المحتوى الرئيسى

عادل حمودة يكتب : بالون الضفدع القطرى وقرون الثور المصرى!

02/19 09:52

حكاية سياسية من كتاب الخرافات الإخوانيةحكاية سياسية من كتاب الخرافات الإخوانية  كل دولة لها قناة تليفزيونية.. ولكن قناة «الجزيرة» لها دولة!  كل دولة لها قناة تليفزيونية.. ولكن قناة «الجزيرة» لها دولة!

  كل دولة لها قناة تليفزيونية.. ولكن قناة «الجزيرة» لها دولة!

فى كتب الخرافات.. شعر الضفدع بأنه يستطيع أن يصبح فى حجم الثور.. فراح ينفخ فى نفسه مثل البالون حتى انفجر.

فى سجلات الدنيا.. تتكرر الأسطورة.. فى إمارة صغيرة.. لا تزيد مساحتها على الخريطة عن رأس دبوس.. تخرج من طور الضفدع.. فهل تنفجر مثله؟.. أم تصبح ثورا يحمل العالم على قرنيه؟

لا تزيد مساحة قطر كثيرا عن 11 ألف كيلومتر مربع.. ولا يزيد سكانها عن ربع المليون نسمة.. لكن.. أصولها الاستثمارية تصل إلى 210 مليارات دولار.. موزعة على 39 بلداً.. حسب أرقام عام 2012.

تقع تلك البقعة المحدودة من صحراء الخليج بين دولتين قويتين هما إيران والسعودية.. يمكن لواحدة منهما أن تبتلعها وتهضمها دون أن تشعر بالذنب.. أو بالشبع.

فى صيف عام 1995 نجح ولى العهد حمد بن خليفة فى الإطاحة بوالده مستغلا وجوده فى أوروبا.. مستخدما شريطا مصورا يصافح فيه سادة البلد فى مناسبة اجتماعية قديمة ليبثه على الهواء بما يوحى بأنهم يبايعونه.. ويباركونه.. ولذلك وصفت حركة استيلائه على الحكم بأنها «انقلاب تليفزيونى».

واعترافا بفضل الكاميرات على سلطانه.. أنشأ قناة الجزيرة.. لتعكس الآية.. فكل دولة لها قناة.. لكن.. هذه القناة لها دولة.

لكن.. سلاح الصورة لو كان مناسبا للدعاية فإنه لا يكفى للحماية.. لابد من مدرعات وطائرات وصواريخ وقنابل عنقودية تهدد من يفكر فى أن يقترب.. فجاء بالجيوش الأمريكية فى المنطقة وشيد لها على حساب دولته النفطية الثرية قاعدتين عسكريتين.. استخدمتا فى ضرب العراق.. فى الوقت الذى كانت فيه الجزيرة تلعن «سنسفيل» إدارة جورج بوش.. وترتدى ثياب الوطنية.

لعبت الجزيرة دور دكتور جيكل.. الطبيب الطيب.. بينما تحولت دولتها إلى مستر هايد.. الوحش الشرس.

بعد نحو عامين من وصول الأمير البدين إلى الحكم التقيت به فى قصر بوبيان.. قصر الضيافة فى الكويت.. تصورت أننى سأجرى حوارا صحفيا يكشف فيه الحاكم الشاب ما لا نعرف.. لكننى.. فوجئت بوجود حاشية.. تحاصره.. وتجيب نيابة عنه.

وربما كان السؤال الوحيد الذى أجاب عنه هو: كيف يجمع بين الرياضة وتدخين السجائر؟.. وكانت إجابته خفيفة الظل: «أرجوك لا تكتب أننى أدخن حتى لا تحاسبنى زوجتى».. وفتحت إجابته نيران الإعلام القطرى على شخصى بما لم أتوقع أو أتخيل من ألفاظ ينفرد بها السفلة والسفهاء.. وفى هذه اللحظة تأكدت أن الأمير ليس حاكما بأمر نفسه.. وإنما بأمر غيره.. ربما الولايات المتحدة التى جاءت واحتلت.. ربما إسرائيل التى اخترقت وكسبت.. ربما حمد بن جاسم الذى دبر ونفذ وسيطر وتمدد.. ربما زوجته موزة بنت مسند التى خرجت ولمعت واشتهرت وفرضت إرادتها على الجميع.. ربما كل هؤلا معا.. فى حالة من حالات السرطان السياسى.. حيث تضخمت خلية الإمارة بصورة خبيثة.. مريضة.. تقتل صاحبها.. قبل أن تقضى على خصومه.

لقد لعب حمد بن جاسم دور السمسار الخفى بين جماعة الإخوان فى مصر وأصحاب المعاطف السوداء من رجال المخابرات الأمريكية.. وسعت الأطراف المختلفة لتحويل الثورة المصرية إلى مؤامرة محكمة.. انتهت باستيلاء الجماعة على السلطة.. دون أن تقدر على حماية الأمة من المجاعة.. وصيانة أرض الوطن من الفوضى.. وبات الكيان المركزى المتماسك عرضة للتقسيم.. لينكمش الثور ليصبح فى حجم الضفدع.

ولم توفِ قطر بضخ 200 مليار دولار.. حسب ما أعلنه محمد مرسى.. وقت حملته الانتخابية.. لكنها.. بقيت منتظرة انهيار قيمة المشروعات والشركات والمؤسسات الناجحة كى تشتريها برخص التراب.. ورصدت عشرة مليارات دولار لها.. دون أن تنسى حلمها المزمن فى السيطرة على قناة السويس.. رمز الوطنية فى مصر.. وسجل الدم الشريف على أرضها.

ورصدت عشرة مليارات أخرى لشراء ما ينهار سعره فى تونس.. لتصبح صاحبة القرار الأكثر تأثيرا فى ثورات الربيع العربى.. بجانب ما سبق وامتلكته من مجمعات سكنية وسياحية وتجارية فى مصر وتونس والمغرب وفلسطين وسوريا.. أما فى لبنان فتمتلك مصرفا.. وفى الأردن تدير مشروعاتها بصندوق استثمارت نشط.

وكانت هذه المشروعات غطاء لأنشطة سياسية.. لا تتسم بالبراءة.. مولت من خلالها جماعات وتنظيمات مختلفة.. لعبت أدوارا مثيرة للريبة.. ونجحت فى الوصول إلى السلطة التشريعية.. وربما ما أهم منها.. لتضمن أن ينهار التأثير الإقليمى المصرى.. لتضمن صعودها فوق جثته.. ويجلس الضفدع بين قرنين الثور المصاب بالخمول والهزال.

لكن.. قطر لا تضع عينيها على مصر وحدها.. وإنما تضعها على الدنيا كلها.. لقد استغلت أزمة الكساد الأخير عام 2008 فى شراء كل ما تجده من استثمارات ناجحة فى دول العالم المختلفة.. مستغلة فوائض الغاز الطبيعى التى جنت المليارات من ورائها.. وهو ما جعل مجلة «لوبوان» الفرنسية تنقل على لسان أحد رجال الأعمال القطريين: «إن الإمارة تقبض اليوم على مفاتيح مغارة على بابا».. فقد اشترت نصف إيطاليا.. ونصف إسبانيا.. وعلى وشك أن تشترى نصف فرنسا.. وقلب بريطانيا.. لتضع أوروبا فى جيبها «قطعة قطعة».

اشترت قطر «كل مظاهر النجاح فى العالم».. وعلى سبيل العينة.. أحكمت قبضتها فى إيطاليا على بيت الأزياء الرجالى الشهير «فالنتينو».. واشترت فى إسبانيا فريق «مالجا» لكرة القدم.. ومصرف «سبانيش بنك».. وفى باريس امتلكت نسبة مؤثرة من شركات «توتال» للوقود.. و«بورش» للسيارات.. ومجموعة «لاجاردير» للإعلام والطيران والفضاء.. ونادى «سان جرمان» ومؤسسة «لو رويال مونسو» للخدمات الفندقية الفاخرة.. وملهى «هين».. واقتنت المبنى الذى تصدر منه صحيفة «لو فيجارو».. وفى لندن لم يفلت من براثنها برج «شارد» البرج الأعلى فى العاصمة البريطانية.. وبورصة الأوراق المالية.. وبنك باركليز.. وعلى وشك أن تضع بين أسنانها مجموعة فنادق ماريوت (42 فندقا) بعد أن عرضت فيها ملياراً ومائة مليون دولار.. وقبل ذلك متجر «هارودز» التى ستجعل من اسمها المميز سلسلة لفنادق فاخرة.. واستثمرت مليار دولار فى مناجم ذهب فى اليونان.

وامتدت الملاعب القطرية إلى آخر الدنيا.. فقد مدت إمارة «رأس الدبوس» أذرعتها المالية إلى كل صناعة تزدهر.. وإلى كل فكرة تنجح.. فاشترت نسبة من أسهم بنك «سانتا ندر» البرازيلى.. أكبر مؤسسة مالية فى أمريكا اللاتينية.. وفى الولايات المتحدة.. اشترت استوديوهات «ميراميكس».. وحصة فى شركة سيارات «جنرال موتورز».. بجانب شركات للإنتاج السينمائى.. واستزرعت 250 ألف هكتار فى أستراليا.. وفى دول أخرى فى إفريقيا.. وأوروبا الشرقية.

إن من الصعب رصد كل ما التهم «الغول» القطرى.. كما أن شهيته لا تزال مفتوحة.. ليس فقط فى الاستثمارات الثقيلة وإنما فى الاستثمارات الراقية والناعمة أيضا.. فقد سجلت نفسها فى أول قائمة مقتنى اللوحات الفنية والتحف النادرة.. كما أنها ستنفق نحو 20 مليار دولار على منشآت رياضية تؤهلها لاستضافة كأس العالم 2022.. وهى مناسبة ستضعها فى «قلب» اهتمام العالم.. يضاف إلى ذلك إنفاقها السخى على أنشطة ثقافية وسياسية وتراثية.

واللافت للنظر أن الملاعب التى ستبنى فى قطر لن تجد من يرتادها.. فالقطريون بطبيعتهم العائلية المحافظة يعزفون عن الذهاب إلى النوادى.. وهو ما يعنى أن المدرجات التى تشيد لمئات الألوف من المتفرجين لن تجد سوى العمال الآسيويين البسطاء كى يدخلوها مجانا.. لملء الفراغ.. ليكونوا جزءا من الديكور.

ولا تخلوا سرعة الاستحواذ فى وقوع حوادث.. فقد اتهمت قطر مع بنك باركليز بالاحتيال فى سلطات الادعاء البريطاني.. فالبنك الذى اشترى القطريون نسبة أقل من 10٪ من رأس ماله لعب بأصوله لصالحهم.. ومول صفقات مشبوهة لهم وبطريقة مريبة تصل إلى 18 مليار دولار.. فليس كل ما هو أبيض.. نقياً!.

لكن.. السؤال الذى يبحث كل محللى العالم عن إجابة شافية له: ما تفسير الجوع القطرى ناحية كل ما هو شهى ومثير فى العالم؟

هناك من يقول: إنها «عقدة الحجم».. فحسب فرويد.. كلما صغر شعور الإنسان بالصغر.. نفسيا.. وجنسيا.. وسياسيا.. استهلك أشياء كبيرة.. ناطحات سحاب.. سيارات فارهة.. إن ذلك يبعد النظر عما يعانى منه.. مثل الطاووس.. يتضاعف حجمه بنفش ريشه.

وهناك من يقول: إن قطر تعانى من عقدة الخوف.. فهى ضعيفة بحكم الطبيعة وسط جيران أقوياء.. وكى تضمن بقاءها دون التهام فإنها تربط مصيرها بمصائر العديد من الأمم.. وتنتهك حرمة أرضها بوضع قواعد عسكرية عليها.. وتستقبل رموز العدو الصهيونى فى قصورها.. وعلى مقاهيها.. وتنفق المال فى شراء الموقف السياسية.. وتساند نفسها بالصورة التليفزيونية التى تبثها عبر مجموعة هائلة من القنوات بلغات وتخصصات متنوعة.. وكأنها حسبما ذكر مليس زيناوى رئيس الحكومة الإثيوبية فى القاهرة ذات يوم مثل طفل صغير يلهو بمسدسين: المال والإعلام.

ولكن.. كل صورة لها صورة مضادة.. فعندما ذهب ولى العهد إلى إسرائيل غطى وجه بيديه أمام الكاميرات قائلا: «سوف تفضحوننا».

والحقيقة أن قطر لا تخشى الفضيحة.. وتتجاهلها.. وتنفق بسخاء على من يغطى عارها.. ويصفها بالشرف والورع.. خاصة إذا ما جاءت الشهادة من شيوخ عاشوا على أرضها.. ونافقوا حكامها.. وروجوا لها.. ونفذوا سياستها.. فعندما يكون المال هدفا فإن الدين يصبح تجارة رائجة.. وعندما تجد دولة ضعيفة منكمشة على نفسها فى أزمة صنعتها لها الجغرافيا فإنها ستلعب بكل الأوراق.. ولا مانع من الغش فى اللعب.

لكن.. ليفعل الضفدع القطرى بكل ثيران العالم ما يشاء.. لينفخ بطنه حتى ينفجر ويشد طوله حتى ينكسر.. لينجح.. ليفشل.. ليكسب.. ليخسر.. ليفز بالجنة.. ليذهب إلى الحجيم.. المهم أن يبتعد عن مصر.. أن يكف عن العبث بها.. ألا ينال منها.. على أن الكارثة ليست فيه.. وإنما فى السلطة الحاكمة.. القائمة.. التى تفتح لحكامه ومديرى مخابراته ولصيادى استثماراته بيوتهم وقصور حكمهم.. وتقبل أن بخيانة الطبيعة والجغرافيا والسياسة.. فيصبح الضفدع القطرى ثورا.. ويصبح الثور المصرى ضفدعا.. وهى جريمة قبل أن تكون فضيحة.. إن لم تحاسب عليها اليوم فسوف تدفع ثمنها غدا.. هذا حكم التاريخ قبل حكم القانون.

فى كتب الخرافات.. شعر الضفدع بأنه يستطيع أن يصبح فى حجم الثور.. فراح ينفخ فى نفسه مثل البالون حتى انفجر.

فى سجلات الدنيا.. تتكرر الأسطورة.. فى إمارة صغيرة.. لا تزيد مساحتها على الخريطة عن رأس دبوس.. تخرج من طور الضفدع.. فهل تنفجر مثله؟.. أم تصبح ثورا يحمل العالم على قرنيه؟

لا تزيد مساحة قطر كثيرا عن 11 ألف كيلومتر مربع.. ولا يزيد سكانها عن ربع المليون نسمة.. لكن.. أصولها الاستثمارية تصل إلى 210 مليارات دولار.. موزعة على 39 بلداً.. حسب أرقام عام 2012.

تقع تلك البقعة المحدودة من صحراء الخليج بين دولتين قويتين هما إيران والسعودية.. يمكن لواحدة منهما أن تبتلعها وتهضمها دون أن تشعر بالذنب.. أو بالشبع.

فى صيف عام 1995 نجح ولى العهد حمد بن خليفة فى الإطاحة بوالده مستغلا وجوده فى أوروبا.. مستخدما شريطا مصورا يصافح فيه سادة البلد فى مناسبة اجتماعية قديمة ليبثه على الهواء بما يوحى بأنهم يبايعونه.. ويباركونه.. ولذلك وصفت حركة استيلائه على الحكم بأنها «انقلاب تليفزيونى».

واعترافا بفضل الكاميرات على سلطانه.. أنشأ قناة الجزيرة.. لتعكس الآية.. فكل دولة لها قناة.. لكن.. هذه القناة لها دولة.

لكن.. سلاح الصورة لو كان مناسبا للدعاية فإنه لا يكفى للحماية.. لابد من مدرعات وطائرات وصواريخ وقنابل عنقودية تهدد من يفكر فى أن يقترب.. فجاء بالجيوش الأمريكية فى المنطقة وشيد لها على حساب دولته النفطية الثرية قاعدتين عسكريتين.. استخدمتا فى ضرب العراق.. فى الوقت الذى كانت فيه الجزيرة تلعن «سنسفيل» إدارة جورج بوش.. وترتدى ثياب الوطنية.

لعبت الجزيرة دور دكتور جيكل.. الطبيب الطيب.. بينما تحولت دولتها إلى مستر هايد.. الوحش الشرس.

بعد نحو عامين من وصول الأمير البدين إلى الحكم التقيت به فى قصر بوبيان.. قصر الضيافة فى الكويت.. تصورت أننى سأجرى حوارا صحفيا يكشف فيه الحاكم الشاب ما لا نعرف.. لكننى.. فوجئت بوجود حاشية.. تحاصره.. وتجيب نيابة عنه.

وربما كان السؤال الوحيد الذى أجاب عنه هو: كيف يجمع بين الرياضة وتدخين السجائر؟.. وكانت إجابته خفيفة الظل: «أرجوك لا تكتب أننى أدخن حتى لا تحاسبنى زوجتى».. وفتحت إجابته نيران الإعلام القطرى على شخصى بما لم أتوقع أو أتخيل من ألفاظ ينفرد بها السفلة والسفهاء.. وفى هذه اللحظة تأكدت أن الأمير ليس حاكما بأمر نفسه.. وإنما بأمر غيره.. ربما الولايات المتحدة التى جاءت واحتلت.. ربما إسرائيل التى اخترقت وكسبت.. ربما حمد بن جاسم الذى دبر ونفذ وسيطر وتمدد.. ربما زوجته موزة بنت مسند التى خرجت ولمعت واشتهرت وفرضت إرادتها على الجميع.. ربما كل هؤلا معا.. فى حالة من حالات السرطان السياسى.. حيث تضخمت خلية الإمارة بصورة خبيثة.. مريضة.. تقتل صاحبها.. قبل أن تقضى على خصومه.

لقد لعب حمد بن جاسم دور السمسار الخفى بين جماعة الإخوان فى مصر وأصحاب المعاطف السوداء من رجال المخابرات الأمريكية.. وسعت الأطراف المختلفة لتحويل الثورة المصرية إلى مؤامرة محكمة.. انتهت باستيلاء الجماعة على السلطة.. دون أن تقدر على حماية الأمة من المجاعة.. وصيانة أرض الوطن من الفوضى.. وبات الكيان المركزى المتماسك عرضة للتقسيم.. لينكمش الثور ليصبح فى حجم الضفدع.

ولم توفِ قطر بضخ 200 مليار دولار.. حسب ما أعلنه محمد مرسى.. وقت حملته الانتخابية.. لكنها.. بقيت منتظرة انهيار قيمة المشروعات والشركات والمؤسسات الناجحة كى تشتريها برخص التراب.. ورصدت عشرة مليارات دولار لها.. دون أن تنسى حلمها المزمن فى السيطرة على قناة السويس.. رمز الوطنية فى مصر.. وسجل الدم الشريف على أرضها.

ورصدت عشرة مليارات أخرى لشراء ما ينهار سعره فى تونس.. لتصبح صاحبة القرار الأكثر تأثيرا فى ثورات الربيع العربى.. بجانب ما سبق وامتلكته من مجمعات سكنية وسياحية وتجارية فى مصر وتونس والمغرب وفلسطين وسوريا.. أما فى لبنان فتمتلك مصرفا.. وفى الأردن تدير مشروعاتها بصندوق استثمارت نشط.

وكانت هذه المشروعات غطاء لأنشطة سياسية.. لا تتسم بالبراءة.. مولت من خلالها جماعات وتنظيمات مختلفة.. لعبت أدوارا مثيرة للريبة.. ونجحت فى الوصول إلى السلطة التشريعية.. وربما ما أهم منها.. لتضمن أن ينهار التأثير الإقليمى المصرى.. لتضمن صعودها فوق جثته.. ويجلس الضفدع بين قرنين الثور المصاب بالخمول والهزال.

لكن.. قطر لا تضع عينيها على مصر وحدها.. وإنما تضعها على الدنيا كلها.. لقد استغلت أزمة الكساد الأخير عام 2008 فى شراء كل ما تجده من استثمارات ناجحة فى دول العالم المختلفة.. مستغلة فوائض الغاز الطبيعى التى جنت المليارات من ورائها.. وهو ما جعل مجلة «لوبوان» الفرنسية تنقل على لسان أحد رجال الأعمال القطريين: «إن الإمارة تقبض اليوم على مفاتيح مغارة على بابا».. فقد اشترت نصف إيطاليا.. ونصف إسبانيا.. وعلى وشك أن تشترى نصف فرنسا.. وقلب بريطانيا.. لتضع أوروبا فى جيبها «قطعة قطعة».

اشترت قطر «كل مظاهر النجاح فى العالم».. وعلى سبيل العينة.. أحكمت قبضتها فى إيطاليا على بيت الأزياء الرجالى الشهير «فالنتينو».. واشترت فى إسبانيا فريق «مالجا» لكرة القدم.. ومصرف «سبانيش بنك».. وفى باريس امتلكت نسبة مؤثرة من شركات «توتال» للوقود.. و«بورش» للسيارات.. ومجموعة «لاجاردير» للإعلام والطيران والفضاء.. ونادى «سان جرمان» ومؤسسة «لو رويال مونسو» للخدمات الفندقية الفاخرة.. وملهى «هين».. واقتنت المبنى الذى تصدر منه صحيفة «لو فيجارو».. وفى لندن لم يفلت من براثنها برج «شارد» البرج الأعلى فى العاصمة البريطانية.. وبورصة الأوراق المالية.. وبنك باركليز.. وعلى وشك أن تضع بين أسنانها مجموعة فنادق ماريوت (42 فندقا) بعد أن عرضت فيها ملياراً ومائة مليون دولار.. وقبل ذلك متجر «هارودز» التى ستجعل من اسمها المميز سلسلة لفنادق فاخرة.. واستثمرت مليار دولار فى مناجم ذهب فى اليونان.

وامتدت الملاعب القطرية إلى آخر الدنيا.. فقد مدت إمارة «رأس الدبوس» أذرعتها المالية إلى كل صناعة تزدهر.. وإلى كل فكرة تنجح.. فاشترت نسبة من أسهم بنك «سانتا ندر» البرازيلى.. أكبر مؤسسة مالية فى أمريكا اللاتينية.. وفى الولايات المتحدة.. اشترت استوديوهات «ميراميكس».. وحصة فى شركة سيارات «جنرال موتورز».. بجانب شركات للإنتاج السينمائى.. واستزرعت 250 ألف هكتار فى أستراليا.. وفى دول أخرى فى إفريقيا.. وأوروبا الشرقية.

إن من الصعب رصد كل ما التهم «الغول» القطرى.. كما أن شهيته لا تزال مفتوحة.. ليس فقط فى الاستثمارات الثقيلة وإنما فى الاستثمارات الراقية والناعمة أيضا.. فقد سجلت نفسها فى أول قائمة مقتنى اللوحات الفنية والتحف النادرة.. كما أنها ستنفق نحو 20 مليار دولار على منشآت رياضية تؤهلها لاستضافة كأس العالم 2022.. وهى مناسبة ستضعها فى «قلب» اهتمام العالم.. يضاف إلى ذلك إنفاقها السخى على أنشطة ثقافية وسياسية وتراثية.

واللافت للنظر أن الملاعب التى ستبنى فى قطر لن تجد من يرتادها.. فالقطريون بطبيعتهم العائلية المحافظة يعزفون عن الذهاب إلى النوادى.. وهو ما يعنى أن المدرجات التى تشيد لمئات الألوف من المتفرجين لن تجد سوى العمال الآسيويين البسطاء كى يدخلوها مجانا.. لملء الفراغ.. ليكونوا جزءا من الديكور.

ولا تخلوا سرعة الاستحواذ فى وقوع حوادث.. فقد اتهمت قطر مع بنك باركليز بالاحتيال فى سلطات الادعاء البريطاني.. فالبنك الذى اشترى القطريون نسبة أقل من 10٪ من رأس ماله لعب بأصوله لصالحهم.. ومول صفقات مشبوهة لهم وبطريقة مريبة تصل إلى 18 مليار دولار.. فليس كل ما هو أبيض.. نقياً!.

لكن.. السؤال الذى يبحث كل محللى العالم عن إجابة شافية له: ما تفسير الجوع القطرى ناحية كل ما هو شهى ومثير فى العالم؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل