظر كيف نكسوها لحماً "فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ اَعْلَمُ اَنَّ اللَّهَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" من احياء الموتي وغيره.

قال: فركب حماره حتي اتي محلته فانكره الناس وانكر الناس وانكر منزله، فانطلق علي وهم منه حتي اتي منزله، فاذا هو بعجوز عمياء مقعده قد اتي عليها مائه وعشرون سنه كانت امه لهم، فخرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنه كانت عرفته وعقلته، فلما اصابها الكبر اصابها الزمان، فقال لها عزير: يا هذه اهذا منزل عزير قالت: نعم هذا منزل عزير. فبكت وقالت: ما رايت احداً من كذا وكذا سنه يذكر عزيراً وقد نسيه الناس. قال اني انا عزير كان الله اماتني مائه سنه ثم بعثني. قالت: سبحان الله! فان عزيراً قد فقدناه منذ مائه سنه فلم نسمع له بذكر. قال: فاني انا عزير قالت: فان عزيراً رجل مستجاب الدعوه يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافيه والشفاء، فادعوا الله ان يرد عليّ بصري حتي اراك فان كنت عزيراً عرفتك.

قال: فدعا ربه ومسح بيده علي عينيها فصحتا واخذ بيدها وقال: قومي باذن الله. فاطلق الله رجليها فقامت صحيحه كانما شطت من عقال، فنظرت فقالت: اشهد انك عزير.

وانطلقت الي محله بني اسرائيل وهم في انديتهم ومجالسهم، وابن لعزير شيخ ابن مائه سنه وثماني عشر سنه وبني بنية شيوخ في المجلس، فنادتهم فقالت: هذا عزير قد جاءكم. فكذبوها، فقالت: انا فلانه مولاتكم دعا لي ربه فرد علي بصري واطلق رجلي وزعم ان الله اماته مائه سنه ثم بعثه. قال: فنهض الناس فاقبلوا اليه فنظروا اليه فقال ابنه: كان لابي شامه سوداء بين كتفيه. فكشف عن كتفيه فاذا هو عزير. فقالت بنو إسرائيل: فانه لم يكن فينا احد حفظ التوراه فما حدثنا غير عزير وقد حرق بختنصر التوراه ولم يبقي منها شيء الا ما حفظت الرجال، فاكتبها لنا وكان ابوه سروخاً قد دفن التوراه ايام بختنصر في موضع لم يعرفه احد غير عزير، فانطلق بهم الي ذلك الموضع فحفره فاستخرج التوراه وكان قد عفن الورق ودرس الكتاب.

قال: وجلس في ظل شجره وبنوا اسرائيل حوله فجدد لهم التوراه ونزل من السماء شهابان حتي دخلا جوفه. فتذكر التوراه فجددها لبني اسرائيل فمن ثم قالت اليهود: عزير ابن الله، للذي كان من امر الشهابين وتجديده التوراه وقيامه بامر بني اسرائيل، وكان جدد لهم التوراه بارض السواد بدير حزقيل، والقريه التي مات فيها يقال لها ساير اباذ.

قال ابن عباس: فكان كما قال الله تعالي: "وَلِنَجْعَلَكَ ايَهً لِلنَّاسِ" يعني لبني اسرائيل، وذلك انه كان يجلس مع بنيه وهم شيوخ وهو شاب لانه مات وهو ابن اربعين سنه فبعثه الله شاباً كهيئته يوم مات.

قال ابن عباس: بعث بعد بختنصر وكذلك قال الحسن وقد انشد ابو حاتم السجستاني في معني ما قاله ابن عباس:

واسود راس شاب من قبله ابنه**ومن قبله ابن ابنه فهو اكبر

يري ابنه شيخاً يدب علي عصاٍ** ولحيته سوداء والراس اشقرٍ

وما لابنه حيل و لا فضل قوهٍ** يقوم كما يمشي الصبي فيعثر

يعد ابنه في الناس تسعين حجه** وعشرين لا يجري ولا يتبختر

وعمر ابيه اربعون امرها** ولابن ابنه تسعون في الناس غبر

لما هو في المعقول ان كنت داريا** وان كنت لا تدري فبالجهل تعذر

المشهور ان عزيراً من أنبياء بني إسرائيل وانه كان فيما بين داود وسليمان وبين زكريا ويحيي، وانه لما لم يبق في بني اسرائيل من يحفظ التوراه الهمه الله حفظها فسردها علي بني اسرائيل، كما قال وهب بن منبه: امر الله ملكاً فنزل بمعرفه من نور فقذفها في عزير فنسخ التوراه حرفاً بحرف حتي فرغ منها.

وروي ابن عساكر عن ابن عباس انه سال عبد الله بن سلام عن قول الله تعالي: "وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ" لما قالوا ذلك؟ فذكر له ابن سلام ما كان من كتبه لبني اسرائيل التوراه من حفظه، وقال بني اسرائيل: لم يستطع موسي ان ياتينا بالتوراه الا في كتاب وان عزيراً قد جاءنا بها من غير كتاب. فرماه طوائف منهم وقالوا عزير ابن الله.

ولهذا يقول كثير من العلماء ان تواتر التوراه انقطع في زمن العزير.

وهذا متجه جداً اذا كان العزير غير نبي كما قاله عطاء بن ابي رباح والحسن البصري. وفيما رواه اسحاق بن بشر عن مقاتل بن سليمان، عن عطاء، وعن عثمان بن عطاء الخراساني عن ابيه، ومقاتل عن عطاء بن ابي رباح قال: كان في الفتره تسعه اشياء: بختنصر وجنه صنعاء وجنه سبا واصحاب الاخدود وامر حاصورا واصحاب الكهف واصحاب الفيل ومدينه انطاكيه وامر تبع.

وقال اسحاق بن بشر: انبانا سعيد، عن قتاده، عن الحسن، قال كان امر عزير وبختنصر في الفتره.

وقد ثبت في الصحيح ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "ان اولي الناس بابن مريم لانا، انه ليس بيني وبينه نبي".

وقال وهب بن منبه: كان فيما بين سليمان وعيسي عليهما السلام.

وقد روي ابن عساكر عن أنس بن مالك وعطاء بن السائب ان عزيراً كان في زمن موسى بن عمران، وانه استاذن عليه فلم ياذن له، يعني لما كان من سؤاله عن القدر وانه انصرف وهو يقول: مائه موته اهون من ذل ساعه.

وفي معني قول عزير مائه موته اهون من ذل ساعه قول بعض الشعراء:

قد يصبر الحر علي السيف** ويانف الصبر علي الحيف

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل