المحتوى الرئيسى

هل يعود البريطانيون إلى الخليج؟

04/29 16:58

الملكه اليزابيث ورئيس دوله الامارات خليفه بن زايد

هل تقوم بريطانيا بهدوء باعاده تاسيس وجود عسكري استراتيجي دائم لها في الشرق الأوسط، متراجعه بذلك عن قرارها في فتره الستينيات بسحب القوات البريطانية من مناطق "شرق السويس"؟

لقد طُرح هذا السؤال ونوقش في تقرير مفصل نشر يوم الاثنين من قبل المعهد الملكي للخدمات المتحده.

ويقول مدير المعهد البروفيسور مايكل كلارك، في مقدمه التقرير "ربما لم تعلن حتي الان علي انها سياسه حكوميه".

واضاف "لكن يبدو ان المملكه المتحده تقترب من نقطه اتخاذ قرار يصبح عندها اعاده التوجيه الاستراتيجي لسياساتها الدفاعيه والامنيه تجاه الخليج امرا معقولا ومنطقيا."

تحت سماء الصحراء الصافيه في الإمارات العربية المتحدة يوجد سرب من طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني من طراز تورنادو في قاعده في منطقه المنهاد، وهي قاعدة جوية شديده الحراسه في جنوب دبي.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، شاهدتُ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يطير هنا لتفقد تدريبات لسرب من طائرات التايفون التابعه لسلاح الجو الملكي البريطاني، وكان برفقه اماراتيين من المضيفين له.

ومنذ ذلك الحين، انفقت الامارات العربيه المتحده ملايين الجنيهات علي تطوير هذه القاعده والتي سوف تستخدم قريبا كنقطه انطلاق حيويه لانسحاب القوات القتاليه البريطانيه ومعداتها من افغانستان.

وفي البحرين، وفي قاعدة عسكرية اخري بعيده عن اعين الجمهور، وعن الاضطرابات التي تشهدها البلاد، يتواجد افراد البحريه الملكيه في المقر الرئيسي للبحريه البريطانيه هناك، والمعروف باسم وحده القياده البحريه البريطانيه، والذي يوجه كاسحات الالغام البريطانيه والفرقاطات البحريه في منطقة الخليج بالتنسيق مع مقر الاسطول البحري الامريكي الخامس.

وفي المملكه العربيه السعوديه، والتي لم تعد مركزا للقوات العسكريه الغربيه، يقوم طيارون من سلاح الجو الملكي البريطاني بتوفير تدريبات مستمره علي استخدام طائرات التايفون لافراد القوات الجوية السعوديه في اطار صفقه دفاعيه ضخمه بين المملكه العربيه السعوديه والمملكه المتحده.

وفي سلطنه عمان، والتي استضافت في عام 2001 اكبر مناورة عسكرية بريطانيه في التاريخ الحديث، اصبحت العلاقات الدفاعيه بين البلدين وطيده جدا، ويتمركز قائدان عسكريان برتبه ميجور جنرال يحملان نجمتين عسكريتين بشكل دائم في العاصمه مسقط للاشراف علي هذه العلاقات.

وفي قطر، من المقرر ان تبدا اول دوره عسكريه بجامعه تديرها القوات البريطانيه في سبتمبر المقبل، وقامت الكويت ايضا باختيار المملكه المتحده للمساعده في تشغيل اول اكاديميه لها مماثله للاكاديميه العسكريه الملكيه في ساندهرست.

ويعود الكثير من هذا العمل الي اللواء سيمون مايال، كبير مستشاري وزاره الدفاع البريطانيه لشؤون الشرق الاوسط، والذي عين في منصبه عام 2011.

وبالنسبه لبريطانيا، فان الاساس المنطقي الاستراتيجي وراء كل هذا يتخطي ما هو ابعد من مبيعات الاسلحه الدفاعيه، وهو امر في حد ذاته مثير للجدل نظرا لسجلات حقوق الإنسان التي تتعرض لشكوك كبيره في بعض هذه البلدان.

وياتي هذا في الوقت الذي ادين فيه ثلاثه بريطانيين بارتكاب جرائم تتعلق بالمخدرات في دوله الامارات، وتقول جماعه حقوقيه انهم تعرضوا للتعذيب.

وفي شهر ديسمبر/كانون الاول، قال رئيس اركان الدفاع البريطاني الجنرال سير ديفيد ريتشاردز "بعد افغانستان، سيصبح الخليج الجهد العسكري الرئيسي لنا."

وتعتمد الفكره علي النشر المسبق للقوات والمعدات في منطقه الخليج قبل ان تكون هناك حاجه اليها، مع اظهار الدعم الفوري للدول التي تعد حليفه للملكه المتحده.

وبالنسبه لحكومات دول الخليج العربي، التي شهدت توترات بسبب كل من اضطرابات الربيع العربي عام 2011، وطموحات ايران الاقليميه المتناميه، يقدم الالتزام العسكري البريطاني المتجدد بعض التطمينات لهذه الحكومات، في الوقت الذي يركز فيه البنتاغون جهوده بشكل متزايد في منطقه المحيط الهادئ.

وبالنسبه لديفيد كاميرون ووزرائه، والذين يعتقد القاده العرب انه يولي اهتماما بالخليج اكثر من الحكومه البريطانيه السابقه، تعد العلاقات الدفاعيه المتزايده امتدادا منطقيا للشراكه التاريخيه التي يحرص رئيس الوزراء علي بنائها.

والطريقه الاخري التي ينظر بها البعض الي الامر، هي ان بريطانيا غارقه في الديون، بينما بعض الدول الخليجيه لديها مبالغ فلكيه من فائض الاموال.

وبالنسبه لهذه الدول، من المنطقي ان تستفيد من هذه العلاقه من خلال توفير القواعد العسكريه، والتدريبات المشتركه، وحتي مشروعات التنميه المشتركه في مجالي الدفاع والفضاء، كما هو الحال بالنسبه للامارات العربيه المتحده.

وقال ضابط بريطاني كبير رفض الكشف عن اسمه "نحن ملتزمون بالفعل بمنطقه الخليج، لكننا لا نقوم بذلك بشكل جيد جدا."

واضاف "هناك نحو 160 الف من المواطنين البريطانيين يعيشون هناك، وبالتالي اذا كانت هناك ازمه، فسوف نتدخل، ولذا فنحن في حاجه الي ان نكون افضل انتشارا للتقليل من التهديد."

لكن كم تمثل سياسه الخليج هذه ابتعادا عن سياسات الماضي؟

ليس كثيرا، كما يقول التقرير الذي نشره المعهد الملكي للخدمات المتحده هذا الاسبوع، والذي يقول ان الامر يمثل مزيدا من التوسع في شيء ما كان موجود بالفعل.

ويقول التقرير "بالنسبه للسعوديه ومنطقه الخليج، لم يمثل الانسحاب الرسمي من القواعد الرئيسيه شرق السويس اشاره لنهايه التدخل العسكري البريطاني هناك، بل علي العكس من ذلك."

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل