المحتوى الرئيسى

"دائرة الموت"، المعركة الفاصلة في الصراع السياسي ما بين شباط وبن كيران (2)

06/04 14:54

تحدثنا في المقال السابق «ارقام مذهله في ميزان الصراع السياسي ما بين "بن كيران" و"شباط"»، عن الشرعيه الانتخابيه الشعبيه المعبر عنها من طرف الناخبين والناخبات المغاربه، في انتخابات نونبر 2011، تجاه احزاب الاستقلال والعداله والتنميه وعن صعوبات "شباط" في قلعته الانتخابيه بمدينه فاس.

هذا المقال الثاني سيتوقف عند تحليل شرعيه اخري ذات اهميه بالغه، تلك المتعلقه بانتخاب القائدين، "شباط" وبن كيران"، من طرف القواعد والاطر الحزبيه، كما سيتم التطرق لنتائج الانتخابات الجزئيه وخاصه تلك المتعلقه ب"دائره الموت" التي ستحدد نهائيا التوجه الجديد ل"حميد شباط".

انعقد مؤتمر حزب العدالة والتنمية في يوليوز 2012 وكان حسب كل الملاحظين من اقوي المؤتمرات الحزبيه علي الاطلاق، واستطاع من خلاله "بن كيران" تاكيد قيادته للحزب وفوزه بولايه ثانيه من خلال انتخابات ساهم فيها كل اعضاء المؤتمر الذي حدد في 3.300 مؤتمر.

حاز "بن كيران" علي اصوات 2.240 مؤتمر ومؤتمره بمعدل 85 في المائه، في الوقت الذي حصل منافسه "سعد الدين العثماني" علي 346 صوت. بطبيعه الحال كان لنجاح استراتيجيه "بن كيران" من حركه 20 فبراير وحصول حزبه علي المرتبه الاولي في الانتخابات البرلمانيه ودفاعه عن الملكيه والاصلاح في ظل الاستقرار دور مهم في النتيجه الساحقه.

لكن رغم كل ذلك فشعبيه "بن كيران" داخل حزب العداله والتنميه قويه جدا يجب ان ينتبه لها كل من يحاول اضعاف شخص "بن كيران" ومحاوله البحث عن بديل له داخل الحزب ليقود الحكومه.لناتي الان لحزب الاستقلال الذي التام مؤتمره في شتنبر 2012.

هذا المؤتمر الذي اتي علي اثر الحمله القويه، التي قادها "شباط" ضد "عباس الفاسي"، الامين العام للحزب والوزير الاول السابق، نظرا للنتائج الانتخابيه الضعيفه ولطريقه التفاوض حول المقاعد الوزاريه في الحكومه الحاليه من جهه ولكون هذا الاخير كان يخطط لتفويت الحزب لاحد اقربائه من جهه اخري.عاش حزب الاستقلال صراعا قويا ومثيرا، قبل وخلال وبعد المؤتمر، ما بين "حميد شباط" و"عبدالواحد الفاسي"، ابن الزعيم التاريخي لحزب الاستقلال.

لم يتم حسم منصب الامين العام للحزب خلال ايام المؤتمر، بل بعد اسابيع من المفاوضات وانتخابات ما زالت تثير القيل والقال تمكن من خلاله "شباط" الحصول علي اصوات 478 عضو من المجلس الوطني للحزب بفارق 20 صوت علي "عبدالواحد الفاسي" الحاصل علي 458 صوت.الخلاصه هي كون "بن كيران" قوي موقعه التفاوضي الشخصي داخل حزبه وخارجه باغلبيه ساحقه و"شباط" عليه كل يوم تاكيد احقيته في قياده سفينه حزب الاستقلال والبرهان علي كون المواقف التي يعبر عنها تمثل الاتجاه العام داخل اعرق حزب في المغرب.

هذه مفارقه مذهله اخري وبالارقام الواضحه، "بن كيران" حصل علي ثقه 85 من المائه من اعضاء حزبه و"شباط" علي 51 في المائه من ثقه كوادر حزب الاستقلال !!انني اتعامل مع الارقام واحلل مغزاها واهميتها دون ان اتطرق للطريقه التي تم الحصول عليها. هذه الجزئيات المهمه تناولها العديدين بالتحليل واقصد ما قيل حول دخول اياد خفيه علي الخط في انتخاب هذا او ذاك الزعيم السياسي.

النتائج الانتخابيه الضعيفه لحزب الاستقلال، الوضع الحزبي الداخلي تجعل وضع "شباط" صعبا وغير مريح للتفاوض لذا نجده يستعمل الفكره الشهيره، احسن طريقه للدفاع هي الهجوم.

هذا ما هو حاصل اليوم بحيث ان "شباط" قرر لعب العديد من اوراقه في هذه المعركه ضد "بن كيران" لانه متيقن ان ما سيربحه اكثر مما سيخسره.لكن الصدمه الكبري ل"شباط" كانت علي اثر نتائج الانتخابات الجزئيه بدائره "انزكان ايت ملول" التي نزل "شباط" بكل ثقله لحسم نتيجتها والبرهان من خلالها لاعضاء حزبه وللدوله ولكل الفاعلين السياسيين والملاحظين في الداخل والخارج انه قادر علي مزاحمه "بن كيران" وحزب العداله والتنميه ومواجهته ندا لند.لكن قبل ذلك كانت صدمه الانتخابات الجزئيه بمدينه طنجه وبدائره "جيلز المناره" بمراكش، التي استطاع حزب "بن كيران" تاكيد من خلالها استمرار شعبيته داخل الكتله الناخبه المغربيه رغم كل المضايقات والمعارضات المتعدده التي يتعرض لها من داخل اغلبيته الحكوميه ومن طرف المعارضه واطراف ظاهره وخفيه اطلق عليها "بن كيران" القابا اصبحت جزءا من القاموس السياسي الحزبي المغربي: "عفاريت وتماسيح وحياحه...".

هكذا نجد ان حزب "بن كيران" استطاع الفوز مره اخري باكثر من مقعد، اي بمقعدين من الاربعه المتباري عليها في الانتخابات الجزئيه لشهر اكتوبر 2012 بمدينه طنجه ب 26.934 صوت اي ما يفوق 53 في المائه من الاصوات المعبر عنها، اما الفائز الثالث من الحزب الدستوري المعارض فلم يحصل سوي علي 12.057 صوت اي 24 في المائه والرابع من حزب الأصالة والمعاصرة المعارض ايضا 9.309 صوت اي 18 في المائه.ستقولون ومرشح حزب "شباط"؟ هنا يصلح مقطع من اغنيه مغربيه تقول "الصدمه كانت قويه... الصدمه كانت قويه... اُو كانت قويه".

لقد سقط مرشح "شباط" لكن الصدمه كانت في النتيجه التي حصل عليها وهي 1.239 صوت اي اكثر بقليل من 2 في المائه !!بهذه النتيجه يعرف "شباط" انه يحتاج لسنين عديده لقلب الموازين الانتخابيه بمدينه طنجه وبغيرها من اكبر المدن المغربيه وخاصه بمعقله الانتخابي المدينه العلميه للملكه مدينه فاس.اما في دائره "كليز المناره" بمدينة مراكش فكان الصراع قويا علي مقعد واحد تم التباري عليه ما بين حزب "بن كيران" وحزب... الاصاله والمعاصره وليس حزب الاستقلال، الذي فضل عدم تقديم اي مرشح في تلك الانتخابات مخافه نتيجه مماثله لتلك المحصل عليها في طنجه.

هكذا حصل مرشح "بن كيران" علي 10.452 صوت بمعدل 48 في المائه ومرشحه الاصاله والمعاصره علي 9.794 صوت بمعدل 45 في المائه. اما الاحزاب الثلاثه الاخري المرشحه بنفس الدائره فحصلت علي اقل من 1.000 صوت اي معدلات 3 في المائه ( 619 صوت لجبهه القوى الديمقراطيه) و2 في المائه (446 صوت للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبيه) و1 في المائه (219 لحزب الاصلاح والتنميه) من اصوات الناخبين !!

اعتقد ان من استنتاجات "شباط" حول هذه الانتخابات الجزئيه بكل من طنجه ومراكش هي من جهه ضروره مواجهه حزب "بن كيران" واضعافه بكل الطرق قبل الدخول في ايه انتخابات اخري وايضا الانتباه لقوه هذا الوافد الجديد، حزب الاصاله والمعاصره، الذي طالما حاربه "شباط" بقوه والذي اصبح اليوم واقعا انتخابيا خاصه ان لا احد شكك في نتائج الانتخابات في الدائرتين السالفتين الذكر.كما يجب الانتباه لظاهره جديده واساسيه هي كون الصراع علي المقعد الانتخابي ينحصر في تنافس حزبين او ثلاثه والاحزاب الاخري تحصل علي الفتات.

هذا ما وقع في مدينه طنجه حيث التنافس علي المقاعد الثلاثه كان ما بين حزب العداله والتنميه وحزب الاتحاد الدستوري والاصاله والمعاصره وفي حاله مدينه مراكش كان الصراع ما بين حزبين هما العداله والتنميه والاصاله والمعاصره، كما هو الحال في "دائره الموت" بين العداله والتنميه والاستقلال.

هل هي بدايه تشكل قوي حزبيه قويه وانذار للاحزاب الصغري ان مكانها هو الانصهار في تكتلات حزبيه كما وقع مؤخرا؟ سؤال يتطلب بحثا خاصا وتحليل دقيق لانتخابات 2011 والانتخابات الجزئيه الاخيره، خاصه نتائج حزب وطني وتاريخي من حجم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبيه الذي حصل علي ارقام مذهله بمدن كبري واستراتيجيه شمالا وجنوبا.

تمعنوا معي هذه الارقام، في دائره طنجه حصل الحزب الاول علي 26.934 صوت والاتحاد الاشتراكي علي 599 صوت، في دائره كليز النخيل بمراكش لم تتعدي اصوات مرشح الاتحاد الاشتراكي 446 صوت في حين فاز الحزب الاول ب10.452 صوت. نفس الشيء سيقع في دوائر اخري. هذه الارقام اكثر من مذهله !!  هذه المعطيات حاضره في ذهن "شباط" : حزب "بن كيران" قوي جدا علي المستوي الانتخابي الشعبي، شمال وجنوب البلاد، حزب الاستقلال ضعيف جدا في المدينتين واخيرا ظهور مثير لحزب الاصاله والمعاصره الذي حاز علي مقعد بمدينه طنجه وصارع بقوه حزب العداله والتنميه بمدينه مراكش.

متاعب "شباط" لا زالت مستمره... لا يمكن له الاستمرار في هذا الاتجاه حيث لا يتوفر علي اوراق للتفاوض داخل حزبه وخارجه...اخذا بعين الاعتبار هذا الاطار العام، قرر "حميد شباط" النزول بثقله لقلب الموازين والتاكيد لقواعد حزبه وللراي العام علي قدرته علي الصمود وتحقيق المعجزات.

كانت من بعد طنجه ومراكش... انتخابات جزئيه خلال شهر دجنبر 2012 بدائره "انزكان ايت ملول" بجهه سوس ماسه درعه الامازيغيه فرصه سانحه للظفر بالمقعد الانتخابي من طرف مرشح "شباط" وهو في نفس الوقت رئيس بلديه انزكان.

لكن اراده ناخبي وناخبات الجنوب كانت اقوي من حسابات "شباط" ومخططاته واحلامه.لقد كانت هذه الدائره امتحان مباشر ل"شباط" و"بن كيران" الذين نزلا بثقلهما وحضورهما الشخصي لاداره المعركه الانتخابيه مصحوبين بكل القياديين من ضمنهم وزراء الحزبين وقياديين بارزين وحسب بعض المواقع الالكترونيه المحليه حضر الي "دائره الموت" اكثر من 80 مسؤولا وطنيا وجهويا ومحليا من الحزبين !!

كانت معركه فاصله ما بين مرحلتين، مرحله التعايش الحكومي ومرحله الحرب المفتوحه ما بين "شباط" و"بن كيران". 

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل