المحتوى الرئيسى

«العاشق».. مضطهدًا

11/28 11:42

لم اصدق الاخبار القائله ان مهرجان القاهره السينمائي استبعد فيلم «العاشق» للسوري عبداللطيف عبدالحميد من المشاركه في التسابق.. سببان، عندي، لعدم التصديق، اولهما يرجع لما اعرفه، عن ماريان خوري، المدير الفني للمهرجان، من نزاهه وجديه وشجاعه، فضلا عن قدراتها التنظيميه، التي تاكدت، المره تلو المره، في «بانوراما الافلام الاوروبيه»، التي تقدمها عاما بعد عام، بنجاح يكاد يحولها الي مهرجان محترم، ثقافي بامتياز، يبتعد تماما عن بروبجندا المهرجانات الصاخبه.. ماريان، خريجه مدرسه يوسف شاهين، من الصعب الاقتناع انها صاحبه قرار رفض «العاشق».

اما السبب الثاني، وهو الاهم، فانه يتعلق بالفيلم ومبدعه، كاتبه ومخرجه، عبدالطيف عبدالحميد، صاحب البصمه المرموقه، علي خارطه السينما العربية عموما، والسوريه علي نحو خاص. افلامه تتجاوز العشره، تدافع عن نفسها بنفسها، لا يمكن ان تخطئها حتي لو لم يكتب اسم عبداللطيف عليها، ذلك انه فنان صاحب رؤيه، فكريا وفنيا، عناصرها الجوهريه تنساب في الاعماق، من فيلم لاخر.. فمنذ فيلمه الاول، الرقيق، الجارح «ليالي ابن آوى» 1989، يعبر عن هموم تمس المواطن العربي، داخل وخارج سوريا، فثمه اسره تعيش علي زراعه الطماطم، تكاد تكون معزوله عن العالم، يسيطر عليها الاب الخائب، العصبي المزاج، باداء خلاب من الموهوب اسعد فضه ــ سيطالعنا في افلام تاليه ــ هو الامر الناهي، الفاشل في ذات الوقت، الذي لا يعرف كيف يبعد الثعالب التي تلتهم وتفسد حقله.. لكن الفيلم اكبر من ان يكون مجرد احتجاج ضد النظام الأبوي، فهزيمه 67 التي تداهم الاسره، تعطي معني سياسيا اعمق، فالنظام الذي يهيمن عليه شخص واحد، لابد ان ينتهي بكارثه.

تتوالي افلام عبداللطيف، الكثير من مشاهدها لا يبهت في الذاكره.. في «قمران وزيتونة» 2001. اي طفلان وصبيه، يعيشون حياه ضنينه في قريه منسيه بالريف، وبينما الاب مصاب وقعيد اثر اصابته في الحرب ضد اسرائيل، تمارس الام قمع ابنائها، الذين يقع عليهم قمعا اشد، من مدير المدرسه الفظ ــ اسعد فضه ايضا ــ وتحت المطر، وعقاب الصبيه، عليهم تحيه العلم والهتاف بينما الدموع تسيل من ماقيهم.

  جهاز «الراديو»، يلعب دورا مهما في «ليالي ابن اوي» ويشغل حيزا اوسع في «ما يطلبه المستمعون» 2003، الذي يمس شغاف القلب، خاصه فيما يتعلق بقصه الحب الرقيقه بين شاب وفتاه، في القريه النائيه، ويغدو امله، الذي تعرفه هي وتتمناه، ان يذكر اسمه واسمها، في برنامج «ما يطلبه المستمعون»، حيث يهديها اغنيه لفيروز.. لكن الشاب يغادر الدنيا شهيدا، اثر غاره اسرائيليه علي موقعه العسكري.. وفي مشهد مهيب، لا ينسي، يعتمد علي مفارقه انسانيه مبلله بالشجن، ياتي موكب الشهيد، محمولا علي الاعناق، ملفوفا بالعلم، بينما صوت فيروز يتهادي، بالاغنيه المهداه للحبيبه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل