المحتوى الرئيسى

المرجع الشيعى اللبنانى: نحرم سب الصحابة والإساءة لأمهات المؤمنين

04/26 13:07

 محاولات نشر التشيع فى البلاد السنية والعكس لن تؤدى إلا لتحقيق الفرقة بين المسلمين  

لا نؤمن بنظرية «ولاية الفقيه» ونعتبر نظرية الشورى هى الأساس فى الحكم الإسلامى

الاختلاف المذهبى طبيعى لكن ما يؤجج الفتنة هو صبغ الخلافات السياسية بعناوين مذهبية

الفتنة بين السنة والشيعة ستصب فى مصلحة إسرائيل

مساحات الاتفاق بين السنة والشيعة كبيرة.. ومشكلة محاولات التقريب أنها نخبوية

المراجع الشيعية العربية أكثر انفتاحاً من الإيرانية لأنهم يفهمون النصوص بشكل أعمق.

تعيش المنطقة العربية فى اللحظة الراهنة رقصات الموت المجنونة على إيقاع دخان فتنة مذهبية بغيضة، باتت عنوانا بارزا فى كل بلد يتواجد فيه السنة والشيعة.. ومن يتأمل خريطة العالم العربى.. سيجد هذا الدخان يتصاعد ــ بدرجات مختلفة - فى العراق ولبنان والبحرين والسعودية والكويت.. حتى مصر التى كانت محصنة بوسطيتها ضد هذه الأمراض يبدو أن مناعتها تناقصت فى الآونة الأخيرة.. جرب أن تتجول فى قنوات «نايل سات» أو «عرب سات». أو حتى «نور سات». ستفزع من حجم الاتهامات والشتائم التى لا تليق بمن ينطق بالشهادتين بغض النظر عن مذهبه.. صار الحديث عن الشيعة «الروافض» أو السنة «التكفيريين» أكثر من الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. أو أكثر من الحديث عن العدو الصهيونى مغتصب فلسطين، الذى يدعى كلا الطرفين بأنه «الشيطان الأكبر». توارى العلماء العقلاء المجددون العابرون لحواجز المذاهب والطوائف، فخلت الساحة لكل متعصب ينفخ فى النار من دون وازع من دين أو من ضمير.. وتوارت جهود التقريب التى قادها أزهريّون كبار مثل الشيخ عبدالمجيد سليم والشيخ محمود شلتوت، ومن الجانب الشيعى الشيخ محمد تقى القمّى والسيّد حسين البروجُردى فى إيران، فضلا على مدرسة المرجع الشيعى الكبير، العلامة الراحل محمد حسين فضل الله فى لبنان، المشهود لها بالانفتاح على أهل السنة والجماعة. «الشروق» التقت على النجل الأكبر للعلامة فضل الله.. وهو وريث وفى لمدرسة والده المنفتحة، والتى تعلى قيمة الحوار بين السنة والشيعة على أى شىء آخر، فأكد الرجل أن مساحات التلاقى بين المذهبين أكبر مما يتصور أتباعهما، وشدد على ضرورة تحريم سب صحابة رسول الله، أوالإساءة لأمهات المؤمنين. على فضل الله الذى يحمل رتبة «سيد»، وهو عضو مجلس الأمناء فى الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وعضو المجلس الأعلى فى المجمع العالمى للتقريب بين المذاهب الإسلامية ــ زار القاهرة قبل أيام ــ اعتبر أن صبغ الخلافات السياسية بالطابع المذهبى أكثر ما يؤجج الاحتقان بين أتباع المذهبين، وأن جهود التقريب بينهما تذهب سدى لأنها تظل فى الإطار النخبوى الضيق، ولا تنزل إلى عوام الناس وفيما يلى نص الحوار:

● بداية.. حدثنا عن أجواء زيارتكم للقاهرة فى هذا التوقيت؟

ــ الزيارة للقاهرة كانت لابد أن تتم قبل ذلك؛ للحنين الدائم لهذا البلد الذى نعتبره دائما قلب العالم العربى، وصاحب الدور الأساسى فى العالمين العربى والإسلامى، وقد حرصنا على أن تكون هذه الزيارة للتواصل مع إخواننا من علماء الأزهر، وعلى رأسهم الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، ومفتى الديار المصرية، إضافة إلى جهات ثقافية وإعلامية وفكرية، كما وفقنا بزيارة الأستاذ والمفكر والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، ونأمل أن تكون لنا لقاءات أخرى نستطيع من خلالها أن نؤمن تواصلا مستمرا بين المسلمين مع تبادل الأفكار فى ظل هذه المرحلة الصعبة التى تعيشها الأمة الإسلامية.

● أحد مظاهر تعقيد المرحلة الراهنة ارتفاع منسوب الشحن الطائفى والمذهبى خاصة فى العالم العربى.. ما أسباب ذلك برأيك؟

ــ من الطبيعى أن يكون هناك اختلاف مذهبى، وهذا أمر لا نعتبره مصدر مشكلة؛ لأن التنوع هو عنوان الحياة، ومن الطبيعى أن يكون هناك اختلاف فى فهم وتفسير النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وفى النظر لبعض الوقائع التاريخية، ولكن المشكلة عندما يتحول هذا الخلاف إلى تعصب، عندما يرفض أتباع كل مذهب المذهب الآخر، وهذا يجعلنا نؤكد دائما أهمية الحوار فى الدائرة الإسلامية الواسعة، وأن ينفتح المسلمون على بعضهم البعض، وأن ينطلقوا من خلال القواسم المشتركة الكبيرة التى تجمعهم، ليتحاوروا بعدها فيما يختلفون فيه وهو القليل، لأننا نعتقد أن ما يجتمع عليه المسلمون السنة والشيعة يتجاوز التسعين بالمئة، فلماذا نصرّ على الحديث دائما عن القضايا المختلف عليها.

أما ما يعمق الانقسام والفرقة فهو الواقع السياسى، الذى بات يلعب دورا أساسيا فى إبراز الجانب المذهبى، فبعض السياسيين يحاولون الاستفادة من الواقع المذهبى فى حصد المكاسب، أى يغلفون مطامعهم السياسية بعناوين طائفية، فالخطاب المذهبى قادر على استثارة مشاعر الجمهور العام، مقارنة بأى خطاب سياسى آخر، فعندما يفشل بعض السياسيين فى مواجهة خصومهم بشعارات سياسية يلجأون مباشرة إلى الشعارات الطائفية والمذهبية. بالإضافة إلى هذه العوامل الداخلية التى تؤجج الخلاف المذهبى، هناك سعى خارجى متواصل لإثارة النعرة المذهبية؛ لجعل المنطقة تعيش حالة من التوتر، أما الخارج فيسعى لتوظيف مشكلاتنا الداخلية، مستغلا الطريقة التى ندير بها خلافاتنا، حيث نحول الخلاف إلى نزاع، وغالبا عندما نختلف نتحاقد ونتباعد، ولا يحسن بعضنا الظن بالبعض الآخر، فضلا على حالة الانغلاق التى نعيشها، ومن مظاهرها عدم تقبل كل منا للآخر، والتعصب فى مواجهته، وهو ما يستفيد منه الآخر ويعمل على تحويله إلى صراع مذهبى أو طائفى. ولو ظل الخلاف بين المذاهب فى الإطار الفكرى الثقافى مع الانفتاح والحوار فلن تكون لدينا مشكلة مذهبية.

● هل يلعب الإعلام دورا ما فى إثارة النعرات المذهبية والطائفية؟

ــ طبعا.. فنحن نعانى الآن من هذه الفضائيات التى لا يعى من يتحدثون فيها أنهم يتحدثون إلى جمهور واسع جدا لا فى مجتمعاتهم الصغيرة، وبدلا من أن تتوجه تلك الفضائيات للعمل على تعميق الوحدة ومواجهة الكفر والإلحاد والانحلال الخلقى ومعاجلة مشاكل المجتمع الكثيرة على المستوى الأخلاقى والإيمانى والتحديات الفكرية، نجدها تتوجه إلى إثارة الحساسيات المذهبية وإثارة التاريخ الدامى، وكذلك مس مقدسات الآخرين كما نشاهد الآن، ونحن نعانى من نتائج الخطاب المتعصب وتداعياته.

● لكن.. لماذا لم نرَ هذه المشكلات المذهبية بين السنة والشيعة كما هى الآن فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى؟

ــ هذا الأمر ليس جديدا، ولكن ربما ساهم تطور وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، فى اتساع نطاقه أكثر، إضافة إلى المخططات الصهيونية، التى باتت أخطر وأكبر، يُضاف إلى ذلك أننا نشعر بأن هناك تناميا للوعى فى هذه المنطقة الآن أكثر من أى وقت مضى.. هناك وعى بضرورة أن تملك حريتها وقوتها وأن يكون قرارها بيدها، ووعى بعدم السماح للأعداء بالاستفادة من ثرواتها، وهو ما يتم مواجهته من قبل الذين لا يريدون الخير لهذه المنطقة بإدخال أبنائها فى التوترات الموجودة على الساحة الآن، ونعتبر دائما القاعدة التاريخية «فرق تسد» هى التى تحكم الواقع الداخلى فى مجتمعاتنا، والموضوع المذهبى هو أكثر الموضوعات التى يمكن إثارتها، فالخلاف موجود ويكفى أن تعمل على إيقاظه.

● كيف للأمة أن تتجاوز هذا الواقع المرير بما يحمل من انقسام وتشرذم؟

ــ الخلاف موجود، ولن نقول إنه سينتهى، ولكن علينا دائما أن نؤكد نقاط الالتقاء، وأن نؤكد ضرورة أن يكون الحوار موجودا، وأن ينطلق وفق القاعدة القرآنية «بالتى هى أحسن»، وأن نتربى على أخلاقيات التعامل عندما نختلف، وعدم تحويل الاختلاف لنزاع واحتقان وعدم رمى بعضنا بعضا بالكفر، علينا أن نعى أن هناك من يحاول إثارة الفتنة فى قلب الأمة الإسلامية، ولذلك على أبنائها أن يكونوا واعين وينظروا بدقة إلى خطابهم وأسلوب تعاملهم مع واقعهم.

● برأيك ما هو حجم الاختلاف العقائدى بين السنة والشيعة؟

ــ عندما ندرس واقع الأمور وندخل إلى التفاصيل نجد أن نقاط الالتقاء كثيرة وكبيرة كما أسلفنا؛ لأن كل المسلمين يتفقون على وجود الله والإيمان بالأنبياء والقرآن الكريم واليوم الآخر وعلى رسول الله، وأنه الذى بلغ الرسالة وأوضح معالمها، وحتى الشيعة الذين يعتقدون أن هناك أئمة من بعد رسول الله، فهم لا يعتبرون أن للأئمة آراءهم الخاصة، ولكنهم يعتبرون أنهم يعبرون عن الرسول الكريم، وأنهم يمثلون الامتداد للرسول (ص) وأن سنة الرسول (ص) هى الحجة بعد القرآن الكريم. وعندما ننزل للتفاصيل فنجد أننا نلتقى فى الكثير من الأشياء، سواء على مستوى الصلاة أو الصيام، والاختلافات بسيطة جدا، ومن يدخل إلى الكتب التى تبين الأحكام الشرعية سيجد أن أوجه التلاقى كثيرة جدا، وإذا كان هناك بعض الاختلافات، فإن ذلك طبيعى، ذلك أننا نجد اختلافات داخل المذهب الواحد، وهناك لقاء بين اجتهاد فى هذا المذهب مع اجتهاد فى مذهب آخر. وهنا أود الإشارة إلى أن والدى سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله قد كان له منهجية واضحة تقوم على ضرورة أن ينقى كل مذهب الأحاديث الموجودة عنده، فحرص على تنقية المذهب الشيعى مما دخل إليه وهو ليس منه، كذلك كان يدعو المذاهب الإسلامية الأخرى بالعمل فى هذا الاتجاه، وعندما ننقى أحاديثنا جميعا سنجد أن مساحات الالتقاء ستكبر أكثر، وعندما عمل سماحة السيد فضل الله على ذلك وكان له الجرأة فى هذا الإطار استطاع أن يجد الكثير من أوجه الالتقاء حتى فى الجوانب التفصيلية مع أهل السنة والجماعة، وأن يحصل على احترامهم ومحبتهم، حتى إن النظرة إليه كانت كعالم إسلامى جامع وليس كمرجع على المستوى الشيعى فقط.

● ماذا تقصدون بعملية «تنقية الأحاديث»؟

ــ هناك أحاديث أخذ بها، حيث لم يتم التدقيق فيها جيدا، سواء فى سندها أو فى مضمونها، وهذا يتطلب إعادة النظر فيها، وهناك أحاديث نسبت للرسول للإساءة للإسلام وإلى رسالة رسول الله(ص)، وهذا أمر يحتاج دائما إلى إعادة نظر.

كذلك نحتاج إلى إعادة نظر فى تفسير الأحاديث الثابتة والنظر إليها بعين جديدة، وفى الوقت الذى نحترم فيه كل الذين سبقونا فى تفسير هذه الأحاديث، حيث كانت لهم وجهة نظرهم فى فهم الأحاديث، لكن يمكننا الآن أن نجد وجهة نظر أخرى تساهم فى تقديم صورة أفضل، لكن هناك من يخاف أو يهاب إعادة النظر فيما كان عليه السابقون الذين لهم مكانتهم العلمية واحترامهم بطبيعة الحال، ولكن ينبغى أن يكون لدينا الجرأة لنفكر من جديد، وعندما نفكر من جديد نحن لا نسىء إلى ديننا، بل بالعكس نحن نعيد الحيوية إلى النصوص، وإعطائها أبعادا جديدة لم تكن عليها سابقا.

● هل هناك تقليل من أهمية الأحاديث النبوية فى المذهب الشيعى؟.. وهل لديكم شكوك لجهة السند فى رواية الحديث؟

ــ بطبيعة الحال مادامت بعض الاشياء المكذوبة قد دخلت على الأحاديث المنقولة مباشرة عن رسول الله (ص) أو ما نقله عنه أئمة أهل البيت، فالأمر يحتاج إلى دراسة، ولدينا قاعدة نؤكد عليها وهى أن تكون مرجعية الأحاديث هى القرآن الكريم، فهو الحاكم على الأحاديث، ولدينا حديث عن أئمة أهل البيت (ع) يقول: «ما أتاكم من حديث من بر أو فاجر فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار». ولذلك نحن نؤكد ضرورة دراسة السند، ولكن نؤكد أكثر دراسة المتن، لأنه ربما يكون الذى نقل المتن إنسانا تقيا لكنه لم يحسن نقل الحديث بالشكل الصحيح، أو أخذ منه جانبا ولم يلتفت إلى الجانب الآخر.

● هل لديكم ــ بلغة العصر الحاضر ــ مناهج بحث لتنفيذ عملية تنقية الأحاديث تلك؟

ــ لعل المسألة فى هذا الجانب تتصل بالجرأة أكثر مما تتصل بالمنهج، فالمنهج واضح وهو اعتماد مرجعية القرآن الكريم فى الحكم على هذا الحديث أو ذاك.

● أكدتم كبر مساحات التلاقى بين المذهبين السنى والشيعى.. وهذا يقودنا إلى الحديث عن حركة التقريب بين المذاهب.. ما تقييمكم للجهد المبذول فى هذا الإطار؟

ــ هناك جهود بذلت فى هذا الأمر، وللأزهر الشريف دور سباق ورائد فى عملية التقريب بين المذاهب، وهناك مبادرات أخرى للتقريب أتت من أكثر من بلد إسلامى، لكن أكثر ما نشكو منه هو أن هذه المبادرات تظل فى المواقع العليا بين النخب ولا تنزل إلى الأرض، نحن بحاجة إلى جدية فى عملية التقريب وإنزالها إلى وجدان الناس، والتأكيد على أن ما يتفق عليه المسلمون هو كبير، وأن ما يختلفون عليه هو القليل، ولكن ينبغى ألا يجعل هناك إلغاء لقاعدة اللقاء الواسعة، وللأسف نجد هناك لقاءات تقريب بين العلماء ولكنها لا تصل للجمهور العام.

● من هو مهموم بإنتاج خطاب يوحد ولا يفرق.. ماذا عليه أن يصنع الآن؟

ــ عليه دائما أن يتحدث بالمنطق الإسلامى، الذى دعا إليه الله سبحانه وتعالى عندما دعا المسلمين إلى الوحدة فى قوله تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، وكذلك قوله تعالى «واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم»، كذلك نحن بحاجة إلى أن نثير نقاط الالتقاء خاصة عندما نتحدث لجمهور عام.. أن نحترم مشاعر الآخرين وأن نبتعد عن إثارة الحساسيات، وأن نحترم الرموز الإسلامية التاريخية، وأن نرفض الإساءة لها تحت أى اعتبار من الاعتبارات. الآن لدينا مشكلة نعانى من نتائجها وهى أن البعض يعمد إلى سب صحابة النبى (ص)، والإساءة إلى أمهات المؤمنين، وكذلك استعادة الكثير من مسائل التاريخ بطريقة سلبية، نحن ندعو إلى إعادة النظر فى ذلك على مستوى الأسلوب وحتى على مستوى المعالجة، ونحن دعونا وما نزال ندعو كل المرجعيات الإسلامية إلى التأكيد على حرمة الإساءة لصحابة رسول الله والإساءة لأمهات المؤمنين، وتحريم كل ما يمكن أن يسىء لوحدة المسلمين. وكذلك نحن ضد سعى أى مذهب لاختراق المذهب الآخر، وضد كل ما يسىء إلى الوحدة الإسلامية، وكل مايفتت ويربك الواقع الإسلامى ويهدد وحدته علينا إزالته ومنعه.. وبالتالى يجب على الشيعى ألا يسعى لنشر مذهبه فى بلاد أهل السنة ويجب على السنى ألا يسعى لنشر مذهبه فى بلاد الشيعة.. لأنه ما فائدة أن تكسب أفرادا لمذهبك هذا أو ذاك ونخسر التواصل والتعاضد والوحدة بين المسلمين؟

● ما رأيكم فى الاتهامات الموجهة لإيران بمحاولة نشر التشيع فى بلاد البلاد السنية؟

ــ قد يكون هناك سعى فردى فى هذا الاتجاه، ولكن الحديث عن أن هناك خطة رسمية لذلك فهذا يحتاج لمعلومات وتدقيق حتى لا نقع فى أى مشكلات، وكى نبتعد عن التوتر بين المسلمين، ونحن نقول للجميع، ليس السنة مشكلة الشيعة ولا الشيعة مشكلة السنة، بل إن مشكلة السنة والشيعة هى إسرائيل وأعداء الأمة.

● بمناسبة إيران..لماذا منعت من دخولها مؤخرا؟

ــ ما حدث ليس منعا بالمعنى الرسمى، ولكنى كنت مشاركا فى أحد المؤتمرات الاسلامية فى إيران، وفى الوقت الذى هممت فيه بالسفر فوجئت بأن منظمى المؤتمر رغبوا فى عدم تواجدى معهم دون إبداء الأسباب.

● هل هذا الموقف له علاقة بمواقف والدكم العلامة فضل الله المنفتحة على أهل السنة والتى لا ترضى عنها بعض المرجعيات الإيرانية؟

ــ أكيد البعض عنده حساسيات مما طرحه سماحة الوالد، رحمه الله، وهذا قد يكون له انعكاس عند البعض، ولكن لابد من التوضيح هنا، أن المسألة لا تتصل بإيران الدولة، بل ببعض الجهات المعقدة والضيقة الأفق.

● هل توافقنى الرأى فى أن المراجع الشيعية العربية أكثر انفتاحا على السنة مقارنة بنظرائهم الإيرانيين؟

ــ هذا يرجع إلى الأشخاص؛ فهناك البعض يعيش بثقافة الانفتاح والآخرون يعيشون ضمن ثقافة الانغلاق، والشخص بقدر ما يكون عنده انفتاح يظهر فى نتاجه، وبقدر ما يكون عنده انغلاق يظهر أيضا فى نتاجه، ومن الطبيعى أن يكون صاحب اللسان العربى أكثر فهما للنص بروحه وعمقه، ولكن مسألة الانفتاح لا تتصل بذلك فقط، بل بالذهنية أيضا، وقد رأينا الكثير من العلماء والمراجع الإيرانيين الذين يعيشون عقلية الانفتاح على السنة أكثر من غيرهم، وهناك فى المقابل تجديد لدى الكثير من العلماء الذين هم فى الدائرة العربية.. وكما قلت يفهمون النصوص بشكل أعمق، والوالد كان يؤكد على ضرورة أن يكون لدى العالم ثقافة أدبية وإحساس باللغة العربية بحرفيتها وعمقها ليكون فهمه للنص أوسع، ولتكون مساحات التوافق لديه مع الآخرين أكبر.

● ما رأيك فى اتهام البعض الشيعة العرب بأن ولاءهم لإيران على حساب دولهم؟

ــ هذا كلام خاطئ، فنحن من خلال معايشتنا للشيعة نقول إنهم ينتمون لأوطانهم ويحبونها، ولا نستطيع أن نضع الشيعة فى إطار واحد ونقول إن أجسادهم فى مكان وقلوبهم فى مكان آخر، لأننا بهذا نظلم الشيعة، وقد يكون هناك من لديه تعاطف مع إيران، ولكن لا يعنى ذلك خروجه عن حب الوطن ودائرته. وهنا أنا أدعو المسلمين الشيعة فى مختلف البلدان العربية إلى ما كان يدعو إليه الإمام الصادق، عندما يتحدث إلى تلاميذه فكان يقول: «صلوا فى جماعتهم، عودوا مرضاهم، امشوا فى جنائزهم، حتى يقولوا رحم الله جعفر بن محمد، فقد أدّب أصحابه»، وهو بذلك يقصد حثّهم على التفاعل مع إخوانهم المسلمين ممن ينتمى للمذاهب والاتجاهات الإسلامية الأخرى. وفى حديث آخر: «عاشروا الناس معاشرة، إن متّم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنوا عليكم، كونوا فى الناس كالنحل فى الطير»، هذه هى الروح التى ندعو إليها، ونعتقد أن المسلمين الشيعة عموما يعيشونها.

● هل أنت راضٍ على معاملة أهل السنة فى إيران والتضييق على مساجدهم؟

ــ لم أسمع من إخواننا المسلمين السنة الذين التقيتهم فى إيران، أو الذين زارونا فى لبنان شكوى بهذا الخصوص، ونحن نؤكد دائما أن يكون للمسلمين فى أى بلد إسلامى كل الحرية فى ممارسة حركتهم الدينية، وعلى جميع المستويات، كما نؤكد أن تكون المساجد لله لا أن تكون محسوبة على هذا المذهب أو ذاك، فنحن لا بوجود مسجد للسنة وآخر للشيعة، فمساجد السنة هى لكل المسلمين، وكذلك مساجد الشيعة.

● هناك تقارب نسبى بين القاهرة وطهران فى عهد الرئيس محمد مرسى كيف تنظر لذلك؟

ــ نحن من الذين يدعون إلى التعاون بين الدول الإسلامية والعربية كما أمرهم النبى ليكون «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا»، وندعو للتواصل فى جميع المجالات بين الدول العربية والإسلامية مع احترام كل منا لخصوصية الآخر.

● كيف ترى العلاقة بين السنة والشيعة فى لبنان؟

ــ الحمد لله هناك تواصل بين علماء السنة وعلماء الشيعة، لكن هناك خلافات سياسية ربما تنعكس على العلاقة بين الطرفين، ولكنها تظل خلافات سياسية،وللأسف البعض يحاول صبغها بالطابع المذهبى، لكننا نريد أن تبقى تلك الخلافات فى إطارها السياسى، ولبنان عبارة عن تنوع بين المذاهب والطوائف، ونريد أن يكون لبنان نموذجا للمنطقة فى القدرة على التعايش والتواصل بين الطوائف والمذاهب المختلفة، ولبنان يتأثر بمحيطه والواقع السياسى العام فى المنطقة، وهذا أمر طبيعى.

● هل علاقتكم بحزب الله يشوبها بعض التوتر الآن؟

ــ نحن من الذين يحرصون دوما على التواصل والحوار مع حزب الله وغيره، والخلفية التى ننطلق منها هى خلفية الانفتاح على الجميع، وبطبيعة الحال ربما يكون هناك اختلاف مع حزب الله وغيره فى جانب من الجوانب، ولكن هذا لا يفسد التقارب والتوافق، ودائما نحن نرسم جسورا مع الآخرين، ولا نريد لهذه الجسور أن تُنسف فى أى ظرف أو عند أى منعطف.

● هل تختلفون مع حزب الله فى مسألة إيمانه بنظرية ولاية الفقيه فى الحكم الإسلامى؟

ــ هذا الأمر له طابع اجتهادى فقهى، ونحن على مستوى النظرية الفقهية نختلف مع «ولاية الفقيه» ونعتبر نظرية الشورى هى الأساس فى الحكم الإسلامى، ووجهة نظر حزب الله نحترمها، الأمر فى النهاية اجتهاد.

● مسألة احتفاظ حزب الله بسلاحه خارج إطار الدولة اللبنانية بثير حفيظة البعض.. كيف تنظر لهذه المسالة؟

هذا الموضوع مرتبط بالاحتلال الإسرائيلى ومطامعه وتهديده المستمر للبنان، وكذلك مرتبط بواقع الجيش اللبنانى، الذى ندعو لتقويته، كما ندعو لإيجاد استراتيجية دفاعية تعمل على منع الكيان الصهيونى من امتلاك الحرية فى تهديد لبنان والمحيط كما هى المسألة الآن. وندعو دائما لأن يستخدم السلاح للهدف الذى وجد لأجله وهو مقاومة العدو الصهيونى، وهو ما نستمع اليه من قيادات المقاومة، كما ندعو الآخرين للمساهمة بطريقة أو بأخرى بحيث لا يخرج هذا السلاح عن السبب الذى وجد لأجله.

● ما تقييمكم لما يحدث فى سوريا.. خاصة فيما يتردد عن دفع حزب الله لقوات للدفاع عن أماكن مقدسة فى حمص وغيرها؟

 ــ بداية الموضوع السورى كان يتمثل فى طلب الشعب للعدالة والحرية ونحن نقف مع تلك المطالب، ولكن الواقع الموجود فى سوريا الآن أصبح أبعد من مطالب الداخل وله علاقة بالمحاور الإقليمية والدولية، والصراع الروسى ــ الصينى فى مقابل أمريكا وأوروبا، إضافة لصراع المحاور الإقليمية، وبالتالى الأزمة أخذت بعدا عالميا، وربما لن تحل إلا فى الإطار العالمى، كما أخذت بعدا مذهبيا وطائفيا، لكنها لم تبدأ على هذه الخلفية، بل كانت لرغبة الشعب فى تحقيق تطلعاته، ولعل المشكلة فى كثير من الأمور فى المنطقة أنها غالبا ما تبدأ بإطار وتنتهى بإطار آخر ونخشى على سوريا من هذا الواقع، لأن الأمور خرجت من دائرة المطالب إلى الصراع الكبير الدائر الآن، ونستعجل العمل لإيجاد صيغة لوقف إسالة الدماء، ولذلك دعونا وندعو إلى الحوار الداخلى لوقف هذا النزف الذى تستفيد منه إسرائيل أكثر من غيرها.

● العراق هو الآخر يشهد انتفاضة فى بعض المدن السنية ضد الحكومة ذات الغالبية الشيعية.. كيف ترى الأمر هناك؟

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل