المحتوى الرئيسى

الروائي حسين عبد العليم‏:‏ مهمة الإبداع قراءة التاريخ من الزوايا المنسية

11/19 23:04

في سنوات التكوين اتاح له مجتمع الفيوم رؤيه تفاصيل النسيج الانساني المصري‏,‏ وعلاقه المسلم بالمسيحي ضمن عاديه الحياه اليوميه‏,‏ فتشربت روحه التشابكات التاريخيه بلا عمد‏.‏وقرا في وقت مبكر قصه مهرج استبعده صاحب السيرك بسبب الشيخوخه,

ولفرط تاثره بالام المهرج احتفظ بها لسنوات, وحين فقدها حزن بشده, فنصحه والده ان يعيد كتابتها من ذاكرته. واضاف اليها من خياله حتي ظن انها افضل من القديمه, وفي كل الاحوال حسمت علاقته بفعل الكتابه.

وتولع بالقاهره عبر صديق اشعل ذهنه باخبار مقاهيها ومبدعيها, وحين انتقل اليها نهايه الستينيات راي يوسف ادريس ولويس عوض ونجيب محفوظ, وخالط العديد من كتاب الستينيات, واحترف القراءه, وادركته حرفه الادب, ونشر بعض اعماله علي استحياء في دوريات متفرقه, لنجد انفسنا الان امام مبدع عصامي خالص, اختط لنفسه اسلوبا يشبهه, صادقا جدا, وقليل الكلام.

رواياته بنفس القصة القصيرة كما وصفها علاء الديب, تحتشد بتفاصيل كثيره مختزله, لان الكتابه عنده مثل تشيكوف وابراهيم اصلان تعني الاختصار, وتبهر وجدان المتلقي بوميض الوعي الاسر, وتمتعه في ان.

روايتاه الاخيرتان موزاييك وزمان الوصل صدرتا معا. رصد في الاولي التدهور الذي داهم مصر مع الانفتاح الاقتصادي, واثاره التي تراكمت بالسلب تدريجيا فادت الي قيام ثوره يناير.

وفي الثانيه عرض لواقع عجائبي يعيشه صائد طيور, اضطره ضيق الحال لبيع بندقيته, والتخلي عن عشقه, واحاله تبدل الاحوال الي نقيضها الي طائر مهيض يتلهي به من افسدوا زمانه, وعجزه عن الافلات وسع المصيده لملايين مثله, لم يعد بامكانهم غير الحنين الي زمان الوصل.

ـ في روايتك الاخيره موزاييك رصدت تفاصيل تحلل القيم, كان لا احد يمتلك شيئا يخاف عليه, والمجتمع في حال مخيفه من السيوله, تطرح سؤالا جوهريا, من فعل بنا كل هذا ؟ هل يمكنك الاجتهاد في اجابه السؤال كما اجتهدت في احكامه ؟

من فعل بنا هذا؟ اعتقد انني اجبت بشكل درامي في اخر صفحتين من الروايه وهي حكايه تراثيه عن ديك كان مراوغا ومخاتلا, وحصل علي كل شيء من الناس ولم يعترض احد اما خجلا او اذعانا, نحن السبب وليس الديك. والروايه عرضت لفتره الانفتاح الاقتصادي ايام السادات, حين اخلت راسماليه جديده مختله بالعداله الاجتماعيه علي يد الانتهازيين الذين لا يعرفون من اوطانهم غير ما يقدرون علي خطفه منها, وكذا ظهور الفن الهابط في تلك الفتره التي ادت الي انهيار عام دفع الاوضاع في النهايه الي قيام ثوره25 يناير.

ـ وروايتك الجديده ايضا زمان الوصل تعد اول عمل في الادب المصري عن صيد الطيور, وعلاقه الصياد وبندقيته, وتشابكات حاله الصيد المدهشه, فمن الصياد ومن المصيد بنظرك, وهل بتنا طيورا يتلهي بنا البعض للتسليه؟

كنت من عشاق صيد الطيور, لكنني اقلعت عن تلك العاده السخيفه التي تقوم علي القتل, ونحن بالفعل بعد ثوره25 يناير صرنا طيورا يتلهي بنا البعض, لكننا لسنا فريسه دائمه ولا سهله كما قد يتوهم ذلك البعض, خاصه اذا كان الصياد اقل ذكاء.

ـ الراوي ذاته يبدو عصفورا مهيضا ينزف, كانه وقع في فخ قاس, وصيادون غلاظ القلوب هدموا عشه, وبددوا امانه, فبات يحوم حائرا بلا مستقر.. فاي الم هذا, ولماذا ابطالك حزاني الي هذا الحد؟

في زمان الوصل تحديدا كنت اشعر انني اصبحت في مكان ليس مكاني, وزمنا ليس زمني, واتوق للرحيل, وبت امل ان يعود زمن الوصل ولو ساعه واحده, وقد خففت ثوره يناير عني قليلا, ثم عادت واثقلتني باحزان مختلفه.

ـ روايه المواطن ويصا عبد النور تظهر حميميه نسيج المجتمع المصري, فالتسامح فيه ليس تفضلا من طرف علي الاخر, بل طبيعه جينيه, فهل هي استفاده بما عشته بنفسك في الفيوم, ام انشغال شخصي بالمسألة القبطيه؟

نعم التسامح جين طبيعي لدينا, وصفه اصيله في الشخصية المصريه, ولم يكن يوما تفضلا من طرف علي الاخر, وعندي انشغال قديم بالمساله القبطيه مضاد للتطرف من اي طرف, وهو احد اهم الهموم التي تتردد في اعمالي, واعتقد ان الادب قادر علي مواجهه التشوش الطائفي, والمشاركه في التنوير بشرط عفويه المعايشه والتناول, والا اصبحت الحكايه تلك الصوره الشهيره للشيخ وهو يسلم علي القس.

ـ في روايتك السابقه سعديه وعبد الحكم واخرون عرضت لزمن محمد علي ليس عبر وقائعه السياسيه الكبري, بل من خلال تفاصيل صغيره, مثل مهنه البغاء, ومدرسه الممرضات, واول استخدام للكلاب البوليسيه في مصر. فهل يمكن للابداع قراءه التاريخ من تلك الزوايا المنسيه ؟

اعتقد ان مهمه الابداع تحديدا هي قراءه التاريخ من الزوايا المنسيه.

ـ اشرت لتحطيم الخمارات واغلاق بيوت الدعاره وتشديد القوانين هل الروائي ملزم بالمعلومات الدقيقه عن المرحله التي يتناولها؟

الزم نفسي بالمعلومات الدقيقه عن المرحله التي اتناولها لان ذلك يعطي العمل مصداقيه وفي روايه سعديه وعبد الحكم كتبت ثبتا بالمراجع التي استخدمتها عن تاريخ الفتره وتاريخ الامراض والاحداث المهمه وحتي الاعلانات في الصحف. ان هذا النوع من الكتابه يتطلب قارئا جادا واعتقد انه موجود وان كان بنسبه قليله.

ـ نهلت بقدر كبير من ذكرياتك وحياتك الشخصيه, كما يبدو في اعمالك, فلاي مدي يمكن اخضاع التجارب الشخصيه لشروط الكتابه, وهل يكفي الحنين والاجترار لبناء ابداع؟

الذكريات والحياه الشخصيه يمكن فعلا اخضاعها لشروط الكتابه علي ان يحترس الكاتب من الوقوع في اسر جمالها, واستعاده الماضي ليست مجرد حنين, لكنها استحضار للماضي القريب ووضعه في حاله جدل حول الواقع المعيش, والمفارقه بين الماضي والاني تؤدي الي التوقف والدهشه, وتراكم الاندهاش يشارك بشكل او اخر في التغيير.

ـ الجنس في اغلب اعمالك يتجاوز الحسي الي الانساني, بمناي عن منطق التحليل والتحريم, فعل عفوي يعكس طبيعه الانسان, وشخصيه المتشدد تحظي باستخفاف ملحوظ, فهل هذا ناتج عن موقف فكري؟

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل