المحتوى الرئيسى

الدور المصرى فى غزة 2012

11/26 08:56

 كنتيجه متوقعه للحاله الثوريه التي تمر بها البلاد منذ انطلاق ثوره يناير 2011، فقد طورت مصر من تعاطيها السياسي مع ازمه غزه، مواصله ذات استراتيجيتها في دعم التسويه السلميه، ومستخدمه في ذلك معظم ادوات السياسه العامه للدوله. فاعلاميا، شنت مصر حمله منظمه لرفض الغارات الاسرائيليه علي غزه، كانت مادتها الرئيسيه قرار السيد رئيس الجمهورية بعد ساعات من بدء الغارات في 14 نوفمبر الحالي بسحب السفير المصري من تل ابيب، وتكليف رئيس الحكومه بزياره غزه، فضلا عن كلمتي السيد الرئيس يومي 15 و16 من الشهر الحالي.

واقتصاديا واجتماعيا، شهد معبر رفح تدفق زيارات المسانده من الافراد ومنظمات المجتمع المدني واحزاب سياسيه مصريه وقوافل طبيه واغاثيه مصريه الي قطاع غزه واستقبال الجرحي الفلسطينيين للعلاج بالمستشفيات المصريه.

وعسكريا، ساهمت المناورات التي قامت بها القوات المسلحة في سيناء خلال الشهر الحالي في رسم خلفيه المشهد لاثبات عوده الجيش بدمائه الجديده الي الاضطلاع بمهمته المقدسه في حمايه حدود الوطن، وجاهزيه العسكريه المصريه للتعامل مع ايه متغيرات اقليميه.

سياسيا، تعاملت مصر رسميا مع الحدث بمقاربه قوامها الفعل لا رد الفعل، وذلك علي مستويين: احدهما دبلوماسي يتمثل في سحب السفير المصري من تل ابيب بعد ساعات من بدء العدوان الاسرائيلي، واستدعاء وزارة الخارجية المصرية للسفير الاسرائيلي بالقاهره وتسليمه رساله احتجاج بشان هذا العدوان والتاكيد علي ضروره وقفه فورا، وزياره السيد رئيس الوزراء لغزه في 16 من الشهر الحالي، ودعوه مصر لعقد جلسه طارئه لمجلس الأمن وعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجيه العرب للتباحث بشان الاعتداء علي الشعب الفلسطيني، حيث قرر ذلك الاجتماع الذي عقد بالقاهره في 17 من الشهر الحالي تشكيل وفد من وزراء الخارجيه العرب لزياره غزه ودعم الجهود المصريه للتوصل الي هدنه بين حماس واسرائيل. وعلي المستوي الامني، توسط جهاز الاستخبارات المصري بين الاطراف المعنيه لابرام هدنه بين حماس واسرائيل برعايه مصريه، والتي دخلت حيز النفاذ مساء 21 نوفمبر الحالي بعد اسبوع من بدء العدوان.

 وقد تمخض هذا الاداء المصري عن نتائج، منها:

●● التاكيد علي عوده الدور الاقليمي لمصر، باعتبارها رقما لا يمكن اغفاله في معادله الامن الاقليمي وبوابه عبور يصعب تجاهلها في التسويه السلميه بالمنطقه.

●● استمرار مصر تحت حكم رئيس منتم الي جماعه الاخوان المسلمين في لعب دور الطرف الثالث في تلك التسويه، رغم المعارضه الكلاسيكيه التي تلاقيها التسويه من قبل التيار الاسلامي منذ زياره السادات للقدس عام 1977. ويؤكد هذا الاستمرار غياب التغير الراديكالي في السياسه الخارجيه المصريه بعد الثوره، حيث ان مكمن القصور في تلك السياسه لم يكن اساسا في التوجه بقدر ما كان في مدي استقلاليتها، وممارسه الدور، وطبيعه المؤسسات التي تقوم بتلك الممارسه. ربما تطور دور الطرف الثالث من مجرد المساعي الحميده good offices او التيسير facilitation الي الوساطه mediation ما يعني تامين المصالح المصريه في هذه التسويه.

●●جاء النفي الرسمي الصادر عن رئاسة الجمهورية لشائعه تفويض رئيس الجمهوريه للقائد العام للقوات المسلحه باعلان التعبئه العامه ليفصل بين التحرك الدبلوماسي والاعلامي النشط من جهه وبين التورط العسكري من جهه اخري، لا سيما ان الخبره التاريخيه تشير الي ان الثورات والانقلابات العسكريه قد تكون احدي نتائج حرب (كالثورتين البلشفيه والالمانيه اللتين اندلعتا ابان الحرب العالمية الاولى، وثوره يوليو 1952 التي كانت احدي دوافعها حرب 1948) او ان تكون احد اسباب حرب (كالثوره الفرنسيه التي كانت ضمن اسباب الحروب النابوليونيه، وثوره يوليو 1952 التي ادي مسارها الي حرب السويس عام 1956، والثوره الايرانيه التي اعقبتها حرب الخليج الاولى 1980ــ 1988). كما ان التحرك العسكري غير المدروس في ظل مرحله انتقاليه قد يعود بالعسكريين بقوه الي واجهه المشهد السياسي، وهو ما لا يتمناه شعب بالكاد تخلص بعد ثوره مدنيه من حكم عسكري استمر قرابه السته عقود. وبوجه عام، يستبعد وقوع حرب مع اسرائيل في مرحله ما بعد ثوره يناير 2011 بالنظر الي ما اسلفناه من غياب التغير الراديكالي في السياسه الخارجيه المصريه؛ بالنظر الي ان الثوره المصريه بالاساس اجتماعيه غير مؤدلجه.

●● لم تخرج التظاهرات المسانده لغزه في 2012 بذات الكثافه التي خرجت بها في 2009 والتي بدورها لم تضاه التظاهرات التي واكبت الإنتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000؛ ولعل مرد ذلك تطور الاداء الرسمي المصري، ويضاف الي ذلك عامل مستجد وهو عبثيه تواجد تيار ما في السلطه والمعارضه في ذات الوقت.

●● حصلت حماس علي اعتراف واقعي، سواء من لدن الدول العربية التي اوفدت وزراء خارجيتها الي غزه في 20 نوفمبر الحالي، او من قبل اسرائيل التي عقدت الهدنه مع حماس، او من جانب الدول التي باركت تلك الهدنه وفي مقدمتها الولايات المتحده. غير ان ذلك الاعتراف الواقعي بحماس قد يمهد لاجتراح مقاربه جديده للتسويه تقوم علي حل «الثلاث دول»، بما يصب بالتاكيد في غير صالح القضية الفلسطينية، خصوصا مع التوجه الفلسطيني هذا الشهر الي الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول علي صفه دوله غير عضو.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل