المحتوى الرئيسى

دم النقيب هشام في رقبــــــة مــــــــــــن؟‏!‏

02/23 11:03

كان هذا الدعاء آخر كلمات النقيب حسام طعمة معاون مباحث بني سويف شهيد الواجب الذي باغته البلطجية وقتلوه‏,‏ في أثناء فضه مشاجرة ببني سويف‏.‏

علي صفحته بالفيس بوك تتصدرها صورة له محتضنا ابنتيه الصغيرتين حنين وحلا في عمر الربيع‏.‏ تقابل مراسل فيش وتشبيه مع أسرة الفقيد الذي باغتهم الموت وقطف عزيزا لديهم‏,‏ وتركهم سكاري من شدة الحزن والأسي علي من ملأ أرجاء البيت بصوته الدافئ وأعماله الخيرة‏.‏ وكان الحديث في البداية لشقيق الشهيد الرائد حسام كمال الدين طعمة ضابط بمديرية أمن بني سويف‏,‏ الذي وصف شقيقه هشام بأنه كان معروفا بالسمعة الطيبة منذ نعومة أظفاره والانضباط في العمل‏,‏ وقد التحق بأفضل أماكن بالوزارة حيث عمل بمديرية أمن أسيوط ومطار القاهرة الدولي ومرور بني سويف والحرس الجامعي‏.‏ وجميع من خدموا معه يشهدون له بحسن الخلق‏.‏

ويضيف شقيقه‏:‏ نقل هشام لقسم شرطة بني سويف بقسم البحث الجنائي قبل الواقعة بأسبوع‏,‏ حيث انتقل للمباحث يوم الجمعة واستشهد الجمعة التي تليها مباشرة‏,‏ ومن وجهة نظري كضابط شرطة أري أنه لابد من وجود مجموعة مسلحة مدربة متمركزة في قسم الشرطة تخرج بصحبة القوة والضباط وقت الانتقال لفحص البلاغات وبالأخص أثناء التوجه للمناطق المعروفة بانتشار البلطجة فيها‏,‏ لا سيما وأن جميع المشاجرات الآن تستخدم فيها الأسلحة الآلية‏.‏

وتابع‏:‏ أطالب بالقصاص العادل من قاتل أخي الشهيد حتي أستريح أنا وأسرته وأهله وأصدقاؤه‏,‏ وأدعو ربي أن يرزقنا الصبر والسلوان أنا ووالديه وزوجته لتستطيع تربية ابنتيه‏.‏

وتحدثت الأم الثكلي والدة الشهيد الحاجة ثناء محمود عبد الله لفيش وتشبيه بصوت متهجد متقطع يخرج بشق الأنفس والدموع جعلت كل ما تلمسته نديا قالت‏:‏ يوم الحادث كنا نتناول طعام الغداء أنا وأبنائي وأحفادي كعادة الأسرة كل يوم جمعة وبعد الغداء توجه هشام ووالده لحضور عقد قران عديله عقب صلاة المغرب بمسجد السيدة حورية‏,‏ وبعد عقد القران اصطحب والده للمنزل وذهب الشهيد لتأدية صلاة العشاء بمسجد الأباصيري وتوجهت أنا للنوم حوالي الساعة الثامنة مساء‏.‏

وعندما استيقظت وجدت‏24‏ اتصالا من فلذة كبدي هشام علي هاتفي المحمول وكأنه كان يريد وداعي‏,‏ وتوجهت لتأدية صلاة العشاء وبعد الصلاة عدت للنوم ثانية‏,‏ وعند استفاقتي أبلغني ابني حسام بأن شقيقه أصيب بطلق ناري في فخذه فصرخت عليه‏:‏ روح إلحق أخوك بسرعة‏.‏ وهرولت مسرعة وأشقاؤه إلي المستشفي ولم أعلم بخبر استشهاده إلا بعد استفاقتي من الغيبوبة في المنزل‏..‏ تبكي وتواصل كلامها‏:‏ لن يهدأ قلبي أو تغمض عيني إلا بعد القصاص العادل له‏.‏

وتجاذب معنا أطراف الحديث محمد محمود خال الشهيد ليخفف عن شقيقته حدة وألم تذكر الأحداث متسائلا عن كيفية تحدث بعض القنوات الفضائية عن حقوق الإنسان بينما هم يصنعون من البلطجي بطلا ودم ابننا لم يجف بعد‏.‏ ويكمل‏:‏ ونفسي أن تقوم القنوات الفضائية الخاصة بالنزول مع الضباط في الحملات لكي يروا ما يتعرضون له من خطر كبير وإرهاب‏,‏ وأنا حزين جدا علي فراق الشهيد لأنه كان عملة نادرة‏.‏

يوضح‏:‏ كان يتميز بكثير من الصفات الحسنة‏,‏ فكان مثلا يشارك في غسل الموتي عندما كان يحضر حالات استخراج تصريح بالدفن لأحد المتوفين‏,‏ حيث كان ينزع عنه ملابسه الميري ويساهم في غسل الميت‏..‏ وكل بني سويف زعلانة عليه وكان يتصل بي دائما ويقول لي‏:‏ يا خالي أنا مستنيك تيجي أوعي تكون زعلان مني‏.‏ ولم يستطع الخال أن يحبس دموعه وقال بصوت عال‏:‏ كيف يتم تكليف الضباط بالأعمال الخطرة دون توفير حماية قانونية وجسدية لهم‏,‏ مؤكدا أنه فلابد من توافر سيارات مصفحة لتراقب تعرض الضباط للضرب وإطلاق النار لتحميهم إلي جانب توفر سيارة إسعاف مجهزة للطوارئ مع قوات الشرطة‏.‏ وختم كلامه بأنه لن تستقيم الأمور ويعود الأمن والأمان لمصر إلا بتوفير أهم شيء وهو العدل‏.‏ ونظرنا ناحية الأب المكلوم الحاج كمال الدين طعمة‏(70‏ سنة‏)‏ مدير الشئون المالية بالصحة بالمعاش وحاولنا الحديث معه بعد أن لملم شتات نفسه من شدة الانكسار وقال‏:‏ صحوني من النوم وقالوا لي تعالي هشام في المستشفي تعبان ودخلت المستشفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل‏,‏ فوجدته في العناية المركزة يعاني من نزيف في فخذه إثر طلق ناري ويحاول الأطباء علاجه‏,‏ وطلبوا إحضار دم بسرعة لأنه يتعرض لنزيف حاد ولا توجد فصيلته ولا بنك دم بهذا المستشفي الاستثماري الكبير بالمحافظة‏,‏ وبالفعل أحضرنا له كيسين من بنك دم المستشفي العام علما بأن إصابته أدت لقطع في الشريان الموصل للقلب وفي هذه الحالة لابد من خياطة الشريان لإيقاف النزيف وكان لابد من توافر أخصائي جراحة أوعية دموية‏.‏

وتساءل الأب‏:‏ كيف لا يوجد هذا التخصص في المستشفيات ليس فقط لحالة ولدي ولكن لكل من يتعرض لحادث؟ وتم نقل ابني الشهيد للمستشفي الجامعي وقام ابن خالته‏(‏ يعمل طبيبا‏)‏ بالاتصال بأخصائي أوعية دموية وطبيب تخدير للحضور معه وبعد أن توجهنا للمستشفي الجامعي فوجئنا بأمن المستشفي يرفض دخول ابني وقال‏:‏ ما عندناش تعليمات بدخول الحالة ولما اتصلنا بالدكتور محمد أبو سيف مدير المستشفي الجامعي أمرهم بإدخاله فورا بعد أن ظل في سيارة الإسعاف ربع ساعة وكل دقيقة تمر تمثل خطورة علي حياته‏.‏ وبعد أن دخل للمستشفي أدخلوه غرفة العمليات بسرعة وجاء دكتور الأوعية الدموية وخرج بعد دقيقتين وقال‏:‏ جيت أعمل عملية وما لقيتش حاجة أعملها وسكت عن الكلام فأسرعت لغرفة العمليات ووجدت فلذة كبدي ملفوفا بالملاية البيضاء وقد لقي ربه وجاء لي شخص من المستشفي لا أعرفه وقال لي هبلغك أمانة‏:‏ عندما حضر ابنك للمستشفي الاستثماري وطلعت معه في المصعد‏,‏ كان رافعا أصبعه وينطق الشهادة ويضيف والد الشهيد أن هشام كان متدينا ويمتاز بطيب الخلق وحب الناس وكان بارا بوالديه‏.‏ ويجهش الأب بالبكاء قائلا‏:‏ أقول للدنيا كلها ابني ضاع علي يد بلطجي ودمه في رقبة الدولة‏.‏

انتي كدابة ومش هنروح المدرسة عشان إحنا متعودين هشام يودينا المدرسة يوم الحد كانت هذه ردة فعل حلا‏5‏ سنوات وحنين‏6‏ سنوات ابنتي الشهيد بعدما أخبرتهما والدتهما بوفاة والدهما بعد دخولهما في نوبة بكاء عميق تقشعر له الأبدان ولم تستطع زوجة الشهيد السيدة شيريهان أحمد عبد المنعم‏(28‏ سنة‏)‏ موظفة بديوان عام محافظة بني سويف حبس دموعها التي انهمرت بغزارة دموع تسابق كلماتها المنكسرة حزنا وحسرة علي شريك عمرها حيث قالت بصوت مكلوم‏:‏ هشام كان يمثل لي كل حاجة في الدنيا وكان بمثابة الأب والأخ والصديق كان يشاركني الحزن والفرح الألم والسعادة‏,‏ وكان نور عيني يمتاز بالعطف بالحنان ويعاونني في تربية بنتيه اللتين ارتبطتا به ارتباط الروح بالجسد ولا أعرف كيف سأصبر علي فراقه وكيف سأسير في دروب الحياة بدونه و‏(‏حسبي الله ونعم الوكيل‏).‏

ويضيف جمعة عبد الموجود حسين‏(‏ مدرس بالثانوية الرياضية ببني سويف‏)‏ معلم الشهيد هشام عندما كان طالبا بدولة الكويت يقول‏:‏ رغم الألم الشديد الذي أشعر به لفقد هشام إلا أنه حصل علي أجمل تكريم في الدنيا وهو نيل الشهادة مضيفا‏:‏ عندما كان يتعلم هشام في الكويت ويسمع النشيد الوطني الكويتي بطابور الصباح كان يقول لي‏:‏ نفسي أقول بلادي بلادي‏,‏ وكان دائم الابتسامة ويعرف القيم ويقدر حق المعلم وصاحب سلوك سوي ومتوازن‏.‏ وقد وقفنا دقيقة حدادا علي روحه في طابور المدرسة وقرأنا له الفاتحة‏,‏ وكنت أشعر معه بقيم الحب والاحترام وعزائي الوحيد أنه حصل علي أعلي تكريم‏.‏

ويؤكد النقيب خالد الجابي‏(‏ ضابط بمديرية أمن بني سويف‏)‏ زميل وصديق الشهيد أنه يعرف هشام منذ أن كنا في الكلية من‏13‏ سنة عندما كان الشهيد صف ضابط بالكلية بالفرقة الرابعة وكنت أنا في سنة أولي دفعة المستجدين كان طيب القلب يتميز بالرجولة والجدعنة والابتسامة لا تفارق وجهه‏,‏ وكان من رجال الشرطة الذين لا يختلف عليه اثنان وأحتسبه عند الله من الشهداء‏,‏ فالداخلية خسرت واحدا من أفضل رجالها وبصفتي ضابط شرطة أري أنه لابد أن تتفرغ الشرطة للعمل الجنائي فقط وتسلح جيدا‏.‏

وطالب النقيب محمد جمال‏(‏ ضابط بقطاع الأمن المركزي ببني سويف‏)‏ صديق الشهيد بوجود قانون طوارئ للبلطجة‏,‏ ويجب أن نعلم أنه لابد من التعامل مع البلطجي بأقصي قوة لأن ديننا الإسلامي أمرنا بذلك بأن من يفسد في الأرض يصلب أو يسجن أو تقطع أيديه كما ذكر المولي تعالي في كتابه الحكيم‏,‏ ثانيا أن هناك بعض الضباط لا تتفهم الفرق بين المحترم والبلطجي ولكي يتحقق الأمن لا بد أن يتحقق العدل‏.‏ وكانت محافظة بني سويف قد شهدت حالة من الحزن والأسي واتشحت النساء بالسواد وتعالت تكبيرات الجميع‏,‏ بعد أن فقدت الشهيد رقم‏401‏ من شهداء الواجب علي أيدي أحد الخارجين عن القانون واستقبلت جنان الرحمن ضحية أخري من حماة الوطن‏,‏ من الذين قدموا أرواحهم لحمايته وازدادت تضحياتهم مع طبيعة الظروف التي تمر بها البلاد من حالات الانفلات الأخلاقي‏,‏ وتعدد أشكال الجريمة وأعمال البلطجة‏..‏لتدفع ثمن ذلك ضحية أخري استجابت لنداء الواجب‏.‏ وتعود الأحداث إلي قيام مجموعة من البلطجية بقتل معاون مباحث قسم شرطة بني سويف النقيب هشام كمال طعيمة أثناء تحركه لإنقاذ بعض المستغيثين مع صوت آذان فجر الجمعة الماضي‏,‏ من أهالي عزبة الصفيح أثر هجوم بعض البلطجية وإثارة الذعر بين الأهالي الذين قاموا بالاتصال بالشرطة لإنقاذهم‏,‏ حيث فوجيء شهيد الواجب فور وصوله للمنطقة بإمطار سيارة الشرطة بوابل من طلقات فرد الخرطوش فنزل مسرعا مع القوة المصاحبة لمطاردة البلطجية‏,‏ وفوجئوا بطلقات السلاح الآلي تحاصرهم‏,‏ حيث استقرت دفعة من الطلقات في جسد معاون المباحث الذي لقي حتفه متأثرا بالإصابات البالغة التي نقل علي أثرها للمستشفي الجامعي ببني سويف‏,‏ وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة‏.‏ وشهد قسم تكريم الإنسان داخل المستشفي تجمع الآلاف من ضباط وأفراد وأمناء الشرطة الذين أضربوا عن العمل حزنا علي مقتل زميلهم وطلبا بالقصاص العادل عن طريق استجابة حكومة قنديل بتمرير قانون يوفر الحماية القانونية لمواجهة أعمال البلطجة وفرض السيطرة والعناصر الخارجة عن القانون‏.‏

نرشح لك

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل