المحتوى الرئيسى

عندما تلـْقَ الأسى يومًا يســـيرُ.."أطفال الشوارع " الكابوس الذى يؤرق مصر

04/28 18:03

"صـِغارٌ في نضـير العـُمْر تبــْكي" كلمات قلائل تلخص ماساه اطفالنا، بعدما اصبح ماواهم ومُعلمهم هو  الشارع، فمن يلوم هؤلاء الصغار علي افعالهم !!، لعلك اذا اقتربت منهم تسمع صوت زئير في بطونهم، بعدما ارقها الجوع والخوف والحرمان، وتري بعيناك قسوه الايام التي حُفرت علي جباههم، وحُلمًا بكسره خبز وسقفًا يحنو عليهم، ولكن هؤلاء ربما اتوا الي الدنيا في زمن بخيل، واهملهم حاكم تلو اخر في غفله عن تلك الاجساد النحيله، والملامح التي ارتسمت عليها كل الوان البؤس والشقاء، فمتي نفيق نحن ويستيقظ حكامنا !، ليعطف اصحاب المعالي علي هؤلاء المستضعفين، فمهما اختلفت اماكن تواجدهم يبقي ظلمهم هو الذي يجمعهم .

اطفال يعيشون بقايا حياه ..

عند مسجد الاستقامه بالجيزه، كان لقائنا ببعض الاطفال ، فيروي محمد مراد عبد الحميد "16 عامًا" قصته التي بدات باجبار اهله له علي ترك التعليم في الصف الرابع الابتدائي؛ وذلك لان قدراتهم الماديه لا تحتمل، وعندما ترك التعليم عمل مع ابوه "كحداد مسلح "، ولكنه مل وتعب من  المعامله القاسيه التي كان يتبعها ابوه ، فهرب مع صاحبه من مدينه قليوب وجاءوا في البدايه الي ميدان التحرير "بالقاهره".

واستطرد قائلًا انه كان  يعمل مع صديقه علي "فرشه شاي ليلًا" لمده شهر ثم حدث خلاف مع صاحبه علي الاموال ، فتركه وذهب ليعمل بائع مناديل امام جامعه القاهره وحده .

وعن حياته اليوميه قال "انه كل يوم يشتغل عند الجامعه 12 ساعه من الساعه6 الصبح حتي  6 مساء ، وبعد انتهاء عمله يذهب الي " القهوه " ؛ للجلوس مع اصدقائه او مشاهده التليفزيون.

وبحلول الواحده ليلًا يكون انتهي اليوم ، وجاء موعد النوم في مسجد الاستقامه ، حيث يتواجد "اهل الخير" ؛ فيعطفوا عليهم بالطعام وبعض الملابس ، لافتًا الي انه يغير مكان نومه كل شهر خوفًا من " الحكومه " .

 اما مكسبه  فيقول  ان عمله في المناديل يوفر له  الكثير، ولكنه قرر ان لا يكمل في هذه المهنه ، فهو يعمل ويدخر امواله في امكان سريه حتي لا يسرقها اصحابه ، قائلًا " اكيد مش هفضل طول عمري متشرد كده ، لازم يبقي معايا فلوس وبعدها هفتح فرشه شاي او حاجه محترمه تاكل عيش " .

 اما كريم سعيد "14 عامًا" فقد غادر بيته منذ 5 سنوات بعد انفصال والديه وزواج كل منهما ؛ فلم يحتمل  الاب وجوده ، وزوج امه كان يعامله بكل قسوه، قائلًا "كل واحد من أهلي بقي له حياته، فكان لازم امشي اشوف حالي ولما مشيت محدش فيهم سال عليه ولاقيت الشارع احسن بكتير ".

ويعمل كريم  في مسح السيارات  بمحيط منطقه الجيزه، حيث اوضح ان حياته تتخلص في العمل في مسح السيارات في اي وقت من اليوم ، ثم يذهب الي اي "قهوه "، حتي ينام  علي الكرسي  او في الشارع، لكن في الشتاء  ينام في الجوامع ، موضحًا انه عندما جاء الي الميدان،  قام البائعين بضربه وحاوله طرده ؛ لانه جديد في "الكار"، علي حد تعبيره .

 ولكن  اختلف الوضع الان ، فقد اصبح هو  الكبير، وعندما ياتي اي طفل شكله غير معروف وينام علي الرصيف ، يعطف عليه" كريم"  ويساعده للعمل معه ؛ حتي لا يهينه او يضربه احد .

وماساه اخري يجسدها اسلام محمد "15 عامًا" ،  يحكي قصته بعيون بائسه  ، قائلًا انه لا  يعلم متي ترك المنزل ، ولكنه هرب  في البدايه مع والدته  للتخلص من بطش ابيه ،  ولكن لم تمضي سوي فتره قليله ، و اُلقي القبض علي والدته في قضيه  مخدرات ،  وبعدها اضطر هو للعمل وحده  في سن  العاشره، فمره   يعمل في بيع  المناديل ، واخري يسرح امام الجامعه "للشحاته " ، واخري يعمل في قهوه.

 واستطرد "انا بشتغل لما اكون عاوز اشتري حاجه بس، ومش بحوش معايا فلوس كتير لان الناس الكبيره بتاخد الفلوس مننا" ، واضاف ان الشرطه  اصبحت تحبس  كل من تقابله منهم، حتي لو لم يكن متورطًا في اي شغب وهو مش بيكون عامل حاجه غلط،؛ متمنيًا ان ينتهي ظلمهم من الشرطه والناس.

ويختتم اسلام حديثه قائلًا "حاسس اننا مكروهين من الناس، وبكره نفسي لما يبصو عليا باحتقار، وهما بيعتبرونا كلاب شوارع مش ناس زيهم، ونفسي ربنا يهديني وابعد عن المشاكل دي كلها، والاقي حل كويس يريحني وصحابي من القرف ده كله".

قريه " اطفال الشوارع" هي الحل. 

قالت الدكتوره عزه كريم مستشار المركز القومي للبحوث الاجتماعيه والجنائيه- الي ان الاطفال عندما يخرجون للشارع لا يرغبون في العوده الي اسرهم مره اخري، كما يرفضون الايواء داخل احدي دور الرعاية لانهم وجدوا الحياه الورديه في الشارع، من حيث الدخل المرتفع والذي لا يقل عن 40 جنيه يوميًا، الامر الذي يشبع كافه احتياجاتهم المختلفه، كما ان الحريه التي يجدوها في حياه الشارع لا يجدوا مثيلتها داخل الاسره او مراكز الايواء، رغم كل الصعوبات التي قد يواجهوها مثل البلطجه والملاحقه الامنيه.

وتعدد المشاكل التي يواجهها هؤلاء الاطفال حسب الدكتوره عزه، فكل الاطفال بلاهويه، اي بدون شهادات ميلاد او بطاقات تحقيق الشخصيه، وخطوره ذلك الامر تكمن في انضمام هؤلاء الاطفال للعصابات المسلحه، وفي بعض الاحيان يسرق منهم بعض اعضاؤهم، ولن يجدوا مدافعًا عنهم، كما انهم يعيشون بغرائزهم، حيث تكون ممارسه العلاقات الجنسيه والشذوذ هوايه بالنسبه لهم، في حين تتربح البنات من ذلك، وفي احيان كثيره تنجب هؤلاء البنات وتبيع اطفالهم ونسبه ذلك مرتفعه للغايه، كما ان المخدرات امر اصبح طبيعيًا، وهم اما يتعاطونها او يبيعونها او الاثنين معًا.

وعن اعداد هؤلاء الاطفال، تؤكد الدكتوره عزه انه لا يستطيع احد حصر العدد الحقيقي لانهم غير مسجلين سوي القليل منهم لدي مراكز الشرطه، ولكن عددهم يقدر بحوالي مليون طفل، وهم في ازدياد متطارد لان ظروف نشاه طفل الشوارع لا تزال كما هي.

وتطرح الدكتوره حل للقضاء علي الظاهره من خلال اقامه قريه باسم "اطفال الشوارع"، ونجعلهم يذهبوا اليها ويفعلوا ما يريدوه، في مقابل تعليمهم وتربيتهم وممارستهم لمهنه، ونجعل لهم امنيات ووعود ونساعدهم في تحقيقها، فالتجارب في الدول الأوروبية تختلف تمامًا عن مصر، فلايوجد مجال للمقارنه، فالدول تستوعب هؤلاء الاطفال وتحل مشاكلهم علي اقصي سرعه ولذلك فالاعداد قليله للغايه.

تسعيره الطفل من " متسول " لــ" مشاغب ".

كان اللواء مدحت جمال الدين مساعد وزير الداخلية ومدير الاداره العامه لشرطه رعايه الاحداث، قد كشف في وقت سابق عن ان اسعار التظاهر  تتراوح ما بين 50 جنيهًا للفرد، ومن يرفع لافته فيرتفع اجره الي 100 جنيه ومن يستطيع تصنيع وقذف المولوتوف فاجره نحو 150 جنيهًا يوميًا و200 جنيهًا لكل من يحمل سلاح ناري خرطوش، وكل حسب قدرته وسنه في الاشتباكات سواء اثناء التظاهر السياسي، او المشاجرات في المناطق الشعبيه، واضاف ان الاعداد تزايدت من 150 الف الي ربع مليون طفل.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل