المحتوى الرئيسى

3 سنوات على رحيل «الولد الشقي».. محمود السعدنى وهب نفسه للحرية وسخر من كل شيء

05/24 22:02

«نحن لا ننتخب حكامنا، ولا نختارهم، ولكنهم يحطون علي رؤوسنا كما المصيبه، وينزلون بنا كما الكارثه، ويجلسون علي الكراسي كما الماسي، ولا فكاك منهم الا بعمك المنقذ عزرائيل، نحن اكثر مخاليق الله اجراءً للانتخابات ونتائجها دائماً معروفه، ولدينا قوانين شتي الطوارئ، الاشتباه، التحفظ، وفي السجون مكان لكل مواطن ومن تضيق به السجون تتسع له المقابر»، هذه سطور من كتاب «حمار من الشرق»، للكاتب الساخر الكبير محمود السعدني، الذي نعيش هذه الايام ذكري رحيله.

عاش «السعدني»، ككثيرين من ابناء جيله يناضل من اجل الحريه، ويدفع الثمن داخل المعتقلات، لكنه كان يسجن جسدا، ويبقي الحلم طليقا، وتبقي الابتسامه التي لا تغادر الوجه، الا لوداع دمعه سقطت عمدا علي ورقه تزخرفها كلمات تُضحك حتي البكاء، واحيانًا، تُبكي حتي الضحك.

انها الكتابه، الداء والدواء، التي لم تستطع سلطه ان تمنعه اياها، وكان دائما يردد: «ساعيش صحفيًا، واموت صحفيًا، وساحشر يوم القيامة في زمره الصحفيين».

وشارك «السعدني» -الذي ولد في 20 نوفمبر1927 بمحافظه المنوفيه- في تحرير وتاسيس عدد كبير من الصحف والمجلات العربيه في مصر وخارجها، وعمل سكرتير تحرير مجله روزا ليوسف عام 1958، وفي 1960 عمل في مجله «صباح الخير»، وبعد 7 سنوات اصبح رئيسًا لتحريرها ورفع توزيعها الي معدلات غير مسبوقه، وتعرض للاعتقال في اكثر من عهد، حتي انه في 1979 عمل رئيساً لتحرير مجله 23 يوليو من منفاه بالعاصمه البريطانيه لندن، وحققت المجله معدلات توزيع مرتفعه في العالم العربي، وعاد الي مصر من منفاه الاختياري في 1982 بعد اغتيال الرئيس الراحل انور السادات.

كان له عمود اسبوعي بجريده «أخبار اليوم» بعنوان «اما بعد»، وكانت له صفحه في مجله المصور بعنوان «علي باب الله»، ثم اعتزل العمل الصحفي والحياه العامه في 2006 بعد ان تملك منه المرض، وله العديد من المؤلفات اشهرها «الولد الشقي»، و«الولد الشقي في المنفي»، و«امريكا يا ويكا»، و«مصر من تاني»، ثم كتابه «حمار من الشرق» الذي كان هجائيه ساخره لاوضاعنا في العالم العربي.

واذا كانت هذه نبذه عن حياته العامه، فهناك الكثير مما لا نعرفه عن حياته الخاصه، ولذا حاولنا ان نتعرف عليها اكثر من ابنته الكبري، هاله، المذيعه بقطاع الاخبار بالتليفزيون المصري، التي تحدث عنها في كتابه «الولد الشقي في المنفي» قائلا: «العبد لله قرر في عام 1961 ان يعالج هاله حتي تشفي بامر ربي، ولو ادي الامر الي بيع ملابسي في سوق الجمعه، لانني اشعر ازاءها بعقده ذنب، لانها مرضت وانا في سجن الواحات عام 1959».

وروت «هاله» لـ«المصري اليوم»، القصه قائله:«اصطحبني ابي في الستينيات الي لندن، وكان عمري في ذاك الوقت 5 سنوات واجريت لي جراحه في الحوض، ولم يكن معه من النقود ما يكفي، وعجز عن سداد نفقات المستشفي، ما تسبب في طول اقامتي به، واذكر انه كتب مقالاً بمجله (صباح الخير)، قال فيه انه سيلجا للسفاره الاسرائيليه».

وفاه الكاتب الصحفي محمود السعدني عن عمر يناهز 82 عاما

واضافت: «اثناء هذه الفتره زارني الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، وكان هناك خلاف بينهما، وعندما دخل والدي الحجره ووجد كميه من اللعب سالني عن مصدرها، فقلت له المطرب اللي بيغني، فظهرت علي والدي علامات التاثر واتصل بـ(عبد الحليم) ليشكره».

وتابعت: «مر علينا 4 شهور لم تطلع الشمس فيها في لندن، واصبت بالملل، وسالت والدي متي ساخرج من المستشفي»، فقال: «هتطلعي من المستشفي لما الشمس تطلع»، وانتظرت طلوع الشمس، وعندما سطعت، جاء والدي ووجدني قد اعددت حقائبي، فسالني: لماذا فعلت ذلك؟ فقلت له: «الم تقل لي هتطلعي لما الشمس تطلع»، فاندهش لتذكري هذه القصه، واخذني وذهبنا لعبد الحليم في منزله، وبمجرد ان رايت السيده عليه اخته جريت الي حضنها وشعرت بحنان الام، ورفضت ان يحملني والدي للعوده بي الي المستشفي، وترجاه عبد الحليم واخته ان اجلس معهما، وقال والدي انها بنت مزعجه وشقيه، فقالت له «عليه»: انا لي في مصر بنت في نفس عمرها ارجوك اتركها معي، وعشت مع عبد الحليم اسبوعا من اجمل ايام عمري، اسهر معه حتي الرابعه والخامسه صباحاً».

واكملت: «عدت الي القاهره، وكان من المفترض ان اسافر بعد ذلك للعلاج كل عامين او ثلاثه، وفي عام1969 اخبر الطبيب والدي بانه يخشي فشل العمليه، ولا يستطيع الحكم الان حيث ان عظامي تنمو ومع نموها تاخذ العظام شكلا اخر فتفسد العمليه، ثم دخل والدي السجن في 1971، وتاجلت العمليه 4 سنوات، وعندما اراد ان يسافر لعلاجي فوجئ بان قرار علاجي علي نفقه الدوله، الذي اصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الغاه الرئيس السادات، فاضطر الي استبدال معاشه وكان 500 جنيه، وذهبنا الي لندن عام 74، وهناك حكي للطبيب عن ظروفه فتنازل الطبيب عن اجره، وقال له: «ادفع تكاليف المستشفي فقط، وكانت باهظه ايضاً، ولا انسي يوم عاد من عند احد جيراننا في الفندق، وانفه شديد الاحمرار ويضع علي عينيه نظاره سوداء قاتمه، ما اوحي ببكاء شديد».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل