المحتوى الرئيسى

مؤلف " أرخبيل الغولاغ " الذى هز عرش الاتحاد السوفيتى

02/13 17:21

في  ظل الاحداث العاصفه التي يواجهها المعارضون للنظم الاستبداديه في عالمنا العربي ، محاولين شق طريقهم الي الديمقراطيه ، و انهاء فصول الخريف المتواصله ليتفتح الربيع علي العالم العربي من جديد ، ربيع من اجله عانت الاقلام المعارضه لسنوات من التعذيب و الاعتقالات و الاغتيالات ، معاناه لم تكن مغلقه علي العالم العربي فقط بل عاشها ايضا الغرب حتي استطاع ان يقطع اشواطا كبيره في الديمقراطيه .

 نذكر ان في مثل هذا اليوم من عام 1974 ، طرد الاديب و المؤرخ و المعارض الروسي " الكسندر سولجنتيسين " من الاتحاد السوفيتى " روسيا " مجردا من جنسيته ، لانه عارض نظام الحكم ، و كشف الوجه الحقيقي للشيوعيه التسلطيه امام العالم اجمع ، مما جعل موسكو الشيوعيه ترتعد امام روايته " ارخبيل الغولاغ " ، بكشفه الفظائع التي ترتكب في معسكرات الاعتقال السوفيتي  .

موهبه سولجنيتسين بعين النقاد ، راه البعض نابغه ، وقال ساركوزي عنه قبل رحيله انه  "جسد المعارضه طيله سنوات الرعب السوفياتي الطوال " ،و ان  تصميمه ومثاليته وحياته المديده والمضطربه تجعل من الكسندر سولجنستين وريثا لدوستويفسكي، فيما يري اخرون مثل الكاتب فلاديمير فوينوفيتش ان نبوغه ما هو سوي "وهم "  .

ولد  سوليجنستين  في 11 ديسمبر 1918 في القوقاز و درس الرياضيات ، امن بثوريه النظام الناشيء ، فشارك في الحرب ضد القوات الالمانيه التي هاجمت روسيا في 1941 ،  لكن في العام 1945 حكم عليه بقضاء ثماني سنوات في معسكر اعتقال بعدما انتقد كفاءات ستالين الحربيه في رساله الي احد اصدقائه.

بعد ان افرج عنه في 1953 ، قبل بضعه اسابيع من وفاه ستالين نفي الي اسيا الوسطي, و هناك بدء رحلته مع الكتابه ،  و نشر اول عمل ادبي له عام 1962 ، لنشر "يوم من حياه ايفان دنيسوفيتش", وهي روايه حول معتقل عادي في الغولاغ .

وبصدور هذا النص حطم الكاتب احد المحرمات ، ليهتز الاتحاد السوفيتي لاول مره امام العالم اجمع ، وواصل سولجينتسين الكتابه لكن روايتيه "جناح المصابين بالسرطان" ثم "الدائره الاولي"  ، لم توزعا الا عبر الشبكه السريه التي كانت تروج لاعمال منشقين سوفيات وفي الخارج حيث حققتا نجاحا كبيرا.

وكان الكاتب لا يزال في تلك الفتره يحظي بالحمايه بفعل مكانته لكن عندما نال جائزة نوبل للآداب في العام 1970 ، عدل عن الذهاب الي ستوكهولم لتسلمها خشيه عدم التمكن من العوده الي الاتحاد السوفياتي في ظل حكم ليونيد بريجنيف.

وبين ضغوط اجهزه الاستخبارات كي جي بي وصعوبات مهمته, ظل الكاتب علي موقفه الجرئ  ، و انهي في تلك الفتره كتابه اهم مؤلفاته "ارخبيل الغولاغ", وهو عمل تاريخي ادبي حول معسكرات الاعتقال نشر في باريس في السبعينات ولقي من جديد اصداء مدويه في العالم باسره.

وهذا ما دفع الكرملين والاتحاد السوفيتي الي ابعاد سولجينتسين الي الغرب فعاش اولا في سويسرا ثم اقام في الولايات المتحده.

وفي 1994 عاد سولجينتسين الي روسيا الجديده فرحا بعودته للوطن طائفا في كل انحائه ، لكنه رغم ذلكوجد صعوبه في الاندماج في الواقع الجديد لحقبة ما بعد الشيوعيه, رغم انه ظل يشارك بارائه علي الساحه ، فطالب بعقوبه الاعدام ضد الارهاب ، و ايد تدخل الجيش في الشيشان ، و اقترب من الرئيس فلاديمير بوتين واشاد بصفاته ، قائلا ان "بوتين ورث بلدا منهوبا جاثما علي ركبتيه غالبيه سكانه يشعرون بالاحباط وغارقون في البؤس ، بدا باعاده بنائه شيئا فشيئا، وببطء. لم تظهر جهوده او يتم تقديرها علي الفور  "  ،  قبل ان يكتشف فيما بعد ان الاخير لا يتبع نصائحه.

و رغم تشجيعه للعلاقات اليهوديه الروسية ، لكن مسئولا في المؤتمر اليهودي الروسي انتقد بشده كتابه "قرنان معا" معتبرا انه يقدم ذرائع جديده لمعاده الساميه.

و من اعماله الادبيه ايضا " عجل ناطح شجره بلوط "  ، و " مئتين عام مع بعض "  في 2003 عن العلاقات الروسيه اليهوديه منذ عام 1772.

و من مقولات سولجنتسين  : "في اخر ايامي، امل ان تشكل الماده التاريخيه التي جمعتها جزءا من وعي وذاكره المواطنين ".

و قوله : "تجربتنا الوطنيه المريره ستساعدنا، في حال تعرضنا لظروف اجتماعيه مضطربه، في تفادي التعرض لاخفاقات مؤلمه".

“ارخبيل الغولاغ” كشف في هذه الروايه الماساه التي حدثت في معسكرات السخره في زمن الاتحاد السوفياتي ، في الحقبه الممتده من عام 1918 و حتي 1956، التي اعتبرت الاسوء في تاريخ الانسانيه ، وكاتب الروايه كان واحداً ممن عاشوا تجربه تلك المعتقلات لمده ثماني سنوات وخضعوا لشتي صنوف التعذيب في اقبيتها وساحاتها ، و الغولاغ تعني الاداره العامه للمعتقلات .

و صنعت الجزيره الوثائقيه فيلما عن الروايه بعنوان "سر ارخبيل الغولاغ " ، الذي يعرض لاعتقال سولجينيتسين بعدما ابدي تشككه في مقدره ستالين العسكريه ، و هناك اكتشف خلالها منظومه العقاب السوفيتيه وخرج منها بكتاب تحت عنوان "يوم من حياه ايفان دينيسوفيتش"، وهو عن تجربه زميل له في تلك المعتقلات وعن ارخبيل الغولاغ بكامله. وقد نشر الكتاب في زمن الرئيس خروتشوف حيث شهدت البلاد حقبه من الانفراج والحريه بعد حقبه من الديكتاتوريه والقمع خلال زمن الرئيس ستالين.

الرعب الذي واجهه عدد هائل من الروس الابرياء واعتقال الملايين منهم خلال اربعين عاماً من عمر النظام السوفييتي، وتاسيس الغولاغ   ، بدات فكره تاليف روايه عن تلك القضايا تراود سولجينيتسن، في عام 1958 ، و لان الماده لم تكن متوفره لديه راسل من عاشوا تجارب الاعتقال.

 لكن في عام 1964 تمت ازاحه خروتشوف واستبداله بليونيد بريجينيف، مما وضع نهايه لمرحله الحريه التي تلت عهد ستالين،  وكان علي المؤلف مواصله تاليف كتابه "ارخبيل الغولاغ" بسريه تامه .

فيدعو المجموعه التي كان يتواصل معها بشكل سري وتساعده في تاليف الكتاب بـ "المتخفين".

ولم يكن سولجينيتسن يتطرق للحديث عن مؤلفه اطلاقاً، وعندما كان يريد اعلامهم بشيء كان يكتب ذلك علي ورقه ويحرقها فيما بعد. كانت تلك الاساليب من الحذر ضروريه بعدما تم اعتقال اثنين من الكتاب .

فقام الكاتب بتهريب مخطوطه الكتاب الي استونيا ، ليلتحق المؤلف بعد ذلك بمخطوطته في مزرعه منعزله بعيده عن اعين رجال المخابرات السوفييتيه الكي جي بي، وهناك يواصل العمل علي المخطوطه لمده ثلاث سنوات .

وفي عام 1968 يعود سولجينيتسن ليطبع الكتاب في سريه تامه ، ثم يتمكن الكسندر اندرييف الذي كان يعمل مترجماً لدي منظمه اليونيسكو في باريس من نقل فيلم المخطوط الي الغرب بعلبه كافيار.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل