المحتوى الرئيسى

أمير طاهرى يكتب: إيران مفاوضات مستحيلة مع الشيطان الأكبر

02/15 16:08

حتي اسبوع مضي، انشغلت ساحه الراي العالمي بشائعات حول «صفقه كبري» بين واشنطن وطهران. بدات الضجه الشهر الماضي عندما جدد الرئيس الاميركي باراك اوباما دعوته للحوار مع «قياده طهران».

ومضي نائب الرئيس جوزيف بايدن ابعد من ذلك عندما اكد علي رغبه واشنطن في الحوار من دون شروط مسبقه، وهو ما يعني تجاهل خمسه قرارات اصدرها مجلس الامن يطالب فيها ايران بوقف انشطه برنامجها النووي. حفزت تصريحات بايدن وزير الخارجيه الايراني علي أكبر صالحي علي الادلاء بتصريحات ايجابيه، ثم تلاه رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي اكبر لاريجاني، المرشح المتوقع للرئاسه الذي رحب بالحوار مع الولايات المتحدة.

زعم عدد من المفكرين الاميركيين ان السحر الشخصي للرئيس اوباما والدبلوماسيه الخلاقه توشك علي النجاح في ما فشل فيه خمس ادارات اميركيه سابقه.

لكن ذلك التفاؤل تداعي، يوم الاثنين الماضي، عندما رفض علي خامنئي، المرشد الاعلي الايراني اي مفاوضات مع الولايات المتحده.

وفسر بعض المحللين داخل وخارج ايران موقف خامنئي بانه دليل اضافي علي انه يفكر بشكل غير عملي.

لكن النظره المتانيه الي السياق قد تظهر ان موقف خامنئي يعتمد بشكل كبير علي حقيقه؛ تلك التي يراها هو. فهو لا يري ايران في دوله، بل مركبه للثوره تحمل طموحات عالميه. وقال وسط تهليل حشد من مؤيديه: «انا لست دبلوماسيا. انا رجل ثوري».

لا يهدف النظام الذي يراسه خامنئي الي خدمه مصالح ايران بوصفها دوله؛ بل لخدمه القضيه الخمينيه. وحينما تتصادم مصالح ايران بوصفها دوله مع مصالحها بوصفها مركبه للثوره ينبغي ان تتقدم الاخيره علي الاولي. ومن ثم، فان اي ضرر يصيب ايران بوصفها دوله، واي معاناه تصيب الشعب الايراني ينبغي التسامح بشانها لانه ثمن ينبغي دفعه لحمايه الثوره.

وكحال الانظمه الاخري ذات الدعاوي المثاليه، يقوم النظام الخميني علي ايديولوجيه؛ ظاهرها انها احدي صور المذهب الشيعي الكثيره، لكنها في جوهرها صوره ساذجه للغايه من معاداه الولايات المتحده. فالولايات المتحده هي «الشيطان الاكبر» وكما زعم خامنئي في اخر كلماته «مصدر الشرور في العالم».

ما لا يثير الدهشه، ان كلمه خامنئي تعرضت للمقاطعه مرارا عبر صيحات «الموت لاميركا» اكثر من صيحات «لا اله الا الله».

خلال العقدين الماضيين علي الاقل، كان تدمير الولايات المتحده هدفا معترفا به صراحه للنظام الخميني. ففي كل فبراير (شباط) تستضيف طهران مؤتمرا حول «نهايه اميركا» يجتذب عددا كبيرا من الخبراء المعادين للولايات المتحدة من جميع انحاء العالم بما في ذلك الولايات المتحده ذاتها. كما يمول مكتب خامنئي منذ عام 1984 مجموعه من الدراسات الافرو - اميركيه «تدرس» انشاء دوله انفصاليه للسود.

يخشي خامنئي من ان يحرم ذلك التطبيع مع الولايات المتحده نظامه من جوهر ايديولوجيته. فاذا ما تمت تنحيه شعار «الموت لاميركا»، فما الذي سيحل محله؟

وككل الايديولوجيات الشموليه الاخري، تحتاج «الخمينيه» الي عدو خارجي يمكن تحميله كل الاخطاء التي تقع. ومن ثم، تتحمل الولايات المتحده اللوم في الانهيار الاقتصادي وارتفاع معدلات البطاله والتضخم.

وكحال الايديولوجيات الشموليه، ايضا، تقلل «الخمينيه» من قدره المواطن العادي علي معرفه الاصلح لهم. واذا ما تم تطبيع العلاقات مع الولايات المتحده، فلن يتمكن المواطن العادي من مقاومه مغريات سحر الثقافه الشيطانيه الاميركيه. جدير بالذكر انه قبل استحواذ الملالي علي السلطه في طهران، كانت اميركا المقصد الاول للايرانيين للدراسه في الخارج. واليوم تاتي الولايات المتحده المستقطب الاكبر لاستنزاف العقول الايرانيه. وحتي المسؤولون الخمينيون السابقون لا يقاومون السحر الاميركي؛ فالوزراء والسفراء واعضاء المجلس الاسلامي والملالي وضباط الحرس الثوري الخمينيون السابقون ينتشرون في الولايات المتحده. وقد انضم البعض الي منظمات بحثيه، لكن كثيرين منهم انشاوا شركات تتنوع بين المطاعم والاستيراد والتصدير. والمسؤولون الذين لا يلجاون الي الشيطان الاكبر يرسلون ابناءهم الي هناك للدراسه والحصول، بمرور الوقت، علي «البطاقه الخضراء» التي تعد الخطوه الاولي للحصول علي الجنسيه الاميركيه.

الان تخيل اعاده فتح السفاره الاميركيه في طهران. فمن سيحول دون وقوف الصفوف الطويله من قبل الايرانيين الشغوفين بالسفر الي ارض الشيطان الاكبر؟

كان خامنئي دائما ما يخشي الغزو الثقافي الاميركي. في عام 1994 قاد حمله علي مستوي البلاد ضد موسيقى البوب الاميركيه، وقمصان الـ«تي شيرت»، وقبعات البيسبول، والفيديو، وفي خطبه اللاذعه انتقد مايكل جاكسون بوصفه رمزا للانحلال. وظلت محاوله حجب البرامج التلفزيونية الاميركيه اولويه قصوي للمرشد الاعلي.

وفي كلمته الاخيره، حذر خامنئي من اولئك «الذين يرغبون في استعاده الهيمنه الاميركيه علي هذا البلد.. سيتم التعامل معهم وربما اعدامهم».

يستحق خامنئي الثناء علي موقفه الثابت في مواجهه الولايات المتحده. ربما تكون المحادثات مقبوله اذا ما اسفرت عن انتصار كامل لايران بوصفها مركبه للثوره. لكن ذلك يتطلب استسلاما لا لبس فيه من الولايات المتحده بشان عدد من القضايا؛ بدايه بقبول المشروع النووي الايراني من دون اي اعذار او شكوك. في ما بعد سيكون علي الولايات المتحده ان تتخلي عن حلفائها الاقليميين، خاصه اسرائيل، وتنهي وجودها العسكري في الشرق الاوسط.

كلما تحدثت واشنطن عن المحادثات، تراجعت رغبه الايرانيين. يفسر خامنئي موقف واشنطن بانه علامه علي الضعف الذي - في المقابل - يبرر اتخاذ مواقف اكثر تشددا طمعا في الحصول علي مزيد من التنازلات.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل