المحتوى الرئيسى

الحياة اللندنية:غالبية العرب غير مؤهلين للديمقراطية!

06/06 10:54

قالت صحيفه الحياه اللندنيه -في تقرير لها اليوم- "ان العالم العربي باسره، من مشرقه الي مغربه، خائف، ثمه وحش فالت اسمه: القتل والتقسيم، وهو وحش ذو وجهين: وجه عسكري مكشوف، ووجه ديني مزيّف".

واضافت الصحيفه في تقريرها، لرصد الدول العربية التي شهدت ثورات ضد الانظمه الحاكمه بدايه من العراق التي بحثت عن حريتها فوقعت تحت الاستعمار الامريكي ومرورًا بتونس ومصر، فالمواطن العربي، اينما كان في بلاده، او في اصقاع الارض، يحاول ان يحجب عن عينيه شاشه التلفزيون، وان يهرب من نشرات الاخبار في الاذاعات، وهو يتردد قبل ان يفتح صحيفه الصباح خوفاً من مناظر الاشلاء والدمار والنحيب، تتبعها مشاهد قوافل النزوح الي المجهول.

لا يستطيع هذا المواطن، ان يراجع تاريخه. كان ليس لهذا التاريخ بدايه، فمن اين يبدا العربي تاريخه اذا بحث عن زمن للحريه والاستقرار والكرامه مع العداله؟.. بهذا المعني يجد العربي نفسه قابعًا تحت الاستعمار، انه الاستعمار الوطني، انه الاستبداد، الافظع من الاستعمار.

هل صار الاستعمار الاجنبي، مقبولاً بالمقارنه مع الاستعمار الوطني؟ .. تساؤل من هذا يستدعي اللعنه. لكن علي من؟.

ثمه مشهد لا يغيب عن ذاكره العين العربيه، وقد دخل في التاريخ المسجل بالصوت وبالصوره وباللحظه. انه مشهد يعود الي اليوم التاسع من (ابريل) عام 2003 يوم دخل الجيش الأميركي مدينه بغداد. كانت عيون العالم مفتوحه علي المشهد، وكان العالم محشوراً في مساحه لا تزيد عن مساحه شاشه تلفزيون.

يومها كان راس صدام حسين شامخاً فوق تمثال ضخم في «ساحة الفردوس» وسط عاصمه الرشيد. كانت الكاميرا تتركز للحظات علي وجه صدام، ثم تتحول لتستقر علي فوهه مدفع دبابة اميركيه مرابطه قباله التمثال.

كان المشهد بطيئاً وصامتاً. لكنه كان ناطقاً من دون كلام. ففي حركه الكاميرا بين وجه التمثال وفوهه مدفع الدبابه بدا وكان هناك نظرات توعد متبادله بين راس صدام وفوهه المدفع الامريكي.

امام ذلك، المشهد كان الناظرون الي الشاشه في العالم العربي وخارجه يحبسون انفاسهم بانتظار اللحظه الاتيه، لحظه انطلاق قذيفه تطيّر راس التمثال.

لكن ذلك لم يحدث، فالدبابه الامريكيه لم تطلق قذيفه، انما رمت حبلاً طويلاً من نوع حبال المشانق، وكان هناك من التقط طرف الحبل ثم تسلّق التمثال العالي ليعقد الحبل حول عنق صدام، ثم يغطي الوجه بالعلم الامريكي.

في تلك اللحظات، هدات انفاس ملايين من المشاهدين لتثور انفاس ملايين اخري، لقد شهر الجلاد هويته امام المحكوم عليه بالاعدام كي يعرفه قبل تنفيذ الحكم.

في تلك اللحظات التي مضي عليها عقد من السنين انطبع المشهد صارخاً امام صاحب الامر في البيت الابيض، وفي مبني البنتاغون في واشنطن، ثم، في لحظات، انقلب المشهد راساً علي عقب، لقد ظهر من نزع العلم الامريكي عن وجه التمثال ليضع العلم العراقي مكانه.

هل حدث ذلك خطا جري تصحيحه فوراً، ام انه حدث عمدًا ليجري تصحيحه علي انه كان خطا؟.

الاحتمال الثاني هو الاصح، لانه من غير الممكن ان يكون العلمان الامريكي والعراقي حاضرين في اللحظه عينها.

امام ذلك المشهد وصلت الرساله الي الملايين حول العالم، فقد ارتسم في الاذهان وجه الرئيس الاميركي جورج بوش الاب الذي رسمه نظام صدام حسين علي بلاط مدخل فندق بغداد لكي تدوسه اقدام الاف العابرين دخولاً وخروجاً.

تلك الصوره – اللوحه المرسومه بالفسيفساء كانت «ممسحه» علي باب اشهر فندق في بغداد، وقد ارادها صدّام حسين فعل انتقام سياسياً ومعنوياً، من الولايات المتحده الامريكية ورئيسها الذي ارسل جيوشه من وراء الاطلسي لاخراج الجيوش العراقيه من دوله الكويت التي غزاها صدام غدراً وظلماً في ليله ظلماء.

لم ينته مشهد بغداد في ذلك اليوم، بتغطيه وجه صدام بالعلم الامريكي ثم نزعه فوراً لابداله بالعلم العراقي، ففي لحظه تاريخيه ايضًا امتد الحبل من عنق التمثال لينعقد بمقدمه الدبابه الامريكيه، وقد اخذت الدبابه تتحرك ببطء الي الوراء حتي انخلع التمثال من قاعدته، وتهاوي من عليائه الي «ساحه الفردوس» فتزاحمت اقدام الجمهور علي دوسه.

حدث ذلك، قبل عشر سنوات، وقد رسخ المشهد في التاريخ كشاهد علي نهايه ديكتاتور.

لكن ذلك، كان قد حدث بمدفع دبابه امريكيه وفي غياب الشعب العراقي عن ساحه الفردوس.

في زمن صدام حسين، قضي مئات الالاف من الشهداء ظلماً، ومن دون تمييز بين مذهب ومذهب. وهدرت ثروه العراق ببلايين الدولارات وعمّ السواد والحزن والالم كل اقطار العرب.

ولكن.. كيف حال العراق اليوم؟.. بل الي اين يتجه العراق اليوم؟ واين حصل الخطا؟.. في الداخل، ام في الخارج؟.. والي اين تمضي مصر، وتونس، وليبيا، واليمن؟.

والي اين تمضي سوريا؟.. بل من يرسم لسوريه الان مستقبلها القريب، والبعيد؟.. والي اين يمضي لبنان البائس الحظ بموقعه، واهله، وجيرانه؟ ومن يتولي رسم مستقبله في الداخل، ام في المحيط القريب؟ ام في المحيط البعيد؟.. وماذا تنوي ايران واميركا، ومن خلفها اسرائيل؟.. ولا حاجه بعد للسؤال عن فلسطين.

وبالاجمال، الي اين تمضي الثورات العربيه؟... وعلي اي نظام سوف تستقر؟.. هل ثمه امل بالديمقراطيه والحريه؟

قد يخطر لصحفي، او باحث، ان يجري تحقيقًا، او استطلاع راي، فيروح يسال الناس عشوائيًا: هل الاوضاع في بلاد الثورات العربيه افضل مما كانت قبل الثورات ام اسوا؟.

لا يقصد الصحفي، او الباحث، الوصول الي نتيجه تعلن فشل الثورات، او تعميم الاحباط من النتائج، حتي الان، فتلك القوافل من الشهداء الذين لا ينقطع سيلهم، وكل ذلك الدمار والحزن والقهر والعذاب، لابد ان ينتهي بسقوط الديكتاتور الذي لا يزال يعاند ويكابر.

يقصد الصحفي، ان يسال ويسمع ليعرف: هل قامت الثورات في غير وقتها، ام انها اخطات في حساباتها، ام انها خدعت الشعوب فقادتها علي عماها حتي امسكت بمصيرها؟ ينزل الصحفي في جاده الحبيب بورقيبه في تونس، مهد الثورات العربيه الحديثه، فيسال عابراً تجاوز السبعين: هل انت سعيد يا سيد بما حصل في تونس؟

لا يتلفت الرجل حوله ولا يحاذر الجواب، بل يقول بصوت مرتفع: لست سعيداً، ومن اين تاتيني السعاده، تونس الان بائسه، وفقيره، وتتراجع الي الوراء. واذا اردت الصراحه اقول لك اني احنّ الي عهد بورقيبه الذي تسلم علم الاستقلال الاول، وفتح نوافذ البلاد علي المدنيه. صحيح ان حوسته كانت فاسده، وكان يكره التيارات اليساريه ويحاربها، لكنه كان ايضًا يكره التيارات المتعصبه والمنغلقه.

اتعلم، يا سيد؟ يقول التونسي السبعيني للصحفي، ثم يتابع: كان بورقيبه شجاعاً وحاسماً مع هؤلاء السلفيين، وانا شاهد علي حادثه في جامعة تونس. انا كنت استاذاً للعلوم الاجتماعيه، وقد جاء الامن يوماً واقتاد اكثر من عشره طلاب من مختلف الصفوف، وكان بينهم اثنان من طلابي.

لم نعرف الي اين اخذ الامن هؤلاء الطلاب، لكننا اكتشفنا انهم كانوا من الذين غرر بهم السلفيون فادخلوهم في نشاطاتهم السريه. اتعلم، يا سيد، الي اين اخذ الامن هؤلاء الطلاب؟.. لقد اخذهم الي قصر قرطاج فتسلمهم مدير الدرك وقادهم الي مكتب الرئيس بورقيبه. وبعد اسبوع عاد احد الاثنين من طلابي الي الجامعه فاقتحم مكتبي ليقول لي مزمجراً بصوت خافت: انظر ماذا فعل بي بورقيبه!.

هل تعلم يا سيد، ماذا فعل بورقيبه بذلك الطالب؟ لقد نتف له شعيرات ذقنه. كان ذلك الطالب في نحو الثامنه عشره، وكانت تلك الشعيرات الاولي النابته في ذقنه.

لم ينتبه الصحفي، الي انه لم يعد وحيداً مع الرجل التونسي السبعيني علي ناصيه جاده الحبيب بورقيبه، فقد توقف حولهما اخرون بينهم امراه تجاوزت الستين تجرات لتتدخل وتقول: انا توظفت في عهد بورقيبه وخدمت في عهد زين العابدين بن علي، انا مؤمنه لكني سافره الراس والوجه، وعندما تسلّمت حركه النهضه الحكم حاول مديري في المكتب ان يلزمني بارتداء الحجاب، فرفضت، قلت له انك لست اكثر تقوي وايمانًا مني، وانا لي حريتي، وانا اتحمل مسئوليتي .. لكنه حقد علي وتسبّب بانهاء خدمتي قبل بلوغي سن التقاعد، وانا الان لدي عائله تعيلني وهي في حال مترديه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل