المحتوى الرئيسى

طارق الشناوي يكتب: عاطف الأشموني «2013»!

06/15 10:24

جريمه لا تغتفر، اسمها التاليف من الباطن. الطرفان متعادلان في الادانه من يكتب او يلحن مقابل اجر، ومن ينسب لنفسه «جينات» فنيه حراما. كنت قد قرات مجددا مذكرات نجيب الريحانى التي اصدرتها «دار الهلال» بعد رحيله عام 49 بعده سنوات، وراجعها قبل النشر رفيق مشواره بديع خيري توامه الفني والروحي.

ذكر الريحاني كيف التقي بديع لاول مره، حيث ان نجيب كان قد اختلف مع امين صدقي كاتبه الاثير قبل بديع، فلجا الي احد افراد الفرقه وهو في الحقيقه لم يكن يمتلك موهبه، بل كان يستعين من الباطن بكاتب ناشئ. وهمس احدهم في اذن الريحاني باسم بديع خيري وعلي الفور التقاه نجيب، وكان يصفه بانه كان خجولا، واذاب نجيب هذا الخجل، وكونا معا واحدا من اهم -ان لم يكن اهم- ثنائي عرفته الدراما المصريه سينمائيا ومسرحيا.

الغريب ان التسجيل التليفزيوني النادر واظنه الوحيد لبديع خيري مع الراحله سلوى حجازي، سالته كيف التقي مع الريحاني، لم يات ابدا علي ذكر واقعه الكتابه من الباطن، وقال ان الريحاني سمع باسمه ككاتب موهوب يعرض علي مسرح للهواه، فذهب اليه وبدات الرحله. وبالطبع بديع لم يشا ان يعترف بتلك الجريمه علنا وعلي رؤوس الاشهاد.

الكتابه من الباطن لو تاملتها ستكتشف انها وجه اخر للدعاره الفكريه. تذكرت حكايه بديع وانا اقرا حوارا للممثل محمود البزاوي ذكر ببساطه شديده انه كان يكتب من الباطن عديدا من الأعمال الفنيه، ولم يشعرني باي احساس بالندم، ولم يبرر حتي بان احتياجه الي المال دفعه الي ذلك. كان يتردد بين الحين والاخر ان عديدا من المخرجين يلجؤون الي البزاوي لاصلاح اعمال دراميه «سينما وتليفزيون» فهو اقرب الي «دراماتورجي» اي اسطي دراما، ولديه قدره علي اختيار المفردات العصريه والشابه والروشه، الا انه منذ ثلاثه اعوام راينا اسمه لاول مره علي مسلسل «الريان» مشاركا حازم الحديدي. ولاحظت انه لم يظهر في اي حوار او لقاء تليفزيوني، وترك كل الاضواء لمن شاركه الكتابه. هل هو شخصية ظليه؟ لماذا ارتضي كل هذه السنين ان يمنح فكره لاخرين؟ هل تتذكرون مسرحيه «جلفدان هانم» لعلي أحمد باكثير شخصيه عاطف الاشموني التي اداها محمد عوض، ظل طوال احداث المسرحيه نادما يردد «انا عاطف الاشموني مؤلف قصه الجنه البائسه»، بينما البزاوي لم يذكر كم «جنه بائسه» صاغها من الباطن.

قبل اكثر من ستين عاما كان هذا هو القانون السائد في الدراما السينمائيه، مثلا الكاتب الكبير بهجت قمر والد الموهوب ايمن، كان يمارسها في بدايه مشواره، والغريب انه ظل حتي رحيله يكتب من الباطن. كان بهجت قد صار اسما كبيرا في دنيا الدراما ولكن بعض المخرجين من اصدقائه كانوا يلجؤون اليه لكي يصلح السيناريو خصوصا الحوا ر، وكثيرا ما كان يضيف مشاهد رئيسيه ليحمل الفيلم جينات «قمريه»، بين كل ذلك حاله اظنها يتيمه فيلم «شباب امراه» الذي كنا ونجيب محفوظ علي قيد الحياه نذكر «شباب إمرأة» من بين الاعمال التي شارك في صياغتها سينمائيا مع المخرج الذي علمه كتابه السيناريو صلاح ابو سيف، ثم اكتشفنا ان «التترات» علي الشاشه تخلو من اسم محفوظ، والفيلم قصه أمين يوسف غراب، الذي شارك ابو سيف في كتابه السيناريو، بينما الحوار للسيد بدير.

وعندما سالت المخرج الكبير توفيق صالح، وهو اخر الحرافيش -اطال الله في عمره- عن السبب، اجابني بانه يعتقد ان نجيب محفوظ شارك في كتابه السيناريو، ولكنه بسبب وجود امين غراب لم يشا ان يضع اسمه حتي لا يثير غضبا محتملا لغراب، الذي كان يشعر وقتها في منتصف الخمسينيات بان مكانته الادبيه تتجاوز محفوظ.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل