المحتوى الرئيسى

إبراهيم عيسى يكتب: زمن بلا أنصار

11/10 10:17

رغم وصيه الرسول الكريم للمسلمين جميعا «استوصوا بالانصار خيرا» فانه بنبوّته ورؤيته وابوته كانه كان يعرف ماذا سيحدث لهم، فخاطبهم ذات مره: «انكم ستلقون بعدي اَثَره فاصبروا حتي تَرِدُوا علي الحوض».

والحقيقه التي يحاول الباحثون اخفاءها في هوامش الكتب ان الانصار نالوا من الاذي كثيرا، كانها كانت تصفيه سياسيه لهؤلاء النبلاء، فالذي جري بعد ان بايع الانصار سعد بن عبادة خليفه لرسول الله في سقيفة بني ساعدة بعد وفاه النبي بيومين، ان جاءهم الصحابه المهاجرون الكبار، ابو بكر وعمر وابو عبيده بن الجراح، وبعد مناظره حاده وملاسنات وصلت الي التشابك بالايدي وكادت تتجاوز ذلك، تمّ الاتفاق علي ان من المهاجرين اميرا ومن الانصار وزيرا مشيرا، ثم تغلبت كفه الصدِّيق أبي بكر فترك الانصار بيعه سعد الي ابي بكر، وقيل ان الانصار احس بعضهم ندما بعدها، لكن من يومها بدا ان التنافس لعب دورا في حفر فجوة ظلت محدوده جدا كانها الشرخ غير المنظور بفضل عظمه وروعه ومجد الصدِّيق والفاروق.

لكن اتسع الشرخ وتعمقت الفجوه في عصر عثمان بن عفان رضي الله عنه حين تولي بنو امية مقاليد الامور فاندلعت ثوره ضد عثمان كان للانصار في المدينه دور كبير فيها، ولاحظ ان قليلا منهم، بل النادر جدا، مَن ترك مدينه رسول الله الي الشام والعراق ومصر.

ومن ثم ظلوا علي حالهم المالي في الوقت الذي كان فيه رجال الغزو والفتح والامراء علي البلدان الاسلاميه الجديده يزدادون غنًي وثراءً وممتلكات خاصه من بني أمية، الدم الذي اريق من سيدنا عثمان حمّل بنو اميه مسؤوليته للانصار خصوصا وقد كان الانصار من اكبر مؤيدي سيدنا علي بن أبي طالب امام المتقين في مواجهته لمعاويه، وكان معظم شيعه عليّ من انصار النبي صلي الله عليه وسلم ومن اولادهم، الامر الذي جعل ثارا سياسيا يغلي لدي بني اميه، وتم اضطهاد كثيرين منهم في عهد معاويه وتعنت اميره معهم الي حد لا يحتمله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

نصروا الرسول وانتصروا للرساله، لكن الوضع تفاقم في عصر يزيد بن معاويه حتي انه احل دم واعراض اهل المدينه من الانصار ثلاثه ايام وليالٍ في حادثه من اكثر حوادث المسلمين سوادا وعتمه في ما عُرف بـ«الحَرَّه».

وراح ضحيتها عشره الاف من اهل المدينه، وقيل اقل، وسُفكت الدماء وابيحت الاموال واغتُصبت النساء، ويقول البخاري: «ثم وقعت الفتنه الثانيه (يعني الحره) فلم يتبقَّ من اصحاب الحديبيه احد»، وعن مالك بن أنس قال: «قُتل يوم الحره مِن حمله القران سبعمئه»، وتصاعدت محنه الانصار يوما بعد يوم حتي ان المفسر والمؤرخ الطبري يذكر في كتابه عن الحَجَّاج بن يوسف الثقفي واصفا ما فعله بالمدينه واهلها من الانصار: «فاقام بها ثلاثه اشهر يتعبث باهل المدينه ويتعنتهم».

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل