المحتوى الرئيسى

تأثير سلبي متبادل بين قطاع النقل والمناخ

05/24 15:44

عندما تتصاعد رائحه القهوه من الفنجان، فان المرء لا يفكر كثيرا في الطريق التي سلكتها حبات البن حتي وصلت اليه. فطرق النقل لا تكون ماثله للعيان سواء تعلق الامر بالقهوه او بغيرها من المنتجات. وكما يقول الخبير الانجليزي في مجال النقل الان ماكينون فان "الجميع يرغب في محلات تجاريه مليئه بالمنتجات، ولكن لا احد يريد ان يريالشاحنات علي الطرق، او يسمع ضجيج قطارات الشحن، او ان يشم رائحه الادخنه التي تتصاعد من سفن الشحن." قدلا تشاهد طرق النقل كثيرا، الا ان تبعاتها واضحه للعيان، فنقل البضائع داخل البلد الواحد او في جميع انحاء العالم، مسؤول عن نحو سته في المائه من مجموع انبعاثاتالغازات الدفيئه عالميا، بحسب تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي. اما قسم صغير فقط من الانبعاثات ينشا علي سبيل المثال، بسبب بناء المستودعات وحاويات البضائع او بسبب اضاءتها، وهكذا يسهم قطاع النقل في ظاهره الاحتباس الحراري.

المناخ بدوره يؤثر بشكل سلبي علي قطاع النقل، فظاهره الاحتباس الحراري تؤثر علي شبكه النقل الممتده في جميع انحاء العالم. ويظهر ذلك بشكلواضح في المثال التالي لرحله قد تمثل نموذجا في مجال نقل المنتجات من قارة اسيا الي اوروبا، فالقهوه مثلا تنقل من اندونيسيا الي احدي ضواحي لندن.

التغير المناخ يعطل سلسلة التوريد منذ بدايتها

اندونيسيا من أكبر الدول المصدره للقهوه في العالم

تعتبر اندونيسيا من اكبر الدول المصدره للقهوه في العالم. وفي الوقت نفسه، يتم شهريا نقل نحو نصف مليون كيس من حبوب البن بوزن 60 كيلوجراما الي بلدان اخري، لتنطلق بعدها تجاره القهوه من مدن غربيه كبري علي راسها لندن ونيويورك. ولكن سلسله تصدير البن تبدا قبل ذلك بكثير، اي في المزارع الموجوده في العديد من الجزر الاندونيسيه،ومن هناك ينقل البن الي المدن الكبري، استعداد لجوله واسعه حول العالم. لكن عواقب التغير المناخي قد تعطل سلسله النقل في تلك المرحله المبكره.

وذلك عندما تحدث الظواهر المناخيه المتطرفه بتواتر اكبر. ويمكن خلال رحله البن من اندونيسيا ان تغرق الامطار الكثيفه المخازن التي يحفظ فيها البن قبل نقله الي جهه التصدير، او ان تدمرها احدي العواصف العاتيه. هذا ما حدث ايضا "في الولايات المتحده عام 2011 عندما ضرب الاعصار ساندي سواحلها، او ايضا عندما غمرت الفيضاناتالقويه تايلاند وغمرت المياه العديد من المصانع والمستودعاتبالقرب من بانكوك" كما يقول الان ماكينون. ووفقا لتقرير مجموعه ميونيخ ري لاعاده التامين الصادر عام 2010 ، فان الظواهر الجويه المتطرفه التي تقع سنويا، ارتفع عددها الي ثلاثه اضعاف منذ عام 1980، وارتفع ايضا مقدار الضرر المادي المترتب علي كل ظاهره.

التغير المناخي عامل من عوامل خطر متعدده

الشحن الجوي وسيلة نقل سريعه، لكنها غير رفيقه بصحه البيئه

"المشكلههي عدم توفر الامان"، كما يقول الان ماكينون الاستاذ في جامعه كونهلعلوم النقلفي هامبورغ والذي يجري دراسات علي عمليات النقل اللوجستيه في جنوب شرق أسيا.وهو يوضح ان "هناك سيناريوهات مختلفه حول تطور المناخ خلال هذا القرن، ولكل نموذج مناخي نطاقه المحدد الذي سيحدث فيه. وتحاول الشركات حمايه شبكات النقل الخاصه بها ضد العديد من الطوارئ. ولكن هذا من الصعوبه بمكان، فالتغير المناخي ليس سوي عامل واحد من عوامل خطر كثيره. لذا يتم وضع حسابلعدد من الحالات الطارئه، ومن بينها اضرابات العمال والهجمات الارهابيه مثلا. لذلك فان العديد من الشركات واثقه من نجاعه انظمتها في الوقت الراهن، وعلي قدرتها علي التعامل مع التغير المناخي. في المقابل فان الشركات الصغيره تقول انها لا تملك المال الكافي لتجهيز شبكات النقل التي تستخدمها بما يمكنها من التاقلم مع تبعات التغير المناخي."

عندما يعبا البن الاندونيسي في اكياس كبيره وجاهزه لرحله حول العالم، فانها تنقل الي ميناء كبير، علي سبيل المثال، في العاصمه جاكرتا. ويعد شحن البضائع عبر السفن الوسيله الاكثر شيوعا في شبكه خدمات النقل العالميه. وفيتقرير صادر عن مؤتمر الامم المتحده ورد ان البضائع التي يتمشحنها بالسفن تمثل 80 في المائه من حجم البضائع المنقوله في جميع انحاء العالم، وهي تدر 70 فيالمئه من القيمه الماليه لمجموع البضائع المنقوله عالميا. وهكذا فانالموانئ تعتبر المفاصل المركزيه في شبكه النقل العالميه.

لكنها -اي الموانئ- تتاثر بشكل عميق من ظاهره التغير المناخي وهذا يتم علي مستويات مختلفه. ومن ضن المحاور التي يعددهاتقرير الامم المتحده، ان ارتفاع مستويات البحار يتسبب في اغراقالموانئ وتاكل التربه في السواحل، وهذا يمكن ان يؤدي في مرحله لاحقه علي سبيل المثال الي تلف البنية التحتية في المنطقه الساحليه باكملها. ويمكن ان تتسبب الظواهر المناخيه المتطرفه في تعطيل حركه المرور وهذا يؤدي في المحصله الي اختلال بين العرض والطلب علي المنتجات في العالم باسره كما يمكن لارتفاع درجات الحراره ان يرفع معدل استهلاك الطاقه، فستكون هناك مثلا حاجه متزايده لاستخدام اجهزه تكييف الهواء والي مستودعات تخزين اضافيه. في هولندا مثلا، حيث تقع ربع مساحه البلاد تحت مستوى سطح البحر، تم بناء السدود علي امتداد كيلومترات بهدف حمايه الساحل. لكن السواحلفي جنوب شرق اسيا لا تتمتع بحمايه مماثله حتي الان.

اهم طرق النقل يمكن ان تتاثر ايجابا من التغير المناخي

وكما يقول الخبير فان "البعض يفضل التركيز ايضا علي الفوائد المحتمله التي يمكن ان تتحقق عبر التغير المناخي. فارتفاع مستوي سطح البحر قد يحمل في طياته جانبا ايجابيا، اذ سيترتب علي هذا علي سبيل المثال كبر حجم السفن، وستكبر بالطبع ايضا سعتها وحمولتها. لذا فان السفن ستحتاج مستقبلا الي مياه اكثر عمقا فيالمرافئ ومصبات الانهار. وقد اتضح علي سبيل المثال، ان الموانئ التي تصل اليها واردات القهوه والواقعه كميناء لندن علي نهر التايمز، لم تكن كبيره بما يكفي عندما تكبر السفن حجما.لذا تم نقل الميناء نحو مصب النهر.

وبالتالي فان مسار الشحن يمر عبر المحيط الهندي، بمحاذاه الجانب الجنوبي من جبال الانديز، مروراً بخليج عدن ثم الي البحر الاحمر وتمر السفن عبر قناه السويس، ومن ثم تنتقل عبر البحر الابيض المتوسط ​وحتي تصل اليالساحل الغربي لاوروبا الي مدينه لندن. يمكن لهذه الرحله ان تستغرق بضعه ايام فقطعلي متن بالطائره، لكنها عاده تستغرق - وفقا لماكينون- فتره تتراوح بين ثلاثه الي اربعه اسابيع علي متن السفن. ويضيف الخبير: "فيالسنوات الاخيره، خفضت العديد من سفن النقل سرعتها بنسبه تتراوح بين 15 و 20 في المئه، واصبحت الرحله من جنوب شرق اسيا الي اوروبا تستغرق وقتا اطول بمعدل يتراوح بين 4-6 ايام في المتوسط، وهذه الوسيله التي تعرف باسم "التدفق البطيء" هي احدي الوسائل التي يتم اللجوء اليها لتوفير الوقود. وخفض استهلاك الوقود يترتب عليه من ناحيه خفض التكاليف، "لكن يترتب عليه اثر ايجابي اخر يتمثل في تقليل انبعاثات ثاني اكسيد الكربون، الامر الذي عزز من المزايا البيئيه للنقل البحري مقارنه بالنقل الجوي."

ولكن يلاحظ في انحاء العالم المختلفه ان نقل السلع يتم بشكل متزايد بواسطهالطائرات والشاحنات. ووسيلتا النقل هاتان تتسببان في اضرار جسيمه علي صحه المناخ. ولوقف هذا الاتجاه يتوسع الاتحاد الاوروبي علي سبيل المثال في استثماراته فيالبنيه التحتيه للسكك الحديديه والقنوات المائيه الداخليه والموانئ. ويضيف الخبير البريطاني ماكينون الذي دُعي في عام 2011 من قبل المفوضيه الاوروبيه ضمنثلاث مجموعات من الخبراء: "في المملكه المتحده هناك عدد قليل من القنوات المائيه، لذلك فان نقل البضائع يعتمد بشكل اقل علي السفن، ويتم الاعتماد بدلا من ذلك علي الشاحنات."

الفيضان الذي غمر شوارع تايلاند عام 2011

اذا ابحرت سفينه شحن من اندونيسيا الي روتردام، وهو ثالث اكبر ميناء في العالم،فان اكياس البن المستورده يمكن ان تنقل الي داخل هولندا عبرالسفن ايضا. لكنها يمكن ان تواجه هناك تبعات اخري محتمله لتغير المناخ: اي شح الامطار. "فالترع والقنوات المائيه الداخليه معرضه للتاثر بالجفاف بشكل اكبر من غيرها، وهذا ما حدث عليسبيل المثال في اوروبا عام 2003 او ايضا عام 2012 في ولايه مسيسبي الامريكيه"، كما يذكر ماكينون.

ويشيرالخبير كذلك الي هطول الأمطار انذاك بكميات قليله، الي درجه انخفض معها مستوي المياه في النهر بشكل كبير جدا، وتاثرت حركه الشحن البحري سلبا وتراجعت بقوه. و"من سخريه الاقدار"، كما يقول ماكينون، "ان اكثر طرق النقل رفقا بصحه البيئه، هي الاكثر حساسيه حيال تبعات التغير المناخي."

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل