المحتوى الرئيسى

وائل جمال يكتب: سراويل الكويز برعاية الاخوان ..

01/14 10:13

في الاسبوع الماضي زار وفد مصري رسمي واشنطن للتفاوض مع اسرائيل والولايات المتحدة علي توسيع اتفاق الكويز وتقليل نسبه المكون الاسرائيلي في صادراته المصريه لامريكا. في نفس الوقت تقريبا، كان نشطاء فلسطينيون يضعون اللمسات الاخيره لخطه انشاء اول قريه فلسطينيه علي اراضٍ خصصتها اسرائيل اغتصابا للمستوطنات، قبل ان يقيموها بالفعل فجر الجمعه الماضي تحت اسم «باب الشمس»، مطلقين سبيلا جديدا فريدا للمقاومه في زمن صعب.

خبر اجتماعات الكويز، الذي انفرد به الزميل محمد المنشاوي مدير مكتب الشروق في العاصمه الامريكيه، ليس مفاجاه في الحقيقه. فقد مهدت له زياره امريكيه للقاهره في سبتمبر، وكانت الاتفاقيه بندا رئيسيا علي جدول اعمال حكومه هشام قنديل، منذ ان عينها الرئيس مرسي. وفي التاسع من سبتمبر ٢٠١١، وفي حوار مع وكاله بلومبرج الامريكيه المتخصصه في الاقتصاد قال قنديل ان مصر ستفي بتعهدها فيما يتعلق بالاتفاق، الذي يفتح باب السوق الامريكيه لمنتجات مصريه اذا كان بها مكون اسرائيلي يبلغ ١٠.٥٪ (وهو ماتريد مصر مرسي تخفيضه الان ل٨٪). بل قال قنديل بالنص ان «اناسا كثيرين يصنعون عملا ناجحا منها، ونريد ان نكون متاكدين اننا نفعل الشيء الصحيح لهم لكي يزدهروا».

في ٩ ديسمبر ٢٠٠٤، يقول تقرير منشور علي موقع «الاخوان المسلمون» (اخوان اونلاين)، وتحت عنوان «نواب الاخوان: الكويز خطر علي امن مصر»، ان نواب الكتله البرلمانيه للاخوان بالبرلمان حذروا من خطوره اتفاقيه المناطق المؤهله المزمع عقدها بين مصر و»الكيان الصهيوني» بعدها بايام. ونقل الموقع عن طلبات احاطه واستجوابات النواب ان «الاتفاقيه تمثل خطوره حقيقيه علي الامن القومي لانها اول اتفاقيه اقتصاديه وصناعيه مع العدو الصهيوني». وقال الدكتور حمدي حسن في طلب الاحاطه الذي قدمه ان الاتفاق «يحقق ما كان يسعي اليه العدو منذ عقود من الزمن للسيطره علي المنطقه اقتصاديا عبر اختراق الاقتصاد المصري بعد ان سيطر عليها سياسيا عقب اتفاقيه كامب ديفيد». وانهي الدكتور حسن طلب الاحاطه بان «الصهاينه لا ينفع معهم لا سلام ولا عهد ولا كويز» رافضا بكل قوه جميع محاولات التطبيع مع عدونا الغاصب» معتبرا اياها «وصمه عار ستتحملها الاجيال القادمه».

ولم تتوقف اسباب رفض الاخوان للكويز فقط عند السياسه. بل حرصت الجماعه علي تفنيد مبررات نظام مبارك ووزير التجاره والصناعه رشيد محمد رشيد من انها ستكون السبب في انقاذ صناعه النسيج وانها ستخلق ١٥٠ الف وظيفه جديده. وهزا النائب محمد مرسي وهووقتها المتحدث باسم نواب الاخوان بهذه المبررات في كلمه له بالمجلس مطالبا الحكومه بايضاح من اين تاتي ال 150 الف فرصه عمل رافضا توقيع مصر اتفاقا مع وزير صهيوني.اما النائب حسنين الشوره فقد تساءل عن الضغوط التي يمارسها لوبي المستفيدين من رجال الأعمال علي الحكومه للتوقيع علي الاتفاقيه.

الان، وبعد ٨ سنوات، تسعي الحكومه التي عينها الرئيس محمد مرسي الي توسيع نطاق الكويز وسط صمت كامل من حزب الحريه والعداله ومن جماعة الإخوان. فهل هناك ما تغير من زاويه مبررات الرفض؟

من كويز نظيف لكويز قنديل..ابحث عن المستفيد

كما نعلم جميعا، لم تتحقق اي من الوعود الاقتصاديه التي بشرنا بها الوزير رشيد وحكومه احمد نظيف. فلا كان الكويز طوق النجاه لصناعه النسيج المصريه ولا شهدت الصادرات المصريه الطفره التاريخيه المنشوده. وعلي مدي ٨ سنوات وربع، من بدايه تفعيل الاتفاقيه في ٢٠٠٥ الي نهايه الربع الاول من ٢٠١٢، صدرت مصر للولايات المتحدة ما قيمته ٥.١ مليار دولار في ظل الاتفاقيه، اي بمعدل ٦١٨ مليون دولار سنويا. اما اهم منتج نصدره فهو سراويل الجينز، التي وحدها بلغت نصف قيمه صادرات الكويز تقريبا في ٢٠١١ ويتلقي اغلبها محال «جاب» و«ليفايس» الامريكيه، بحسب اخر ارقام وحده الكويز بوزاره التجاره والصناعه. بينما استوردت مصر من اسرائيل خلال تلك الفتره ما قيمته ٥٦٠ مليون دولار من اسرائيل. فياله من حصاد هزيل بالمقارنه بحجم صادرات مصر الذي بلغ ٢٩ مليار دولار في ٢٠٠٧/٢٠٠٨ و٢٧ مليار دولار في ٢٠١١/٢٠١٢.

ومنذ الثوره ارتفعت صادرات الكويز مسجله ٩٣١.٦ مليون دولار في ٢٠١١ مقارنه ب ٨٥٨.٢ مليون دولار في ٢٠١٠. وفي الربع الاول من عام ٢٠١٢ بلغت الواردات المصريه من اسرائيل ٩٤ مليون دولار منها ٤٨ مليونا في شهر واحد هو مارس وهي أكبر ب ٤ مرات من مثيلتها في نفس الربع من ٢٠١١.

ومما لا شك فيه ان الاثر الاول للكويز جنبا الي جنب مع اتفاق الغاز كان زياده التبادل التجاري بين مصر واسرائيل بما لذلك من معانٍ سياسيه. فماذا حدث علي مستوي الوظائف وتوسع الصناعه واستفادتها وهل جلبت تدفقات الاستثمار الاجنبي الموعوده للاستفاده من تلك الفرصه التصديريه؟

من بين ٥٣٦ شركه سجلت نفسها في الكويز هناك ٣٨٢ شركه لم تصدر بمليم واحد. وبلغ عدد الشركات التي صدرت شيئا ما خلال ٨ سنوات وربع ١٥٤ شركه، اي ان هناك 7 شركات من كل 10 مسجله لم تستفد علي الاطلاق من الاتفاق، وذلك حتي نهايه الربع الاول من ٢٠١٢. وتبلغ حصه المنسوجات والملابس الجاهزه ٨٩٪ من هذه الصادرات تليها منتجات بلاستيك ب٢٪ ومنتجات كيماويه ب ٢٪. اي ان المستفيد الاول والاهم هم مصدرو الملابس الجاهزه. وتخبرنا دراسه لمنتدي البحوث الاقتصاديه (يراسه د.أحمد جلال احد منسقي ما سمي بالحوار المجتمعي الذي دعت اليه حكومه قنديل مؤخرا)، ان «مساهمه الكويز كانت ضئيله للغايه في حل المشاكل الهيكليه التي تهدد قطاع المنسوجات المصري». وتقول الدراسه الصادره في ابريل ٢٠١٠، انه من بين ١٧ منطقة صناعية بها مصانع كويز فان ٨٠٪ من الصادرات تخرج من ٦ منها فقط. و٨٨٪ من الصادرات تتركز في الشركات التي تتجاوز عمالتها ٥٠٠ عامل. “وبين الشركات الكبيره فان الانحياز يزيد لصالح الشركات الاكبر والاكبر فنصف حجم صادرات الكويز يخرج من شركات عمالتها فوق ٢٠٠٠ عامل»، بحسب الدراسه التي اعدها الباحثان جيفري نوجنت وعبله عبداللطيف. ويعني هذا ان الفائده قليله جدا بالنسبه للشركات الصغيره والمتوسطه، التي وعدت بالرخاء المقيم. ومازالت كل الشركات تعتمد بالاساس علي اقمشه مستورده من الصين والهند واسرائيل، «مما يقلل من فوائد الاتفاق» ويعني ان الفوائد لصناعه الغزل والنسيج عموما ضعيفه.

من ناحيه اخري جلبت الكويز بعض الاستثمارات التركيه في القطاع للاستفاده من الفرصه التصديريه. لكن الدراسه هنا ايضا تقول ان فائدتها المفترضه هي تقويه الصناعات التي تمد صناعه الملابس الجاهزه، «وهو مالم يحدث».

اذا لماذا تدفع حكومه قنديل مره اخري في هذه الاتفاقيه العاقر؟ الاجابه في السياسه: فقد كانت هذه الاتفاقيه حجر اساس في علاقه الولايات المتحده بنظام مبارك الذي يعد لتوريث ابنه، ومازالت شرطا امريكيا لتاييد اي نظام في مصر. ايضا، وكما قال النائب الشوره في ٢٠٠٤، هناك التحالف مع اللوبى الضيق المستفيد من الكويز والذي يقوده رئيس اتحاد الصناعات قبل وبعد الثوره جلال الزربا، وهو احد المتحدثين لموقع الاخوان مرحبا بتاسيس جمعيه «ابدا» لرجال الاعمال، التي يقودها السيد حسن مالك. يوما بعد يوم، تشي السياسه الاقتصاديه لحكم الاخوان بحجم وعمق هذا التحالف السياسي والاجتماعي مع رجال أعمال مبارك حتي وان تناقض ذلك مع مواقف سابقه. وهكذا بينما تتصاعد اصوات حكوميه وغير حكوميه في الغرب لمقاطعه سلع المستوطنات الاسرائيلية بسبب سياسات اسرائيل الاستيطانيه الشرسه، تسقط حكومتنا التي عينها رئيس من الاخوان المسلمين في جب توسيع التطبيع الاقتصادي والتجاري معها، دعما ودفاعا عن تصدير سراويل جينز ينتجها بالاساس ٥ رجال اعمال.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل