المحتوى الرئيسى

ذكري الثورة .. نضال شعب وانطلاقة أمة (ملف خاص)

01/25 13:50

كتبه : خاص لبوابة الحرية والعدالة

ما بين نظام ساقط وأخر قيد التشييد يحلو للجميع استرجاع ذكرى ثورة يناير التي أطلق شرارتها الشباب وباركها الشعب بكافة طوائفه ومختلف انتماءاته حيث ذابت الفوارق وتوحدت الأهداف فتحققت المعجزة بإسقاط نظام قمعي بوليسي في أقل مدى زمني للثورات وهو 18 يوما .

 وقف النظام فى تلك الأيام هشا أمام صمود الثوار مُقدما كل العهود والوعود بكل سخاء بعدما بخل بها على مدار ثلاثين عاما ولكنه لم يفلح هذه المرة فى خداع الشعب الذى أبى إلا أن يكمل ثورته . فى محاولة لاستعادة ذكريات الأيام الـ 18 التى غيرت وجه مصر كانت السطور التالية:-

 18 يوما غيرت وجه مصر!!

هو اليوم الأول للثورة والذى بدأ بتظاهرة قوية ,جاءت تلبية لدعوة أطلقها العديد من الشباب النشطاء على شبكة التواصل الإجتماعى (الفيسبوك ), وكان إختيار يوم الخامس والعشرين على وجه التحديد موعدا للتظاهر, لكونه يمثل (عيد الشرطة) حيث ساهمت الممارسات القمعية التى قادها جهاز الشرطة فى عهد وزير الداخلية حبيب العادلى- والتى راح ضحيتها فى شهر الثورة كلا من خالد سعيد , وسيد بلال - فى زيادة حالة الإحتقان بين صفوف الشباب فكانت دعوتهم لهذه التظاهرة .

 وقد لبى الدعوة أغلب الأحزاب والحركات السياسية كما أعلنت جماعة الأخوان المسلمين مشاركتها منذ اليوم الأول ولبت الدعوة جموع غفيرة من مختلف طبقات المجتمع المدنى , ولم ينحصر صدى تلك التظاهرة على القاهرة فحسب بل إنتشرت شرارتها فى مختلف محافظات مصر فإندلعت فى الإسكندرية والسويس والمحلة الكبرى والإسماعيلية وغيرها من المحافظات.

وكان لسقوط أول شهيد فى يوم 25 يناير فى ميدان الأربعين بالسويس الأثر الأكبر فى ثبات الثوار وعزمهم على الإستمرار فى إعتصامهم  كما علت سقف مطالبهم وإرتفع لأول مرة شعار ( الشعب يريد إسقاط النظام ) مما دفع وزير الداخلية حبيب العادلى إلى إصدار الأوامر بفض التظاهرات والاعتصامات فى كافة أنحاء الجمهورية بالقوة .

أصبح المشهد أكثر سخونة حيث زادت حدة الإشتباكات بين الشرطة والثوار واستخدمت قوات الأمن العصى وقنابل الغاز والقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين , كما توسعت حملة اعتقالات المتظاهرين .

 وأسفرت حصيلة المواجهات يومى 25 و26 يناير بين المتظاهرين وقوات الأمن فى المحافظات المختلفة عن وفاة4 بينهم جندى وإصابة162 شرطيا, و118 مواطنا، بينما تم إلقاء القبض على أكثر من 500 شخص .

وعلى المستوى الإقتصادى تكبدت البورصة المصرية خسائر كبيرة حيث سجل المؤشر الرئيسى أدنى مستوياته، وانخفض الجنيه لأدنى مستوياته منذ يناير ????، مقابل الدولار الأمريكى الذى سجل ?.?? جنيه. وفقدت الأسهم ?? مليار جنيه من قيمتها السوقية، لتسجل ??? مليار جنيه .

  إتسم اليوم الثالث للثورة بزيادة أعداد المتظاهرين بصورة كبيرة مما زاد من حدة العنف والإشتباكات حيث هاجم عدد من المتظاهرين بمدينة السويس قسم الأربعين وأشعلو فيه النيران وفى المقابل توسعت قوات الأمن إلى إستخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين .

كما واصلت البورصة خسائرها والتى بلغت 41 مليار جنيه وخسر مؤشرها الرئيسى ??.??

(جمعة الغضب 28 يناير )  

 مع بداية اليوم الرابع للثورة أو ماعرف بـ " جمعة الغضب " حاول نظام مبارك الإستعانة بوسائل جديدة لمنع التظاهر , والتى كان أهمها قطع وسائل الاتصالات اللاسلكية ( الهاتف, المحمول والإنترنت) ولكن لم يحل هذا الأمر دون تجمع مئات الألاف متجهين نحو ميدان التحرير مما زاد من حدة المواجهات بين قوات الأمن والشرطة وهو ما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الجرحى والشهداء والذىن كان أكثرهم من الأسكندرية حيث أستشهد فيها 87 شهيدا ثم السويس 13شهيد .

 ساهم سقوط الشهداء فى إيجاد حالة من الغضب والغليان بين المتظاهرين تم ترجمتها عن طريق حرق المقر الرئيسى للحزب الوطنى على كورنيش النيل، كما دمرت مقرات الحزب فى عدة مدن، وتم إتلاف جميع صور مبارك .

 وفى ظل هذه الموجة من الغضب لم تستطع قوات الأمن الإستمرار فى مهمتها القمعية ولم تجد أمامها خيارا سوى الإنسحاب بشكل كامل , كما تم تحطيم عدد كبير من أقسام الشرطة وإحراق عربات الأمن المركزى .

 وفى ذلك اليوم نزلت قوات الجيش لأول مرة فى الساعة الخامسة مساء , وأعلن مبارك بصفته الحاكم العسكرى حظر التجوال من الساعة السادسة حتى السابعة صباحا , كمحاولة أخيرة لإرهاب المتظاهرين ولكن لم تلق تلك المحاولة أى إستجابة من قبل المتظاهرين وإستمرت التجمعات فى إزدياد مستمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى .  .

 وصلت خسائر البورصة إلى أعلى معدلاتها فى ذلك اليوم حيث فقدت الأسهم المصرية ?? مليار جنيه من قيمتها السوقية, كما شهدت ماكينات الصرف الآلى التابعة للبنوك حالة من الأعطال على خلفية انقطاع الاتصال بين شبكات بعض البنوك .

 بعد الأحداث الدامية التى شهدتها " جمعة الغضب" خرج المخلوع لأول مرة منذ بداية إندلاع الثورة موجهاً كلمة للشعب فى يوم 29 ينايرأعلن فيها إقالة حكومة أحمد نظيف ولكن لم تلق هذه الكلمة قبولا لدى التجمعات الغفيرة فى ميدان التحرير التى ظلت مستمرة فى إعتصامها بالرغم من تتابع القرارات الجمهورية التى تحاول إسترضاء المعتصمين .

 حيث أصدر المخلوع قرارا جمهوريا بتعيين عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية‏، كما أصدر قرارا أخر بتكليف أحمد شفيق برئاسة مجلس الوزراء.

 فى هذا اليوم أعلن أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطنى استقالته من الحزب وتزايدت أعمال البلطجة والسلب والنهب التى إستهدفت الممتلكات العامة والخاصة حيث تم سرقة ونهب عدد من البنوك والمولات التجارية بالقاهرة , كما تعرضت 12 محطة من محطات مترو الانفاق لسرقة الإيرادات وأجهزة الكمبيوتر .  

وأعلن رئيس البورصة تجميد التداول بها بسبب مظاهرات الغضب فى مصر، كما أعلن البنك المركزى تعطيل العمل بالمصرف بالكامل فى المدة نفسها التى حددتها البورصة .

 شهد اليوم السادس من ايام الثورة زيادة كبيرة فى أعداد المتظاهرين وكانت الدعوة لأول مليونية حاشدة فى يوم الثلاثاء من نفس الأسبوع , أعقبها تكليف مبارك للفريق شفيق رئيس الوزراء ببدء إجراء حوار مع المعارضة , كما كلف نائبه عمر سليمان بإجراء إتصالات مع جميع أطراف القوى السياسية وتناول الحوار القضايا المتصلة بالإصلاح التشريعى والدستورى .   

 فى ذلك اليوم واصلت القوات المسلحة عمليات التعزيزات العسكرية للجيش للسيطرة على الوضع الأمنى فى الوقت الذى حلقت طائرات حربية مقاتلة ومروحيات فوق المتظاهرين فى ميدان التحرير وعلى مستويات منخفضة . كما تم مد فترة تجميد التداول بالبورصة لحين إستقرار الأوضاع , وجمد البنك المركزى العمل فى جميع المصارف بالكامل لنفس الهدف .  

 خرج المخلوع بخطابه الثانى والذى أكد فيه أنه لن يترشح لفترة رئاسية جديدة وتعهد بالعمل خلال ما تبقى من أشهر ولايته على تأمين الانتقال السلمى والسلس للسلطة , كما أعلن تكليفه للبرلمان بمناقشة تعديل المادتين 76 و77 من الدستور، وتعهد بأخذ ثأر الشهداء ومحاسبة المتسببين فى حالة الإنفلات الأمنى بنزاهة وشرف وأنهى خطابه بأنه يعتز بما قضاه فى خدمة مصر وشعبها، وأن مصر وطنه سيعيش ويموت فيه وسيحكم التاريخ بما له وما عليه .  

2 فبراير (موقعة الجمل )

 فى ذلك اليوم وقعت أحداث مختلفة حيث أوعز الحزب الوطنى لاتباعه بتنظيم مظاهرات مؤيدة لمبارك فى ميدان مصطفى محمود تعاطفا مع خطابه الأخير , كما إقتحم بعض البلطجية ميدان التحرير راكبين الخيول والجمال وهو ما إشتهر بـ" موقعة الجمل " حيث شهد هذا اليوم إشتباكات دامية راح ضحيتها عشرة شهداء, وأصيب أكثر من 830 شخص حسب ما أعلنته وزارة الصحة .  

 كما تم إعادة الإتصالات بشبكة الإنترنت بعدما بلغت حجم الخسائر بسبب قطعه 51 مليار جنيه  وقرر النائب العام السابق عبد المجيد محمود منع كل من حبيب العادلى وزير الداخلية السابق،وأحمد المغربى وزير الإسكان، وزهير جرانة وزير السياحة السابق، إضافة إلى أحمد عز أمين التنظيم السابق فى الحزب الوطنى،من السفر وآخرين، وتجميد حساباتهم فى البنوك بسبب جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام والإضرار العمدى به والتربح والغش.

كما قرر فتح تحقيق مع حبيب العادلى بشأن ما جرى من احداث قتل المتظاهرين .

 تم وضع اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية السابق و? من القيادات الأمنية تحت الحراسة الجبرية فى منازلهم، بمحافظة ? أكتوبر.

وأعلنت أحزاب المعارضة الرئيسية رفضها تلبية دعوة عمر سليمان للحوار من أجل الخروج من الأزمة، ومنها الوفد والتجمع والناصرى والجبهة، فيما شارك ?? من الأحزاب الأخرى فى الحوار فى مقر مجلس الوزراء .

 قرر الإخوان المسلمين قبولهم بالحوار شريطة أن يتم فى مناخ طبيعى وأن يكون حوارا جادا يعلى من مصلحة الوطن وشهد هذا اليوم إحتشاد مئات الآلاف من المصريين فى ميدان التحرير وخروج الملايين فى المحافظات المختلفة مطالبين بإسقـاط النظام .

 كما تم خفض ساعات التجول، لتبدأ من تمام الساعة السابعة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالى , وقرر النائب العام منع رشيد محمد رشيد من السفر .

وإستمرارا لمحاولات إسترضاء الشارع قدمت هيئة المكتب السياسى للحزب الوطنى وعلى رأسها جمال مبارك وصفوت الشريف وزكريا عزمى استقالتها، وتم تعيين الدكتور حسام بدراوى كأمين عام للحزب وأمين لجنة السياسات ولم يكن هناك رد فعل فى الميدان سوى زيادة الحشد لمظاهرات مليونية مطالبة بإسقاط النظام .

 بدأ أول حوار بين عدد من رموز المعارضة من بينهم جماعة الإخوان المسلمين وبين نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان والذى أسفرت نتائجه عن التوافق على تشكيل لجنة لإعداد تعديلات دستورية فى غضون شهور والعمل على إنهاء حالة الطوارئ وتشكيل لجنة وطنية للمتابعة والتنفيذ .  

 كان موعد أول لقاء مباشر بين عمر سليمان‏ وعدد من شباب الثورة والتى تعددت مطالبهم وكان على رأسها أن يفوض مبارك صلاحياته لنائبه وهو ما كان محل إعتراض من نائب الرئيس .  

كما إحتشد فى هذا اليوم مئات الألاف فى ميدان التحرير وأدوا صلاة الغائب على أرواح (الشهداء) وأدى المسيحيون أيضا "قداس الأحد" تحت حماية الآلاف من المسلمين فى مشهد تجسدت فيه الوحدة الوطنية فى أجل صورها.  

كما إجتمع مبارك بحكومته الجديدة فى مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، وأصدر القرار رقم 54 لسنة 2011 بتشكيل لجنة لدراسة وإقتراح تعديل بعض الأحكام الدستورية والتشريعية .

وأفرجت السلطات المصرية عن وائل غنيم الناشط السياسى كمحاولة لتهدئة الثوار. وبدأ شباب الثورة فى تشكيل أول إئتلاف لهم والذى ضم العديد من شباب الحركات السياسية المختلفة وأيضا العديد من الشباب غير المنتمين للاحزاب .

 قرر حسنى مبارك تشكيل لجنة دستورية تتولى دراسة التعديلات المطلوبة فى الدستور، ولجنة أخرى للمتابعة تتولى متابعة التنفيذ . كما قرر إنشاء لجنة ثالثة لتقصى الحقائق مهمتها تقصى الحقائق حول أحداث 2 فبراير والتى وقع ضحيتها العديد من الشهداء فى " موقعة الجمل" .  

وفى ذات اليوم أعلن الميدان تنظيم مليونية ثالثة تحت مسمى (أسبوع الصمود ) حيث استمرت المظاهرات الحاشدة فى ميدان التحرير ومحافظات الإسكندرية والسويس وعدد من المدن المصرية للمطالبة بإسقاط نظام مبارك، كما تم تعطيل المؤسسات الحكومية حيث تظاهر الآلاف أمام مجلسى الشعب والشورى، ومقر رئاسة الوزراء .

دعا المتظاهرون بميدان التحرير إلى تنظيم مسيرات مليونية فى مختلف المحافظات للمطالبة برحيل مبا رك , كما زادت أعداد المظاهرات الفئوية أمام المصانع والمؤسسات المختلفة مطالبة بتحسين أوضاعها وشارك فى الوقفات عمال الورش وعمال شركات المياه والصرف الصحى بالقاهرة وهيئة النظافة , وشهدت نقابة الصحفيين فى هذا اليوم تظاهرة كبيرة مطالبة بسحب الثقة من نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد .

 وفى مساء هذا اليوم أصدر المجلس العسكرى البيان رقم (1) حيث عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعا برئاسة المشير حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى لبحث الاجراءات والتدابير اللازمة للحفاظ على الوطن .   

فى هذا اليوم القى حسنى مبارك خطابه الثالث للشعب وفــاجأ الجميع برفض التنحى بعدما ترددت الأنباء عبر الوسائل الإعلام العربية والعالمية عن إعتزامه التنحى عن السلطة , ولكن خطابه جاء محبطاً للجميع حيث أعلن تفويض سلطاته لنائبه عمر سليمان.

وجدّد مبارك فى هذا الخطاب التأكيد على أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية, وأنه متمسك بالاستمرار حتى الإنتقال السلمى للسلطة , وقال إنه بمقتضى الصلاحيات المخولة له تقدم بطلب تعديل خمس مواد دستورية بهدف تسهيل شروط الترشح للرئاسة وتعديل مدد الرئاسة والتمهيد لإلغاء قانون الطوارئ .

 ومع إستمرار موجة الغضب التى إعترت الثوار بعد هذا الخطاب الذى وصفوه بأنه جاء مخيبا لأمالهم وجه عمر سليمان كلمة للشعب المصرى عقب تفويضه بسلطات رئيس الجمهورية طالب فيها المواطنين بالنظر للمستقبل وحث شباب الثوار بالعودة إلى ديارهم وأكد على إلتزامه بتنفيذ ماتم التوافق عليه فى الحوار الوطنى .  

وكان هذا اليوم يوما فاصلا فى تاريخ مصر حيث أعلن نائب الرئيس عمر سليمان فى بيان له عن  تنحى محمد حسنى مبارك عن السلطة وهوما تلته مظاهرات من الفرحة العارمة فى كافة ميادين مصر وبدأ الشباب فى عمل حملة موسعة لتنظيف ميدان التحرير .

كما أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة البيان الثانى له والذى أكد فيه إنهاء حالة الطوارى فور انتهاء الظروف التى كانت تمر بها البلاد ووعد بالفصل فى الطعون الانتخابية . واجراء التعديلات التشريعية اللازمة وكذلك إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة فى ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية.

 كما أعلن إلتزام القوات المسلحة برعاية مطالب الشعب المشروعة والسعى لتحقيقها حتى يتم الانتقال السلمى للسلطة .

 وهكذا مرت أهم وأخطر 18 يوما فى تاريخ مصر غيرت وجه الحياة وفتحت باب الأمل فى مستقبل أفضل للشعب المصرى .

أجمل ما فى الثورة المصرية أنها كانت ثورة شعب بكل أطيافه، ففى 25 يناير 2011 خرج المصريون من كل محافظات مصر مرددين الشعار الذى لن ينساه التاريخ: "الشعب يريد إسقاط النظام".

وفى الذكرى الثانية لهذه الثورة العظيمة لا يجب أن ننسى دور المحافظات فى أحداث هذا التحول الكبير فى تاريخ مصر الحديث والذى أخرج مصر من دولة فاشلة يحكمها ديكتاتور مستبد إلى دولة تنطلق فى المسار الديمقراطى يتمتع شعبها بقيم الديمقراطية ويتنفس رحيق الحرية بعد عقود من الذل والهوان.

وتفاعلت جميع محافظات مصر مع الثورة وساندتها بكل قوة وفيما يلى نرصد 3 نماذج وهى الإسكندرية والسويس والغربية ولكننا لا ننسى دور باقى محافظات الدلتا والصعيد فى نجاح أول ثورة شعبية فى خلع حاكم جثم على صدر مصر 30 عاما، وفى السطور القادمة نتذكر معا أهم وأبرز المواقف التى شهدتها المحافظات الثلاث فى أثناء الثورة.

قدمت 74 شهيدا والقائد إبراهيم يتحول إلى رمز ثورى

البداية من الإسكندرية عروس البحر المتوسط مسقط رأس خالد سعيد وسيد بلال اللذين أشعلت دمائهما شرارة ثورة ستظل خالدة يحكى الأجيال عنها كيف استطاعا أن يزلزلا عرش ديكتاتور قبع على رقاب ملايين المصريين طيلة 30 عاما أو يزيد.

يشير عاصم عبد الرحيم السنوسى –الباحث السكندرى الذى قام بتوثيق ثورة مصر من الإسكندرية إلى أسوان على مدونته "وثائق"- أن عروس البحر الأبيض كانت "ظهر وعصب" الثورة فكان الكل ينظر إلى الإسكندرية وكيف سيحدث فيها بالتزامن مع ثوار السويس والمدن الكبرى كالقاهرة والجيزة.

وأضاف: كان مسجد القائد إبراهيم الذى شيعت منه جنازة الشهيدة مروة الشربينى وجنازة خالد سعيد، مقرا لانطلاق المسيرات والمظاهرات التى أطاحت بالنظام، وكان ميدانا للاعتصام طوال مدة الثورة وأصبح للمسجد مكانة عظيمة لدى شباب الإسكندرية وصار رمزا للصمود والحرية وميدانه ميدانا للثورة.

من أشهر المشاهد التى لن تنساها الإسكندرية هذا المقطع من الفيديو الذى بث بعد ذلك على موقع" يوتيوب" لشاب سكندرى بمنطقة المنشية يفتح "جاكت" ملابسه ويشير للضباط أنه "سلمى" وإذا بطلقات الغدر تلقى عليه فيسقط صريعا وسط صرخات من كانت تصوره من شرفة مسكنها.

كما قدمت نحو 74 شهيدا، بينما بلغ عدد المصابين نحو 264 مصابا من أبرزهم أميرة سمير ابنة الـ14 عاما والتى يطلق عليها "حورية الإسكندرية" وشهيد الإخوان "نور على نور".

ويحكى السنوسى قصة استشهاد أميرة سميرة يوم جمعة الغضب قائلا: "استيقظت الساعة الثامنة صباحا" أدت صلاة الصبح ورتبت غرفتها ثم أدت صلاة الظهر وذهبت إلى صديقتها هدى فى المنزل المجاور حيث تسكن أميرة بالعقار 80 بالإسكان الصناعى بالشركة العربية بالقرب من قسم الرمل ثان وبيت صديقتها بعقار 79 بنفس العنوان؛ حيث كانت تحرص على مراجعة دروسها مع صديقتها.. وبدأت المظاهرات التى انتهت بقتل الشرطة للمواطنين العزل.

كان آخر موضوع تعبير كتبته قالت فيه: "أنا ممكن أقدِّم روحى فدا بلدى" أميرة سمير، 14 سنة، أصغر شهداء ثورة الغضب بالإسكندرية التى لقيت مصرعها برصاص أطلقه ضباط قسم ثان الرمل ليلة جمعة الغضب 28 يناير، بينما كانت الطفلة تطل من شرفة أحد المنازل المجاورة للقسم لترى ما يحدث بالشارع من مقاومة بين ضباط الشرطة والمتظاهرين، رحلت حورية الإسكندرية لكنها وجهها الجميل لم يذهب من نفوس المصريين.

يختتم الباحث السكندرى حديثه للحرية والعدالة: كان المشهد مؤثرا حيث احتشد أكثر من 100 ألف سكندرى بمسجد القائد إبراهيم حيث أقيمت صلاة الجنازة للشهداء اختلط البكاء بالابتسامات لشهداء الثورة، تعانق المسلم والمسيحى عند باب المسجد، يودعون شهداء الإسكندرية إلى مثواهم الأخير بعد أن سطروا أروع القصص فى البذل والعطاء والتفانى لوطنهم الذى كانوا يحلمون له بعيش وحرية وعدالة اجتماعية.

مع اقتراب الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، يمر شريط الذكرى عابرا أمام مخيلة أبناء أسيوط، ويتذكر كل منهم حاله ومكانه أيام انتفاضة الشعب المصرى وهتافه الذى هز العالم "الشعب يريد إسقاط النظام".

فى هذه الأيام كان كل أسيوطى له حالة لا ينساها، فها هو الأول يجلس أمام شاشة التليفزيون التى تنقل له حالة الغليان والكر والفر بالقاهرة والمحافظات، يضع يده على قلبه متمنيا لمصر السلامة ولشبابها النجاح فى مهمتهم؛ لتحرير الشعب من سطوة الفسدة واللصوص وبائعى كرامة الوطن، والثانى لم يطق القعود، فنزل فى ميادين المحافظة ليشهد بعينه غضب الشباب ضد مؤسسات الفساد، أما الثالث فسارع إلى ركوب المواصلات للقاهرة ليلحق بـ"المعمعة الكبرى" هناك ويخط بيده مستقبلا جديدا لمصر مع شباب ميدان التحرير.

"الحرية والعدالة" تجولت فى الشارع الأسيوطى لتسترجع مع الموطنين شريط الذكريات..

صلاح أحمد عبد الله -أحد مصابى الثورة بأسيوط- اعترف أنه عند اشتعال الثورة يوم 25 يناير كان هو وبعض أصدقائه بأسيوط ينظرون إلى الثوار نظرة شفقة؛ مما سينتظرهم على أيدى زبانية مبارك الذى كان نظامه قد وصل إلى أشده من سيطرة بوليسية وقبضة حديدية على الناس، مؤكدا أنه كان فى البداية يعتقد هو أصدقاؤه أن مبارك سيقوم باعتقال هؤلاء الثوار جميعا يوم 26 يناير على الأكثر.

ويتابع: لكن ما إن شعرنا بإصرار الشباب الثورى فى القاهرة على التغيير وثباتهم فى مواجهة عدوان الداخلية، قررنا جميعا وفى وقت واحد أن ننزل إلى القاهرة ومشاركة أبطال ميدان التحرير المعركة الأخيرة.

ووصف صلاح أيام الثورة بأنها كانت الأجمل على الشعب، فالناس -لا سيما الثوار- كانوا يحبون بعضهم بعضا، هدفهم الواحد يجمعهم، ورغبتهم الموحدة تذيب أى خلاف، وقال: كان رغيف العيش يكفى الكل، وكان الجميع يحمى الجميع، وكنا نحيا داخل الميدان بروح واحدة، هى روح الأخوة المصرية، نتمنى أن تعود ثانية.

وأردف: أتذكر المهندس ناصر زهرى -وهو مصاب من أسيوط وأحد أصدقائى- حيث كان يقف بجانبى دائما، وأتذكر أطرف موقف حصل لنا، فقبيل لحظات من موقعة الجمل ذهبنا لنشترى بعض السندوتشات لنا ولبعض أصدقائنا المرابطين بالميدان، وعند عودتنا فوجئنا بهجوم الجمال والخيول، فتركنا الطعام واشتبكنا مع المهاجمين حتى أصيب بعضنا، ثم اجتمعنا بعد ذلك على الطعام نأكل ودماؤنا تنزف، لكنها كانت أجمل سندوتشات أكلناها فى حياتنا؛ حيث كان الشعور بالنصر والكرامة يفتح شهيتنا بشكل غريب.

وتابع: فى هذه الأثناء كنا جميعا ننادى بعضنا بالاسم الأول فقط، خوفا من اندساس جواسيس أمن الدولة بيننا، ولا أنسى شابا اسمه محمد فرغلى، من الغنايم بأسيوط؛ حيث أصيب على كوبرى قصر النيل.

ويؤكد يحيى الأنصارى -أحد المشاركين بالثورة- أنه شارك بالثورة غضبا من الفساد وبحثا عن العدالة، قائلا: "تطلعنا إلى مستقبل أفضل لمصر، وكنت أحد المشاركين فى تكوين ائتلاف شباب الثورة، وشاركت منذ يوم 28 بميدان التحرير مع الشباب الثورى".

ويضيف: كنت عضوا نشطا بائتلاف شباب الثورة بالقاهرة حتى يوم 11 فبراير عندما تنحى المخلوع، وكانت آخر مشاركة لى بميدان التحرير هى الاحتفال بفوز الرئيس المنتخب محمد مرسى.

من جانبه روى إسلام زكريا -أحد مصابى الثورة أمام نقابة المحامين بأسيوط- وقائع إصابته؛ حيث كان من ضمن المشاركين من المحامين بأسيوط فى الثورة وأصيب أمام النقابة الفرعية بالمحافظة التى اقتحمتها الداخلية ودمرتها من الداخل وسحلت الكثير من المحامين، وهو أحدهم، فأصيب بأنفه.

بعد نجاح ثورة 25 يناير 2011 وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد بالفترة الانتقالية دخلت مصر مرحلة من الاستحقاقات الانتخابية ما بين استفتاءات  وانتخابات .

بعد نجاح ثورة 25 يناير 2011 وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد بالفترة الانتقالية تم طرح تعديلات دستورية صاغتها لجنة مختصة برئاسة المستشار طارق البشري للاستفتاء العام في يوم 19 مارس 2011.

أوضحت النتائج التفصيلية للاستفتاء على تعديل الدستور والذي حقق أعلى نسبة مشاركة سياسية في تاريخ البلاد بلغت 41 % من إجمالي الناخبين البالغ عددهم 45 مليون، وجاءت الموافقة عليها بنسبة 77.2% من الناخبين.

وكان عدد المشاركين في الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس 2011: كالتالي 18,537,954 بنسبة 41.2% ممن تنطبق عليهم شروط التصويت.

عدد من قالوا (نعم): 14,192,577 بنسبة 77.2%.و من قالوا (لا): 4,174,187 بنسبة 22.8%.

وهدفت هذه التعديلات إلى فتح الطريق لانتخابات تشريعية تليها انتخابات رئاسية بما يسمح للجيش بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة تقوم بصياغة دستور جديد للبلاد، ومن ثم اكتسبت انتخابات مجلسي الشعب والشوري لعامي 2011 و2012 أهميتها من قيام الأعضاء المنتخبين بالمجلسين بتشكيل لجنة من 100 عضو لكتابة دستور جديد للبلاد كما نص عليه الاستفتاء.

انتخابات مجلس الشعب المصري 2011-2012 هي أول انتخابات تشريعية بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام الرئيس محمد حسني مبارك. وتمت  الانتخابات على ثلاثة مراحل تبدأ يوم 28 نوفمبر 2011 وحتى 11 يناير 2012.

نتائج إجمالية لانتخابات مجلس الشعب 2011 ونسب المقاعد لكل حزب بالبرلمان وعدد أعضائه 498 المنتخبين، فاز %.

التحالف الديمقراطي  بقيادة الحرية والعدالة 46.2

 * النور:حصد نسبة 25 %

*تحالف الكتلة المصرية حصد 7 %.

أسفرت النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشورى بمرحلتيها الأولي والثانية "180 من إجمالى عدد المقاعد" للمنتخبين عن فوز حزب الحرية والعدالة بـ110من عدد المقاعد والنور44 والوفد 14والكتلة 5 والمستقلين 4 والحرية 2 السلام الديمقراطي مقعد واحد.وبلغ عدد المشاركين 6.43 مليون بنسبة مشاركة حوالي 12.9 في المائة.

وكان قد قرر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة-المتولي إدارة شئون البلاد-إجراء انتخابات مجلس الشورى 2012 على مرحلتين ابتداءً من 14 فبراير، ودعوة المجلس للانعقاد، فى 28 من فبراير 2012 ، وجرت الانتخابات على مرحلتين.

وقد أعلنت اللجنة العليا للانتخابات نتائج القوائم في انتخابات مجلس الشورى، التي أظهرت حصد حزب «الحرية والعدالة» نحو 46,6% من المقاعد، بواقع 56 مقعدا، فيما حلّ حزب «النور» ثانيا، بحصوله على على 38 مقعدًا، تلاهما حزب «الوفد»، الحاصل على 14 مقعدا، وجاء تحالف الكتلة المصرية رابعا بـ 8 مقاعد، ثم حزب «الحرية» بــ3 مقاعد، وأخيرًا حزب «السلام الديمقراطي» بحصوله على مقعد واحد.

جرت الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية بين 13 مرشح ومن إجمالى 50 مليونًا و996 ألفًا و746 صوتًا، يحق لهم التصويت، أدلى 23 مليونًا و672 ألفًا و236 بأصواتهم، من بينهم 23 مليونًا و265 ألفًا و516 صوتًا صحيحًا، فيما بلغ عدد الأصوات الباطلة 406 آلاف و720 صوتًا. وسجلت نسبة المشاركة فى الجولة الأولى 46.42% وانتهت النتيجة بالإعادة بين الدكتور محمد مرسي واحمد شفيق.

فاز الدكتور محمد مرسى مرشح حزب الحرية والعدالة بمنصب رئيس الجمهورية في أول انتخابات رئاسيه مصريه بعد الثوره التي اطاحت بحسني مبارك في 11 فبراير 2011 حسبما أعلنت لجنه الانتخابات القضائية الرئاسيه.

بعد تفوقه علي منافسه شفيق وحصوله علي اعلي الاصوات بجوله الاعاده التي جرت يومي 16و17 يونيو 2012 .

وفاز مرسي بنسبه 51,73% علي رئيس وزراء مبارك أحمد شفيق الذي حصل علي 48,27%.

وحصل مرسي علي 13 مليونا و230 الفا و131 صوتا، بنسبه 51,73% فيما حصل شفيق علي 12 مليونا و347 الفا، و380 صوتا، بنسبه 48,27%.

وبلغت نسبه المشاركه بجولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية 51,8% حيث أن 26 مليونا 420 الف و763 ناخبا شاركوا في الانتخابات من اجمالي عدد الناخبين المقيدين البالغ 50 مليونا و958 الفا و794 ناخبا.

أعلنت اللجنة القضائية العامة للانتخابات نتيجة الاستفتاء على الدستور المصري الجديد وجاءت نسبة المصوتين بـ«نعم» 63.8% مقابل 36.2% صوتوا بـ«لا».

وجرت الانتخابات على مرحلتين يومي 15 و22 ديسمبر 2012 .وبلغ عدد من لهم حق التصويت في الاستفتاء 51 مليونًا و919 ألفًا و67 شخصًا، أدلى منهم بأصواتهم 17 مليونًا و58 ألفًا و317 مصوتًا، بنسبة 32.9%.وبلغ عدد الأصوات الصحيحة كان 16 مليونًا و755 ألفًا و12 صوتًا، والأصوات الباطلة كانت 303 ألاف و395 صوتًا، وجاء عدد الأصوات التي صوتت بـ«نعم» 10 مليونًا و693 ألفًا و911 صوتًا بنسبة 63.8%، مقابل عدد مصوتين بـ«لا» 6 ملايين و61 ألفًا و101 صوت بنسبة 36.2%.

وجرى الاستفتاء تحت إشراف قضائي كامل، وجميع رؤساء اللجان قضاة، أو أعضاء هيئات قضائية، وكانت تسلم أوراق الاستفتاء بعد التثبت من شخصية القاضي.

مصر تستعيد دورها الرائد إقليمياً وعالميا في ذكري الثورة

شهدت السياسة الخارجية المصرية خلال العامين الماضيين تحولا جذريا عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث بدأ يتشكل اتجاه جديد يخدم أهداف الثورة ويحقق مصالح البلاد العليا على جميع المستويات وفي علاقاتها مع محيطها العربي والإقليمي وكذلك على المستوى الدولي، وبدت ملامح هذا التطور أكثر وضوحا عقب تولي الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب، مهامه في يوليو الماضي.

ووضعت مصر نفسها على الطريق الصحيح لاسترداد مكانتها الطبيعية التي تستحقها بين دول العالم، حيث جاء تقاعس النظام البائد في حق السياسية الخارجية على عاتق الدبلوماسية الجديدة التي تحتاج إلى العمل بجد من أجل الارتقاء بمصر والنهوض بواقعها الأليم من كافة النواحي والعمل على إعادة النظر في سياساتها الخارجية بما فيها الاتفاقيات والمعاهدات السياسية منها والاقتصادية من أجل إحداث تغيير جذري وشامل على مستوى الدولة واستعادة مكانة مصر وثقلها على الساحة الدولية والإقليمية لما لها من دور تاريخي ومفصلي بما يتعلق بالقضايا العالمية.

والمتابع للشأن المصري بعد ثورة يناير وكيفية تعاطيه مع الوضع العالمي المتشابك، يعرف جيداً أن القيادة المصرية المنتخبة اتخذت مساراً جديداً يعزز استقلال قرارها، عن طريق إيجاد بدائل للعلاقات مع القوى الكبرى التي تقوم على تبادل المصالح بدلاً من الارتماء في أحضانها كما كان يفعل النظام البائد بقيادة المخلوع، ونجحت السياسة المصرية في تقديم الدعم للأشقاء العرب وخاصة القضية الفلسطينية ونصرة الشعوب المستضعفة، وهو ما تجلى في الملفات التالية.

لعل من أبرز مظاهر التغيير الحادث في موازين القوى في المنطقة عقب ثورة يناير، هو موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية وملف المصالحة، حيث ظهر جليا أن الإرادة المصرية اتجهت عقب الثورة الى التحرك بوتيرة أسرع نحو انجاز ملف المصالحة بين الأشقاء الفلسطينيين .

وأثمرت الجهود المصرية عن عقد عدة لقاءات بين ممثلي الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتهم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مع ممثلي السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وتوجت هذه الجهود بلقاء جمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وذلك برعاية الرئيس المصري محمد مرسي، وقد أسفر اللقاء عن العمل على وضع خطة للمرحلة الانتقالية، وذلك بتكوين حكومة تكون مهمتها الأساسية تهيئة الأجواء للانتخابات التشريعية والرئاسية.

وفي قطاع غزة، ظهر التوجه الجديد للسياسة المصرية بوقوف الإدارة المصرية بوضوح بجانب الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة أمام العدوان الإسرائيلي، وقامت مصر بتخفيف الحصار المضروب على القطاع وإزالة أية قيود على العمل الإغاثي الرسمي وغير الرسمي، حيث فتحت المعابر على مدار الساعة أمام البضائع والأفراد ووضعت المستشفيات المصرية برفح والعريش في حالة تأهب قصوى، وقدمت كافة التسهيلات للمعونات والمساعدات الغذائية والطبية المقدمة لسكان غزة.

ومع الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة، نفذ الرئيس مرسي تهديده الذي أطلقه قبل ساعات من الهجوم الإسرائيلي بسحب السفير المصري من تل أبيب حالة تنفيذ الأخيرة تهديداتها بشن عدوان على القطاع، كما جاءت زيارة رئيس الوزراء المصري د.هشام قنديل، غير المسبوقة إلى قطاع غزة في خضم العدوان الإسرائيلي على رأس وفد مصري رفيع المستوى، ومن بعدها زيارة الوفد الشعبي المصري، لتأكيد تضامن مصر، حكومة وشعبا، مع أشقائهم الفلسطينيين.

كما تدخلت مصر بقوة لرعاية اتفاق التهدئة بين الفلسطينيين والاسرائيليين؛ ولم يحدث تلقي إملاءات من واشنطن أو تل أبيب لفرضها على الفلسطينيين، وهو ما ظهر بجلاء من ثناء خالد مشعل على جهود القاهرة ودور الرئيس مرسي في مساندة الموقف الفلسطيني وإدراك هذا الاتفاق، مؤكدا أنه لم يمارس أية ضغوط على المفاوضين الفلسطينيين ولم يسع لفرض أية حلول أو مقترحات عليهم

بدا موقف مصر الداعم للثورة السورية جلياً منذ بداية الأزمة، وبدا أكثر وضوحاً مع تولي الرئيس مرسي مقاليد الحكم، حيث أعلن الرئيس صراحة وأكثر من مرة أن حل الأزمة السورية يتطلب تنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم.

كما قام الرئيس مرسي بعمل مبادرة لتكوين لجنة رباعية من مصر وتركيا والسعودية وايران لحل الأزمة السورية نظرا لارتباط الملف بتلك الدول.

وشاركت مصر في مؤتمر "أصدقاء سورية" الذي عقد أكثر من مرة؛ علاوة على استقبال مصر لائتلاف قوى المعارضة السورية والموافقة على جعل مصر المقر الرئيسي له.

أما على النطاق الشعبي فقد استقبلت مصر اللاجئين السوريين استقبالا طيبا، وعملت الجمعيات الخيرية على توفير مسكن لهم قدر المستطاع، بالإضافة لتسهيل عمل الكثير منهم في مصر.

تهدئة وتعاون مع دول الخليج

عقب ثورات الربيع العربي، وتخوف دول الخليج العربي من انتقال رياح هذا التغيير إليها، عملت مصر على المستويين الرسمي والشعبي على تلطيف الأجواء مع الأشقاء العرب.

فعقب أزمة المحامي المصري المسجون في السعودية، ومع محاولة اقتحام بعض المصريين لأسوار السفارة السعودية في القاهرة، وسفر السفير السعودي من مصر، قام وفد برلماني وشعبي مصري بالسفر للمملكة العربية السعودية للتأكيد على العلاقات المتميزة بين البلدين، مما أدى لحلحلة الموقف.

ومؤخراً في أزمة المصريين المحتجزين في دولة الإمارات، زار وفد مصري رفيع المستوى الإمارات لتهدئة الأجواء ونزع فتيل الأزمة، كما قامت لجنة قنصلية مشتركة بالاجتماع في الإمارات لتناول جميع مشكلات المصريين والإمارتيين في البلدين.

أما العلاقات مع قطر فقد توطدت بشكل أكبر بعد الثورة، حيث زارت وفود قطرية مصر عدة مرات، ونتج عن آخرها تسليم قطر لمصر مبلغ 5 ميارات دولار كوديعة في البنك المركزي لدعم الاقتصاد المصري، كما قررت القيادة القطرية ضخ استثمارات في مصر بما يعادل 18 مليار دولار خلال الفترة المقبلة للاستثمار ضمن مشروع تنمية إقليم قناة السويس.

حرصت مصر على تقوية الروابط مع الدول الإسلامية، حيث تسلمت مصر في أغسطس الماضي رئاسة منظمة التعاون الإسلامي؛ كما تستضيف القمة الإسلامية الاعتيادية أوائل الشهر المقبل.

واهتمت مصر بأحوال المسلمين في تلك الدول وفي الدول الأخرى، وكان من أبرز أشكال ذلك الاهتمام، تحرك الخارجية المصرية لتخفيف الاضطهاد الواقع على مسلمي بورما (ميانمار) وذلك عن طريق مطالبة الحكومة هناك بالسماح بزيارة وفد مصري وآخر تابع لمنظمة التعاون الإسلامي لمساعدة المسلمين هناك من خلال السماح بدخول مساعدات انسانية.

 كما استدعت وزارة الخارجية سفير دولة ميانمار لدى القاهرة؛ لإبلاغه رسالة عاجلة بانزعاج مصر الشديد، جراء تجدد أعمال العنف ضد مسلمي الروهنيجا، وكذلك مطالبة مصر لمسئولي ميانمار باتخاذ تدابير فورية وحاسمة لوضع حد لأعمال العنف التي تستهدف أرواح وممتلكات المسلمين هناك، وكذلك تقديم مرتكبي تلك الأعمال الإجرامية للعدالة.

في الإطار ذاته حضر الرئيس محمد مرسي قمة دول عدم الانحياز في طهران وألقى خطابا هناك، وسلم إيران الرئاسة الدورية للحركة، وذلك في اول زيارة لرئيس مصري الى ايران منذ الثورة الاسلامية عام 1979 التي ادت الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

كما ألقى المستشار محمود مكي، نائب رئيس الجمهورية، كلمة أمام الجلسة المشتركة للبرلمان الباكستاني وذلك خلال زيارته لإسلام آباد للمشاركة في مؤتمر قمة منظمة مجموعه الثماني دول الإسلامية النامية (دي -8).

تعد العلاقات المصرية التركية في أوج ازدهارها خلال هذه الفترة حيث حدثت زيارات متبادلة بين البلدين على أعلى مستوى، وذلك دعما للروابط الاجتماعية والاقتصادية بين البلدين الإسلاميين.

وكان من أبرز الزيارات ما قام به الرئيس مرسي نهاية سبتمبر الماضي، حيث ألقى كلمة في احتفالية حزب العدالة والتنمية التركي بدعوة من رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، والذي رد الزيارة إلى مصر على رأس وفد اقتصاد يضم 350 رجل اعمال تركي، وألقى كلمة في جامعة القاهرة، وحضر منتدى الاعمال المصري التركي.

كما وقفت مصر وتركيا معا في العديد من القضايا الهامة مثل الأزمة السورية والعدوان الإسرائيلي على غزة، وذلك في بداية لتشكيل قوة إقليمية جديدة.

اتسمت العلاقات المصرية الأمريكية عقب ثورة يناير بالتعامل بنوع من الندية المبنية على المصالح المتبادلة.

وقد ظهر وزن مصر الإقليمي بوضوح حينما لجأت الولايات المتحدة الأمركية إلى الرئيس محمد مرسي لكي يتدخل للتوصل لتهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في العدوان الإسرائيلي الإخير على قطاع غزة.

كما زار الرئيس محمد مرسي الولايات المتحدة للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها السابعة والستين، وألقى خطاباً هناك حدد فيه معالم علاقة مصر الجديدة بالعالم.

في أول زيارة له خارج العالم العربي، قام الرئيس مرسي بزيارة لمدة ثلاثة أيام للصين أسفرت عن توقيع 8 اتفاقيات ثنائية تشمل مجالات التعاون المشترك في الاقتصاد والتجارة والزراعة والسياحة والاتصالات والبيئة, ودفع الاستثمارات بين البلدين.

وتأتي زيارة الرئيس للصين كعامل من توازن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ورسالة بأن مصر لم تعد رهينة أي قوة عالمية؛ وبناء عليه سارعت الولايت المتحدة بإرسال وفد من رجال الأعمال الأمريكيين أصحاب الشركات متعددة الجنسيات ليدرسوا ضخ استثماراتهم في مصر.

قام الرئيس مرسي بزيارة بعض الدول الأوروبية منها بلجيكا وإيطاليا لبحث مسألة دفع العلاقات السياسية والاقتصادية مع مصر بالإضافة لحثهم على ضخ استثماراتهم فيها.

وقد كان للدول الأوربية ردود أفعال متباينة في مواقف مختلفة؛ حيث أثنت على التحرك المصري في موضوع العدوان الإسرائيلي على غزة وهو ما ظهر من تلقى وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو لاتصالات هاتفية من وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا بريطانيا واليونان للإشادة بدور مصر في اتفاق وقف إطلاق النار، والتأكيد على التقدير للدور الذي قام به الرئيس محمد مرسي في هذا الشأن.

مصر  في قلب القارة الأفريقية

صفحة جديدة مع دول حوض النيل .. وتعزيز أمن واستقرار السودان

من أبرز انجازات السياسة الخارجية المصرية بعد الثورة سعيها بقوة نحو استعادة دورها الحقيقي في القارة الأفريقية، لما لأفريقيا من أهمية كبرى بالنسبة للأمن القومي المصري.

وقامت السياسة الخارجية المصرية الأفريقية بعد الثورة علي عدد من الأولويات؛ منها تنشيط العلاقات السياسية مع الدول الأفريقية علي المستويات كافة، والاضطلاع  بدور نشط في احتواء الأزمات الأفريقية قبل أن تتفاقم، وعودة دور الدبلوماسية الوقائية، والمشاركة في حل الأزمات التي تنشب بدور فاعل وليس بدور المتفرج، وتبادل المشروعات الاستثمارية والتنموية بين الجانبين.

وحظي الملف السوداني والعلاقات المصرية - السودانية في مرحلة ما بعد الثورة باهتمام كبير، حيث أن السودان تمثل عمقا استراتيجيا لمصر، وأن ما يحدث فيها يكون له كبير الأثر علي الأمن والمصلحة القومية المصرية، وأن أمن مصر من ناحية العمق الأفريقي مرهون بأمن السودان واستقرارها، لذا تبرز أهمية السياسة المصرية تجاه السودان للحفاظ علي استقرارها، وتعزيز التكامل بين الجانبين المصري والسوداني، خاصة وأن أحد الأسباب الرئيسية لتقسيم السودان كان تخاذل الدور المصري أيام المخلوع في حل الأزمة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل