خطـاب الضـجـر!

فمِن سنه لم اجد خبراً واحداً عن بلادي

نُغيّر تقويمنا السنوي، وننقُش اقوالنا في الرخام

وندفنها في الصحاري ليطلع منها المطر

علي ما اشاء من الكائنات..

واحمل عاصمتي فوق سياره الجيب كي اتحاشي

واكتب في العام عشرين سطراً بلا خطا نحوي

وتعرف، يا شعب، اني رسول القَدَر

واُلغي الزراعه، اُلغي الفكاهه، اُلغي الصحافه، اُلغي الخبر.

واختصر الناس: اسجن ثلثاً واطرد ثلثاً

واُبقي من الثُلث حاشيهً للسمر

واطبع وجهي من اجلكم فوق وجه القمر

لكي تحلموا مثلما اتمني لكم:

لان الشعير طعام الحمير.. وانتم

ارانب قلبي، كلوا ما تشاؤون

من بصل اخضر او جزر

وامرضُ، او اتمارض، اخلو الي الذات

او اتفاوض سراً مع المعجزات

واحرم نفسي من الكاميرا والصور

اوحد ما لا يوحَد: احرس ايوان كسري

وادعو الي وحده المسلمين علي سيف قيصر

«ارشي» ملوك الطوائف.. امحو شرائع سومر

امنح افريقيا صوتها.. واعيد النظر

واغلق كل المسارح: لا مسرح في البلد

وحيدٌ انا ايها الشعب، شعبي العزيز..

ولكن قلبي عليك، وقلبك من فلز او حجر

اضحي لاجلك، يا شعب، اني سجينك منذ الصغر

ومنذ صباي المبكر اخطب فيكم

وفي كل يوم اعدُّ لكم «مؤتمر»..

فمن منكم يستطيع الجلوس ثلاثين عاماً علي مقعد..

ليمنع شعباً من الذكريات وحب السفر؟

وحيدٌ انا ايها الشعب: لا استطيع الذهاب الي البحر..

ثقيل هو الحكم.. لا تحسدوا حاكماً

ايُّ صدر تحمل ما يتحمل صدري من الاوسمه؟

وايُّ فتي منكم يستطيع الوقوف..

ثلاثين عاماً علي حافه الجمجمه؟

وايُّ يدٍ دفعت مثلما دفعتْ يدنا من خطر

يخيل لي، ايها الشعب، يا صاحبي

ان حقي علي الله أكبر من واجبي

ولكنني لا اريد معارك اكبر منكم، كفانا الضجر

«جراداً» يحط علي الوقت، يمتص خضره ايامنا

ويفتح وقت الرمال رمالاً من الوقت

نمشي علي الرمل، لا اثر.. لا اثر

ومن واجبي ايها الشعب ان اتسلي قليلاً..

فمن يعيد الي ساحه الموت امجادها؟

لاقطع كفاً، واجدع انفاً، وادخل سيفاً بنهد نهد

وانسي همومي في الحكم، انسي التشابه بيني..

وبين الملوك القدامي. وانسي العبر..

اما من فتي غاضب في البلد!

تقاعس عن خدمتي، او بكي، او جحد!

وحيدٌ انا، ايها الشعب، اعمل وحدي

ووحدي اسنُّ القوانين، وحدي احوِّل مجري النـهر

اُفكر وحدي.. اُقرر وحدي. فما من وزاره

ليس لي نائب لشئون الكنايه والاستعاره

ولا مستشار لفك طلاسم احلامكم عندما تحلمون

ولا نائب لاختيار ثيابي، وتصفيف شعري، ورفع الصور

فوالله، والله، والله، لا علم لي