المحتوى الرئيسى

الملف الأخطر في تاريخ الصحافة المصرية.. الأقباط تحت حكم الإخوان

05/22 20:37

أكبر 7 جرائم ضد المسيحيين منذ تولى مرسى

حقيقة هجرة 83 ألف مسيحى إلى جورجيا بعد حكم الإخوان

هل تَخلَّت أمريكا عن القضية القبطية من أجل مصالحها مع الإخوان؟

أسامة سلامة: الأقباط ليسوا أهل ذمة

رفيق جريش: الله ليس ديكتاتورًا

الأنبا موسى: نخشى من الحكم الدينى.. والإخوان بيراضونا ومش عايزين يقرصوا علينا

منذ أن جلس مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى، على كرسى الحكم، فى 30 يونيو من العام الماضى، لم تتوقف الاعتداءات والأحداث الطائفية التى تقع بين حين وآخر فى شتى محافظات مصر، ورغم أن مصر تشهد أحداثًا طائفية كبرى منذ عهد الرئيس السادات، فإن الأحداث الطائفية فى ازدياد وسمتها العنف فى ظل حكم مرسى، بل إن المعتدين فى كل مرة يسارعون بمهاجمة أقرب كنيسة فى المنطقة ومحاولة حرقها.

فبالإضافة إلى الحادثة الكبرى التى نشبت فى مدينة الخصوص بالقليوبية مؤخرًا، بسبب مشاجرة بين مسيحيين ومسلمين أدّت إلى مقتل عدة أشخاص، فإن الأحداث الطائفية بدأت فى عهد مرسى فى أغسطس الماضى، عندما حدثت مشادة عادية فى دهشور، جنوب الجيزة، بين مكوجى مسيحى وزبون مسلم، بسبب حرق قميص، فاندلعت اشتباكات لجأ كل شخص فيها إلى أصدقائه وتحوّلت إلى فتنة طائفية، توفّى إثرها شاب ليست له علاقة بالمشكلة يدعى معاذ محمد أحمد، وتحولت المعركة بين شخصين إلى اعتداءات إجرامية على الأقباط، كما يسميها المفكر القبطى كمال زاخر، حيث تم تهديد المسيحيين بترك منازلهم، لأنه سيتم مهاجمتها رغم أنها تقع أغلبها فى البر الثانى من القرية البعيد عن موقع الحادثة، وتم بالفعل مهاجمة بيوت المسيحيين فى قرية دهشور، بالإضافة إلى كنيسة مارجرجس بالقرية، البعيدة أيضًا عن موقع المشكلة، فكانت حادثة التهجير الثانية التى تشهدها مصر بعد حادثة العامرية فى يناير 2012، قبل مجىء مرسى إلى الحكم.

وخلال فتنة دهشور، حاول متشددون مهاجمة الكنيسة، لكن الأمن، بمساعدة الجيران المسلمين، منعوا إحراق الكنيسة، إلا أن الأمن لم يتدخّل لحماية منازل ومحلات مسيحيى القرية التى تم مهاجمتها جميعًا وسلب محتوياتها وإحراق ما تبقّى بمساعدة بلطجية من خارج القرية، حسب ما روى شهود العيان وقتها. وانتهت المشكلة بجلسات عرفية، ولم يتم تنفيذ القانون، ولم يقبض على المعتدين ولم يحاكم إلا المكوجى، ووقع فصل ثانٍ فى أحداث دهشور منذ أيام بمقتل عم المكوجى المحبوس، وهناك شبهة ثأر فى الموضوع.

الشهر الماضى شهد حادثتين، الأولى فى قرية كوم أمبو بأسوان، والثانية فى مركز الواسطى ببنى سويف، وتعود وقائع أحداث كوم أمبو إلى اختفاء مدرسة مسلمة، انطلقت شائعة بين أهل القرية أنه تم اختطافها لتنصيرها وحجزها فى كنيسة مارجرجس بكوم أمبو، وهاجم المتشددون الكنيسة من أجل تحرير الفتاة بالمولوتوف والحجارة، ولجأت الشرطة إلى قنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريق المتجمهرين، وبعد فترة عادت الفتاة المسلمة، التى كانت ذهبت إلى الغردقة من أجل الاستجمام، ولم تكن مختطفة.

القمص أبانوب وحيد راعى الكنيسة، عدّد الخسائر التى نتجت وقتها جراء الأحداث وهى «إلقاء مولوتوف على حضانة خاصة بالكنيسة، واحترق جزء منها، كذلك مبنى الخدمات الملحق بالكنيسة حدثت به بعض التلفيات، وكسر زجاج قاعات المناسبات بالمبنى وتحطيم بعض السيارات الخاصة بأبناء الكنيسة»، مضيفًا «هناك شباب أُصيبوا ببعض الحروق بسبب المولوتوف، وأحد الشباب سقط من الدور الثانى وأُصيب بكسور، غير الإصابة بالاختناق بسبب الغاز الذى ألقته الشرطة على محاصرى الكنيسة، وكان يؤثّر على الموجودين بالكنيسة ورجال الأمن ومحاصريها»، وكالعادة انتهى الأمر فى الجلسات العرفية، وتم تهميش القانون. وفى نوفمبر الماضى، شهدت منطقة شبرا الخيمة اعتداء عدد من السلفيين على قطعة أرض تبنيها مطرانية شبرا الخيمة بعدما حصلت على ترخيص لها كمبنى خدمات، وقاموا بمساعدة بلطجية بسرقة بعض معدات البناء، وكتبوا على الأرض لافتة باسم «مسجد الرحمة»، رافضين بناءها كنيسة، وتدخل الأمن وقتها لحماية الأرض ولم يتم القبض على الجناة والمعتدين.

أما شهر فبراير 2013، فشهد محاصرة كنيسة أبو مقار بمنطقة ابن الحكم بشبرا الخيمة، من قبل بعض السلفيين والمتشددين بدعوى أن الكنيسة تخالف الترخيص الذى حصلت عليه، واضعين نفسهم محل الجهات القانونية والإدارية المسؤولة، ولجأ الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة، إلى الشرطة، طالبًا منها حماية الكنيسة ولم يتم القبض على مشعلى الأحداث.

وفى فبراير أيضًا، حدثت حادثة أخرى فى قرية سرسنا بمحافظة الفيوم، حين قام عشرات من مسلمى قرية سرسنا برشق مبنى الكنيسة بالطوب وزجاجات المولوتوف من أعلى منزل مجاور على خلفية إجراء الكنيسة توسعات فى أرض فضاء تملكها، مما أدّى إلى تهشم جزء من قبة الكنيسة الخشبية وعدد من المقاعد الخشبية، وتحطم عدد من النوافذ الزجاجية واشتعال النيران فى قطع خشبية قبل إطفائها، وتم اللجوء إلى الجلسات العرفية ولم يقبض على المعتدين ولم تتم محاسبتهم بالقانون. تقرير منظمة العفو الدولية عن أحداث الواسطى، قال إن «منظمات حقوق الإنسان ومن ضمنها منظمة العفو الدولية، قامت بتوثيق نمط من التمييز ضد المسيحيين الأقباط فى مصر، تحت حكم حسنى مبارك، حيث تم توثيق ما لا يقل عن 15 حادثة رئيسية ضد الأقباط، والوضع لم يتحسّن فى ظل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى حكم البلاد بين سقوط حسنى مبارك وانتخاب محمد مرسى، وفى عام 2013، أفاد نشطاء الأقباط المسيحيون أنه لا يقل عن أربع هجمات على الكنائس أو المبانى التابعة لها، بالإضافة إلى الواسطى، جرت فى محافظات أسوان وبنى سويف والقاهرة والفيوم. وكان رد السلطات على أعمال العنف ضعيفًا، فى أحسن الأحوال، وفى كثير من الأحيان كان يفضّل المصالحة على ملاحقة الجناة كوسيلة للتصدى للعنف الطائفى، وبالإضافة إلى ذلك، فشل كل من الرئيس السابق حسنى مبارك والحاكم بعده وهو المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إنهاء الممارسات التمييزية فى منع الأقباط من بناء أو ترميم دور العبادة، وقد أغلقت أو دمرت الكنائس لأن السلطات زعمت أنه لم يكن لديهم الأذونات الصحيحة للبناء أو الترميم، فالمرسوم الرئاسى 291/2005 يجعل إصلاح أو توسيع الكنائس المسيحية يخضع لتصريح من الحاكم الإقليمى (المحافظ). وفى بعض الحالات، يقال إن السلطات المحلية تستخدمها لتأخير أو إعاقة بناء أو إصلاح الكنائس».

الأنبا موسى: نخشى الحكم الدينى.. والإخوان بيراضونا ومش عايزين يقرصوا علينا

يستقبلك دائما ببشاشة وجهه المعهودة حتى فى أحلك الظروف، ودائما ما يبحث عن الأرضية المشتركة التى يستطيع أن يقف عليها الجميع دون أن يفترقوا. الأسقف العام للشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأنبا موسى التقته «الدستور الأصلي » وتحدثت معه حول كثير من الأمور التى تتعلق بمستقبل مصر، ومستقبل الأقباط فى ظل الأوضاع الحالية. أبدى الأنبا عدم تخوفه من المستقبل، وعبّر عن رغبة الأقباط فى حكم مدنى، لا عسكرى ولا دينى، وقال ذلك بكل وضوح ودون مواربة.

■ ما رؤيتك للوضع فى مصر بشكل عام؟

- هناك دائما نظرة تفاؤل للثقة بثلاثة أشياء، أولها الثقة بالله، فنحن نؤمن أن الله معنا باستمرار، وهو الذى قال «مبارك شعبى مصر»، ثانيها الثقة بتاريخ مصر، فتاريخ مصر تاريخ وحدة وصفاء وطنى، وعلى مدى 14 قرنا لم يحدث بين المصريين أى حروب داخلية، وثالثها الثقة بشخصية مصر، لأن إسلامها وسطى ومسيحيتها معتدلة، وهذه طبيعة المصرى، الإنسان النهرى الذى يعيش على النهر، وهو عبارة عن شارع للجميع، نسكنه معا، من أول أسوان حتى إسكندرية، والأغلبية المسلمة حاضنة للأقلية المسيحية وكلهم يأكلون معا، ويزرعون معا، ويشربون المياه من مصدر واحد، فالمجتمع النهرى دائما متماسك ومترابط وهى نعمة من ربنا على مصر.

■ ما تقديرك لازدياد حالات الاحتقان الطائفى؟

- أنا مش موافق على وجود احتقان طائفى، فكلمة احتقان طائفى تعنى كل طائفة محتقنة فنجد كل المسيحيين مع كل المسلمين، وهذا لم يحدث أبدا، بل أسميه «بثورا» على جسد الوطن، فيطلع «دمل» على الجسد فى منطقة معينة تحدث غلطة بين شخص مسيحى مع آخر مسلم، وهذا تعاطف مع هذا أو ذاك فتنطلق شرارة ونجد الكل يجرى لإطفائها ولا ينتظرون مسلمين وأقباطا. لو احتقان طائفى مثلما يصور الناس لانتقلت المشكلة من بلد إلى بقية البلاد، مثلما تندلع النار فى الهشيم، لكننا نشكر الله أننا لا نرى هذا وتنطفئ فى مكانها، تأخذ بعض الوقت والكل سواء الأغلبية الساحقة من المسلمين والمسيحيين لا يريدون المشكلات، لذا أرى أن مصر ليست مرشحة لمثل هذا الأمر.

■ لكن بماذا تفسر الاعتداء على المقر البابوى لأول مرة؟

- كانت لحظات انفلات أمنى ومجتمعى، والذى جاء على الكاتدرائية ذهب للاعتداء على الأزهر قبلها، أنا أعتبرها حركات انفعالية من بعض المتشددين الذين لا يريدون الخير لمصر ولا للأزهر ولا للكنيسة. لما حصل اعتداء على الكاتدرائية، شفت بنفسى إن الإخوان قالوا ليس نحن والسلفيين كذلك، والجماعة الإسلامية «عاصم عبد الماجد» قالوا ليس نحن أيضا، وهم عبارة عن شباب قليل العدد متشنج متشدد، وساعده على ذلك أن الأمن كان يكاد يكون غير موجود متفرج وسلبى.

■ لكن كاميرات القنوات سجلت قيام قوات الأمن بإلقاء قنابل الغاز على الكاتدرائية ويقف حولها البلطجية.. فما تعليقك على ذلك؟

- ناس قالوا آه كان بيشارك.. لكن أنا لا أعتبره سياسة بل تصرف فردى.

■ وجدنا فى السنين الأخيرة تجاوزات بحق المقر البابوى مثل محاصرة السلفيين للكاتدرائية بخصوص كاميليا شحاتة؟

- قعدوا هتفوا شوية ومشيوا.. هذا ليس منهجا.. بل بثور ودمامل تظهر فى مكان ثم تختفى، بالعكس هذه الأشياء تنتهى فى مكانها.

■ لكن فى المرة التالية كان اعتداء من بلطجية بالحجارة والمولوتوف والشرطة كانت تقف سلبية.. فمن يعرف ماذا ستكون المرة القادمة؟

- بلطجية.. وإنشاء الله مايحصلش حاجة، لما ننظر لأحداث الخصوص سنجد أن من حمى الكنيسة مسلمون، وهذه حقيقة لا مجاملة، ولما بدأت الأحداث، بسرعة عقلاء المسلمين حموا الكنيسة لأن بعض المتطرفين حاولوا إحراقها، ولم يمسوا الكنيسة، وهذا يظهر جوهر مصر العميق.

■ ما تقييمك للتجاوزات التى تقع بحق المسيحيين الآن؟

- وقعت تجاوزات كثيرة طوال التاريخ، لكن بعد الثورة حدثت أشياء خطيرة منها ارتباك عام وانفلات أمنى وانفلات اجتماعى واقتصادى، وطبيعى أن تقع أشياء كهذه وبسرعة البلد احتوتها والشعب نفسه احتواها، لأنه يرفض هذا الكلام.

■ لكن عندما ننظر للشعب فى أحداث الخصوص كانت هناك حالة من الغليان الشديد لدى عموم الأقباط؟

- أعلمه ضبط النفس. شغلتنا هى ضبط المسار، وليس السير وراء الغليان، مهمتنا نقول لهم اضبطوا أنفسكم لكى تسير البلد.

■ وهل يجب على المسيحيين أن يتحملوا فوق طاقتهم طول الوقت؟

- هذه تفاعلات مجتمع، الشطارة أن تسير بالمواطنة والحكمة والمحبة، فهذا الثالوث الذى نسير به فى مصر، المواطنة أطالب بحقوقى كمواطن، الحكمة فليس معنى المواطنة أننا صرنا «سمن على عسل».. فهناك بؤر يكون فيها انفعالات وتشنجات، والمحبة وهى الجوهر، وطول ما فى محبة بيننا وبين بعض، هتبقى أرضية لا تستشرى فيها هذه الأمور بل تحجم فى أماكنها. مرة فى أحد البلاد قبل الثورة، شاب مسلم كنوع من الانفعال سكب جازا على باب الكنيسة وأشعل النار، وجرى الناس مسلمين وأقباطا يطفوها، لأن النار تأكل الكل، الأسقف لم يبلغ الأمن، فأمن الدولة قالوا للأسقف: لماذا لم تقل لنا، فرد السقف: أقول لكم ماذا؟. ولد أخطأ وأخوه أصلح خطأه.

■ هل الكنيسة راضية عن الدستور بشكله الحالى؟

- بنقول إن هذا الدستور فيه نوع من التديين من الناحية القبطية، ومن الناحية المصرية كثيرون غير راضين عنه لأنه لا أمّن الجمعيات ولا المجتمع المدنى ولا الحريات، وهناك اعتراضات عليه، ودائما نقول ما دام حصل توافق عليه مانعدله، لأن بعض البنود فيه تحتاج إلى تعديل، فلتعرض على مجلس الشعب بعد ذلك لتعدل، ولازم الحياة تمشى.

■ هل الكنيسة وضعت رؤية معينة لتعديل الدستور؟

- مكتوب ورقة شهيرة بـ19 مادة، وإن شاء الله تتصلح الأمور.. وبعدين المصريين أظرف الشعوب فى أنهم يكونوا فوق القانون وليس تحته.. آه بالمحبة ولا يهمه القانون.

■ لذا نسأل نيافتكم هل بعد إقرار الدستور تغيرت الحياة؟

- المصريين هما المصريين، عايشين كلنا مع بعض، وكلنا إخوات وبيت واحد وعائلة واحدة.

■ لكن المناخ العام يشير إلى أن مصر تتجه لنظام حكم دينى.. فماذا ترى؟

- ليست دينية، الإخوان بعد ما وصلوا إلى الحكم، نقول لهم لو حكمتو لوحدكم مش هينفع، «افتح الكبسولة» أقول لهم هذا التعبير «لا تعيشوا داخل الكبسولة بتوجهات معينة ونظرات ضيقة، افتح الكبسولة واعط المجال للأقباط والمعارضة والمرأة، غير كده لن تستطيعوا أن تحكموا».. مصر لا يحكمها فصيل واحد وهذه ليست كلمة بل حقيقة، الشعب المصرى من الشعوب العجيبة التى لا تتكلم، لكن داخل نفسها تتكلم وتأخذ مواقف، يعنى لما قامت الثورة كان فى حالة رضا عامة لدى المصريين.

■ عاصرت حكم الرؤساء المصريين والمجلس العسكرى.. فما تقييمك لفترات حكم كل منهم؟ وما تقييمك لفترة حكم عبد الناصر؟

- لا يوجد شىء فى الدنيا كله أبيض أو كله أسود، عبد الناصر كان له ميزات طبعا، كان شعبى جدا، ويبحث عن الشعب، لكنه كان ديكتاتورا شديدا، وفى الديكتاتورية خطأ واحد يعود بالبلد للخلف، استعجل الحرب وكانت كارثة.. عبد الناصر كان لديه ناحية جيدة بعلاقته بالبابا كيرلس، فلم تكن توجهاته دينية بل توجهاته اشتراكية كما نعرف.

■ هل كانت العلاقة حميمية بين عبد الناصر والبابا كيرلس كما نراها فى الصور؟

- هو عبد الناصر طبعا كان بيحب البابا كيرلس، وحكى لى الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف عندما ذهب مع البابا كيرلس ليتحدثوا مع الرئيس فى أمر ما، وعندما جاء الياوران بعد فترة من اللقاء ليقول بما معناه إن الميعاد التالى جاء، فرد الرئيس عبد الناصر: لما يكون البابا كيرلس هنا لا تتكلم، وتركهم ناصر ليكملوا كلامهم للنهاية وبعد ما انتهت الجلسة طلب من البابا كيرلس أن يصلى لأولاده فى البيت، وهذا ما حكاه لى الأنبا أثناسيوس الذى عاصر هذا الكلام بنفسه. نظرة عبد الناصر لم يكن فيها العداء الدينى.

■ وماذا عن الرئيس السادات؟

- السادات كان الجزء الدينى أكثر عنده، ومشينا جيدا معا ثم بعد ذلك حدث الصدام الشهير، طبعا كانت أيام.. وكان السادات دائما يقول «أنا الرئيس المؤمن.. أنا الرئيس المسلم»، تمام لكن أنت رئيسنا كلنا، ثم بدأ الصدام.

- مبارك كان من النوع الهادى، وليس لديه نزعة تشدد دينى، والبلد كان فيها ركود سياسى ولا يوجد أحزاب، وكان هناك نوع من السكينة.

■ هل نيافتك التقيت أحدا من الرؤساء فى مناسبات مختلفة؟

- ذهبنا للتهنئة أكثر من مرة كان ذلك فى حكم مبارك، أحيانا لما كان يزور أمريكا كنا نذهب لنستقبله هناك مع الجالية المصرية، وأشياء بروتوكولية من هذا القبيل، ولم أحضر لقاءات حوارية.

■ ما تقييمك لفترة مبارك فى علاقته برأس الكنيسة؟

- البابا شنودة جلس 3 سنين من حكم مبارك فى الدير، ومبارك كان متصور إنه لو أخرجه الدنيا هتشتعل، لكنه لم يرد ذلك، ولما جاء أحمد رشدى وزير داخلية، قال للرئيس، إن عودة البابا لن تشعل البلد، وهذا ما حدث، والناس جميعها رحبت به.

■ ما انطباعك عن فترة حكم الرئيس مرسى ونحن نقترب من عام على توليه؟

- أرى أن الإخوان يجب أن يفتحوا الكبسولة الخاصة بهم كما قلت ويتفاعلوا مع بقية أطياف البلد، سواء السلفيين أو الجماعات الإسلامية أو الأقباط أو المرأة أو الجماعات المدنية والأحزاب المدنية، لازم يضعوا جميعهم لمصر استراتيجية اجتماعية وسياسية واقتصادية للمستقبل، لكن حتى الآن لا يوجد.

■ هل يقلقك مساعى التمكين وأخونة الدولة؟

- الذى أراه أن الإخوان حصلوا على الحكم، وأى محاولات تمكين تجد من يقف لها، خصوصا أن الذى يحصل على الحكم يتعرض للنقد المستمر والسؤال عن رغيف العيش والبوتاجاز وفين وفين؟ لا أعتقد أن فكرهم سيكون فى أخونة الدولة بقدر النجاح فى إدارة الدولة، والنجاح لا يكون إلا بالاتفاق مع باقى القوى.

■ كيف تقيم حكم الإخوان المسلمين؟

- كأقباط نتخوف من الحكم الدينى مافيهاش كلام، ولا نقدر نجامل أو نكذب، ولكن الحمد لله هما بيراضونا، وواضح إنهم مش عايزين يقرصوا على الأقباط، لأن هذا ليس فى صفهم.

■ وماذا عن أحداث الكاتدرائية وتعامل الرئاسة البطىء معها والتحقيقات التى لم تنتهى إلى شىء حتى الآن؟

- ما زالت قيد التحقيق، وننتظر التحقيقات ولن نتركها، طلبنا بذلك والبابا طالب بتفعيل القانون.

■ كيف تفسر عدم زيارة الرئيس مرسى للكنيسة حتى الآن؟

- الجو حاليا ليس جو زيارات بروتوكولية، ممكن تكون فيه مظاهرات، خصوصا إنه لم يأت رئيس أو ملك فى قداس العيد، وسيرسل مندوبا عنه.

■ لكن تردد كلام عن مجيئه هذه المرة؟

- هذا مجرد كلام لأنه لم يحدث فى تاريخ الكنيسة أن أتى رئيس فى العيد.

■ وماذا عما يتردد من بعض الإخوان والسلفيين بعدم تهنئة المسيحيين بالعيد؟

- لا يقلقنا لأن الذى رد عليهم غالبية المسلمين، وشيخ الأزهر بنفسه، نحن مطمئنون على مصر بسبب الكنيسة والأزهر والجيش والأحزاب المدنية.

■ الكنيسة ترتاح للأزهر.. لكن ماذا لو تم أخونته وعزلوا الشيخ الطيب؟

- لكل حادث حديث، لما ينجحوا فى شىء مثل هذا والشعب يوافق، وقتها نتعامل مع الموقف، طب ما الحكم نفسه إخوانى، ما المشكلة.

■ كيف ترى دعوات البعض لعودة الجيش إلى الحكم؟

- لا نريد مصر دينية ولا عسكرية، نريدها مدنية حديثة، إرهاصات وتفاعلات وفى النهاية لن يصح إلا الصحيح.

■ هل سيكون الأقباط مع التيار المدنى فى الانتخابات القادمة؟

-أعتقد أنه تلقائى أن يختاروا المدنى.

■ هل أنت قلق على مستقبل الأقباط فى ظل الوضع الحالى؟

- لا لا، عندنا الآية تقول «لا تقلقوا».. نحن بالإيمان لا نقلق أبدا، وبتاريخ مصر وبالخصوصية للإسلام المصرى.

■ بأى فترة فى التاريخ تذكرك هذه الفترة فى ما يخص الأقباط؟

- الأقباط زى الفل، إحنا شفنا أيام سيئة زمان مرة أيام الحاكم بأمر الله وغيره، لكن الآن نشكر ربنا.

■ ماذا عن زيارة البابا للفاتيكان؟

- ليس لدىّ تفاصيل لأن الجميع مشغول فى أسبوع الآلام، لكن بعد العيد ستتضح الأمور.

■ ماذا عن تأسيس مجلس كنائس مصر؟

- كان موجودا طول عمره، مجرد شكل تنظيمى وهذا جيد أن يكون لنا روح واحدة وشركة محبة كطوائف مسيحية، وأن يكون لنا رأى واحد ورؤية واحدة للأحداث.

■ كيف ترى مستقبل الأقباط تحت حكم الإخوان؟

- حكم الإخوان تحت مشيئة ربنا، ولا نخاف من أحد.

■ العلاقة بين المقر البابوى ومؤسسة الرئاسة، البعض يراها غير جيدة خصوصا بعد زيارة وفد الرئاسة للكاتدرائية؟

- روح طيبة جدا ولما أتت الدكتورة باكينام كان لقاء لطيفا وتكلمنا لمدة ساعة ونصف فى كل شىء.

■ لكن فى نفس وقت وجودهم كان مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية قد أصدر بيانا يحمّل فيه الأقباط مسؤولية أحداث الكاتدرائية؟

- لم نسكت وقلنا لدكتورة باكينام ماذا فعل عصام الحداد، نصف الخطاب يقول إننا حطمنا السيارات، وهذه الأكاذيب، وكلهم تبرؤوا من الخطاب.. ولا يبقى إلا الحق.

أسامة سلامة يكتب: الإخوان لا يؤمنون بالدولة الحديثة ولا بالمواطنـــــــة.. والأقباط ليسوا إلا أهل ذمة

فتاوى الجماعة الخاصة بالأقباط تختلف حسب الاحتياج إليهم.. فيوم مواطنون ويوم كفار

فى ديسمبر 1980 نشرت مجلة «الدعوة» لسان حال جماعة الإخوان المسلمين، فتوى للشيخ محمد عبد الله الخطيب مفتى الجماعة، بتحريم بناء كنائس جديدة فى مصر وعدم جواز إعادة بناء ما يتهدّم منها، وفى أبريل 2013 أصدر د.عبد الرحمن البر مفتى الإخوان الحالى، فتوى بتحريم تهنئة المسيحيين بعيد القيامة.

بين الفتويين 33 عامًا، وهما تكشفان رؤية الإخوان للمسيحيين، وأنها ثابتة لم تتغيّر طوال هذا الوقت، يتّضح الأمر أكثر من خلال تصريحات مرشدين سابقين للجماعة، الأول مصطفى مشهور الذى قال فى حوار نشرته «الأهرام ويكلى»، أجراه الزميل الكاتب اللامع خالد داوود، «على الأقباط دفع الجزية بديلًا عن التحاقهم بالجيش حتى لا ينحازوا إلى صف الأعداء عند محاربة دولة مسيحية»، والثانى المستشار مأمون الهضيبى، والذى وصف عام 1995 الأقباط فى حوار مع الصديق الكاتب والباحث المعروف د.سامح فوزى عضو مجلس الشورى الحالى، بأنهم «أهل ذمة».

مرشدان ومفتيان سارا على درب مؤسس الجماعة حسن البنا، الذى رأى «قتال أهل الكتاب إذا حالوا دون انتشار الدعوة»، بما فُسّر وقتها على أنه تحريض على اليهود والمسيحيين إذا عارضوا مشروع الإخوان الإسلامى.

إذن الجماعة ترى أن المسيحيين كفار وأهل ذمة وليسوا مواطنين كاملى المواطنة، وأنهم خونة لا يجب الثقة بهم لأنهم قد يتحالفون مع أعداء الإسلام. الإخوان فى أدبياتهم يتحدّثون عن الدولة الإسلامية والخلافة، وليس عن دولة مدنية حديثة يتساوى فيها المواطنون جميعًا، بغض النظر عن دينهم ومعتقدهم وجنسهم، ومن هنا فإن الحقوق لغير المسلمين ليست حقًّا لهم وإنما هبة تمنح وتمنع فى ضوء رؤيتهم للشريعة وتفسيرهم القاصر لها.

هذا هو الموقف الفكرى للإخوان، فماذا سيكون مصير الأقباط إذا تمكّنت الجماعة من إحكام سيطرتها على حكم مصر ونجح مخططها فى أخونة الدولة؟

فى السياسة، يتعامل الإخوان مع المسيحيين بانتهازية واضحة ويطبقون «التقية» حسب مصالحهم، ولهذا نجد تصريحات لبعض قاداتهم تخالف أسسهم الفكرية، فيخرج علينا د.البر مفتى الجماعة، بجواز حضور احتفالات تنصيب البابا ويحضر المراسم بنفسه، وينشر دراسة فى جريدة «الحرية والعدالة» تبيّن أن التهنئة بالمناسبات المسيحية تدخل فى باب «البر والقسط» اللذين أمر بهما القرآن، ويقول فى الدراسة أيضًا إن الإسلام سمح بالزواج من مسيحية، فكيف لا يهنّئها زوجها المسلم بأعيادها، فى حين أن العلاقة الزوجية تقوم على المودة والرحمة.

كانت هذه الفتوى عند بداية حكم مرسى وحاجته إلى تجميع قوى الشعب المختلفة حوله، لكن عندما انتهت حاجة الجماعة إلى الأقباط الآن، وتبيّن لهم المعارضة المسيحية لكثير من المواقف الإخوانية، خصوصًا فى تأسيسية الدستور وغيرها، وعدم قابليتهم الانضواء تحت حكم الجماعة، ظهرت الفتوى التى تعبّر عن الموقف الفكرى الحقيقى للجماعة، فأفتى نفس الشخص بتحريم تهنئة المسيحيين بعيد القيامة، الأمر نفسه ينطبق على تصريحات كثيرة لعدد من قياديى الإخوان عن المواطنة الكاملة للمسيحيين، والتى لا تقل عن حقوق المسلمين، وأيضًا عن حقّهم فى الترشّح للمناصب العامة، ومنها رئاسة الجمهورية، وهناك فتاوى بهذا المعنى للشيخ محمد الغزالى، وللدكتور يوسف القرضاوى، حيث أرجعا الأمر إلى أنه لم تعد فى الدول الحديثة ولاية كبرى فى ظل وجود مؤسسات رقابية على الرؤساء، مثل المجالس النيابية، وعدم قيام الرئيس بإمامة الصلاة والقضاء مثل أيام الخلافة، لكن هذه الفتاوى المعتدلة والموجهة للغرب أكثر من الدول الإسلامية لم تمنع د.محمد حبيب أن يكتب فى مقال له بصحيفة «الشرق الأوسط» -وكان وقتها لم يغادر الجماعة بعد- «الأقباط مواطنون لهم كافة الحقوق فى تولّى الوظائف العامة ما عدا رئاسة الجمهورية»، وهو هنا يتّبع نهج حسن البنا الذى كتب «يجوز الاستعانة بغير المسلمين عند الضرورة وفى غير الولاية العظمى».

إذن منهج الإخوان واضح فى التعامل مع الأقباط، عندما أحتاج إليهم تصدر الفتاوى السمحة التى تعطيهم حقوقهم كمواطنين أو جزءًا منها، وفى الوقت الذى أستطيع الاستغناء عن مناصرتهم أو لا أبحث عن تحييدهم، تصدر الفتاوى المتشددة التى تتفق مع ثوابتهم الفكرية، ومن هنا فإن الإخوان إذا تمكّنوا فإن سياستهم تجاه المسيحيين المصريين ستتراوح بين الموقفين، حسب الحاجة، فعندما يتعرّضون لضغوط دولية سيتراجعون قليلًا إلى حين، وإذا اختلفوا مع السلفيين وتصارعوا معهم سيحاولون جذب الأقباط نحوهم بطريقة أنا أفضل لكم من غيرى، وأنا الذى أحميكم من تطرّف الآخرين، «لاحظوا التشابه فى هذا الأمر مع نظام مبارك» وإذا لم ييأسوا من الحصول على الصوت المسيحى فى الانتخابات فلا مانع من المداهنة والمهادنة، وبالطبع وفى كل الأحوال فإن الإخوان سيحاولون جذب بعض المسيحيين للعمل معهم بنفس طريقة النظام السابق بوضعهم فى بعض المناصب، ولن يعدموا مَن يستجيب لهم ويروّج لسياستهم، مثلما كان يحدث مع مبارك الذى وجد مَن يشيد به من المسيحيين على كثرة الحوادث الطائفية التى وقعت فى مصر، حقيقة كان بعضها خارج عن إرادة النظام، لكن معظمها بسبب تقصيره فى حماية مواطنين مصريين وعدم تطبيق القانون، بل إن بعضها ما زال النظام السابق متهمًا بتدبيره، مثل حادثة كنيسة القديسين، مثلما يتهم البعض نظام الإخوان وفصائل إسلامية أخرى، بأنها وراء بعض الأحداث الطائفية الأخيرة.

ولذلك فإننى أعتقد أن وضع الأقباط لن يختلف كثيرًا فى ظل الإخوان عن وضعهم أيام مبارك، قد تصدر بعض الفتاوى المتشددة، وتزيد حوادث الفتنة قليلًا، لكن فى السياق العام ستظل نفس طريقة التعامل والتى تتلخص فى عدة مشكلات مثل التهميش السياسى، وعدم تولى بعض المناصب المهمة مع عدم الإعلان رسميًّا عن إبعادهم، صعوبة فى بناء الكنائس مع السماح بها أحيانًا، خصوصًا وقت الأزمات الطائفية، الاعتماد على الحلول العرفية فى مواجهة الحوادث بين مسلمين وأقباط، ومحاولة أن تظل الكنيسة هى المعبر الوحيد عن المسيحيين فى كل القضايا حتى لا يهتموا بالشأن العام ويعودوا إلى تقوقعهم داخل الكنيسة، مما يسهّل التعامل معهم من خلال القيادات الدينية التى يعتقد أنها أسلس فى التفاوض من الشخصيات السياسية المستقلة، وقد يضطر الإخوان إلى التساهل أحيانًا إذا زادت الضغوط الخارجية، مستخدمين مبدأهم الأثير «التقية».

ولكن يبقى السؤال الأهم: ما موقف المسيحيين إذا انفرد الإخوان مع باقى الفصائل الإسلامية بالحكم واستطاعوا إبعاد باقى الفصائل السياسية؟

الإجابة كما أراها، أن الأقباط هنا ليسوا منفصلين عن باقى المصريين الذين ينادون بالدولة المدنية، فالمعاناة واحدة، والمصير والطريق واحد، ومَن يريد مصر بلدًا قويًّا حديثًا عليه أن لا يستسلم، وأن يعرف أنه لا يوجد شعب حصل على حقوقه وحريته مجانًا وبغير نضال، وأن الوصول إلى المدنية يحتاج إلى نفس طويل، وعدم اليأس، ولهذا فإن أول ما يجب أن نفعله هو توحيد الجهود ووضع خطة للعمل الشعبى فى الشارع للوصول إلى البسطاء وكشف أخطاء تيارات الإسلام السياسى، وأنها لا تمثّل الإسلام الصحيح، أما إذا استسلم المسيحيون ورفضوا المقاومة فستزداد أعداد المهاجرين، خصوصًا بين الفئات غير المسيسة والتى قد ترى فى الهجرة حلًّا، بعد أن تصوّر الكثيرون أننا مقدمون بعد الثورة على الدولة المدنية التى نتمناها، ثم صدمهم صعود التيارات الإسلامية وأداؤها وآراء معظمها المعارضة لمدنية الدولة، ولهذا فإن على المؤمنين بالمواطنة والراغبين فى الارتقاء بمصر وجعلها دولة حديثة بالفعل، الوقوف بقوة ضد هجرة الأقباط والعمل على منعها بالتوعية الجادة، وتوضيح خطورة ذلك على المسيحيين والمسلمين والوطن.

حقيقة هجرة 83 ألف قبطى إلى جورجيا

مع كل حادثة طائفية تقع بحق مسيحى مصر ينطلق دائما الحديث عن هجرة الأقباط إلى الخارج، خصوصا بعد حادثة الخصوص والاعتداء على المقر الباباوى لأول مرة فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لكن الواضح فى موضوع هجرة الأقباط هو عدم وجود رقم حقيقى عن الذين تركوا مصر، وما بين التهويل فى إطلاق الأعداد والأرقام عن الذين تركوا مصر، وبين التقليل منهم تغيب الحقيقة، لكن هذا لا ينفى انتشار حالة الخوف لدى الكثيرين الذى يسعون إلى ترك مصر. بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأنبا تواضروس الثانى، عبر فى تصريحات صحفية مؤخرا حول ما أثير عن هجرة الأقباط قائلا: «كلها رسائل إلى المجتمع الذى يجد أبناؤه يتركونه، وهذا من المفترض أنه يقلق الوطن بحاله»، واصفا الذى يهاجر باللغة الشعبية بـ«وش القفص»، مضيفا أنهم من المتعلمين الذين لديهم رؤية، ويبحثون عن الاستثمار.

وقال: «كلها خسائر للوطن». وبعيدا عن توصيفات البابا للحالة والمهاجرين، نجد أن الأرقام عن عدد المهاجرين المسيحيين منذ 25 يناير 2011، تعددت، فمنها ما ذكرته منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان التى يرأسها المحامى نجيب جبرائيل، فى بيان لها فى 25 سبتمبر 2011 وقبل أيام من أحداث ماسبيرو، فى رسالة تحذيرية إلى المجلس العسكرى الحاكم وقتها بأن «100 ألف مسيحى هاجروا إلى أمريكا وكندا وأوروبا وأستراليا»، وقال إنه اعتمد فى إحصائه على التجمعات والكنائس القبطية فى الخارج، وأخذ هذه الإحصائية دينيس روس المستشار فى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمساعد السابق للرئيس الأمريكى حول الشرق الوسط، فى مقال بعنوان «تحركات الرئيس مرسى.

وما يبعث على القلق منها»، حيث ذكر فى مستهل مقاله الذى نشرته «التحرير» فى أغسطس الماضى، أن «الإحصاءات والتقارير الحالية ليست مبشرة بالخير: فهناك تقارير إخبارية تشير إلى أن أكثر من 100 ألف قبطى هاجروا ورحلوا عن مصر».

وانتشرت مؤخرا أخبار عن فتح هولندا لباب اللجوء إلى الأقباط المصريين، وهو ما لم يتأكد، وأخيرا فتحت جورجيا (إحدى دول شرق أوروبا)، بالفعل باب الهجرة للأقباط الذين يرغبون فى إقامة استثمارات هناك، وتردد أن ما يقرب من 83 ألف قبطى هاجروا إلى جورجيا وأن العدد سيزداد رغم ما ذكرته صفحة (فتح باب هجرة الأقباط المصريين إلى دولة جورجيا- أوروبا الشرقية)، من أن «إيجارات الشقق داخل السنتر تبدأ من ٥٠٠ دولار وخارج السنتر تبدأ من ٣٠٠ دولار، وإيجارات المحلات داخل السنتر تبدأ من ألف دولار، والمحل الصغير خارج السنتر يبدأ من ٥٠٠ دولار، والمدارس الجورجية رخيصة، لكن يجب إجادة اللغة الجورجية، فالمدارس الإنجليزية تبدأ أسعارها من ٢٢٠٠ دولار فى السنة، ومن يريد التقدم إلى الإقامة عليه أن يقيم مشروعا ويقدم أوراق المشروع مع الإثبات كى يحصل عليها، والفيزا صالحة لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ دخولكم جورجيا.. والفيزا الجورجية صالحة لدخول جورجيا فقط ولا يمكنكم الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبى.. ولأن جورجيا فى طور النمو الاقتصادى حاليا، فإن المستثمرين فقط، من الأجانب، يمكنهم العيش فيها، ومن الصعب جدا لأى شخص غير جورجى أن يوظف هناك، والرواتب تبدأ من ٣٠٠ لارى».

وما ذكرته الصفحة يشير إلى صعوبة العيش فى جورجيا وارتفاع تكاليف المعيشة، وهو لا يقدر عليه إلا القادرون والأغنياء، وليس من السهل على السواد الأعظم من بسطاء المسيحيين الذهاب لهناك. لكن هناك أمرا آخر فى هجرة المصريين إلى الخارج بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص، يجب أن يوضع فى الحسبان، فالأرقام الرسمية لعدد المهاجرين المصريين بشكل رسمى لا تشير إلى ارتفاع أعدادهم، لكن عددا ليس بالقليل من الشباب المصرى يلجأ إلى سفارات دول غرب أوروبا وأمريكا للحصول على فيزا سياحة، لمدد قليلة، وعندما يذهب إلى الخارج يكسر مدة الإقامة ولا يعود إلى مصر مجددا، ويعيش فى هذه الدول بشكل غير شرعى حتى يستطيع الحصول على ورق إقامة ثم جنسية الدولة الأجنبية، ونسبتهم ليست قليلة، ولكن أعدادهم غير معروفة على الأقل لوسائل الإعلام. أما الباحث والكاتب الصحفى سليمان شفيق، المتخصص فى الشأن القبطى، فقال إنه بحث فى شأن هجرة الأقباط بعد ثورة 25 يناير، موضحا «إذا توقفنا أمام أرقام وإحصائيات الهجرة فى عامى 2010، 2011 وفق إحصائيات مصادر دبلوماسية مطلعة فى سفارات الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، فسنجد أن هناك 6411 مصريا بغض النظر عن ديانتهم هاجروا إلى تلك الدول عام 2010، أما فى عام 2011، فلم يحصل على حق الهجرة لتلك الدول حتى نهاية أكتوبر 2011 إلا 3804 مصريين، أى أن أرقام الهجرة انخفضت من 2010 إلى 2011 بنسبة 59%».

وأضاف: «من الأمور غير المنطقية أن يردد البعض عن جهل أو عن عمد أن عدد المهاجرين من المواطنين المصريين الأقباط يقارب المئة ألف إلى الولايات المتحدة فقط، علما بأنه -كما صرحت ذات المصادر- بأن الهجرة العشوائية الأمريكية (القرعة)، تقبل فيها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية خمسين ألف مهاجر من جميع أنحاء العالم».

وأوضح أنه «وفق مصادر فى الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن عدد المهاجرين المصريين فى الغرب يقارب المليون مهاجر»، مضيفا «إذا عرفنا أن الهجرات المصرية إلى الغرب بدأت بعد ثورة يوليو 1952 أى أنه طوال 60 عاما، أى كانت الهجرة بمعدل 16666 سنويا»، وتابع «وإذا افترضنا أن المهاجرين الأقباط منهم يشكلون على أعلى تقدير 50%، فإن معدل هجرتهم تبلغ نحو 8333 سنويا». شفيق أشار إلى أن «أعلى معدلات للهجرة المصرية حدثت ما بين 1960 و1961 وفق تصريحات وزير الداخلية الأسبق، الراحل شعراوى جمعة، الذى أرجع ذلك إلى تأميم ومصادرة ممتلكات رجال الأعمال وكبار الملاك»، مضيفا «فى حين حدثت هجرة معاكسة فى السبعينيات والثمانينيات»، ولفت إلى أن من يراجع كتاب الدكتورة سامية سعيد «مَن يحكم مصر؟» سيجد أن معظم العائلات القبطية التى هاجرت من جراء قرارات التأميم عادت إلى الوطن مثل عائلات عبد النور وساويرس وأبادير وغيرهم.

‏يوسف‏ ‏سيدهم يكتب:الأقباط تحت حكم الإخوان

بعد‏ ‏عامين‏ ‏وثلاثة‏ أ‏شهر‏ ‏على‏ ‏ثورة‏ 25 ‏يناير‏، أقف‏ ‏متأملًا ما‏ ‏آلت‏ ‏إليه‏ ‏مصر، فأفزع‏ ‏وأتحسر‏ ‏على ‏حالها‏.. أمة‏ ‏منقسمة‏ ‏على‏ ‏نفسها‏.. أحوالها‏ ‏السياسية‏ ‏والاقتصادية‏ ‏والأمنية‏ ‏تنحدر‏ ‏من‏ ‏سيئ‏ ‏إلى‏ ‏أسوأ‏.. قيادتها‏ ‏متخبطة، ‏فاقدة‏ ‏القدرة‏ ‏على‏ ‏القيادة‏، ‏منعدمة‏ ‏الرؤية‏ ‏نحو‏ ‏الإدارة‏، ‏منفصلة‏ ‏عن‏ ‏الشعب‏ -‏أقصد‏ ‏السواد‏ ‏الأعظم‏ ‏من‏ ‏الشعب‏ ‏اللهم‏ ‏إلا‏ ‏شريحة‏ ‏الأتباع‏ ‏والمنتفعين‏- ‏تعوزها‏ ‏معجزة‏ ‏من‏ ‏السماء‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏مقدرًا‏ ‏لها‏ ‏إعادة‏ ‏جمع‏ ‏شتات‏ ‏هذا‏ ‏الشعب‏ ‏وإصلاح‏ ‏أحوال‏ ‏البلاد‏.‏

شتان‏ ‏بين‏ ‏الآمال‏ ‏التى‏ ‏علّقها‏ ‏المصريون‏ ‏على‏ ‏ثورة‏ ‏يناير‏ ‏فى‏ ‏مهدها‏ ‏وبين‏ ‏الإحباط‏ ‏والحسرة‏ ‏اللذين‏ ‏يشعرون‏ ‏بهما‏ ‏هذه‏ ‏الأيام‏، تطلّع المصريون‏ ‏إلى‏ ‏نهاية‏ ‏عصر‏ ‏مبارك ونظامه‏ ‏واستبداده وحزبه‏ ‏الوطنى، ‏فوجدوا‏ ‏أنفسهم‏ ‏أسرى‏ ‏عصر‏ ‏جماعة الإخوان‏ ‏ومكتب‏ ‏الإرشاد‏ ‏وحزب‏ ‏الحرية‏ ‏والعدالة‏.. نفس‏ ‏الاستبداد‏ ‏لم‏ ‏يتغير، ‏وذات‏ ‏الشهية‏ ‏المسعورة‏ ‏للاستئثار‏ ‏بالسلطة‏ ‏والاستحواذ‏ ‏على ‏سائر‏ ‏أركان‏ ‏الدولة‏ ‏لم‏ ‏تتبدل‏.. صدقوا‏ ‏رئيسهم‏ ‏محمد‏ ‏مرسى‏ ‏عندما‏ ‏وعدهم‏ ‏بأن‏ ‏يكون‏ ‏رئيسًا‏ ‏لكل‏ ‏المصريين‏ ‏ويعدل‏ ‏بينهم‏، ‏لكن‏ ‏سرعان‏ ‏ما‏ ‏خدعهم‏ ‏وكشف‏ ‏عن‏ ‏أنه‏ ‏خادم‏ ‏أمين‏ ‏مخلص‏ ‏لجماعته‏ ‏وعشيرته‏ ‏رغم‏ ‏أنف‏ ‏الجميع‏.‏

صديقى‏ ‏محمد‏ ‏عبد‏ ‏القدوس، ‏طالما‏ ‏داعبنى ‏قبل‏ ‏الثورة، قائلًا «‏صدقنى‏ ‏أنتم‏ ‏الأقباط‏ ‏تخشون‏ ‏حكم‏ ‏الإخوان‏ ‏وتفضّلون‏ ‏نظام‏ ‏مبارك‏.. لكنكم‏ ‏لا‏ ‏تدرون‏ ‏أنكم‏ ‏ستكونون‏ ‏فى ‏أفضل‏ ‏حال‏ ‏تحت‏ ‏حكم‏ ‏الإخوان‏».. والآن‏ ‏ما زلنا‏ ‏نتواصل‏ ‏ونتبادل‏ ‏الحديث‏ ‏المقتضب‏ ‏عن‏ ‏أحوال‏ ‏الوطن‏، ‏لكنه‏ ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏يكرر‏ ‏ذلك‏ ‏القول‏، ‏وأنا‏ ‏أعرف‏ ‏وأتفهّم‏ ‏سبب‏ ‏صمته‏، ‏فمن‏ ‏الواضح‏ ‏أن‏ ‏أحوال‏ ‏الأقباط‏ ‏تحت‏ ‏حكم‏ ‏الإخوان‏ ‏أكثر‏ ‏تعقيدًا‏ ‏واضطرًا ‏عن‏ ‏ذى‏ ‏قبل، ‏والكثيرين منهم‏ ‏تساورهم الشكوك‏ ‏والهواجس‏ ‏والحيرة‏ ‏حول‏ ‏مستقبل‏ ‏مصر‏ ‏ومستقبلهم‏ ‏ومستقبل‏ ‏أولادهم‏ ‏فيها‏ ‏فى‏ ‏ظل‏ ‏ما‏ ‏يحيق‏ ‏بها‏ ‏وبهم‏.

والأقباط‏ ‏دائمًا‏ ‏موقفهم‏ ‏أكثر‏ ‏تأزّمًا‏ ‏من‏ ‏إخوتهم‏ ‏المصريين‏ ‏المسلمين، ‏إذ‏ ‏يشاركونهم‏ ‏كل‏ ‏هموم‏ ‏الوطن‏ ‏وسائر‏ ‏تحديات‏ ‏المرحلة‏ ‏المتأزمة‏ ‏التى‏ ‏يمر‏ ‏بها‏، ‏لكن‏ ‏بالإضافة‏ ‏إلى‏ ‏ذلك‏ ‏يتحمّلون‏ ‏عبئًا‏ ‏إضافيًّا‏ ‏من‏ ‏الهموم‏ ‏والمشكلات‏ ‏والحيرة‏ ‏المتصلة ‏بقبطيتهم‏ ‏وما‏ ‏يتعرضون‏ ‏له‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏من‏ ‏تهديدات‏ ‏واعتداءات‏ ‏وتحرشات‏، ‏سواء‏ ‏من‏ ‏جانب‏ ‏تيارات‏ ‏الإسلام‏ ‏السياسى‏ ‏أو‏ ‏تيارات‏ ‏التأسلم‏ ‏الدينى ‏أو‏ ‏الغوغاء‏ ‏والخارجين‏ ‏على ‏القانون‏.. وأمام‏ ‏تلك‏ ‏الضربات‏ ‏يتلفّت‏ ‏الأقباط‏ ‏حولهم‏ ‏يبحثون‏ ‏عن‏ ‏الدولة‏ ‏والأمن‏ ‏والقانون‏ ‏لحمايتهم‏، ‏فلا‏ ‏يجدون‏ ‏إلا‏ ‏دولة‏ ‏مهتزة‏ ‏الأركان‏ ‏فاقدة‏ ‏السيادة‏، ‏وأمنًا‏ ‏متقاعسًا‏ ‏متواطئًا‏ ‏يتركهم‏ ‏فريسة‏ ‏للمجالس‏ ‏العرفية‏، ‏وقانونًا ‏غائبًا‏ ‏نائمًا‏، ‏يغض‏ ‏البصر‏ ‏عن‏ ‏اغتيال‏ ‏الحريات‏ ‏واغتصاب‏ ‏الشرعية‏ ‏وذبح‏ ‏المواطنة‏.‏

وإزاء‏ ‏هذا‏ ‏الوضع‏ ‏الكارثى ‏يتساءل‏ ‏البعض‏ ‏من‏ ‏الأقباط‏ -‏مثلهم‏ ‏مثل‏ ‏بعض‏ ‏المسلمين‏- ‏عن‏ ‏جدوى ‏البقاء‏ ‏فى‏ ‏مصر‏، ‏وهل‏ ‏تقتضى ‏الحكمة‏ ‏البحث‏ ‏عن‏ ‏ملاذ‏ ‏آخر‏ ‏يقيهم‏ ‏اجتياح‏ ‏الإخوان‏ ‏المسلمين‏ ‏مصر‏، ‏وسعيهم‏ ‏الحثيث‏ ‏لأخونة‏ ‏الدولة‏ ‏المصرية‏ ‏وبسط‏ ‏سطوتهم‏ ‏عليها‏.. ولا‏ ‏يخلو‏ ‏الأمر‏ ‏بين‏ ‏الحين‏ ‏والآخر من‏ ‏أن‏ ‏يجرى‏ ‏الحديث‏ ‏عن‏ ‏أسرة‏ ‏آثرت‏ ‏الابتعاد‏ ‏والهجرة‏، ‏أو‏ ‏عن‏ ‏شاب‏ ‏قرر‏ ‏الرحيل‏ ‏يأسًا‏ ‏من‏ ‏غياب‏ ‏الحياة‏ ‏الآمنة‏ ‏الواعدة‏ ‏المطمئنة‏.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل