المحتوى الرئيسى

بعد زيارة برويز.. العلاقات الهندية الباكستانية مرهونة بالسيطرة على الإرهاب

03/12 19:24

في كلمته قبيل زيارة نظيره الباكستاني للهند، أكد رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج، أن بلاده تبذل جهوداً صادقة لتطبيع العلاقات مع باكستان أسفرت عن المزيد من التقدم والتطور والتعاون بين البلدين، مضيفاً أنه لا يمكن أن يكون هناك تطبيع بين البلدين، إلا إذا تمت السيطرة على آلة الإرهاب التي ما زالت نشطة في باكستان، وإن هذه هي سياسة حكومته في السنوات التسع الماضية وسوف تستمر في المستقبل على حد قوله.

يأتي ذلك في غضون زيارة رئيس الوزراء الباكستاني رجاء برويز أشرف للهند السبت الماضي، وهو أكبر مسئول باكستاني يزور الهند منذ أبريل الماضي، بعد تجدد التوترات بين الجارتين في يناير الماضي عندما لقي ستة جنود حتفهم في عمليات تبادل إطلاق النار على الحدود الفعلية في كشمير، المتنازع عليها بين البلدين.

والمتأمل في مسيرة العلاقات الهندية الباكستانية يجد أنها مرت بـ "مطبات" كثيرة ما بين التوتر والازدهار، فعلى الرغم من استمرار الأحداث الإرهابية من آنٍ لآخر، واتهام الهند لباكستان بالضلوع وراء هذه العمليات، وتشيع حوادث إطلاق الرصاص والمناوشات على طول الحدود الدولية المعترف بها بين البلدين، رغم الاتفاق علي وقف إطلاق النار في كشمير عام 2003، إلا أنه على المستوى السياسي يبدو أن الوضع قد شهد تحسناً من خلال المجهود الدبلوماسي وإبداء رغبة الجانبين للتهدئة.

وخلال الفترة الماضية سعى البلدان إلى التهوين من شأن حوادث القتل، وأصرا على أنها لن تعرقل المحادثات الرامية إلى تحسين العلاقات بينهما، وطرأ تحسن على العلاقات الهندية الباكستانية منذ أسوأ أزمة تعصف بها عام 2008 عندما قتل مسلحون 166 شخصاً في مومباي خلال أحداث استمرت ثلاثة أيام، وألقت نيودلهي بالمسؤولية عنها على جماعة باكستانية مسلحة.

وعلى جانب آخر، فمن شأن عمليات التجارة وإزالة القيود الخاصة بتأشيرات الدخول ووجود قنوات أفضل للاتصال ووجود تبادلات ثقافية وإعلامية وروابط اقتصادية في صورة استثمارات أجنبية مباشرة وانفتاح القطاع المصرفي، أن تساعد ليس فقط في تحقيق القدرات الاقتصادية الكبرى للهند وباكستان، بل أيضا إعطاء فائدة كبرى للسلام بين البلدين. 

وفي الوقت الذي قال فيه رئيس الوزراء الهندي إن العمل لن يسير كالمعتاد مع باكستان وأنه سيتم تعليق العلاقات التجارية معها، على خلفية الاشتباك الناري الذي وقع فى يناير الماضي على الخط الفاصل في كشمير والذي أدى إلى مقتل جنديين هنديين وثلاثة باكستانيين آخرين، عاد ليعلن أن ثمة تقارباً وتعاوناً في العلاقات التجارية بين البلدين قبيل زيارة نظيره الباكستاني للهند.

وفي إطار لعبة التوازنات الإقليمية والدولية، مثلت قضية كشمير اهتماماً عربياً وإسرائيلياً يختلفان في المصالح والأدوار، فعلي البعد العربي أوجدت حركة عدم الانحياز رابطة قوية في العلاقات الهندية­ العربية، إلا أن العلاقات مع باكستان أصبحت موضع نقد من القوى العربية الثورية لانضمامها إلى سياسة الأحلاف العسكرية ومن أبرزها حلف بغداد.

ويمكن رصد الموقف العربي لقضية كشمير من ثلاثة جوانب، يمثل الأول الموقف المؤيد لوجهة النظر الباكستانية ومثلته في المقدمة المملكة العربية السعودية وإلى حد ما اليمن ودول الخليج والأردن، وهو يدعو إلى تنفيذ قرار الأمم المتحدة بخصوص كشمير، والجانب الثاني كان أكثر حياداً ودعما لعدم الانحياز في إطار الدعوة لاحترام سيادة الدول الأخرى وعبرت عنه دول مثل مصر وسوريا والعراق، وعلى الجانب الأخير برز الموقف العربي المتوازن الذي تجلى في حالتين: الأولى كانت رداً على تدمير بعض المساجد مثل مسجد بابري عام 1992 في ايودا ومسجد مزار شريف عام 1995 في كشمير الهندية.

وشجبت بعض الدول العربية (ومنها مصر والسعودية هذا التصرف) وطالبت الهند بحماية المقدسات والمساجد والآثار الإسلامية، ودعت لتسوية المشاكل بين الهند وباكستان سلمياً، والناحية الثانية تمثلت في قرارات منظمة المؤتمر الإسلامي التي طالبت بتسوية المشاكل بين الهند وباكستان سلمياً بما في ذلك مشكلة كشمير وفقاً لقرارات الأمم المتحدة التي تقوم على الاستفتاء أي التدويل، واتفاقية سملا لحل المشاكل ثنائياً.

وفيما يتعلق بالبعد العربي الإسرائيلي، سعت إسرائيل دوماً لتأجيج الصراع الديني الدائر بين الهند وباكستان حول قضية كشمير ذات الأغلبية المسلمة، بهدف نشر أجواء متفاقمة ومتصاعدة من النزاع، وشغل الاهتمام عن شؤون المنطقة العربية والصراع العربي الفلسطيني الدائر فيها، إضافة إلى العديد من الأهداف الأخرى التي تسعى إليها إسرائيل لزيادة نفوذها وحضورها الجيوستراتيجي في شرق وشمال آسيا.

وفي ضوء مستقبل العلاقات الهندية الباكستانية، تشير الدلالات إلى أنه في حالة عدم الوصول إلى حل لمواجهة الحروب المدمرة أو الصراعات المسلحة التي خاضتها الدولتان من قبل، فإن حل المشاكل وتحقيق الاستقرار لن يتأتي إلا من خلال تفكيك بنية الإرهاب والسيطرة عليه والالتزام بالقرارات الدولية في ضوء التوجه العام الذي يسود العالم الآن بالتفاوض بدلاً من التصعيد والمواجهة المباشرة، ويدعم ذلك تهيئة الرأي العام الداخلي في البلدين وخاصة التيارات الإسلامية من خلال طمأنة هذه الشعوب بشفافية إلى الخيار السلمي في حرية وتقرير مصيرها.

وبشأن احتمالات التصعيد العسكري بين الطرفين، هناك عاملان رئيسيان يمثلان قيداً على تصعيد عسكري واسع النطاق من جانب الهند، هما القدرات النووية الباكستانية كفاعل ردع، والموقف الدولي والإقليمي الذي ربما لا يوفر فرصة ملائمة للهند من أجل القيام بتصعيد عسكري ضد باكستان.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل