المحتوى الرئيسى

الافلاس يهدد التلفزات الخاصة في تونس...تضييق مالي أم ضعف مهني؟

05/02 16:16

بعد ثوره 14 يناير/كانون الثاني عام 2011 شهدت الساحه الاعلاميه في تونس انفجارا اعلاميا جسَد تعطش التونسيين الي حريه التعبير والي التعدديه الاعلاميه. ومع ان المناخ العام كان محفزا لبعث مؤسسات اعلاميه وقنوات تلفزيونيه متعدده تستجيب الي الاراء والتوجهات المتنوعه، الا ان غياب القواعد القانونيه المنظمه ومخاوف السلطه من الهامش الواسع لحريه التعبير خلقا واقعا صعبا لعمل القنوات التلفزيونيه بالاساس.

ويعتقد الخبراء ان الاسباب الحقيقيه لازمه الاعلام المرئي في تونس متعدده الا ان طيفا واسعا من الفاعلين في المشهد الاعلامي يرجعون سبب هذه الازمه الي التضييق المالي والسياسي الذي فرضه الحكام الجدد في تونس.

لقطه من حمله بيع البقدونس لانقاذ قناة الحوار من الافلاس

الطاهر بن حسين مالك قناه الحوار والمعارض الشرس لحكم بن علي، قال في حوار مع DW عربيه "حركه بيع البقدونس التي اطلقت في فيبراير شباط الماضي لانقاذ قناه الحوار من الافلاس، كان الهدف منها توعيه المواطن بان الاعلام الحر له ثمن تماما مثل الحريه ايضا لها ثمن" واضاف ان "الاعلام يحتاج الي الدعم السياسي والمالي. لكن الان هناك محاوله خنق مالي لقناه الحوار بطريقه مقصوده وممنهجه عبر منع الشركات والمؤسسات العموميه من الاشهار في القناه بدعوي انها قناه فتنه".

لكن بن حسين اكد ان القناه لا تزال بعيده عن ازمه الاغلاق علي الاقل الي مرحله الصيف وان اداره القناه بصدد التخطيط لحلول اخري بعد "مبادره البقدنوس". وكانت قناه الحوار الخاصه صوت المعارضه بجميع اطيافها تحت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي بما في ذلك الاسلاميين.

ومن جهته اوضح عبد الحليم المسعودي، استاذ جامعي، ومقدم برامج في قناة نسمة الخاصه لـDW عربيه "هناك تضييق واضح علي الاعلام الحر. اليوم بعد الثوره التي قامت علي مطلبي الحريه والكرامه فان الحاكمين في السلطه لا يعجبهم وجود اعلام حر. لكن المجتمع المدني في تونس اثبت انه من الصعب تركيع الاعلام الحر والخاص...".

وحول رايه في بعض الانتقادات الموجهه لقناه "نسمه" بانها تعمل وفق"اجنده سياسيه" علي حساب المعايير المهنيه، قال المسعودي "حدثت عمليه شيطنه لقناه نسمه من قبل اطراف سياسيه. لكن القناه حاولت الصمود الي الان وهي من القنوات القلائل الي جانب قناه الحوار التي تؤمن بالمجتمع المدني وتعبر عن راي القوي الديمقراطيه والتقدميه في البلاد..".

وفي رده علي الانتقادات الموجهه للحكومه بالتضييق علي عدد من القنوات التلفزيونيه، اوضح احمد قعلول عضو مجلس الشورى(اعلي هيئه بالحزب) في حزب النهضة الإسلامي الذي يقود الائتلاف الحاكم، في حوار مع DW عربيه "صحيح ان وسائل الإعلام المرئيه في تونس تعاني من صعوبات لكن ليس ثابتا ان هذه الصعوبات تعود الي تضييقات من السلطه ومنعها لرجال الأعمال من الاشهار(الاعلانات) لديها بسبب خطها التحريري"، واشار بان"هذه السياسه كان يتبعها النظام السابق عندما كان يضغط علي رجال الاعمال لدعم عدد من وسائل الاعلام المواليه للسلطه".

احتجاجات اعلاميين من اجل اطلاق سراح سامي الفهري منتج قناه التونسيه

الاعلام هل يكون ضحيه التجاذب السياسي؟

ومجمل الاعلاميين في تونس يعتبرون ان مخاوفهم من التضييق السياسي حقيقيه اليوم. واوضح مثال علي ذلك الجدل القائم بشان قضيه الاعلامي سامي الفهري مدير قناه التونسيه الخاصه التي دابت علي انتقاد السلطه.

وكانت النيابة العامة قد رفضت اطلاق سراح الفهري المتهم بقضايا فساد من السجن علي الرغم من صدور حكمين من اعلي هيئه قضائيه في البلاد، محكمه التعقيب، لصالحه الامر الذي طرح شكوكا عن مدي استقلاليه القضاء عن السلطه التنفيذيه ونوايا الحكام الجدد تجاه وسائل الاعلام. وفي المقابل يرفع اسلاميو حزب النهضه الحاكم، شعار "تطهير الاعلام من بقايا نظام بن علي".

فريدم هاوس: حريه الصحافه تتقدم في تونس وليبيا وتتراجع في مصر

البرامج الساخره: تهريج ام سلاح في مواجهه السلطه

الانترنت مراه النزاعات الداخليه في تونس

وبالنسبه للنخبه السياسيه فان ازمه الاعلام لا تعدو ان تكون سوي امتدادا للتجاذب السياسي والحزبي في البلاد بين السلطه والمعارضه. وعزا خميس قسيله النائب في المجلس الوطني التاسيسي عن حزب حركه نداء تونس المعارض، في حوار مع DW عربيه، الازمه الماليه الخانقه لوسائل الاعلام الي تحكُم السلطه في توجيه الاشهار الخاص والعام باتجاه "اعلام الموالاه".

وقال قسيله انه لا بد من فسح المجال في تونس الي كل الاراء سواء المواليه او المعارضه او المستقله وان لا تكون للدوله اي تدخل في الخط التحريري في المؤسسات الاعلاميه، مشيرا الي الضغوط التي كانت تعرضت لها في هذا السياق التلفزه العموميه وصحيفه الصباح شبه الحكوميه، وهي اكبر صحيفه في تونس.

وفي حديثه مع DW عربيه قال محمد البراهمي النائب في المجلس الوطني التاسيسي عن حركه الشعب (معارضه)" في تونس قمنا بثوره لكن بعض القوي التي لا تؤمن بالديمقراطيه تحاول ان تسير هذه الثوره لصالحها وتضايق الاعلاميين الاحرار في بعض المؤسسات عبر قطع الاعلانات عنها للاجهاز عليها".

بينما يري احمد قعلول عضو مجلس الشوري في حزب النهضه الاسلامي، ان"التدخل والضغط الذي كان مفروضا علي رجال الاعمال، في عهد النظام السابق، قد رفع اليوم وهو ما يفسر الشحَ في الاشهار والاعلانات".

اما بالنسبه للرأسمال العمومي، فيري قعلول فيه مفارقه، ويقول ان"احجام السلطه عن التدخل فيه ابقي علي استغلاله علي الشكل الذي كان عليه في السابق وبطريقه غير متوازنه. ونحن نطالب باصلاح هذا التوازن لان كل وسائل الاعلام، وخاصه تلك التي ظهرت بعد الثوره، لها الحق كذلك في الراسمال العمومي". وتابع قعلول "السلطه لم تتدخل لان المطلوب الان اصلاح القطاع الاعلامي دستوريا عبر تشكل الهيئة الوطنيه للاعلام".

هل يدفع الاعلام ثمن ضعف المهنيه؟

الاستاذ الجامعي بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار المنصف العياري

لكن وبخلاف النخبه السياسيه ونشطاء المجتمع المدني يركز خبراء الاعلام في تشخيص الازمه الاقتصاديه لوسائل الاعلام، وبشكل خاص الاعلام المرئي علي اهميه الاستثمار والتشريعات والتخصص في المجال الي جانب اصلاح منظومه الاعلام برمتها.

ويصنف الاستاذ الجامعي بمعهد الصحافه وعلوم الاخبار المنصف العياري في حديثه مع DW عربيه باعثي القنوات التفزيونيه الي نوعان، الاول علي درايه بالانتاج التلفزي ومع ذلك فهو يظل في حاجه الي راسمال قوي حتي يضمن تماسك المشروع.. ويضيف العياري ان "عائدات الاشهار تظل المصدر الاول لتامين السيوله للقنوات التلفزيونيه، لكن واقع الحال الان يكشف عن فوضي في سوق الاشهار بسبب غياب اطار قانوني ينظم القطاع وعمليه توزيع الاعلانات".

كما يشير العياري الي صنف ثان من المستثمرين في الاعلام المرئي، "لا علاقه لهم بالصناعه الاعلاميه والانتاج التلفزي وانما دخلوا القطاع بدافع تحقيق الربح في اقل وقت ولكن بمجرد الانطلاق في المشروع يبدا الاستنزاف المالي والصعوبات في مجابهه المصاريف منذ الشهر الاول ما يؤدي في النهايه الي فشل المشروع".

وقال العياري "الاعلام التلفزي وعلي عكس وسائل الاعلام الاخري، يسمي بالصناعه الاعلاميه "الثقيله"... فالخبرات والكفاءات والافكار وحدها لا تكفي من دون سند مالي مهم. وبالتالي فمن المهم الان تركيز تشريعات متخصصه لانصاف اهل القطاع والعاملين فيه".

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل