المحتوى الرئيسى

25 يناير من داخل البيت الأبيض

01/25 09:00

اتبعت الاداره الامريكيه مبدا الانتظار والترقب Wait & See قبل التسرع باعلان موقف واضح من ثوره الشعب المصري، وتبع ذلك محاولات امريكيه جاده لتقليل اضرار التغيير المنتظر. وتطور الموقف الامريكي ببطء وكرد فعل علي تطورات الاوضاع داخل شوارع وميادين مصر، من التاكيد علي الثقه في نظام مبارك خلال ايام الثوره المصريه الاولي علي لسان كل من وزيره الخارجية هيلاري كلينتون ونائب الرئيس جوزيف بايدن، الي المطالبه فقط بتبني اصلاحات حقيقيه في مرحله لاحقه. وعملت واشنطن علي ضمان عدم اسقاط النظام المصري كله، وقبلت، بل وشجعت صيغه orderly transition «انتقال منظم للسلطه» يسمح بتولي نائب الرئيس اللواء عمر سليمان زمام الامور في مصر، وعدم حدوث تغير حقيقي في السياسات المصريه في الملفات المهمه لواشنطن مثل العلاقات مع اسرائيل، والتعاون الامني والاستخباراتي، والموقف من تنظيم حماس وحزب الله والعلاقات مع ايران. ورغم ان ثوره مصر ركزت جهودها بدايه علي القضايا الداخلية، خاصه تلك المتعلقه بالحريات والحقوق الديمقراطيه، ولم يكن لاسرائيل او للصراع العربي الاسرائيلي مكانه تذكر في نداءات المتظاهرين في مختلف ميادين مصر، فان اسرائيل كانت حاضره وبشده في مختلف مناقشات تطورات ثوره مصر في واشنطن. وبدات واشنطن في طرح اسئله علي نفسها منها كيف يمكن لواشنطن ان تتعامل مع قوي اسلاميه قد تناصب اسرائيل العداء؟ وهل تستمر في تقديم مساعدات عسكريه واقتصاديه لمصر حتي لو جاء رئيس يهدد اتفاقيه السلام مع اسرائيل؟

ومثل وجود وفد عسكري كبير بقياده اللواء سامي عنان، رئيس هيئه الاركان المصريه، في واشنطن مع حدوث ارهاصات الثوره، وبقائه لعده ايام، فرصه للاداره الامريكيه للتواصل مع الجيش المصري، ولتاكد لقادته ضروره عدم اللجوء للعنف ضد المتظاهرين تحت اي ظروف.

اثناء ايام الثوره الثمانيه عشره، انقسم فريق اداره ازمه مصر داخل الاداره الامريكيه الذي كان يبحث المستجدات لحظه بلحظه الي فريقين ميز بينهما اضافه الي المواقف المتعارضه فجوه جيليه واضحه. الفريق الاصغر سنا تكون بصوره رئيسيه من دينيس ماكدو من مواليد 1969 (من حمله اوباما الانتخابيه) وهو نائب مستشار الامن القومي الامريكي. والسيده سامنتا باور من مواليد 1970، الاكاديميه البارزه بجامعه هارفارد ولها كتب هامه عن جرائم الإبادة الجماعية، وعملت مستشاره لاوباما لشئون حقوق الإنسان. والاكاديمي البارز في قضايا التحول الديمقراطي مايكل ماكفولن وهو من مواليد 1963، ويشغل حاليا منصب السفير الامريكي في موسكو، واخيرا اصغرهم جميعا بن رودس من مواليد 1978 وهو خريج جامعة جورج تاون، ويعمل مستشارا للشئون الدوليه في مجلس الامن القومي.

الفريق الاكبر عمرا كان اكثر محافظه في تفكيره نتيجه سنوات خدمتهم الطويله داخل اروقه الحكومة الأمريكية وتاثرهم بالتقاليد البيروقراطيه المحافظه في الشان السياسي. ومثل كل من وزيره الخارجيه هيلاري كلينتون وهي من مواليد 1947، اضافه لوزير الدفاع روبرت جيتس، وهو من مواليد 1943، ونائب الرئيس الأمريكي جوزيف بيدن المولود عام 1942 ومستشار الامن القومي توماس دونيلون المولود عام 1955، ودينيس روس مسئول ملف الشرق الاوسط بمجلس الامن القومي وهو من مواليد 1948، ابرز وجوه هذا الفريق.

راي فريق الصغار ان ما يحدث هو ثوره حقيقيه وطالبوا بدعم شبابها، اما فريق العجائز فقد طالب بالتلكؤ، وعدم التخلي عن الحليف حسني مبارك. الا ان كلا الفريقين اتفقا علي شيء واحد، وهو ان عمليه الانتقال الديمقراطي ليست امرا سهلا وستاخذ سنوات عديده، وسيتخللها الكثير من الفوضي.

كان صوت كلينتون هو الاعلي بين افراد فريقها المحافظ تحذيرا من ان البديل الوحيد لنظام مبارك هو حكم الاسلاميين. وكانت الوزيره الامريكيه وغيرها من مسئولي الاداره يقدرون صدق ودقه الرئيس السابق حسني مبارك في تحذيره المتكرر للادارات الامريكيه من ان البديل الوحيد لنظامه غير الديمقراطي هو حكم القوي الاسلاميه بقياده جماعه الاخوان المسلمين.

وذكرت كلينتون للراديو القومي الامريكي عقب زيارتها لمصر لتهنئه الرئيس محمد مرسي بفوزه في الانتخابات الرئاسية، انها تعتقد ان الولايات المتحده سيكون لها «شكلا مختلفا من النفوذ في مصر، اننا نتعامل الان مع ديمقراطيه اخذه في التطور». وذكرت كلينتون انها تعتقد انه ستكون هناك قرارات مختلفه في سياسة مصر الخارجيه الجديده عما كانت عليه ايام نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

يذكر احد كبار مستشاري الرئيس الامريكيه لشئون الديمقراطيه، مايكل ماكفولن (يخدم الان سفيرا في موسكو) حوارا له مع الرئيس اوباما اثناء ثوره مصر، كان نصه:

مايكل ماكفولن: سياده الرئيس كيف تري نهايه الازمه في مصر؟

الرئيس اوباما: ماذا اريد ان يحدث؟ ام ما اعتقد انه سيحدث؟ انا اريد ان ينتصر شباب الميدان (يقصد التحرير)، وان يصبح رجل جوجل (وائل غنيم) رئيسا لمصر.. اما ما اعتقد انه سيحدث فهو اننا سنشهد عمليه انتقاليه طويله للغايه.

وجاء يوم 10 فبراير ليخبر رئيس المخابرات الامريكيه حينذاك، ليون بانيتا، مجلس الشيوخ «احتمال ان يخرج مبارك الليلة ليعلن رحيله عن الحكم»، واكدت عده شخصيات مصريه حكوميه رفيعه لمسئولين امريكيين تنحي مبارك في كلمته ليله 10 فبراير.

واستعد اوباما وفريق مساعديه ومستشاريه لهذا الحدث، وتم كتابه البيان الذي سيخرج من البيت الابيض عقب تنحي مبارك. واستمع الفريق الرئاسي الامريكي للمره الثالثه لخطاب محبط من مبارك، واحبطهم بصوره اكبر نقل صلاحياته للواء عمر سليمان. وخرج بيان رئاسي امريكي يؤكد «ان ما قام به مبارك ليس كافيا».

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل