المحتوى الرئيسى

صحيفة روسية : الربيع العربي جاء لصالح الإسلاميين المتطرفين

05/16 02:42

السلبيات الكبيره، التي انطوت عليها المراهنه علي الجهاديين، تزداد وضوحا يوما بعد يوم. فقد اصبح واضحا ان الغرب، وحلفاءه في المنطقة العربية، ارتكبوا خطاً فادحا عندما جعلوا من الاسلاميين المتطرفين، القوه الضاربه، والمحرك الرئيسي للثورات في عدد من البلدان العربيه. لم يتعظ الغرب وحلفاؤه من تجربه استخدامهم الاسلاميين المتطرفين في صراعهم ضد الاتحاد السوفيتي بافغانستان،

تلك التجربه التي انتهت بهجمات الـ 11 من سبتمبر2001 الارهابيه، والتي ارّخـَت لظهور قوه جهاديه عالميه، علي جانب كبير من السريه والقوه. لقد حول الغرب وحلفاؤه هذه القوه الارهابيه الي سلاح ضد الانظمه العربيه غير المرغوب فيها، ولم يدركوا ان هذا السلاح، لا يمكن ان يـُشهـَر ويـُغمـَد حسب طلبهم. فالاحزاب والحركات الاسلاميه في الشرق الاوسط وشمال افريقيا تتلقي دعما سخيا من الممالك والامارات الخليجيه.

وغالبا ما لا يكون باستطاعه اولئك الممولين ان يقرروا او يراقبوا اوجه صرف الاموإل ألتي يقدمونها. وبهذا لا يعرفون هويه الجهه التي تؤول اليها الاسلحه، المشتراه باموالهم. في اغسطس/اب الماضي، نشرت مجله "السياسه الخارجيه" مقاله للمحلل السياسي الامريكي المعروف ـ هاري غيمبيل، جاء فيها: "بما ان الجهاديين في سوريه يقاتلون ايران وحلفاءها العرب، فان من مصلحه الولايات المتحده وحلفائها الغربيين ان يدعموا اولئك الجهاديين في السر. وفي العلن، يجب ان يناوا بانفسهم عن ذلك الصراع، الذي سيكون دمويا وقاسيا جدا قبل ان ينقشع غبار تلك الازمه.

وبهذا سيكون لدي الغرب وحلفائه متسعا من الوقت للتفكير في كيفيه ترويض الوحش الايراني، بعد ان تتبدد كل طموحاته الاقليميه." افليس هذا الموقف قمه في الوقاحه والاستهتار؟ وبغض النظر عن تقييمنا لموقف الغرب وحلفائه، فان الاوضاع علي الارض تسير وفق ذلك السيناريو.

حيث اثبتت الاحداث التي وقعت في ليبيا وسوريه ان المقاتلين الاسلاميين هم القوه الرئيسيه بين بقيه فصائل المتمردين. فوفقا لمعلومات جمعها مركز "بروكينغز" في الدوحه، فان غالبيه الفصائل التي قاتلت لاسقاط نظام القذافي، لها خلفيات اما جهاديه او اسلاميه.

ولعل ما يستحق التوقف عنده هو ان الاسلاميين، بقياده رئيس المجلس العسكري في طرابلس ـ عبد الحكيم بلحاج، هاجموا مقر اقامه العقيد القذافي في باب العزيزيه، بالتعاون مع القوات الخاصه القطريه. ومهما يكن من امر فان ثمن الانتصار علي القذافي، كما يتضح يوما بعد يوم، باهظ جدا. لان السماح لمارد الجهاديه بالخروج من قمقمه، اسهل بكثير من اعاده ذلك المارد الي القمقم. فارهاب الجماعات السلفيه يجتاح اليوم مدنا ومناطق باكملها في شرق ليبيا. وحتي في بنغازي التي تعتبر مهد الثوره الليبيه، لا يمكن لاحد ان يشعر بالامان.

وخير دليل علي ذلك؛ الهجوم الذي شنه مقاتلو جماعه "انصار الشريعه" علي القنصليه الامريكيه، وعلي محطه المخابرات المركزية الأمريكية "CIA" في تلك المدينه. لقد اودت ماساه بنغازي بحياه السفير الامريكي في ليبيا وثلاثه اخرين من الامريكيين، ومثلت ضربه قاسيه لسمعه الرئيس باراك اوباما ووزيره خارجيته هيلاري كلينتون. وعلي الرغم من فداحه هذه الخسائر السياسيه، فان المعركه الرئيسيه في ليبيا لا تزال في بطن القادم من الايام. ولعل اكثر ما يثير القلق، علي الصعيد الاقليمي، هو ان ليبيا اصبحت مركز امداد رئيسيا لـ"تنظيم القاعده في بلاد المغرب الاسلامي".

فقوافل الاسلحه المسروقه من مخازن نظام القذافي، تتوافد الي المناطق الشماليه من جمهوريه مالي، التي تنشط فيها ثلاث من اكبر واقوي المجموعات الجهاديه، وهي: "انصار الدين"، "القاعده في بلاد المغرب الاسلامي"و"حركه التوحيد والجهاد في غرب افريقيا". ان كل ما جري في ليبيا ويجري حاليا في مالي ليس الا مقدمه لما هو ات. فقد حذر قائد القياده الامريكيه في افريقيا، الجنرال ـ كارتر هام، حذر من ان قوسا جهاديا يجري تشكيله في افريقيا يمتد من نيجيريا ويمر عبر مالي وليبيا ليصل الي الصومال. ووفقا لذلك المسؤول الامريكي، فان الجماعات الاسلاميه المتطرفه تزيد من تنسيق التعاون في ما بينها بشكل ملحوظ. وبمثابه نتيجه طبيعيه للاحداث التي شهدتها ليبيا وتشهدها مالي حاليا، اصبحت في خطر محدق كل من الجزائر وموريتانيا وتونس وبوركينا فاسو والنيجر.

واحدث دليل علي هذا الخطر؛ العمليه الارهابيه التي نفذها المتطرفون الاسلاميون، الذين استولوا علي مجمع لاستخراج الغاز في جنوب ـ شرق الجزائر، واخذوا رهائن كلَّ من كان فيه، من بينهم عشرات من الاجانب ينتمون الي 12 بلدا. كم هو سيئ الوضع المتشكل حول سوريه. فتواجد المجموعات والاحزاب الاسلاميه في الائتلاف الوطني السوري كبير، و الاخوان المسلمون السوريون يسيطرون علي المجلس الوطني الذي يشكل الجزء الاساسي من هذا الائتلاف. اما بالنسبه للجهاديين الذين تمرسوا علي القتال في المعارك ضد القوات الأمريكية في العراق وافغانستان، فهم يشاركون بقوه في الحرب ضد الاسد، ويشكلون الجزء الاكبر القادر علي القتال ضمن صفوف الجيش المتمرد علي النظام.

من الملاحظ ان اكثريه المجموعات المتمرده - التشكيلات المحليه، مرتبطه مع هذه المدينه او تلك او هذه القريه او تلك، بينما المقاتلون الاسلاميون علي استعداد للذهاب الي اي مكان وفقاً للاوامر الصادره لهم، سواء كان هذا المكان حلب او دمشق. في هذه الاثناء، تتجاهل المجموعات الاسلاميه عموماً الهيئات الرسميه للمتمردين في سوريه. لانها تتلقي التمويل مباشره من قطر والمملكه العربيه السعوديه، ولم يضعف تيار المقاتلين من ليبيا وتونس و افغانستان وحتي من جمهوريات اسيا الوسطي. من الملاحظ، ان المجموعه الجهاديه الابرز في سوريه هي "جبهه النصره"، التي رفضت عموماً الانصياع للمجلس الوطني السوري والقياده العسكريه التي انشاها هذا المجلس.

اذن، المجموعات المسلحه تريد ان تحقق اهدافاً بعيده كل البعد عن الاهداف التي اطلقها المجلس الوطني، و لا تخفي سعيها الي انشاء دوله سوريه الاسلاميه. وهكذا، من المنطق الاعتقاد ان المقاتلين يواصلون جهادهم حتي النصر بغض النظر عن مصير الاسد ونظامه. في ظل هذه الظروف، لا يمكن عقد الامال علي تحقيق الاستقرار في سوريه في المستقبل المنظور، مع الاخذ بعين الاعتبار العامل الطائفي واحتمال انتشار الفوضي الي الجوار السوري (خصوصاً في لبنان والعراق) وهذا الخطر يهدد كامل المنطقه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل