المحتوى الرئيسى

التنافس على برمجة العقول الفارغة

01/28 15:00

يحتج البطن اذا فرغ، واذا امتلا سرعان ما يصبح فارغاً، لانه يوزع ما يهضمه علي كل اعضاء الجسم. لدي البطن استجابه فوريه ضد الوقود الرديء، اما بالرفض او بالقيء والاسهال، وعلي الرغم من ان اغلب البطون تتاقلم الي حد ما مع الفروقات الطبقيه في انواع الوقود، لكن ذلك ليس بالمطلق.

العقل بخلاف البطن يرتاح مع الفراغ، واذا ساءت نوعيه الوقود فيه يزداد ضجيجه وتدخينه، لكنه ايضاً اذا تحسنت نوعيه مدخلاته ازعج صاحبه بالتفكير العميق والحرمان من النوم المريح وبتانيب الضمير علي اتفه الاشياء.

ثمه نقطه افتراق مهمه اخري بين البطن والعقل، هي الفارق في القدرة التخزينيه. قدره البطن علي التخزين محدوده حتي وهو يوزع اولاً باول علي مختلف اعضاء الجسم كلوازم تشغيل، بعكس العقل. قدره العقل التخزينيه هائله، وتخضع غالباً للظروف المحيطه ولا تفرط بممتلكاتها بسهوله، لان كل عقل يعتبر ما بداخله فقط هو عين العقل. العقول تحتاج الي عقود من المعاناه والخسائر والمصائب حتي تصل الي غربله محتوياتها واعاده النظر فيها، وغالباً ما يتم ذلك بعد فوات الاوان، لان العاده هي ان المصائب والاخفاقات تصنف علي انها مجرد امتحان كعقاب علي عدم الالتزام بحيثيات البرمجه العقليه السابقه.

علي مر التاريخ البشري كان اختيار البرامج الغذائيه للبطن هو المهمه الابتدائيه والاساسيه لبرمجه عامه الناس المحرومين ظرفياً من نعمه التفكير، لان حاجاتهم العقليه والمعرفيه تتراجع منكمشه في اماكن قصيه خلف الغرائز والمتطلبات الاشباعيه اليوميه التي تفرضها متطلبات الجسد.

المهمه الصعبه لبرمجه عامه الناس كانت هي البرمجه العقليه، حيث يتوجب علي المبرمج ان يختار بمهاره بالغه ما يريد ادخاله في العقول. لابد ان يصطنع المبرمج للناس خلطه فطريه مقنعه لا تشعرهم صورياً بانفصاله عنهم مهما كان منفصلاً عنهم في الواقع المعيشي، وان تقنعهم بانهم في كل الاحوال افضل من الاخرين وان عليهم ان يكونوا مستعدين للدخول في صراع حياه او موت مع من يحاول تعريض البرامج لمنطق العقل.

تزداد الخطوره كلما زاد انتشار البرامج العقليه، فيما يشبه ما يحصل في قرصنه البرامج المعلوماتيه الالكترونيه. المبرمج الاول ينتج عشره اتباع قادرين علي البرمجه مثله، وهؤلاء يبرمجون مائه، ثم تنتشر البرمجـه في البيـوت والمدارس والــدكـاكين والمؤسســات العامه.

لدينا في المملكة العربية السعودية مثــالان حيان علي افعال مثل هذه البرامج، هما انتشار الفكر القاعدي التكفيري والفكر الاخواني كتطبيق سياسي، وليس كما هو مكتوب علي الورق او يقال في الفضائيات. كلا النوعين من البرمجه يستخدم نفس الطريقة في الاستحواذ علي بسطاء الناس وعامتهم، وكل واحد منهما يختار ما يناسبه من الوقود للشحن، ولكن الاختيارات كلها من الماضي، تؤجج العواطف وتحوم مبتعده عن التمحيص العقلاني، لان ذلك يكون كفيلاً باطفاء حماس الجماهير لها ولدعاتها.

اليوم اصبح لدينا قتله ومساجين وتكفيريون كمنتجات للبرمجه القاعدية، وصار لدينا ايضاً دعاه يتبخترون تيهاً واعجاباً علي مسارح الدعوه الاسلاميه ويبتزون مجتمعاتهم واوطانهم وحكوماتهم بالفكر الاخواني علي كل المنابر.

وما دام الموضوع في برمجه العقول ونتائجه ولان الشيء بالشيء يذكر اليكم هذا المثال علي النتائج المحتمله لبرمجه عقول البسطاء:

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل