المحتوى الرئيسى

114 عاما على ميلاد ''كوكب الشرق''.. ''أم كلثوم'' حكاية وطن

12/31 19:44

كتبت - نوريهان سيف الدين:

كانت قمرا يطلع مساء كل خميس من اول شهر، صوتها كان رسائل حب بين العشاق، ورسائل حماس للثوريين، اهاتها جمعت الوطن العربى من المحيط الي الخليج، ادائها كان السهل الممتنع، فتربعت علي عرش الاغنيه العربيه لاكثر من نصف قرن من الزمان، واليوم هو الذكري الـ114 لميلاد كوكب الشرق "ام كلثوم".

"فاطمه ابراهيم البلتاجي"، انشق صوتها يعلن وصولها للدنيا يوم 31 ديسمبر 1898، الاب هو المنشد الشيخ "ابراهيم البلتاجي"، ذائع الصيت في قريه "السنبلاوين" والقري المجاوره بمحافظه الدقهليه، تربت ام كلثوم في اسره تقدس الإنشاد الديني، وكان ابوها يسعي لاعداد اخاها الاكبر "خالد" ليكون مساندا له في الانشاد، فاستطاعت الطفله الصغيره حفظ بعض الادوار والاناشيد ورددتها علي مسامع ابيها في سن صغيره، فقرر ان يلحقها ببطانته لعلها تكون "عنصر جذب" للمستمعين.

بالفعل، كانت الفتاه الصغيره "وش السعد، حتي ان "السمّيعه" كانوا يطلبون الاستماع لانشاد الفتاه الصغيره خصيصا، ودعمها ابوها بمزيد من ادوار مدح الرسول وغيرها من الاناشيد الدينيه، وفي نفس الوقت ارسلها لكتاب القريه لتحفظ القران وتتعلم مبادئ القراءه والكتابه، وفي نفس الوقت كانت تجوب بصحبه "الشيخ ابراهيم" واخيها "خالد" لاحياء الليالي والافراح بالقري والمحافظات القريبه.

عام 1916، جاء ذائع الصيت "الشيخ ابو العلا محمد" بصحبه الشيخ "زكريا احمد" الي قريه ام كلثوم "طماي الزهايرة"، لاحياء ليالي رمضان بمنزل احد اعيان البلده هناك، وكانت "ام كلثوم" بصحبه "بطانه والدها" هناك ضمن المدعوين لاحياء الحفل، استمعوا لها ونصحوا والدها بالذهاب بها الي "مصر المحروسه"، ففرصه الشهره والارتقاء هناك اكبر.

كانت اول الحفلات في "مصر المحروسه" لاحياء احتفال ديني بقصر احد الباشاوات، واعطتها سيده القصر "خاتما ذهبيا" تكريما لها علي ادائها المتميز، وبلغ اجرها في هذا الوقت "جنيها مصريا كاملا"، الا انها كانت تعود بعد نهايه الحفل بالقطار الي قريتها، حتي قررت الاسره الاستقرار نهائيا في القاهره مع عام 1923.

حتي هذا الوقت، لم تتخلي "ام كلثوم" عن "الشال والقفطان"، فوالدها اراد الا يطمع الناس في "فتاته الصغيره"، واراد ان تتنكر في ملابس "الولد" حفاظا عليها، لكنها بعد قدومها للقاهره استطاعت تغيير ملابسها الي الفستان الطويل المقفول، كما دعمها "الشيخ ابو العلا" بالوقوف في بطانتها، وادخل ايضا "تخت شرقي" للعزف ورائها، وغنت ادوارا غنائيه بجانب الانشاد الديني، كان اولها قصيده "الصبو تفضحه عيونه 1924" لاحمد رامي، العائد توه من "باريس".

"صحبه العمر" كانت بين ام كلثوم و احمد رامي، وثالثهما مجدد الموسيقي العملاق "محمد القصبجى"، وقدموا معا ابدع ادوارها الغنائيه نهايه العشرينات و طوال ثلاثينيات القرن الماضي، واستطاعت في وقت قصير مزاحمه كبار المغنيين حتي وصلت الي منافسه "سلطانه الطرب - منيره المهديه".

كانت السينما وقتها في بدايتها الذهبيه، و استطاع الاقتصادي الكبير "طلعت حرب" اقناعها بتمثيل اول افلامها "وداد 1935" انتاج "ستوديو مصر - احد شركات بنك مصر الناجحه"، ومثلت للسينما ايضا "نشيد الامل 1937، دنانير 1939، عايده 1942، سلّامه 1944، فاطمه 1948".

وصل صيتها "للقصر الملكي" وغنت امام "الملك فاروق" و اعطاها "وسام الكمال"، وكان لا يعطي الا للاميرات وصاحبات العصمه زوجات الوزراء، و اراد "شريف باشا صبري" خال الملك فاروق الزواج منها، الا انه مشروع باء بالفشل.

تعرفت علي "عبد الناصر وحكيم و السادات" وغيرهم من ضباط الجيش اثناء "حرب فلسطين"؛ حيث طلبوا منها ان تغني "غلبت اصالح في روحي" اثناء "حصار الفالوجه"، واستضافتهم في بيتها بعد رجوعهم من فلسطين، وبعد ثوره 1952، كانت ام كلثوم من اشد المتحمسين والمغنين لها وخاصه لـ"جمال عبد الناصر"، الا ان اغانيها مُنعت من الاذاعه باعتبارها "فلول العهد البائد" لغنائها للملكين "فؤاد و فاروق"، وتدخل الحاكم العسكري "عبد الناصر" لحل تلك الازمه.

فتره الخمسينات كانت اوج نشاط ام كلثوم، فبين تاسيس "نقابه الموسيقيين" وبين تسجيل اغاني المسلسل الاذاعي "رابعه العدويه"، تكلل نشاطها ايضا بالغناء لصالح "المجهود الحربي" في عدوان 56، الا ان المرض داهمها في "الغده الدرقيه"، والزمها ارتداء "النظاره السوداء" لاخفاء تاثير الغده علي عيونها، و سافرت "بجواز سفر دبلوماسي" للعلاج في مستشفي "البحريه الامريكيه" علي نفقه الدوله.

ستينات القرن كانت الاشهر في حياه ام كلثوم، و جاء "لقاء السحاب" بينها و بين موسيقار الاجيال "محمد عبد الوهاب" برائعه "انت عمري 1964، و قدما معا اكثر من اغنيه منها "امل حياتي و دارت الايام"، كما تعاونت ايضا مع الموهوب الصاعد "بليغ حمدي"، وقدما "حب ايه، هجرتك، انساك، كل ليله و كل يوم، بعيد عنك، فات المعاد، الف ليله و ليله، الحب كله و حكم علينا الهوي" وكانت اخر اغانيها.

جاءت النكسه و اصيب الشعب بالاحباط، الا انها برساله الفن استطاعت الهاب حماسه الجماهير من جديد، و قدمت "اصبح عندي الان بندقيه" و "دوس علي كل الصعب و سير" وغيرها من الاغاني الوطنيه، و سافرت لفرنسا للغناء علي "الاوليمبيا" وغنت رائعتها "الاطلال"، كما زارت عده عواصم عربيه لنفس الغرض.

تسمع خبر وفاه "عبد الناصر" وهي خارج مصر، و ترثيه بـ"رساله الي زعيم 1970" لـ"نزار قباني و رياض السنباطي"، وتاتي سبعينيات القرن، و تظل ام كلثوم متوجه علي عرش الاغنيه، حتي تسقط صريعه مرض "التهاب الكلي"، ويخبوا نشاطها الفني تاثرا بمرضها، وتخصص الصحف والاذاعه فقرات لبيان حاله ام كلثوم الصحيه، وفي 22 يناير 1975، يظهر "يوسف السباعي – وزير الثقافه" يعلن نبا وفاه ام كلثوم، ويرسل اليها بـ"ماء زمزم" لتغسل به، ويعلن الحداد في البلاد لثلاثه ايام، وتخرج في موكب مهيب بين امواج الشعب لتدفن في مقابر الاسره بالسنبلاوين.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل