المحتوى الرئيسى

سلام الربضي يكتب :البيئة والسياسة: دهشة العالم؟

11/01 10:55

الاهتمام بالقضايا البيئيه له جذور اعمق من مجرد الخطر المحتمل. اذ يمثل تغير المناخ، اولاً وقبل كل شيء تحدياً فريداً للانسانيه... انه تحدٍ للابداع الثقافي والاجتماعي، ولكيفيه التعامل مع الظروف المتغيره، ولقدراتنا الانسانيه الاخلاقيه علي العمل المستقبلي، استجابه لخطر ستكون له اثاره، علي حياه الاجيإل آلقادمه. فالتحديات المفروضه، والاستجابات المنشوده والقضايا المطروحه، لا تنطوي علي ما هو اقل من ثوره تقنيه واجتماعيه، لتطوير الوعي المجتمعي، لكوكب فاقت احتياجاته موارده من الطبيعه. فالمسألة البيئيه تمثل قضيه سياسيه، بحيث لم يعد في الامكان، ان يتجاهلها اي مجتمع من مجتمعات السياسة الخارجية.

ويمثل الكثير من المؤشرات البيئيه، تفسيرات محتمله - تخضع لعوامل زمنيه وقصور الشعور بالعجله - لواقع ان غالبيه الدول تنتهج سياسه «لننتظر ونر». بالاضافه الي عدم ممارسه المستويات السياسيه العليا، لاي ضغوط. اذ لا يمكن معظم البروتوكولات البيئيه، ان تكون نافذه، من دون اراده ومشاركه ومساءله الدول والمنظمات الدوليه والمجتمع المدني. كما ان المفاوضات البيئيه، المعنيه بمساله سلامه الارض، تتراوح بين عدم احراز التقدم الكبير، وعدم الوقوع بالفشل. وعلي رغم حصول تقدم مهم بالنسبه الي القضايا التي يغلب عليها الطابع التقني، الا ان من الواضح ان التقدم بطيء في المسائل السياسيه.

ولم يحدث ما من شانه ان يحجب البطء الذريع، الذي منيت به المفاوضات المتعلقه بالمساله البيئيه. وهو ما يبدو واضحاً، ليس فقط داخل قاعات المفاوضات، بل وايضاً، داخل المجموعات العليا للسياسه. مثال ذلك، ان قضيه المناخ وتغيراته، كانت من ابرز واهم موضوعات البحث في قمه الالفيه للأمم المتحدة، بيد انها تراجعت واضحت خارج جدول اعمال كبار السياسيين في العالم، علي رغم الفولكور في تزعم رؤساء الدول، المؤتمرات البيئيه السنويه.

وفي ضوء التسليم بحاله البلبله والشكوك الموروثه، في شان تاثير النشاطات الانسانيه في التغيرات المناخيه يبقي التساؤل:

لماذا يقف العالم حائراً؟ ولماذا تفشل المفاوضات البيئيه؟ وفيما اذ يتعين علي المجتمع العالمي ان يقرر، ما اذا كان لا بد من تعزيز البروتوكولات البيئيه، ام التخلي عنها؟

يقف النظام البيئي العام، عند مقترف طرق. ويبدو، ان الاطراف العالميه تعي وتدرك، عواقب التخلي عن السياسات البيئيه المستدامه، والتي تؤدي الي:

اولاً: اعاقه تنفيذ الاستراتيجيات البيئيه لحمايه مناخ الارض لمده قد تصل الي عشرات السنوات.

ثانياً: تثبيط كل الجهود الراميه الي تطوير النظام البيئي، وفقاً لتحليلات بعيده المدي. مثال علي ذلك، ان صفقه الحزمه المقترحه في اتفاقية كيوتو، اضافت كماً هائلاً من المشكلات الجديده، ليس اقلها السماح بانشطه خفض اضافيه، وبيع الحصص.

وثمه اسباب كثيره، تفسر لماذا لم تحرز المفاوضات اي تقدم حقيقي يتجاوز القضايا التقنيه، منها:

1- ما هو قائم علي ضعف اداء بعض الاطراف والتميز بديبلوماسيه التشظي والاكتفاء برد الفعل وتعذر التنسيق بين الاطراف المتنافره وتحويلها الي فرق متناغمه.

2- عدم السماح بتطوير ديبلوماسيه استراتيجيه التفاوض الطويله الامد نظراً لان كل رئاسه لها طموحاتها وأولوياتها الخاصه... اضافه الي عدم استقرار المشاركين في المفاوضات والذين يتم استبدالهم بين الحين والاخر. 3- عدم النهوض بوضع دراسات تحليليه شامله، وتحسين القدرات التفاوضيه، علي المستوي الاستراتيجي والتكتيكي. وهذا ما يبدو واضحاً من المشكلات الهيكليه.

4- تعاني عمليه المفاوضات البيئيه ما بعد كيوتو، من عبء عمل مرهق، اذ اصبح النظام شديد التعقيد. حتي بات مستحيلاً علي اي فرد ان يتبين ما حوله. فقنوات المعلومات الكثيره واللازمه لمتابعه سير العمل، لا تتوافر الا لرؤساء الوفود الكبري، ولبعض كبريات المنظمات غير الحكوميه.

وفي ما يتعلق بكيفيه تقويم المفاوضات البيئيه، فان الخطر الذي يهدد سلامه البيئه من فشل المفاوضات، لا يكمن اساساً في الفشل علي المدي القصير - علي ما يقتضيه الفهم العلمي - وانما يكمن في تحدي النظام البيئي الذي يتشكل. لهذا، فان سلامه البيئه ستكون عرضه لخطر شديد، اذا ما اهتزت قواعد النظام - علي نحو ما يحدث - لو امكن التخلي عن الطبيعه الملزمه للتعهدات البيئيه، من دون وجود اي مساءله. اذ ان اي ثغره مهما كانت بسيطه، ستكون غير مقبوله، اذا ما كانت تنطوي علي خطر. فمثلاً، ان تحديد سقف صارم في شان استخدام التخفيضات الدفيئه سيقلل من احتمالات التدمير. ولكنه، قد يصل الي حد اعاده التفاوض بصوره خافيه حول الاهداف الكميه، وسيؤدي الي المساومه بشان الطبيعه الملزمه قانوناً بهذه الاهداف، طالما ان تقويم الامتثال سيكون امراً شديد الصعوبه، بل ومثاراً لمزيد من الخلاف، اكثر مما هو الحال مع الكثير من القواعد الحاليه.

ومن خلال تتبع مسار المفاوضات المناخيه العالميه، ومن اجل انتظار فكر بيئي مستقبلي جديد، هنالك مجموعه من الدروس الواجب استخلاصها. منها:

- ان الادله العلميه المدعمه، والاهتمام العام المضاعف، لا تضمن نجاح المفاوضات. فالواقع انها في بعض الظروف قد تجعل التوصل الي اتفاق اكثر صعوبه.

- المفاوضات البيئيه، ذات وضع سياسي شديد البروز، بطريقه مثيره للجدل... مما يتطلب زياده الفهم الاكثر عمقاً، للمواقف السياسيه. وتحديداً ما يتعلق باتساع الهوه في المواقف، بين الدول المتقدمة والدول الناميه، وايضاً داخل الدول المتقدمه نفسها.

- ان عدم انتشار معرفه الاثار المدمره التي ستحدثها التغيرات البيئيه، تظهر ان واضعي السياسات في الدول الناميه، لا يعطون القضايا المناخيه اولويه متقدمه.

فباستثناء بعض الدول، فان الكثير من الدول الناميه تذهب الي المفاوضات، وهي غير مؤهله للتعامل مع مجموعه من القضايا السياسيه والفنيه. وفي اغلب الحالات، هناك مجموعه صغيره من الاشخاص في كل بلد، تفهم ما يترتب علي تلك المتغيرات من عواقب قوميه، واقل منهم لديهم القدرة علي متابعه عمليه المفاوضات العالميه. وهذا الامر مفهوم في ظل موارد هذه الدول الماليه والبشريه المحدوده، وذلك يعني ان دبلوماسيي الدول الناميه، كثيراً ما ياتون الي المؤتمرات الكبري، ليعلنوا مواقفهم التي يعاد تدويرها سنوياً، او يقتصرون علي تقديم مطالب - قد تكون في نظر البعض - غير واقعيه من الناحيه السياسيه، للحصول علي موارد ماليه، وبرامج نقل التكنولوجيا.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل