المحتوى الرئيسى

محمود القاعود يكتب: النخبة المصرية والثورة السورية

02/24 20:41

فى سوريا الشقيقة (الإقليم الشمالى) يقضى ثلاثمائة إنسان يومياً منذ عامين، وتتهدم مئات المنازل وتسوى بالأرض وتدك المدن العتيقة بأحدث أنواع الأسلحة، حتى الشجر والحيوانات وكل كائن حى فى سوريا لم يسلم من إجرام السفاح النازى بشار الأسد، الذى واجه شعباً يطلب الحرية بالصواريخ والدبابات والطائرات والشبيحة!

فى سوريا شعب يُذبح كل يوم على مرأى ومسمع من العالم ومن العرب ومن المسلمين، وكأن سوريا تقع فى المريخ، تبلدت مشاعر العرب والمسلمين لدرجة أنهم يأكلون ويشربون وهم يشاهدون صور الجثث التى تبثها الفضائيات.. صار مشاهد القتل وقطع الرؤوس اعتيادية بالنسبة للعرب والمسلمين.. البعض يكتفى بمصمصة الشفاه والبعض الآخر يلعن الثورة التى تسببت فى هذا الخراب ومن ثم يترحم على أيام مبارك والقذافى وبن على وعلى عبدالله صالح ويشجب الربيع العربى من أساسه!

نحو مائة ألف شهيد سورى وكأنهم جرذان لا يستحقون انتفاضة من إندونيسا وحتى المغرب لإجبار الأنظمة الإسلامية كلها للتدخل وخلع السفاح الزنيم بشار الأسد الذى يحطم كل ما يتنفس فى سوريا..

إن ما يحدث فى سوريا اليوم فاق فى بشاعته ما حدث فى البوسنة والهرسك وكوسوفا والعراق والفلبين والجزائر بل فلسطين المحتلة.. الشعب السورى الأعزل يواجه الترسانة العسكرية لروسيا والصين وإيران والعراق، بالإضافة لميليشيات حزب الله والحرس الثورى الإيرانى وفيلق القدس وغيرها من حركات التشبيح الدموية التى تريد قتل الثورة والكرامة.

السؤال الذى يطرح نفسه الآن: لماذا لا ترسل الأنظمة العربية المال والسلاح لثوار سوريا لاجتثاث نظام هذا الطاغية الديوث الذى انتهك الأعراض واستباح الحرمات؟

لماذا لا تثور الشعوب العربية فى مليونيات متعددة للتضامن مع الشعب السورى ولفت أنظار العالم والمجتمع الدولى المتآمر إلى خطورة المأساة فى سوريا؟

لماذا لا يشارك حمدين صباحى ومحمد البرادعى وعمرو موسى فى مليونية "إسقاط بشار" بدلا من محاولاتهم اليائسة والعبثية لإسقاط الرئيس محمد مرسى؟

كما يقفز إلى الذهن سؤال عمن يُطلق عليهم "النخبة" وهم أولئك المنتشرون كالجراد فى الفضائيات والصحف ويجلسون حتى مطلع الفجر لتحليل وقائع مليونيات "كش ملك" و"عشرة طاولة" ومن أفتى بكذا ومن صرح بكذا ووظيفة نجل الرئيس وزواج ياسر على وغضب السيسى وإهانة المشير وحكم المرشد وأخونة المترو والأتوبيس... إلخ الموشح السمج الذى نحياه كل يوم.. أقول .. أين هؤلاء المغاوير مما يحدث فى سوريا؟ هل يجرؤ أحدهم أن يوجه كلمة نابية للديكتاتور بشار مثلما يفعلون مع الرئيس محمد مرسى حفظه الله؟ هل يجرؤ المهرج باسم يوسف أن ينتقد بشار؟ هل يجرؤ محمود سعد وخيرى رمضان ومعتز الدمرداش وجابر القرموطى ويوسف الحسينى ويسرى فودة ورولا خرسا ولميس الحديدى ومنى الشاذلى وعمرو أديب وخالد صلاح ومجدى الجلاد وعادل حمودة وضياء رشوان وحمدى رزق .. هل يجرؤ أحدهم على تخصيص حلقة عن مأساة السوريين ويدعو الناس لمساندة الثورة ويهاجم بشار بكلمات تقارب السيل الذى يطفح من أفواههم يومياً للنيل من هيبة ومكانة الرئيس مرسى؟

هل يجرؤ أحدهم أن يتحدث عن الثورة السورية بعيداً عن حدوتة "الزواج من السوريات" التى تنشرها الصحف الصفراء وتجعلها مادة للتسلية والتشنيع على التيار الإسلامى؟

إن نظرنا إلى حال ما تُسمى "النخبة المصرية" لوجدنا أنها تعيش فى كوكب آخر.. كوكب الدولارات والسيارات الـ بى إم دبليو والشاليهات والقصور والرحلات المكوكية إلى لندن ونيويورك..

تأملوا فى كتاباتهم.. وأتحدى أن يكون لأحدهم أى اهتمام بما ينفع الناس ويمكث فى الأرض.. تابعوا الدكتور جابر عصفور فى جريدة الأهرام .. اقرءوا مقاله الذى يكرر بعضه بعضا.. وحديثه السخيف الممل عن "الدولة الدينية والدولة المدنية" و"الاستنارة والمدنية" و"المواطنة والمدنية" والتشدد والدولة المدنية" و"مستقبل الدولة المدنية" و"التطرف الفكرى والمدنية" و"الحداثة والمدنية" حتى بقى أن يكتب عن "التقلية والملوخية" !

لا يتناول الدكتور "المستنير" أى قضية تنفع الناس، لا يتحدث عن شارع بحاجة إلى رصف أو مستشفى بحاجة إلى إصلاح أو مشكلة تهم الشباب العاطل أو قضية تشغل المجتمع.. إنما قصر حديثه "النخبوى" على "النخبة"!

أين المأساة السورية فى مقالات الدكتور جابر عصفور؟ ألا يلفت انتباهه أن ما يفعله بشار يتناقض مع "المدنية"؟ ألا تستوقفه دماء الأطفال والنساء والشيوخ وقطع الرؤوس والأعضاء الذكرية والشق بالمناشير والطعن بالحراب والقنص بالكلاشينكوف؟

ونموذج عصفور هو نموذج مائة بالمائة ممن يسمون أنفسهم "النخبة" انفصال عن الواقع ومحاولة لتخريب مصر وإسقاط الرئيس مرسى والحديث اللزج عن "الأخونة"..

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل