المحتوى الرئيسى

غدًا تشرق الشمس

04/17 16:30

ذكر «ونستون تشرشل» في كتابه «شماعه القدر» قصه عجيبه وقعت للقائد الشهير «مونتغمري» وهو يغادر انجلترا متوجهًا الي افريقيا لتولي قياده الجيش الثامن وبرُفقته في السياره رئيس الأركان القائدُ «اسماي» وكان «مونتغمري» يحدثه اثناء الطريق وبنوع من الاعجاب عن جندي كانت له مغامرات جريئه وحيلٌ, وكرَّس وقته وحياته لعمله, وقضي سنوات طويله في الدراسه وتطوير ملكاته الجسديه والعقليه، ثم ابتسم له الحظ وتذوق طعم النجاح, وسنحت له الفرصه ليكون قائدًا عظيمًا بعد ان احرز النصر لجيشه واصبح مشهورًا وقائدًا عالميًا، ثم تغير الحظ فجاه وانقلبت حياته راسًا علي عقب، وهزم هزيمه قاضيه حطمته ودونت اسمه في قائمه القاده العسكريين الفاشلين.

استاء «اسماي» مما سمع فاعترض علي «مونتغمري» قائلًا: لكن الوضع يختلف ولا يصلح ان نتعامل مع كل الامور من منظور سيئ، اننا نشكل جيشًا رائعًا في الشرق الأوسط وما يحدث هناك لا يعني انك مقدم علي كارثه.

عندها انتفض «مونتغمري» وجلس منتصبًا وصاح به ماذا؟ ماذا تقصد؟

اني كنت اتحدث عن «روميل».

لقد كان «مونتغمري» ذاهبًا لمواجهه واقع خطير, ويتضح ذلك اذا علمنا ان «روميل» لم يكن قد هُزم حتي تلك اللحظه في ايه معركه من المعارك التي خاضها.

اما الوضعُ في ساحة المعركة فكان كالتالي: كان الجيش البريطاني يواجه الكثيرَ من المشكلات، وهُزم اكثر من مره علي يد «رومل» مما اضطره للانسحاب والتقهقُرِ فاصاب الجيشَ الاحباطُ وانخفاضُ الروح المعنويه الي ان وصل «مونتغمري» فحقق النصر التاريخي في معركة العلمين, وهزم القائد الالماني الكبير «رومل».

لقد كان «مونتغمري» يمتلك توجهًا ذهنيًا ايجابيًا وتفاؤلًا كبيرًا كان اهم اسلحته في هذه المعركه الحاسمه في تاريخ البشريه.

ان التفاؤل يعني الاصرارَ علي التقدم دائمًا رغم المُعوقات ويعني الاصرارَ علي التحرر من المُقلِقات المُتوَهَّمَه والتعالي علي الشعور بعدم الامان والاحباط, انه الاصرار علي الحفاظ علي النظره الايجابيه والتمسكُ بالامل بغض النظر عن صعوبه الظروف الخارجيه.

ان امتلاك الانسان للتفاؤل والتوجه الذهني الايجابي يجعل تفكيره اشبه ما يكون بفرشه الوان يُمكنها ان تلون كل شيء في حياته بالوان مُبهِجه مليئهٍ بالحيويه وتصنع من الواقع الكئيب تحفهً فنيه. فالمتفائلُ يذوق طعم النصر قبل حدوثه والمتشائمُ يتجرع مراره الهزيمه قبل وقوعها, بل ربما يتجرع مراره هزيمه لن تقع اصلًا.

ان الفارق بين العقبة والفرصه يكمن في الزاويه التي ننظر من خلالها للامور، فالمتفائل يري في كل مشكله فرصه، بينما المتشائم يري في كل فرصه مشكله.

والحياه بطبيعتها تصيب كُلاًّ من المتفائل والمتشائم بنفس الماسي والالام, وتضع امامهما نفسَ العقبات، ولكن المتفائل يواجهها بشكل افضل وينهض بسرعه من ايه هزيمه, ثم يبدا الكره من جديد، بينما المتشائم يستسلم من اول مواجهه ويسجن نفسه في بَوتقهِ الياس والاِحباط والتعاسه وتحطيم الذات والمشاعر السلبيه.

ان اخطر ما يواجه اي انسان ان يقوم بهزيمه نفسه بنفسه من خلال تشبُّعه بتفكير سلبي متشائم، فلكل منا في هذه الحياه معركته الخاصه والمشاكل والتحديات وحتي الاعداء الذين يجب عليه ان ينتصر عليهم، واقوي واكبر سلاح بعد الايمان بالله هو امتلاك روح ايجابيه متفائله بالنجاح والنصر ومليئه بالامل المشرق.

اننا يمكن ان نعرف ان كنا نمشي في طريق النجاح ام لا من خلال المشكلات التي نواجهها, لان طريق النجاح دائمًا يكون صعودًا الي الاعلي, فاذا وجد الانسان انه يسير في طريق ليس فيه مشكلات فهذا دليل علي ان طريقه لا يؤدي الي شيء.

لقد اثبتَ الكثير من الدراسات الحديثه حقيقه مُهمه, وهي ان امتلاك التفاؤل اكثرُ اهميه في حياه الشخص من تعليمه وخبراته الخاصه وامواله وكل نجاحاته السابقه التي حققها، وهي بكل تاكيد اهم من مظهره الخاص، والامر الاكثر اهميه الذي اثبتته هذه الدراسات ان التفاؤل صفه يمكن اكتسابُها.

واني لارجو الله حتي كانني 

اري بجميل الظنّ ما الله صانعُ

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل