المحتوى الرئيسى

تقنية جديدة لتحلية المياه في مصر

04/15 14:08

يعد نهر النيل العظيم مصدر المياه العذبة الرئيسي في مصر، حيث يوفر 95% من إجمالي استخدام المياه. ومع ذلك، تواجه مصر تهديداً بنقص حاد في المياه خلال العقد القادم. 

ويشير تقرير أعده معهد أبحاث Future Directions International في نوفمبر 2012 ، نشرته الجامعة الامريكية مؤخرا، أن مصر تعاني من نقص في المياه بنحو سبعة مليارات متر مكعب كل عام، ومن المتوقع تزايد الطلب على المياه بنحو 25% في عام 2025. وتشير دراسة قومية عن موارد المياه في مصر أعدها برنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 2011 أن الطلب على المياه قد بلغ 80 مليار متر مكعب سنوياً، في حين أن حصة مصر من مياه نهر النيل، في ظل اتفاقية مياه النيل لعام 1959، تصل إلى 55 مليار متر مكعب سنوياً.

يوضح أدهم رمضان، أستاذ مشارك ورئيس قسم الكيمياء بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، "أن كمية المياه المتاحة لمصر من مياه نهر النيل ثابتة، بالرغم من النمو السكاني والتنموي السريع في مصر، وذلك نتيجة للمعاهدات المبرمة مع الدول التي تقع أعلى النهر،" مضيفاً أن تزايد الطلب على المياه في تلك الدول ، وخاصة إثيوبيا، يزيد من تفاقم مشكلة نقص المياه. ويقول رمضان "وبالتالي، يحتم ذلك علينا ابتكار طرق جديدة لزيادة المياه العذبة المتوفرة في مصر لكي نلبي الحاجة المتزايدة على المياه."

يعتمد توفير المياه العذبة في مصر تقليديا على استغلال المياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، وإعادة تدوير مياه الري والصرف الزراعي، الإضافة الي تحلية المياه، وهي العملية التي يتم من خلالها إزالة الأملاح من مياه البحر والمياه  العكرة، وذلك للحصول على المياه العذبة لاستخدامها في أغراض الزراعة والاستهلاك الآدمي. وبالرغم من استخدام تقنية تحلية المياه منذ عقود طويلة في الكثير من الدول، إلا أن قيود استخدام هذه التقنية تكمن في ارتفاع استهلاك الطاقة والتكلفة المرتفعة لتركيبها. يقول رمضان "تستخدم تقنية تحلية المياه كميات هائلة من الطاقة، وتتطلب وجود بنية تحتية محددة وباهظة التكاليف.  كما تعتمد أيضاً تقنية التحلية الحرارية للمياه على حرق الوقود الحفري، مما يؤدي إلى زيادة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وتلوث الهواء. وبالتالي، فقد تزايد الاهتمام العالمي بابتكار طرق أخرى لتحلية المياه تكون منخفضة التكاليف ومستدامة بيئيا.  

تقع معظم محطات تحلية المياه في مصر بالمناطق الساحلية، وذلك لتلبية حاجة قطاع السياحة في الأساس، هذا بالإضافة إلى قطاع الصناعة بدرجة أقل. ومع ذلك، فإن الكمية الإجمالية من المياه التى تنتجها محطات التحلية بمصر تعتبر قليلة نسبيا لارتفاع تكاليف عملية التحلية. يقول رمضان "لو أصبحت عملية تحلية المياه أقل تكلفة، سيتم استخدامها على نطاق أوسع لإنتاج المياه العذبة واستخدامها في أغراض الري، والتجمعات السكنية الجديدة وسيساهم ذلك في تنمية واسعة النطاق بمصر.

ومن أجل إيجاد حل لهذه المشكلة، ابتكر رمضان بالاشتراك مع أمال عيسوي، أستاذ الهندسة الميكانيكية، ونوران البدوي، طالبة في قسم الكيمياء بالجامعة، نموذج لغشاء مهجن من مركبات النانو لتحلية المياه، وقد تم التقدم لتسجيل براءة اختراع في الولايات المتحدة الأمريكية في يناير 2013. ويعتمد الغشاء على ما يسمى بالتناضح العكسي reverse osmosis، والذي يتم من خلاله حبس الأملاح على جانب من الغشاء، ومرور المياه العذبة إلى الجانب الآخر. ويوضح رمضان "يمكن إعادة تدوير الأملاح لاستخدامها في الأغراض الصناعية، بينما يتم استخدام المياه الناتجة في الشرب والزراعة."

يتم استخدام تقنية التناضح العكسي في عمليات تحلية المياه حول العالم، ولكن ما يميز الغشاء الذي ابتكره باحثو الجامعة هو تكوينه المهجن والمتضمن أنابيب الكربون النانونية مع مواد أخرى مما يسمح بمرور كميات أكبر من المياه مؤديا لخفض استهلاك الطاقة لكل متر مكعب من المياه المنتجة.

ويوضح رمضان "تصنع الأغشية التقليدية من مواد بوليمرية ذات مسام تسمح بمرور المياه من خلالها. وكلما صغر حجم المسام، كلما احتبس المزيد من الأملاح، إلا أن كميات المياه التي تمر تكون قليلة. ولكن مع استخدام تكنولوجيا النانو، في صورة أنابيب الكربون النانونية مع خواص تدفق المياه فائق السرعة داخلها يتم زيادة كميات المياه المارة بنحو 50% للأغشية التي تم إعدادها حتى الآن، بدون انخفاض في كمية الأملاح التي يتم احتباسها. وينتج عن ذلك أغشية تناضح عكسي تتطلب طاقة أقل لتشغيلها، حيث تكون هناك حاجة إلى ضغط أقل لمرور المياه عبر الغشاء."

يقول رمضان "يعتبر البحث في هذا المجال في مصر محدوداً للغاية،" مضيفاً أن نموذج الغشاء المهجن والمتضمن أنابيب الكربون النانونية ليس جديداً من حيث التكوين فحسب، وإنما في وسيلة إعداده أيضاً. ويقول رمضان "يتم إعداد هذا الغشاء بطريقة بسيطة نسبيا من الناحية الفنية، وأكثر توفيراً في التكلفة مقارنة بأية أغشية مشابهة."

تؤكد  عيسوي أنه ينقصنا في مصر الخبرة في مجال تكنولوجيا الأغشية. وتقول "تستورد معظم الأغشية المستخدمة في محطات التحلية المحلية من الولايات المتحدة الأمريكية أو اليابان. ويعتبر ذلك مكلفاً للغاية، إذا وضعنا في الاعتبار أن تكلفة الأغشية توازي 15% - 20% من التكلفة الإجمالية لمحطة تحلية المياه."

علاوة على ذلك، فإن للأغشية عمر افتراضي، وبالتالي حتى أفضل الأغشية، يجب استبدالها كل ثلاثة إلى خمسة أعوام لانسدادها بالأملاح مع مرور الوقت. وتقول عيسوي "إن عملية استبدال الأغشية فى محطات التحلية عالية التكاليف، أما إذا تمت زيادة نسبة التصنيع المحلي للأغشية والمكونات الأخرى ، ستنخفض تكلفة تحلية المتر المكعب من المياه. ومن الضروري أن تكون قضية تحلية المياه بطرق غير مكلفة أولوية قومية. وبالتالي، علينا تطوير الخبرات المحلية في مجال إعداد الأغشية، واستخدام الأغشية المبتكرة من مركبات النانو التي تؤدي إلي خفض كل من استهلاك الطاقة وتكاليف التركيب والتشغيل."  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل