المحتوى الرئيسى

سليمان الهتلان يكتب :إخوان مصر وصناعة العدو: لماذا الإمارات؟

06/27 14:01

ما الذي يدفع عصام العريان نائب رئيس حزب الحريه والعداله رئيس الكتله البرلمانيه للحزب في مجلس الشوري، ان يهاجم دولة الامارات العربية المتحدة وفي هذا الوقت تحديداً؟

التفسير الاقرب للموضوعيه -خصوصاً في ظل الظرف المصري المتازم- لا يخرج عن كونه محاوله جديده لالهاء الشارع المصري عن فشل جماعته الذريع في اداره الدوله وانقاذ اقتصاد البلاد المنهار. تلك «عاده» سياسيه فاشله، اذ يلجا السياسي المخنوق داخلياً الي افتعال حروب وعداوات في الخارج. واخوان مصر يشعرون ان الخناق يزداد قسوه عليهم مع استمرار التخبط في القرارات والتراجع في الاقتصاد، وانكشاف خطط الهيمنه علي حراك المجتمع ومفاصل الدوله. الشـارع المصـري واعٍ جداً لمناورات جماعة الإخوان، ولهذا جاءت الردود ضد تصريحات العريـان من الداخل المـصري ذاته قاسيه وساخره.

لقد انقلب السحر علي الساحر، فتحول هجوم العريان ضد الامارات وبالاً عليه وعلي جماعته، التي حاولت التنصل من المسؤوليه من دون جدوي. رئيس «حزب العداله والحريه» محمد سعد الكتاتني قال ان تصريحات العريان ضد الامارات «لا تعبر عن وجهه نظر الحزب وموقفه الرسمي». كيف؟ اليس الرجل يشغل المنصب الثاني في الحزب؟ ثم اين وفي اي مناسبه اطلق العريان تصريحاته الشاتمه؟ لم يكف جماعه الاخوان غض الطرف عن اهانه العريان لبلد عربي مهم تربطه باهل مصر علاقات اخويه متينه وقديمه، ولكن وتمادياً في استغفال عقول الناس ظن رئيس الحزب ان بامكانه التنصل من مسؤوليته تجاه لسان العريان «الفلتان» بتصريح باهت يشير فيه الي ان العريان في شتائمه ضد الامارات لا يمثل سوي نفسه. لم نسمع من قبل ان نائباً لرئيس حزب حاكم يطلق العنان للسانه في شتيمه بلد اخر من دون ان يمثل حزبه. فليترك منصبه اولاً، وعندها ندرك فعلاً انه لا يمثل سوي نفسه.

الاعلام المصري كشف منذ اشهر ازمه مصر مع حكامها الجدد، فالاخوان يختزلون مصر كلها في جماعتهم، ولهذا فان من يختلف معهم انما –وفقاً لرؤيتهم– يعادي مصر، وكان مصر صارت هي «الاخوان» و «الاخوان» هم مصر! اما الغالبيه الساحقه من المصريين بكل اطيافهم السياسيه، فليسوا سوي «تحصيل حاصل» في حسابات الاخوان السياسيه، لكن غالبيه المصريين يقولون ان الاخوان شيء و مصر شيء اخر، وهكذا سمعنا اعلاميين مصريين يردون علي العريان بقسوه، متسائلين: «ومن وكّلك لتتكلم باسم المصريين؟». ورطه العريان في تصريحاته الاخيره كشفت عن جهل سياسي عميق، فلا التوقيت في صالحه ولا الامارات هي الدوله المناسبه لهجومه، فبينما ينشغل الشارع المصري باستعداداته لمسيرات 30 حزيران (يونيو)، وبمخاوفه من سياسات الجماعه الحاكمه وتخبطها، ياتي العريان بكل صفاقه ليهدد الامارات والخليج «بالفرس وايران النوويه!» اما الامارات، فهي الدوله الخطا لشن هجوم ضدها، وقد اصبحت نموذج التنميه الاول في العالم العربى كله، وهي اليوم الملاذ الاخير للمبدعين والطموحين من شباب العالم العربي، من محيطه الي خليجه، من اولئك المنشغلين بالعمل والانجاز والتفوق، وقبل ذلك فمشاعر الشعب المصري تجاه الامارات ارتبطت بحب المصريين العميق لـ «حكيم العرب»، وتقديرهم لمواقف الامارات الاصيله تجاه مصر واهلها. وهكذا شهدنا كيف انبري المئات من اعلاميي مصر ومثقفيها دفاعاً عن الامارات وتقريعاً للعريان علي مواقفه العدائيه ضد الامارات. وعلي قنوات التواصل الاجتماعي، تفاعل الاف المصريين مع الحدث، مستهجنين كلام العريان ومعربين عن حب خاص للامارات واهلها. ردود الإماراتيين ايضاً عكست رؤيه حضاريه واعيه بالعلاقه الخاصه مع المجتمع المصري، فبينما استُهجنت تصريحات العريان كان التقدير لمصر بتاريخها وانسانها حاضراً.

الاماراتيون يفرقون بين اصاله المصريين في علاقتهم بالامارات وبين اساءات جماعه الاخوان المستمره للامارات واهلها. رئيس تحرير صحيفه «الاتحاد» الاماراتيه محمد الحمادي عبر عن ذلك في مقاله حمل عنوانها رساله مهمه: «الامارات و مصر اكبر من العريان وجماعته»، وجاء فيها: «ما يريد ان يؤكد عليه شعب الامارات والرساله التي يرسلها في مثل هذه الاوقات الي الشعب المصري الشقيق، ان محاولات «الاخوان» تخريب العلاقه بين البلدين والشعبين مكشوفه ومفضوحه ولن يكتب لها الا الفشل... فهذه العلاقه التي بنيت علي اساس قوي من الاحترام والتقدير والمصالح المشتركه لن تستطيع «جماعه» عابره ان تخرّبها». المؤسف ان قيادي اخواني بارز مثل عصام العريان رمي بمصالح مصر عرض الحائط وهو يطلق العنان للسانه شاتماً ومهدداً دولة عربية يعيش فيها قرابه الـ400 الف مواطن مصري، بلغت تحويلاتهم الماليه الي مصر في ثلاثه اشهر فقط 400 مليون دولار.

وهنا لا بد من السؤال: كيف يتهور الاخوان بخلق المزيد من العداوات مع الداخل والخارج في ظل وضع سياسي هائج واقتصاد مترنح؟ مَن المستفيد من هكذا موقف؟ ومَن يتحمل مسؤوليه هذا التهور الذي بات سمه اساسيه في خطاب اخوان مصر تجاه الخليج والامارات تحديداً؟ وهنا اختم بمقطع ورد في مـقاله مـهمه كـتبـها في «الـشروق» نادر بكار، المتحدث باسم الـتـيار السلفي المصري: «لا يكفي تصريح رئـيس حـزب الـحريه والـعداله الـذي يتبرا فيه من عدوانيه السيد عصام العريان، بل لا بد علي الحكومة المصرية ان ترتفع لمستوي مسؤوليتها لتعلن بوضوح موقفها من امثال هذه التصريحات، وتوضح لنا الخطوط العامه لسياستها الخارجية -ان كان ثمه خطوط- بدلاً من ان تتركنا نشاهد فصولاً مسرحيه هزليه متـكرره نفـاجا قبل اسـدال الستار علي مشهدها الاخير باستحقاقنا عن جداره عداوه القاصي والداني».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل