المحتوى الرئيسى

اليمن: حملة تكفير مُرتجفة من ميلاد دولة ديمقراطية مدنية

05/30 17:17

لتكفير الادباء والكتاب والمثقفين تاريخ طويل في اليمن، فقد كُفِّر الاديب والشاعر المعروف الدكتور عبد العزيز المقالح رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني، لمرتين متتاليتين. المره الاولي كانت في ثمانينات القرن الماضي بسبب قصيده له ورد فيها لفظ الجلاله مقترنا بالرماد في سياق انتقاد مظاهر الفساد والتي قال فيها:" كان الله قديماً حباً كان سحابه كان نهاراً في الليلِ وصار.. الله رماداً صماً رعباً في كف الجلادين". والمره الثانيه تم تكفير المقالح بسبب تاليفه لكتاب " قراءه في فكر الزيديه والمعتزله في اليمن".

كما كُفِّر في سبعينات القرن الماضي الدكتور حمود العودي، استاذ علم الاجتماع بجامعه صنعاء وحكم عليه بالاعدام بسبب كتابه " المدخل الاجتماعي لدراسه التاريخ والتراث العربي". وكذلك تم تكفير الكاتب الساخر والشاعر اليمني عبد الكريم الرازحي بسبب نشره لحكايه مترجمه للاطفال في ملحق صحيفة الثورة الرسميه، حيث اعتبرها المكفرون تجديفا بالدين، ومثله كفر قبل سنوات قليله الكاتب والروائي اليمني وجدي الاهدل، بسبب روايته " قوارب جبليه" لاحتوائها علي مشاهد اعتبرت "غير لائقه" بالمجتمع اليمني، كما اعتقد المكفرون. ولم يقتصر التكفير علي الاحياء فقط بل طال حتي الموتي ايضا حيث كفرت روايه "صنعاء مدينه مفتوحه " للروائي اليمني محمد عبد الولي، بعد ثلاثين سنه من رحيل صاحبها.

موجه التكفير عادت مجددا الي المشهد اليمني ولكن هذه المره بشكل هجمه شرسه وحمله مكثفه علي اكثر صعيد واكثر من شخص وطالت هذه المره المراه ايضاً. فخلال اسبوع واحد تم تكفير اثنين من الاكاديميين: الاول هي سالي الاديب، الطالبه في كليه الحقوق بجامعة تعز الواقعه جنوب غرب اليمن من قبل احد اساتذه الكليه التي تدرس فيها، لانها طالبت في ندوه طلابيه بالجامعه، بحق المراه في المشاركه السياسيه. كما تم تكفير استاذ الادب العربي بجامعة البيضاء الواقعه وسط اليمن الاديب والشاعر اليمني احمد العرامي وفصله من عمله بالجامعه لانه قرر تدريس روايتي "الرهينه" للاديب زيد مطيع دماج "حرمه" للروائي علي المقري. في حين قامت جماعه سلفيه في محافظه الحديده الواقعه غرب اليمن بتكفير المحامي سليمان الاهدل علي خلفيه قيامه برفع دعوي فساد في الي نيابه الاموال العامه ضد مجموعه من النافذين.

"ايديولوجيات تقمع حريه الكتابه والنشر"

ولمعرفه دوافع وخلفيات هذه الحمله التكفيريه قابلنا صاحب روايه "حُرمه" الاديب والروائي اليمني المعروف علي المقري، الذي قال لــ dwعربيه "يبدو لي ان المشكله تعود الي واقع الثقافه العربيه التي ما زالت محاصره بايديولوجيات تقمع حريه الكتابه والنشر." ويشير الروائي اليمني الي " ان النص الروائي، بما هو تعدد شخصيات واصوات وكلمات، ما زال غير مكرس في مدارسنا وجامعاتنا، وينظر اليه وكانّه رساله فكريه موجهه، لا باعتباره عملاً فنياً يحمل عده اوجه، ولا ينطلق من مفهوم او رؤيه احاديه." ويختتم المقري حديثه لــ dwعربيه قائلا: "ولهذا تم قراءه المشاهد الجنسيه في روايه حُرمه بمعزل عن بنيه العمل ككل."

استباحه للدم وتبرير للقتل وفق "كهنوت ارضي"

ومن جانبه اعتبر الكاتب والروائي اليمني، وجدي الاهدل، في تصريح لــ dwعربيه حمله التكفير هذه تدل علي "ضعف في العقل، وخفه في الضمير". ويضيف: "التكفير يعني استباحه دم المسلم وتبرير قتله، وهو امر حذر منه نبي الاسلام وتشدد في النهي عنه." ويبدي الاهدل اندهاشه لقيام البعض بافعال "عكس اراده النبي، فنجدهم يستسهلون ويسترخصون الدماء، معتبرين انفسهم ممتلئين بالقداسه الي درجه التطاول علي الحق الالهي، فيقومون بالفرز واطلاق الفتاوي النافذه، وفرض الاحكام علي الناس من وجهه نظرهم القاصره المحدوده." ويؤكد الاهدل ان " التكفير والتنكيل بالبشر، لا ينتمي الي السماحه الربانيه، وضمير الله المتسم بالرحمه والمغفره، وانما ينتمي الي نوع من الكهنوت الارضي الذي يهدف الي قمع المجتمع وبث الرعب في عقول ابنائه."

تحالف ديني قبلي في مواجهه العقل

اليمن: المراه في مؤتمر الحوار الوطني تفرض وجودها وتلفت الانظار اليها

مصر..فتاوي الاغتيال والجنون نتاج خلط الدين بالسياسه

"تكفير الاخر ورفضه يعيقان حوار الاديان في العالم العربي"

"الجماعات الاصوليه اكبر خطر علي الديمقراطيات العربيه الناشئه"

ويربط اديب قحطان، والد الطالبه الجامعيه سالي التي تم تكفيرها، فكره التكفير التي طالت ابنته والاديب والشاعر احمد العرامي ، بـ "التحالف القبلي الديني الذي يستهدف اغتيال العقول المفكره الواعيه"، مشيرا الي التقاء فكره "التكفير مع عنجهيه الجهل الحاكمه، الهادفه لاغتيال الثوره السلميه" التي قام بها الشباب ضد الاستبداد والقهر والديكتاتوريه في الحكم والمجتمع. يعتقد قحطان ان تكفير سالي والعرامي والاهل وغيرهم ليس سوي حلقه من حلقات التكفير التي طالت العديد من الادباء والكتاب والصحفيين والمحاميين في اليمن طوال العقود الماضيه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل