المحتوى الرئيسى

البرازيل وإيطاليا.. علاقات كروية متميزة وفائدة تاريخية مشتركة - أهرام سبورت

05/10 21:46

كان تشارلز ميلر، ابن ساو باولو المنحدر من اسره اسكتلنديه، هو من ادخل كره القدم الي البرازيل عندما عاد اليها من انجلترا. ولكن بعد ذلك بوقت قصير، كان الفضل للمهاجرين الايطاليين الذي لعبوا دوراً حاسماً في توسيع قاعده شعبيه كره القدم بجعلها تعبر حدود الانديه. لكن هؤلاء المهاجرين لم يكونوا يتخيلون انهم بصدد بناء الاساس الذي قام عليه عملاق هذه الرياضه الذي سياتي علي الاخضر واليابس بعد عقود من الزمن وسيخلق العديد من المشاكل لايطاليا في كأس العالم ، ولا سيما في نهائي ام البطولات مرتين.

وفي حديث لموقع فيفا الرسمي، يقول فرناندو جالوبو، المؤرخ والاعلامي الذي الف العديد من الكتب عن الاندية الايطالية: "الصحفي اللامع توماس مازوني، مؤلف العديد من الكتب حول تطور كره القدم في البرازيل، يشرح ان هذه الرياضه بينما كانت في مهدها، ومن خلال طبيعتها النخبويه، كانت تُعتبر حدثاً اجتماعياً. كانت مثل الذهاب الي السينما او المسرح. كان الناس يختارون العرض الافضل، ولم يكونوا يميلون لنادٍ معين باعتماد معايير اخري. كان الامر مساله عرض وفرجه الي حد كبير."

وجاء انتشار كره القدم في ساو باولو من خلال انشاء نادي عمال المصانع الكبيره، الذي لم يكن يملك مقراً في البدايه حيث كان يلعب في ملاعب مرتجله او عشوائيه في مختلف الاحياء، قبل ان يشرع في بناء تاريخه شيئاً فشيئاً. وجاء العديد من المهاجرين الايطاليين للعمل في مزارع البن بالمناطق الداخليه في البرازيل، ثم اخذوا ينتقلون الي المدن لامتهان جميع انواع الحرف. حينها بدؤوا يلعبون دوراً حاسماً في تطوير كره القدم.

تاسس نادي باليسترا ايطاليا في عام 1914، حيث اصبح اهم ممثل للمهاجرين الايطاليين في البرازيل وحتي عام 1930، كانت تعقد جميع الاجتماعات باللغة الإيطالية. اما في عام 1920، فقد اصبح النادي يملك ملعب باليسترا ايطاليا، والمعروف ايضاً باسم باركي انتارتيكا. وتطور النادي علي مر السنين حيث فاز بالعديد من الالقاب، قبل ان تتجاوز رمزيته حدود الجاليه الايطاليه، ويتخذ لنفسه اسماً اخر.

وخلال الحرب العالميه الثانيه، بامر من حكومه جيتوليو فارجاس، اصبح يمنع علي ايه هيئه رياضيه ان تحمل اسم احدي دول المحور: المانيا وايطاليا واليابان. وبناءاً عليه، قرر مجلس الاداره اطلاق اسم بالميراس علي النادي، محتفظاً في الوقت نفسه بالاحرف الثلاثه الاولي من الاسم الاصلي. نفس الشيء ينطبق علي نادي سوتشيتا سبورتيفا باليسترا ايطاليا في مدينه بيلو هوريزونتي، الذي تاسس في عاصمه ولاية ميناس جيرايس في عام 1921، قبل ان ينمو ايضاً بشكل كبير، ليصبح اسمه الرسمي هو كروزيرو، في اشاره الي الصليب الجنوبي، الذي يزين العلم البرازيلي.

اما كلوب اتليتيكو يوفنتوس فقد اظهر تنافسيه كبيره في العقود الاولي التي تلت تاسيسه لكنه فشل في محاكاه تطور وتقدم الانديه الاخري المنحدره من اصول ايطاليه، حيث يقبع تحت ظل انديه نخبه البرازيل او ولايه ساو باولو، دون ان يفقد دوره الاجتماعي القوي، محافظاً علي لونه العنابي علي مر السنين والعقود.

ولغرابه الصدف، فان يوفنتوس البرازيلي يلعب بلون تورينو، الغريم التقليدي ليوفنتوس الايطالي. فبعد حضور ديربي تورينو خلال رحله الي بلاد الكالتشيو، اقترح كوندي رودولفو كريسبي اعتماد اسم السيده العجوز للنادي الذي كان قد اسسه للتو في حي موكا. في البدايه، كان يوفنتوس البرازيلي يلعب بقميص من اللونين الاسود والابيض، ولكن بما انه انضم الي اتحاد توجد فيه انديه عديده تلعب بنفس اللونين، مثل كورينثيانز وسانتوس، اختار كوندي رودولفو كريسبي اللون العنابي. وكتب فرناندو جالوبو وانجيلو ادواردو اجاريلي وفيسنتي رومانو نيتو ​​في كتاب جلورياس دي اوم موليكي ترافيسو: "في ظل ذلك، بحث يوفنتوس علي لون فريد لم يكن يلعب به اي من فرق الدوري. وبناءاً علي اقتراح من واحد من اعظم المحسنين، الذي كان يفضل تغيير الاسم بالكامل، تم اختيار الابيض والعنابي، علي غرار نادي تورينو."

ولم يكن يوفنتوس ابداً واحداً من النوادي البرازيليه الكبري، ولكن ذلك لم يمنعه من اكتساب سمعه راقيه وقدر كبير من التعاطف الجماهيري. اذ يؤكد بيليه انه في ملعب هذا النادي، الواقع بشارع جافاري، سجل افضل هدف في مسيرته امام 5000 متفرج. كان ذلك في يوم 2 اغسطس/اب 1959 حين فاز سانتوس علي يوفنتوس 4-0. وقال احد المعلقين مازحاً: "اذا صح قول كل اولئك الذين يدعون انهم شاهدوا هدف بيليه ذاك في جافاري، فلا بد ان هذا الملعب كبير الي حد يجعله يضاهي ضخامه ماراكانا."

في ذلك الوقت، كانت كره القدم قد اصبحت بالفعل رياضه وطنيه بالغه الاهميه، علماً ان البرازيل، بمهاجمها النفاثه بيليه، كانت قد فازت للتو بلقب كاس العالم 1958.

في تلك البطوله، كان الشاب الاسمر المعجزه لا يتجاوز 17 عاماً من عمره ولم يكن يحمل بعد لقب "الملك". وفي المقابل، كان خوسيه التافيني او مازولا هو الذي سجل الهدف الاول للبرازيل ضد النمسا. ثم عاد ليجد مره اخري طريقه الي المرمي في تلك المباراه قبل ان يخسر مكانه في التشكيل الاساسي. وبعد اربع سنوات، في تشيلي، لعب مره اخري في كاس العالم ، ولكن هذه المره بالوان ايطاليا. وبعد نهائيات السويد 1958، كان لاعب بالميراس السابق قد انضم الي صفوف ميلان، حيث بقي حتي عام 1965. وبعد مروره بفريقي نابولي ويوفنتوس، اصبح كاتب عمود ذائع الصيت بين الكتاب المتخصصين في كره القدم الايطاليه.

واوضح مازولا ذات يوم في صحيفه لانس: "كان الامر بهذه البساطه. في ذلك الوقت، لم تكن لديك ايه فرصه لتلقي الدعوه للعب في المنتخب البرازيلي اذا كنت تلعب في ناد اجنبي. ايه فرصه علي الاطلاق. كان عمري حينها 23 او 24 عاماً، ولم اكن اريد ان افوت فرصه اللعب في كاس العالم. لست انا من غادرت البرازيل، بل البرازيل هي التي استغنت عني."

ولكنه لم يكن اول برازيلي لعب مع المنتخب الإيطالي. ذلك ان دور ايطاليا في ولاده اكبر قوه في كره القدم العالميه عاد بالنفع علي ايطاليا نفسها، حيث كانت بلاد الكالتشيو تستقطب نوعاً معيناً من الوافدين: عباقره كره القدم. وبناءاً عليه، كان الجناح انفيلوجينو جواريسي، او فيلو، اول ابناء المهاجرين الايطاليين في بلاد السامبا الذين تالقوا بقميص الازوري. فقد فاز مع ايطاليا بكاس العالم 1934 ، حيث استهل مشواره مع الكتيبه الزرقاء بالمشاركه في المباراه الاولي، التي انتهت بانتصار واسع للبلد المضيف 7-1 علي حساب الولايات المتحده.

وفجر جواريسي مهاراته في بورتوجيزا قبل ان ينتقل الي باوليستانو وكورينثيانز ومن ثم الي لاتسيو، الذي دافع عن الوانه في مواسم 1931-1937. في روما، كان يشعر وكانه في ساو باولو حيث كان يلعب الي جواره اربعه لاعبين سابقين في كورينثيانز، من بينهم المدافع الممتاز دل ديبيو، لدرجه ان فريق العاصمه الايطاليه كان يسمي في بعض الاحيان برازيلاتسيو.

بل ان نادي لاتسيو لعب خلال موسم 1931-1932 بفريق مؤلف في مجمله من البرازيليين، وكان معظمهم من فريقين باليسترا، حيث كان علي راس هذا التشكيل الاستثنائي نجم كورينثيانز السابق اميلكار باربوي، الذي كان يتولي مهمه المهاجم الاساسي والمدرب الاول علي حد سواء. لكن التجربه لم تدم طويلاً، حيث وجد الفريق نفسه يكافح من اجل تفادي الهبوط.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل