وحوش شبكة الانترنت
انهم مجهولون وخبثاء ومنتشرون في كل مكان في العالم الافتراضي. وهم ينشرون سمومهم في في منتديات النقاش وشبكات التواصل الاجتماعي ويتدخلون في مواقع الويكي (وهي المواقع المفتوحه، التي يستطيع المرء اضافه معلومات اليها وتعديلها)، وكذلك يقومون بتخريب المدونات. وتهدف هذه الاعمال الي تعطيل عمليه التواصل الاجتماعي الهادف في شبكة الانترنت. وتقوم هذه المجموعه المُلقبه بـ"متصيدي الانترنت" بكيل الشتائم للمشتركين في مجموعات النقاش واطلاق شعارات عنصريه مسيئه. يدًعون انهم يعرفون كل شيء وانهم افضل من الاخرين، ويعتبر بعضهم نفسه خبيراً و يعرف كل شيء والبعض الاخر يريد فقط التدمير كما يدوس الاطفال المنحوتات الرمليه علي الشاطئ، ومنهم من يقوم بالاستفزاز المتعمد. والعديد من اتباع هذه المجموعه يستخدم عاطفته لجذب اهتمام الناس خصوصا عندما ينزعجون من موضوع معين.
ولا يحتاج الشخص لكثير من الوقت للبحث عن هؤلاء المخربين، فمنهم مثلاً كثير من مشجعي انديه كره القدم في شبكه التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث تصف مجموعه مثيري الشغب الالكتروني نفسها بـ"المعجبين" ولكنها لا تخفي خيبه املها عن اداء فريقها. فهذا ما يُمكن ملاحظته عند فريق كولونيا الذي يُنافس في دوري الدرجه الثانيه الالماني، فبعد هزيمه الفريق المفاجئه الاسبوع الماضي قامت هذه المجموعه بسب لاعبي الفريق بالفاظ سلبيه مثل "لاعبون مملون لا يستطيعون اللعب"، "فاشلين"، "حمقي" و "شكرا ليوم الاحد السيء الذي عشناه معكم". وادت هذه الالفاظ الي تعجب المستخدمين الاخرين من سرعه تدني مستوي التعليقات وخاصه في حاله خساره الفريق المفضل.
صفحه تستفيد من "السلوك السيء"
يُمكن للشخص العادي العثور علي اسوا من هذه التعليقات علي صفحة انترنت تُطلق علي نفسها اسم "hatr.org" حيث يتم بالفعل تجميع جميع تعليقات "المتصيدين" السيئه المتواجده علي الصفحات المختلفه. وتفضل مجموعه "متصيدي الانترنت" كتابه تعليقاتها علي مدونات مكافحه العنصريه والمدونات الانثويه اومدونات الشذوذ الجنسي. وتُذكر هناك بعض الكلمات التي من الممكن ان يتقدم المرء بشكوي ضدها في الحياه "العاديه" مثل بعض الاهانات والشتائم الجنسيه، والعنف اللفظي والتفاخر بمعتقل اوشفيتز الذي اسس في عهد النازيه الالمانيه. واعضاء هذه الصفحه المخيفه يمكن ان يكونوا جيرانك الذين تراهم كل يوم.
وعند فتح صفحه "hatr.org" تجد رساله تحذيريه تقول: "محتوي هذه الصفحه قد يؤدي الي اثاره او استرجاع الذكريات المؤلمه ومشاعر الخوف، وهو امر يصعب تحمله. فكر جيداً اذا كنت مستعداً لمواجهه هذا الامر".
ولا تهدف صفحه "hatr.org" فقط لعرض جميع تعليقات "متصديو الانترنت"، لكن القائمين علي الصفحه ذكروا ايضاً في بيان علي موقعهم الالكتروني انهم يريدون الاستفاده من "السلوك السيء لهؤلاء الاشخاص لجني المال من وراء ذلك". "انهم يسعون لاستثمار مردود الصفحه في مشاريع اخري جيده".
يمكن لاي شخص بان يكون صيادا
ترجع كلمه "ترول" الي الميثولوجيا النوردية، حيث كانت تصف وحشاً خرافياً مخيفاً يسكن الكهوف او يقيم تحت الارض في غابات شمال اوروبا. كما تُستخدم كلمه"trolling" في اللغة الإنجليزية لوصف نوع معين من الصيد وبالتحدد عندما تُلقي شبكات الصيد علي الماء. كذلك يريد "متصيد الانترنت" الصيد ولكن في الحياه العامه. فمن هذا المُنطلق يصلح بشكل عام شعار "don't fedd the Trolls" "لا تُطعم الصياد" فهذا الشعار يعني عدم اظهار رده فعل علي افعال صيادي الانترنت والتعامل معها بكل برود اعصاب.
ومن وجهة نظر مصمم الاتصالات شتيفان كرابيتس، الذي كتب مشروع تخرجه عن مجموعه "متصيدي الانترنت" انه يمكن النظر لهذه المجموعه بشكل مختلف، فهو يعتبرهم جزءا لا يتجزا من المجتمع، حيث ذكر علي موقع تسايت اونلاين الالماني ان"هذه المجموعه موجوده قبل ظهور الانترنت". ويوضح كرابيتش وجهه نظره مشبهاً "متصيدي الانترنت" بالمشردين الذين يعشون في ساحات الاسواق وفي صناديق القمامه. ويضيف انه يمكن لـ"ترول الإنترنت" في وقتنا الحاضر اظهار قدرات فنيه وسياسيه، موضحاً: " لو غض المرء النظر عن الكلام البغيض وعن المضايقه بالانترنت، يجد ان متصيد الانترنت يقوم بتسليه الكثير من الناس وليس فقط تسليه نفسه".
علي سبيل المثال، لا يضيع مستخدم فيسبوك، بيتر س. علي نفسه فرصه تقيم الاحداث الرياضيه والبرامج التلفزيونية بتعليقات ولا يسلم احدا من تعليقاته، وتحصل تعليقاته الشريره الدائمه علي عدد ضخم من نقرات الاعجاب.
هل يستطيع المرء ذكر الثقافه ومجموعه متصيدي الانترنت في جمله واحده؟ نعم يستطيع المرء ذلك. فبغض النظر عما اذا كان مستوي هؤلاء الاشخاص هابط او سخيف او مضحك فانهم جزء لا يتجزا من شبكه الانترنت. وتعتبر شبكه الانترنت شبكه حره لا تعرف التفريق بين الجيد و السيء مقارنه بمستخدمين الانترنت. ومما يجعل هذه المجموعه من الاشخاص ثقافه بحد ذاتها هو انها استطاعت خلق لغه خاصه بها ورمز دائم التجدد لشريحه معينه من الناس.
Comments