المحتوى الرئيسى

"بنات الغردقة" حكايات من حياتنا ترويها: حنان شومان

05/19 12:54

الغردقه المدينه التي تجوب شهرتها العالم كواحده من اهم واشهر مناطق الغوص عالميا، عاصمه محافظة البحر الأحمر، والتي يسكنها حوالي 90 الف نسمه كاخر احصاء تم عام 2009، هي موقع حكايتنا هذا الاسبوع.

ولكن قبل ان ابدا في حكايه البشر لابد ان ابدا بحكايه الحجر او الارض وتاريخها، فالغردقه التي كانت تُعرف في القدم باسم مدينه الدهار قد اتخذت اسمها من شجره الغردق وهي شجره تنمو في المناطق الصحراويه وتتحمل قله الماء وملوحة التربة وقد ذٌكر الغرقد في السنه النبويه الشريفه، فعن أبي هريرة ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعه حتي يقاتل المسلمون اليهود فيُقَتلهم المسلمون حتي يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله الا الغرقد فانه من شجر اليهود" وتكثر زراعته في الاراضي الفلسطينيه المحتله.

ولم تنشا الغردقه الا في القرن الماضي حين سكنها بدو جهينه من الجزيره العربيه وبعض قبائل العبابده وكانوا يعملون بالصيد، ثم بدا نموها في 1913 مع اكتشاف النفط ولكنها لم تكتسب شهره ولا قيمه الا حين بدات تُعرف كواحده من اهم مناطق الغطس في العالم في الثمانينيات من القرن الماضي فاكتسبت شهره سياحيه عالميه وكذلك محليه، فبدا التوسع العمراني بها وكما صارت مقصداً سياحياً للاجانب صارت مقصد رزق لكثير من المصريين خاصه اهالي الصعيد وكثير من قري مصر التي هاجر ابناؤها بحثاً عن فرصه عمل حين تضيق بهم السبل في قراهم ونجوعهم البعيده الفقيره.

بطله حكايتنا فتاه صغيره لا يتعدي عمرها 23عاماً هجرت قريتها الصغيره في محافظه كفر الشيخ حين كان عمرها 16 عاماً وشدت الرحال الي مدينه الغردقه امله ان تجد لقمه العيش التي عزت عليها وعلي اهلها.. قالوا لها ان البلاد البعيده حضنها دافئ كشمسها، ومالها منعش كهوائها فاغلبه بالعمله الصعبه، وفرصها كثيره كماء بحرها.. رحلت الصبيه وهي مليئه بالامل بعيداً عن الفقر وقهر الاب والاخوه الرجال، حكايتها تكرار لحكايات عشرات بل مئات بل الاف من بنات الغردقه، بدات بالعمل في خدمه الغرف في احد الفنادق او في كافيه وسكنت مع فتيات اخريات في شقه يستاجرها لهم صاحب العمل في ظروف غير انسانيه.

علمتها الشراكه في السكن ان تضع نقودها تحت راسها وهي نائمه وكذلك ملابسها والا ستصحو من نومها بلا نقود او ملابس، علمتها الحياه المشتركه ان كل شيء بثمن وعلمها صاحب اول عمل انه رب عملها وغير عملها، ومن العجيب في هذه الدنيا وطبائع البشر ان المظلوم دائماً هو من يمارس اقسي انواع الظلم الذي تعرض له علي اول عابر سبيل، وتلك كانت خصال بنات الغردقه مع بعضهن البعض فالاقدم في المظلوميه هي الاقسي في الظلم للاخريات.

دعتني بطله حكايتنا للجلوس مع بعض من فتيات الكافتريات لكل منهن حكايه تتشابه وتتقاطع مع غيرها من حكايات البنات ولكن كلهن ينفقن علي عائلاتهن وقالت لي احداهن حين سالتها الا يسالك اهلك من اين تاتين بالنقود وكيف تعيشين فردت بابتسامه مريره "يا استاذه حين تنتظر منك العائله برجالها واطفالها الفلوس كل اول شهر لا احد يسال كيف المهم الفلوس توصل لاننا رجاله العيله".

المخدرات خاصه الحشيش تجاره رائجه جدا في الغردقه وقلما تجد بنتاً من العاملات لا تتعامل فيها سواء تعاطي او اتجار او الاثنين معاً.

اغلب اصحاب الفنادق ورجال الأعمال الكبار في الغردقه يستخدموا الروسيات في الترفيه عنهم ولكل منهم عدد من الروسيات مما يجعل بنات الغردقه القادمات من الريف او الحضر في درجه ثانيه بالنسبه لهن سواء في العمل او المتعه، ويصيب الحظ احيانا حين يحن صاحب فندق علي احداهن ويمنحها الحمايه كما حدث مع بطلتنا التي ترتبط منذ فتره برجل مهم وهو ارتباط غريب فكل مهمتها ان تسري عنه وتصحبه حيث ذهب فالرجل يشعر بوحده رغم ملايينه وهو كما حكت لي لا يطلب منها شيئاً سوي ان تصاحبه حيث ذهب تحمل سجائره وتقدم له قهوته ولا شيء اخر فلا هي خادمه ولا هي عشيقه هي مجرد حاشيه.. وقد اعتبرت بطلتنا كما بنات الغردقه انها محظوظه لانه يحميها من رجال الغردقه وظلم وقسوه بناتها، ولكنها تدرك ان لكل شيء نهايه ولهذا فهي تنتظرها.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل