المحتوى الرئيسى

دار الإفتاء تجيبك: ما حكم سماع الموسيقى والأغاني؟

11/26 09:18

هل الموسيقي حرام؟ ما حكم سماع الاغاني؟ هل الاستماع الي الآلات الموسيقية يجوز ام لا؟ اسئله متعدده ذات مضمون واحد، حكم الموسيقي والغناء.. جمعناها وذهبنا بها دار الافتاء لنحصل علي جواب تطمئن اليه قلوبنا، وهكذا توجهنا بالسؤال:

ما حكم سماع الموسيقي والاغاني؟

فاجابت دار الافتاء ما نصه:

الموسيقي: علم يُعرَف منه احوإل ألنغم والايقاعات، وكيفيه تاليف اللحون، وايجاد الالات، وتطلق كذلك علي الصوت الخارج من الات العزف.\nومسألة سماع الموسيقي مساله خلافيه فقهيه، ليست من اصول العقيده، وليست من المعلوم من الدين بالضروره، ولا ينبغي للمسلمين ان يفسق بعضهم بعضًا ولا ان ينكر بعضهم علي بعض بسبب تلك المسائل الخلافيه؛ فانما ينكر المتفق عليه، ولا ينكر المختلف فيه، وما دام هناك من الفقهاء من اباح الموسيقي -وهؤلاء ممن يُعتَدُّ بقولهم ويجوز تقليدهم- فلا يجوز تفريق الامه بسبب تلك المسائل الخلافيه؛ خصوصا انه لم يرد نص في الشرع صحيح صريح في تحريم الموسيقي، والا ما ساغ الخلاف بشانها.

وذهب كثير من المحققين من اهل العلم -من الصحابه فمن بعدهم- الي ان الضرب بالمعازف والالات ما هو الا صوتٌ: حَسَنُه حَسَنٌ وقبيحُه قبيحٌ، وان الايات القرانيه ليس فيها نهي صريح عن المعازف والالات المشهوره، وان النهي في حديث البخاري انما هو عن المجموع لا عن الجميع؛ اي ان تجتمع هذه المفردات في صوره واحده، والحِرُ هو الزنا، والحرير محرَّم علي الرجال؛ فالمقصود النهي عن الترف وليس المقصود خصوص المعازف، وقد تقرر في الاصول ان الاقتران ليس بحجه؛ فعطف المعازف علي الزنا ليس بحجه في تحريم المعازف، وان الاحاديث الاخري منها ما لا يصح ومنها ما هو محمول علي ما كان من المعازف ملهيًا عن ذكر الله او كان سببًا للفواحش والمحرمات؛ فالصحيح منها ليس صريحًا، والصريح منها ليس صحيحًا. وهذا مذهب اهل المدينه، وهو مروي عن جماعه من الصحابه، وعلي هذا المذهب ابن حزم وأهل الظاهر وبعض الشافعيه ومنهم الشيخ ابو اسحاق الشيرازي والقاضيان الماوردي والروياني والاستاذ ابو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي والرافعي وحجة الإسلام الغزالي وابو الفضل ابن طاهر القيسراني والامام عز الدين بن عبد السلام وشيخ الاسلام تقي الدين بن دقيق العيد وعبد الغني النابلسي الحنفي.. وغيرهم.

وقد صنف في اباحه الالات والمعازف جماعه من اهل العلم: كإبن حزم الظاهري في رسالته في "السماع"، وابن القيسراني في كتاب "السماع"، والادفوي في "الامتاع باحكام السماع"، وابي المواهب الشاذلي المالكي في "فرح الاسماع برخص السماع"، وغيرهم كثير.

وممن صرح باباحه الالات والمعازف حجه الاسلام الغزالي رحمه الله حيث قال في "إحياء علوم الدين": "اللهو معين علي الجِد، ولا يصبر علي الجِدّ المحض والحق المر الا نفوس الانبياء عليهم السلام؛ فاللهو دواء القلب من داء الاعياء والملال؛ فينبغي ان يكون مباحًا، ولكن لا ينبغي ان يستكثر منه، كما لا يستكثر من الدواء. فاذًا اللهو علي هذه النيه يصير قربه، هذا في حق من لا يحرك السماع من قلبه صفه محموده يطلب تحريكها، بل ليس له الا اللذه والاستراحه المحضه، فينبغي ان يُستحب له ذلك ليتوصل به الي المقصود الذي ذكرناه، نعم هذا يدل علي نقصان عن ذروه الكمال؛ فان الكامل هو الذي لا يحتاج ان يُرَوِّح نفسه بغير الحق، ولكن حسنات الابرار سيئات المقربين، ومن احاط بعلم علاج القلوب ووجوه التلطف بها لسياقتها الي الحق علم قطعًا ان ترويحها بامثال هذه الامور دواء نافع لا غني عنه".

ونقل الشوكاني في "نيل الاوطار" في باب "ما جاء في اله اللهو" اقوال المحرمين والمبيحين، واشار الي ادله كل من الفريقين، ثم عقب علي حديث: "كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو بِهِ الْمُؤْمِنُ فَهُوَ بَاطِلٌ الاَّ ثَلاثَهٌ: مُلاعَبَهُ الرَّجُلِ اَهْلَهُ، وَتَاْدِيبُهُ فَرَسَهُ، وَرَمْيُهُ عَنْ قَوْسِهِ" بقول حجه الاسلام الغزالي: "قلنا: قوله صلي الله عليه واله وسلم (فهو باطل) لا يدل علي التحريم، بل يدل علي عدم فائده"، ثم قال الشوكاني: "وهو جواب صحيح؛ لان ما لا فائده فيه من قسم المباح"، وساق ادله اخري في هذا الصدد، من بينها حديث من نذرت ان تضرب بالدف بين يدي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ان رده الله سالمًا من احدي الغزوات، وقد اذن لها رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بالوفاء بالنذر والضرب بالدف. رواه الترمذي وصححه من حديث بريده رضي الله عنه، فالاذن منه يدل علي ان ما فعلته ليس بمعصيه في مثل ذلك الموطن.

وقال ابن حزم في "المحلَّي": "ان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم قال: "انَّمَا الاَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَي"؛ فمن نوي باستماع الغناء عونًا علي معصيه الله تعالي فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوي به ترويح نفسه ليقوي بذلك علي طاعه الله عز وجل وينشط نفسه بذلك علي البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعه ولا معصيه، فهو لغو معفو عنه؛ كخروج الانسان الي بستانه متنَزِّهًا، وقعوده علي باب داره متفرجًا، وصباغه ثوبه لازورديًّا او اخضر او غير ذلك، ومد ساقه وقبضها وسائر افعاله" اهـ.

ونخلص في كل ما سبق الي ان الغناء باله -اي مع الموسيقي- وبغير اله: مساله ثار فيها الجدل والكلام بين علماء الاسلام منذ العصور الاولي؛ فاتفقوا في مواضع، واختلفوا في اخري.

اتفقوا علي تحريم كل غناء يشتمل علي فحش، او فسق، او تحريض علي معصيه؛ اذ الغناء ليس الا كلامًا: فحسنه حسن وقبيحه قبيح، كل قول يشتمل علي حرام فهو حرام، فما بالك اذا اجتمع له الوزن والنغم والتاثير؟

نرشح لك

أهم أخبار دين ودنيا

Comments

عاجل