المحتوى الرئيسى

جمال خاشقجي يكتب :عودة «العدالة والتنمية» التركي إلى جذوره في زمن الربيع العربي

05/11 18:49

«الفاتحه» دعانا نائب رئيس الوزراء التركي بولنت ايرلنج الي تلاوتها وقد رفع يديه عالياً علي تلك الطريقه التركيه التقليديه لمباركه اي عمل يرون فيه خيراً، وذلك بعدما القي فينا كلمه نحن جمع من الصحافيين العرب،

وقد دعتنا وكاله الاعلام برئاسه الوزراء ووكالة أنباء الأناضول الي العاصمه التركيه حيث امضينا اياماً عده نلتقي بساسه الحزب والمقربين منه.

كلمه السيد ايرلنج كانت عاطفيه متحمسه. «تعالوا الينا فنحن نشترك معكم في القيم والتطلعات نفسها»، ثم اخذ يكرر جمله «تعالوا الينا» ويعدد اسباباً اخري للتعاون العربي - التركي. كان الاسلام حاضراً بقوه في كلمته، مطعّماً بعبارات الربيع العربي «الكرامه.. العداله.. الحريه»، ثم اشاره واضحه الي ميدان التحرير في مصر بكل ما يحمله من رمزيه جليه، عندما قال: «سنجلس جميعاً يوماً قريباً في ميدان التحرير».

مال علي رئيس تحرير سابق وكاتب عربي معروف وقال مبتسماً : «شو؟ هل يفتكرنا جميعاً اخوان مسلمين؟» رددت عليه: «انه زمانهم.. استعد للقادم».

لم اشهد واسمع رجال «العداله والتنميه» صريحين في اعلان هواهم «الاسلامي» مثلما رايت وسمعت خلال زيارتي الاخيره، وقد تابعت صعودهم السياسي منذ ايام حزب «السلامه» الوطني وزعيمه الراحل نجم الدين أربكان، الذي حُلّ مرات عده من الدوله الاتاتوركيه العميقه، ليعود باصرار، حتي كان خروجه الاخير والحاسم عام 2001 بتاسيس حزب «العداله والتنميه» الذي وصل الي الحكم بفوز كاسح في العام الذي يليه، ولا يزال في الحكم في حال تركيه غير مسبوقه، محققاً استقراراً ونمواً اقتصادياً ورخاء، وتزداد شعبيته في كل انتخابات تاليه.

في الاعوام السابقه كان قياديو الحزب حريصين علي تحاشي الظهور الاسلامي الفاقع، ذلك ان الدوله العميقه السابقه كانت تتربص بهم بشتي الطرق. «قبل 5 اعوام فقط، كاد النائب العام يصدر حكماً بحل الحزب علي رغم انه يتمتع بالغالبيه في البرلمان وحقق نجاحات اقتصاديه، لقد نجونا بفارق صوت واحد فقط!». قال لي ذلك النائب عن الحزب امر الله ايسلر الذي تخرج في جامعه الملك سعود بالرياض ويجيد العربية بطلاقه، وهو يتجول بي في اروقه المبني الذي بني قبل 40 عاماً وفق تصميم اعتمده مؤسس تركيا الحديثه مصطفى كمال أتاتورك.

ايسلر مطمئن الي ان ذلك لن يتكرر مره اخري، مؤكداً ان الطبقه الحاكمه القديمه في القضاء والجيش والامن تغيرت تماماً، فيضيف: «اهم انجاز حققناه هو اننا اصبحنا بالفعل دوله ديموقراطيه، كل يقوم بما هو مكلف به، الجيش لحمايه الوطن، والقضاء ابتعد عن السياسه، والحكومه تفرغت للحكومه، لم تعد هناك مؤامرات». نظرت الي زميل مصري مؤملاً انه كان يستمع للحوار، فما شرحه ايسلر يحتاجونه في مصر، وهو امر لم يحصل بسهوله، وانما بعد مناورات ومكايدات انتهت ببعض من كبار جنرالات الجيش والاستخبارات والقضاه ورجال الأعمال الي السجن، ويحاكمون اليوم في ما يصفونه في تركيا بمحكمة القرن، اطلق عليها «قضيه ارجينيكون»، ولا يزال كثير من الاتراك غير مصدقين ان اولئك الاقوياء الذين كانوا يقيلون الحكومات ويرعبون الوزراء يقفون اليوم في منصه الاتهام بضعف وسكينه.

يختصر السيد توران كشلاكجي مدير القسم العربي بالوكالة، سبب اظهار الثقه بالنفس بين رجالات حزب «العداله»، في مقوله ينسبها لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان: «قبل سنوات حصلنا علي الاقتدار - وتعني الحكم باللغه التركيه – ولكننا اليوم مقتدرون».

هل هو ذلك ام انه الربيع العربي؟ فالسيد جمال الدين هاشمي مستشار رئيس الوزراء والمكلف باداره «الديبلوماسيه العامه» التابعه مباشره لاردوغان يقول بوضوح: «حزب العداله يدعو للتغيير، ليس في تركيا وحدها وانما في كل المنطقه. ما كان للانظمه العربيه السابقه والقديمه ان تستمر علي ما كانت عليه - ولكنه يلطف حديثه بديبلوماسيه مطلوبه - ولكن لكل دوله ان تجري اصلاحاتها وفق ظروفها الخاصه».

يدير هاشمي اداره معنيه بالعلاقات مع قاده الفكر والناشطين السياسيين في المنطقه، اضافه الي الاحزاب القريبه من افكار «العداله والتنميه»، وقد نظم مؤتمرات ولقاءات عده، بعضها ضمّ شباباً، وهو متحمس بشده للتغيير، ويري ان العالم العربي يجب ان يكون ساحه تركيا المقبله والعكس، فالعلاقه يجب ان تكون متبادله: «لقد شهدت تركيا مثلكم ربيعاً عربياً، لكن كان ذلك عام 2002» مشيراً الي تاريخ وصول حزبه الي السلطه، مضيفاً: «نؤمن بالتغيير في العالم الإسلامي كله، نحن ننتظر هذه اللحظه منذ 100 عام، منذ قرن كامل ونحن نخسر باستمرار، يجب ان تعود الجغرافيا الي ساحه التاريخ، فعندما ابتعدنا عن الساحه الدوليه نشا نظام غير عادل، لا نقبل فرض اجندات علينا من الغرب، ولا يجوز ان نقلّد الغرب بل نبحث نحن عن الباب الذي يخصنا، حتي في علاقتنا مع غير المسلمين، لم تختلّ علاقتنا الا خلال الـ100 عام الاخيره، قبل ذلك كانت تحكم العلاقات وفق قيمنا العادله، في زمن الدوله العثمانية لم تكن هناك مشكله مع الاكراد، ولكن في زمن الدوله التركيه الحديثه ظهرت هذه المشكلات التي قسمتنا». ذكرت الجمل السابقه كامله للدلاله علي الخطاب الاسلامي القوي الذي سنسمعه بقوه قادماً من انقره او «تركيا الجديده»، وهو المصطلح الذي استخدمه هاشمي مرات عده.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل