المحتوى الرئيسى

مكرم محمد أحمد

06/28 08:16

مثل راهب بوذي يلقي تعاليم الصمت في سكون، يجلس الاستاذ مكرم محمد احمد فوق هرم الصحافه المصريه متاملاً، لائذاً بالقلم وما يسطرون، يخط حروف الكلم في (نقطه النور) الصباحيه بالاهرام، ينثرها كاريج ورد الليمون، نتشممها نحن «المريدين»، وعلي مثلها فليتنافس المتنافسون.

وهن العظم منه، واشتعل الراس شيباً، لكنه لايزال مصراً علي المقاومه، يقاوم الزمن، يقاوم المحن، يقاوم السلطان، لم يستنم لراحه، ولم يهنا بتكريم قد المقام، لكنه راض كل الرضا، ويحمد الله كثيرا في العشي والابكار، حب البقاء هو ما يدفع هذا الشيخ الكبير، سنا ومقاما، الي التجدد، يتجدد كشجر الليمون، سطوره لها رائحه عبقه.

اقترب كثيرا من السلطه، لم يحترق بنارها.. بردا وسلاما، وحافظ علي مسافه كفته احتراما وتبجيلا، ولم يدع دورا، ولم يطلب ثمنا، ولم يتاجر بالم علي كثره ما مر به من الام جسام، كاد يدفع حياته ثمنا لمواقفه من المجرمين الذين ارهبوا الوطن سلفا برصاصهم، والان بفشلهم، دوما يتنسم الصعاب رافعا منخاره الضخم في الهواء كحصان عربي اصيل له من شيم الخيل اباؤها وشموخها، ونفرتها من التخاذل رغم طول المشوار.

من القابضين علي جمر المهنه الملتهب، ويا له من جبار عنيد، لا يماري في حق اعتقده، ولا يستنكف الاقرار بخطا ارتكبه، وخير الخطائين التوابون، ومكرم اسس قاعده الاعتذار عن الخطيئه اذا لاح الحق في افقه الكريم، لا يجيد امساك العصا من وسطها، يطبق الحد الأقصى فيما يعتقد، يمسك بيد الحق علي العصا وينهال بها علي ما يعتقد بعواره، لا يخشي في الحق لومه لائم، ولا يحسب حساباً لسلطان، فلم يتبق لمكرم الا ما حررت يداه وهو كثير.

يضنيك مكرم في تعقب اثاره، ومحاوله فك طلسم عناده، وتلمس اسباب قوته الداخليه، صحفي «من ساسه لراسه»، لم يجتهد في عدّ الملايين مما كانوا يعدون، ولكنه ارهق عمره في تسجيل اكبر عدد من الانفرادات الصحفيه مما يعجزون عنها، لم يكن يرتوي منها ابدا، الصحافه لديه كالماء المالح كلما عب منها تطلع الي المزيد.

اعطاه الله صبرا وعزما لان يقطع الفيافي في توثب صبي وهو الشيخ المكرم، ليطارد حواراً لاح في الأفق، او يستدير بغته ليقتنص خبرا دنا منه، مازال يدب علي الارض بيننا، رجل بسيط، مهني كادح، ممسك بقلمه، بسيفه لم يسقط، ولا لانت له قناه، القيمه الحقيقيه لا تسقط بالتقادم، ومكرم كلما مرت عليه السنون ازداد القا علي الق، ولا يُسمع رنين الا لمن كان معدنه ذهبياً خالصاً.

لو راجع الدكتور مرسي سيره مكرم محمد احمد لتنسم عبقا، ولو عرف من هو مكرم لخجل مما فاه به تخرصا، حرضه علي الشيخ الوقور المدلسون والمندسون في صفوف الاهل والعشيره يصنفون البشر، فلم يبق علي مداودهم سوي شر البشر، صحيح اللي ما يعرفك يا استاذ مكرم يجهلك.

مكرم محمد احمد لا تحزن، وقر عينا، ياما دقت علي الراس طبول، وطارت من فوق الرؤوس رصاصات طائشات، مكرم لم يكن يوما من الفاسدين، ولا المفسدين، وان عارضك الاستاذ مكرم فهذا مما يزيدك لا ينقص، يعارضك الاستاذ بالحسني وزياده، لم يكن شتاما ولا من المتنابزين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل