المحتوى الرئيسى

شروخ فى جدران قبطية قديمة

05/18 02:08

لاشك ان المواطن المصري (مسلم/مسيحي) قد عاني تبعات المتغيرات التاريخيه والسياسيه الناجمه عن تبدل شكل ومضمون السياسات الاقتصاديه والاجتماعيه والتعليميه والثقافيه مع بدايه عصر كل حاكم.. نعم، واكب زمان كل حاكم الكثير من الظروف التاريخيه المؤثره علي تشكيل ملامح عصره

، فقد كان لكل حاكم تعامله الخاص جداً مع ظروف عصره حتي لو تشابه بعضها مع ظروف عصر اخر.. وتاثرت علاقه شركاء الوطن (سلباً/ايجاباً) بتوجهات الحاكم ونظامه، وكذلك علاقه النظام بالمواطن المسيحي بشكل خاص في التعامل مع حقوقه ومشاكل ممارسه البعض ممارسات تمييزيه ضده علي اساس الهويه الدينيه.. ولقد انعكست ملامح تلك المتغيرات في الفنون والاداب بكل اشكالها الابداعيه، ترصد وتقدم ما اكتسب المواطن المسيحي من مكتسبات او تراجع احواله عبر التغير الحادث في تركيبه شخصيته.. وتسإل ألكاتبه والباحثه الرائعه الدكتوره نيفين  في دراسه تمت الاشاره اليها في جريده الشروق: كيف انعكست ممارسات جماعات التطرف والارهاب في اوراق الادب المصري المعاصر؟.. وتقول في الواقع ان الاديب المصري انشغل دائما بسؤال: لماذا يتعصب الانسان؟ وذلك قبل ان تنشط جماعات التطرف منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي.

فروايه «السكريه» لنجيب محفوظ سبق ان طرحت هذا السؤال قبل اربعين عاما مع صدور الطبعه الاولي للروايه، وتحديدا في عام 1957 فلقد سال كمال السؤال المذكور انفا، وقد نوهت اعمال محفوظ ببعض نماذج هذا التعصب غير المبرر وغير المقبول. واقول مؤكداً نعم  لقد تعددت الاشكال التي تناول بها الادباء شخصيه القبطي في القصص والروايات. فهناك من لجا الي التاريخ مثل الاديبه سلوي بكر في عملها المتميز «البشموري»، والكاتب يوسف زيدان في عمله المثير للجدل «عزازيل»، وهناك من تعامل مع نماذج واقعيه معاصره مثل الكاتب علاء الاسواني في «عماره يعقوبيان»، و«شيكاغو».. وتاتي اعمال الرائد ادوارد الخراط كتجارب مستقله فريده في لمس الجانب المثيولوجي والاساطير الروحيه القبطية في روايات عديده منها رامه والتنين وصخور السماء وحجاره بابيللو وغيرها. وكل هذه النماذج والاشكال تستحق دراسه مستقله لهذه الأعمال الابداعيه وكيفيه تناول شخصيه القبطي في الادب. ومراحل تطورها. ولكني هنا بصدد الاقتراب من شكل جديد لتناول 20الشخصية>20الشخصيه>20الشخصيه>الشخصيه القبطيه في ابداع شاب صاحب رؤيه جديده ومتميزه هو الكاتب روبير الفارس، والذي صدرت له مؤخرا روايه (جومر جريمه في دير الراهبات) عن وكاله سفنكس للابداع والفنون، وعنوان الروايه تتبعه جمله غريبه تقول كلماتها (شروخ في جدران قبطيه قديمه لمن يريد ان يفهم) في ايحاء ان الروايه تناقش مورثات قديمه، وعلي من يريد ان يفهم بعض التصرفات القبطيه ان يتعرف علي هذه المورثات، وبالفعل تتعرض الروايه للشروخ المحركه لنفسيه القبطي المعاصر، والتي توارثها من تاريخ طويل. وقد تضمنت حلقات مريره من الاضطهاد والاوجاع كان اكثرها شراسه الاضطهاد الروماني للاقباط والذي جاء في عشر حلقات من خلال عشره اباطره اذاقوا الاقباط الويل وجعلوا دماءهم تسيل كالانهار في الشوارع. الامر الذي عبر عنه الفلكلور الشعبي في اطار من المبالغه بالقول ان دماء الاقباط وصلت الي ركب الخيول. وقد تميزت صياغات «روبير» انه يكتب من الداخل، اي انه مُلم بشكل جيد للتاريخ والموروث الشعبي، فتظهر انعكاساته علي السياق الدرامي والشخوص، لانه يمتلك ناصيه الحكي باسلوب بليغ. وبذلك يشكل في النهايه عالم مدهش يجمع في خيط واحد بين الواقعيه والخيال السحري ببساطه وعمق. واجد الكاتب قد حالفه التوفيق عندما استهل احداث روايته من معطيات الوقت الحاضر، فقد اختار الفارس ان يغرس قلمه بين شروخ وجروح التكوين الثقافي والروحي لشخصيات قبطيه تئن من حمل تراث كبير ومتراكم يجمع بين الخيال النُسكي والنصائح الروحيه، الامر الذي يعرقل مسيرتهم في الحياه المعاصره، ياتي ذلك من خلال شخصيه جومر - الاسم مستوحي من سفر هوشع بالعهد القديم - ويعني حرفياً امراه من النار، والتي تولد لام بائعه صور في منطقه السبع كنائس (محطه مارجرجس بمصر القديمه) بكل ما يحمله المكان من موجودات تترك اثرا نفسيا وروحيا دفينا للمتابع لها، اما الاب فهو نازح من الصعيد هارباً من الفقر والحر.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل