المحتوى الرئيسى

الدجل باسم الدين

05/10 01:18

في كتابه الصغير والقيم معا، «عصا الحكيم في الدنيا والآخرة»، ابدي «توفيق الحكيم» رايه في اعداء مصر قائلا: انهم في حقيقه الامر «الدجل والتهريج والنفاق» وليس «الفقر والجهل والمرض»، حسبما شاع زمنا طويلا، واقف عن افه الدجل قليلا لاقول انها ليست مقصوره علي مصر، وغيرها من بلدان العالم الثالث، بل هي وبخاصه ما كان منها متصلا اتصالا وثيقا بالدجل المستغل للدين، واسعه الانتشار في اكثر من بلد غني، بما في ذلك الولايات المتحدة ولعل خير دليل علي انتشار تلك الافه، ذلك الفضح غير المسبوق لها، في روايه «المرجانتري» لصاحبها «سنكلير لويس» الاديب الامريكي الحائز لجائزه «نوبل» عام 1930.

ومما يعرف عن روايته هذه انها نشرت في النصف الثاني من عشرينيات القرن العشرين، وتحديدا عام 1927، حيث احدثت ضجه كبري استمر صداها زمنا طويلا والامر الغريب المثير للدهشه انه ورغم ان تلك الروايه لاديب حاصل علي «نوبل» الا انه لم تتم ترجمتها الي لغه السينما، الا بعد نشرها باربعه عقود، وبالتحديد عام 1960، حيث اسند امر ترجمتها علي هذا النحو الي «ريتشارد بروكس»، المخرج الامريكي ذائع الصيت، في ذلك الزمان.

كما اسند الدور الرئيسي في الفيلم، اي دور «المرجانتري» الي النجم «بيرت لانكستر» الذي احسن الاداء له، علي نحو كان لابد ان ينتهي به فائزا، عن ذلك الاداء بجائزه أوسكار أفضل ممثل رئيسي 1961. ووقتها كان «لانكستر» في اوج مجده، يملك رصيدا مذهلا من روائع الافلام، اخص من بينها بالذكر فيلم «القتله»، الماخوذ عن قصة قصيرة للاديب الامريكي «ارنست هامنجواي»، الذي به بدا مشواره السينمائي.

اما لماذا تقاعست استديوهات هوليوود عن انتاج فيلم مستوحي من روايه «المرجانتري» مده طويله قاربت نصف القرن من الزمان، فذلك يرجع في ارجح الظن الي تخوف مقترن بالحذر، من رد الفعل الغاضب، المتوقع حدوثه من قبل جماعات الانجيليين، ودعاتها، الذين سبق لهم التعبير عن ضيقهم الشديد من الروايه، لما انطوت عليه من كشف فاضح لسلوكيات نفر من دعاه تلك الجماعات، وهي حسب رسم الروايه والفيلم المستوحي منها، لشخصيه الدجال «المرجانتري» سلوكيات يندي لها الجبين.

ويحضرني هنا، ما حدث بعد ذلك بنحو ربع قرن لفيلم «الإغراء الأخير للسيد المسيح» الماخوذ عن روايه بنفس الاسم للاديب اليوناني «كازانتزاكيس» صاحب روايتي «والمسيح اعد صلبه» و«زوربا اليونان» فقبل الشروع في انتاجه بذلت الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحده عده محاولات للحيلوله دون ذلك، فلما باءت محاولاتها بالفشل انهمرت علي صانعي الفيلم تهديدات مجهوله المصدر تتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الامور فاذا ما باءت هي الاخري بالفشل، وجري عرض الفيلم علي نطاق واسع، دعت الكنيسه اتباعها الي مقاطعته دون جدوي، وكان من نتائج حمله معاداه الفيلم علي هذا النحو ان انفلت الامر، في شكل انفجار قنابل في دور السينما حيث كان يعرض الفيلم بمدينه باريس وغيرها من المدن الاوروبيه.

واعود الي «المرجانتري» لاقول انه فيلم يدور موضوعه حول دجال «جانتري» وامراه انجيليه تبيع الدين، في المدن الصغيره الامريكيه، المنتشره بطول وعرض البلاد، وتؤدي دورها الممثله الانجليزيه «جان سيمونز»، والاحداث تبدا «بجانتري» في حانه حيث نراه سكيرا عربيدا مع رفاق سوء، فاجرا يغازل النساء حتي يوقع احداهن في حبله، نراها معه صباحا، تشاركه الفراش، ودون ان يوقظها، يغادر الحجره حتي يلحق بالقطار المتجه الي المدن الصغيره حيث يقوم بالدعايه لمختلف السلع، الجديد منها والقديم، واللافت في شخصيته انه ذو حضور اسر، سريع البديهه والكلام حلو الحديث، في وسعه به ان يملك القلوب والعقول.

واثناء جولاته بين المدن يلتقي بالاخت «شارون فالكونر» الداعيه الي اعاده أحياء الدين، والاخذ بتعليماته طريقا للتوبه، والخلاص وسرعان ما ينجذب اليها «جانتري» فينضم الي جماعتها بوصفه واعظا مشاركا في حملتها الداعيه الي اعاده احياء الدين.

هو بقوله للجمهور المستمع انه عقابا له عما اقترفه من خطايا، سيحرق بنار الجحيم وهي تعد نفس الجمهور بالخلاص فيما لو تاب واناب.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل