المحتوى الرئيسى

د.محمد حافظ دياب: مليون ونصف سلفى فى مصر لديهم 15 ألف مسجد وزاوية

10/23 13:31

الدكتور محمد حافظ دياب أستاذ علم الاجتماع القدير وشيخ الدراسات الأنثروبولوجية فى الجامعات المصرية والعربية المعروف، وخبير تحليل الخطاب المعاصر، قدم مكتبة من الدراسات والمؤلفات التى تغطى مساحات عريضة من التحليل الاجتماعى والثقافى لظواهر المجتمع المصرى المعاصر، من أهمها قراءاته للخطاب الإسلامى فى عدد من وجوهه ومظاهره، منها دراسته القيّمة (الإسلاميون المستقلون الهوية والسؤال)، وكتابه المرجعى (سيد قطب الخطاب والأيديولوجيا) الذى قام فيه بمساءلة الخطاب «القطبى»، والكشف عن آلياته ومرجعياته الفكرية، وقدم تحليلًا وافيًا لأهم أفكاره الأصولية وردها إلى مصادرها العميقة فى تكوينه وثقافته.

فى هذا الحوار يكشف الدكتور دياب عن رؤيته لواقع تيارات الإسلام السياسى فى مصر، ويرسم خارطة لتوجهاتها ومرتقباتها على الساحة السياسية الراهنة، كما يقدم تحليلات نافذة للواقع السياسى والثقافى والاجتماعى لمصر الثورة.

■ كيف تتأمل المشهد الراهن ونحن نقترب من العامين على قيام الثورة؟ ما الذى تحقق منها وما الذى يتبقى؟!

- يشير تأمل الحالة المصرية عموما إلى أعراض مرضية، تمس فى العمق مختلف جوانب البناء الاجتماعى والاقتصادى والسياسى، خصوصا تلك التى أصابت موحدات النسيج المصرى، لعل من أبرزها:

عدم القدرة على إنتاج توافقات حول الحدود الدنيا فى علاقاتنا بذواتنا وتاريخنا، تآكل المشروع المصرى للوحدة الوطنية الذى تأسس فى إطار الحركة الوطنية الدستورية المعادية للاستعمار، تباعد العلاقة بين المجتمع والدولة وما أدى إليه من غياب الرقابة على الأداء العام واستمرار التبلد والجمود، الإخفاق فى تجديد وتفعيل شكل النظام السياسى الملائم، العجز عن إدارة التنوع والتعددية بأطيافها، الخلل فى أنظمة التعليم والإعلام والثقافة، سيطرة قيود وحدود ذهنية سلفية طبعت مناهج تفكيرنا الدينى بتفسيراتها المخاتلة وتأويلاتها الشكلية.. وكلما لم تسهم فى الخروج من الأزمة أو تجاوز رهاناتها المتعثرة.

ما العمل إذن؟ وهل ثم إمكانية للحديث عن احتمالات مستقبلية لهذه الوضعية، تعبر عن نفسها فى أحد مشاهد ثلاثة:

أولها: مشهد التدجين، وهو ما يمكن أن يتحقق فى ظل المتغيرات والوقائع التى يجرى تثبيتها آنيا عبر أساليب عدة: أخونة المؤسسات والمحليات قصد تطويقها فى مسار أهداف الجماعة.. التضييق على المثقفين والفنانين من قبل المحتسبين الجدد، محاولات ترويض المجتمع المدنى ومنظماته غير الحكومية، تجريف شباب الثورة، تقويض شرعية العملية الانتقالية الدستورية والمؤسسات الديمقراطية الوليدة، وكلها أساليب مفارقة للتناقضات والمشكلات الحقيقية فى الواقع.

وثانيها: مشهد التهدئة، القائم على امتصاص «تشنجات» أوجه الاحتقان، وتسويتها تحت تأثير مهدئ أو آخر: ترحيل المشكلات الاقتصادية والاعتماد على حلها يوما بيوم، دون أن يحكمها أفق استراتيجى واضح.. محاولة إيجاد توازن بين القانونى والسياسى والدينى.. إحداث إصلاحات جزئية فى مجالى التعليم والصحة.. الاعتماد على المناورة فى معالجة حالات الاستقطاب والاحتقان التى خلقتها مساوئ المرحلة الانتقالية.. تكريس الرئاسة الجديدة لتقاليد «عشائرية» فى الحكم والتواصل مع الجماهير.. إلهاء الأقباط بنشر ما يسمى بـ«ثقافة التراضى» التى تعنى الاعتراف بالفارق الكيفى بين أقلية وأغلبية وتوطيده.. وتلوح قلة مردود هذا الجهد، بينما قصاراها لا يتعدى تنقية العلاقات، وإزالة «الشوائب» ونبذ الاحتقانات، والحضّ على عدم انتهاج العنف، والبث من الجوامع والقواسم، مقابل غياب القضايا المحورية التى تمس أمور المعاش والحقوق والحريات، بما يشى بأن الاحتقان يظل كامنا، ولابدا، وقابلا للانفجار فى أى لحظة، بمجرد ضعف أو تراخى تأثير عوامل التهدئة.

وأخيرا: هناك احتمال الخروج من هذا المأزق، وهو ما يعبر عنه مشهد تجاوزه، والذى يظل مشروطا بخيارات عملية، قائمة على تدابير محددة للفعل السياسى والاقتصادى والثقافى. وهنا، فإن سؤالك عما تحقق من الثورة، أو ما يتبقى منها، يظل مرهونا بفعل ثورى بدأ يوم 25 يناير 2011 ولا تزال تتواصل كفاحاته حتى اللحظة.

■ هل اختطفت الثورة؟ وممن؟ وماذا ينبغى أن يتم للتصدى لمن اختطفوها؟

- ما حدث منذ 25 يناير 2011 وحتى اليوم لا يخفى وجها من الخديعة، لكنه لا يوحى فى الحقيقة باختطافها. ربما أخفقت فى الوفاء بعهودها، أو افتقدت بعضا من بريقها، بينما لا يعنى ذلك عدم قدرتها على تخطى موانعها، وإن ظل ذلك مرهونًا باستحقاقات وشروط واقعية، يقف على رأسها تجسيد شعارات الثورة، كمطلب شعبى تدافع عنه وتتبناه مختلف قوى المعارضة، ويترجمه تعزيز مسار التحول الديمقراطى، من خلال إقرار دستورى متوازن يضمن عدم عودة الاستبداد، ووضع ضمانات للحريات العامة والفردية، إضافة إلى إقرار آليات للمحاسبة والرقابة على عمل المؤسسات السياسية والاقتصادية والإدارية، مع الوضع فى الاعتبار أن غالب فئات الجماهير المصرية قد أنهكتها الحاجة، وهمّشتها التبدلات الاقتصادية والاجتماعية، وأدخلتها فى دورة مزمنة متفاقمة الوقائع والنتائج، ولم تترك لها مؤسسات الملكية الخاصة شبرًا فى الفضاء العام، وحمّلها الاستبداد والفساد أثقال الحرمان، مما ألقى عليها مسؤولية مضاعفة من البحث عن لقمة العيش، وجعل انضمام فئات منها إلى الجماعات الإسلامية بمثابة المخرج والملاذ.

■ كيف ترسم خارطة التيارات السياسية المتأسلمة الآن فى مصر؟ وكيف تقرأ إمكاناتها وقدراتها الحقيقية على التغيير؟

- دعنا نتفق على أن الأمر حول هذه التيارات السياسية المتأسلمة، ومنذ سبعينيات القرن الماضى، يتعلق بتنامى وتشظى ممارساتٍ ازداد الجدل بشأنها، لا على أنها مجرد استيقاظ على العائد الدلالى للإسلام، بل كحركة اجتماعية تطلب المشاركة، وترمى إلى إعادة الصياغة الإسلامية للمجتمع المدنى والثقافة، واستعادة الوحدة الروحية للجماعة المسلمة، مما جعلها تتقدم كإطار لاستيعاب عوامل الصراع الوطنى والطبقى والديمقراطى فى مصر، وكبديل لجميع المعادلات الأيديولوجية الأخرى، تلك التى أخفقت مشروعاتها التنموية، وفشلت فى التعامل مع الحداثة بطريقة عقلانية ونقدية.

لقد أضحت هذه التيارات تمثل قوى مجتمعية واسعة الانتشار، وعميقة الجذور الشعبية، على حساب اطراد هامشية القوى الأخرى، الليبرالية واليسارية، ويعود ذلك إلى ممارستها العمل الاجتماعى والسياسى وسط عامة الناس لسنوات طوال، وفى ظروف بالغة الصعوبة تحت طائلة الحكم التسلطى، وقد دفعت ثمن هذا الاختيار تنكيلا وسجنا وتعذيبا، واستحقت لذلك جائزة اتساع القبول الشعبى، والتأييد السياسى عند الحاجة..

وفى المقابل، مالت القوى الأخرى إلى التركيز على المنشورات وصالونات الفكر والثقافة، مأمونة العواقب، ومعقّمة الممسك، وكأنها تعاف «قذى» الالتحام بحاجات الجماهير وحركتها.

كذلك أفلحت محاولات «الترويض» التى قامت بها الولايات المتحدة إزاء جميع التيارات الإسلامية، سواء جماعة الإخوان المسلمين أو السلفيين أو تيار الإسلام الشعبى، ممثلا فى الجماعات الصوفية، استتباعا لتوافق واشنطن مع النظم السلفية فى منطقة الخليج، ومحاولتها هذه الأيام إنهاك القوى الإسلامية الراديكالية فى اليمن وليبيا لصالح الاقتراب معها إلى «قناعات» مشتركة، حال وصولها إلى الحكم أو المشاركة فيه، بهدف المساعدة فى تكوين إسلام «طيّع»، يمكن تحويلها لمواجهة إسلام المقاومة، وهو ما تحدث عنه المفكر المصرى سمير أمين، منذ أكثر من عشر سنوات، حيث أبدى عدم استغرابه من خيارات دبلوماسية الولايات المتحدة، التى لا ترى تناقضا بين إقامة حكم إسلامى وبين مشروعها للهيمنة.

إذْ لا تعتبر واشنطن الحركات الإسلامية من بين أعدائها، بل تشجعها، خلا حركتين اثنتين، هما «حماس» فى فلسطين، و«حزب الله» فى لبنان، لأن الجغرافيا وضعت هاتين الحركتين موقع معاداة إسرائيل، وبما أن مساندة إسرائيل تحتل مكانة الأولوية فى الأجندة الأمريكية، كان لا بد من وصف هاتين الحركتين بالإرهاب، بينما تمتنع واشنطن عن إدانة الحركات الإسلامية التى تمارس بالفعل وسائل العنف ضد مواطنيها فى بلدان أخرى.

بالنسبة إلى الفصيل الأساسى، جماعة الإخوان المسلمين، فإن انشغالها خلال العقود الأربعة الماضية بتأسيس إمبراطورية اقتصادية، مع دخولها إلى سوق المال الدولية، واستثمارها جزءًا كبيرًا من أموالها فى الخارج، أدى بها إلى توارى نشاطها الدعوى لصالح السياسى، وإلى إعادة إنتاج تنظيمها العسكرى وإن كان على نحو موارب، مع انشغال بالجزئيات، وافتقاد حسن تقدير الواقع، ناهينا بعدم استقرار الإيمان بالديمقراطية فى صفوفها، وهو ما حدا بالباحث الإسلامى الراحل حسام تمّام إلى التأكيد أن مشروع الجماعة، وفى ظل فاعلية من القطبيين الجدد، قد أنهك إلى حدّ الإعياء.

■ بمناسبة الجماعات الإسلامية، كيف ترصد وجود الحركة السلفية على الساحة السياسية؟

- دعنى -ابتداء- أشر هنا إلى تلك النبوءة التى أطلقها المؤرخ الباكستانى دليب هيرو، فى كتابه «الأصولية الإسلامية فى العصر الحديث»، حين أكد منذ قرابة خمس عشرة سنة، أن بزوغ مصر كدولة سلفية، وهى دولة سنّية لها أهميتها الاستراتيجية داخل الوطن العربى، سيهز العالم الإسلامى وغير الإسلامى، على نحو يفوق كثيرًا ما حدث حول تفجر الثورة الإيرانية فى سنة 1979.

وبهذه المناسبة، يشار إلى وجود دلائل واضحة لتصاعد السلفية راهنا فى مصر، إن على مستوى المجال العام (تنامى استخدام الرموز الدينية فى لغة الخطاب اليومى، تصاعد اللاهوت التليفزيونى السلفى، الملصقات والجداريات، الوعظ فى وسائل النقل والمواصلات، تصاعد دعاوى الحسبة لمطاردة المبدعين والمفكرين..)، أو على المستوى اليومى (تعاظم الهوس بإطلاق اللحى وارتداء الجلابيب البيضاء، تزايد أعداد مرتديات النقاب، استخدام أعضاء الجماعة السلفية ألقابًا وكنى وصفات بعينها، الحض على تعدد الزوجات، تكريس عادات وتقاليد خاصة فى مناسبات الميلاد، والزواج، والوفاة..).

ويقدر عدد السلفيين فى الوقت الحاضر بين مليون ومليون ونصف المليون، وينتمى أغلبهم إلى شرائح الفقراء وإلى مستويات مهنية وتعليمية مختلفة، وينتشرون على رقعة جغرافية واسعة، أخطرها منطقة سيناء ومحافظة الفيوم، ويمتلكون قرابة تسعة آلاف مسجد، وستة آلاف زاوية، ونحو (13) ألف جمعية خيرية، وأكثر من أربعين قناة فضائية، وكلها تتلقى أموالًا طائلة من بعض دول الخليج.

وعلى الرغم من محاولة الحركة السلفية تلبّس القول الاعتقادى، والتبرّؤ من «نيّة» العمل السياسى، واعتباره من «المفاسد»، فإن ممارساتها اليومية تشى باستبطانها هذا العمل، حيث يوجد بعض من مدلولاته فى أشكال حياتها اليومية، مثال ذلك: قيامها بإنشاء مشروعات اقتصادية متوسطة وصغيرة، بإغداقات خليجية متواصلة، وهى مشروعات تضع بين أهدافها مساعدة الأحزاب السلفية، وتقديم الدعم إلى المرشحين السلفيين، وكلها ممارسات تفضح عن مصالح اجتماعية، وتفسر قدرة الحركة السلفية على التجنيد وحشد الأتباع اعتمادا على استراتيجية إحرازية قصيرة النفس، تبدأ من الاستقامة الفردية، وصولا إلى الفعل الجماعى السياسى.

والأمر حول النزعة السلفية الرائجة حاضرا، بخطابها وحركتها، يجعلها أقرب إلى الصيغة «الشعبوية»، تلك التى يحكمها مبدأ واحد هو «المبدأ العشائرى»، أو «مبدأ القطيع»، الذى يرفض النخبة، وينفى التعدد والاختلاف والتمايز، ولا يقول إلا بالانسجام والانضباط والتطابق والاختزال وأُنْس العشيرة، بينما هى من حيث طابعها تتخذ فى حركتها هيئة الحشد الجماهيرى، كعشائر راسخة فى اغترابها، متجمهرة فى دوائر جماعية متصلّبة، امتثالا لقناعات طقسية المظهر، أنتج النظام استتباعها السلس، وحرم عددها الغوغائى حقه فى الرشد، وأسكنه خمول الوعى بالذات، وصيّر حركته مجرد تحريك لخيوط غير مرئية، غاب عنها البرهان وطورد العقل، وغلقت فيه أبواب الاجتهاد.. وهل أتاك حديث أنصار الشيخ حازم أبو إسماعيل؟!

■ وماذا عن الخطاب السلفى الراهن؟

- هناك ضرورة للتمييز بين خطاب السلف الأول، الذى استهدف تأكيد الهوية الإسلامية وتطهير المعتقد من شوائب علقت به، كما ورد لدى أهل الحديث وأهل السنة والجماعة وبين خطاب السلفيين الجدد، الذى يعتبر أقرب إلى توليد نسخة سلفية منتحلة، يمكن وضع اليد على أبعاد ثلاثة لها:

موروث، يتمثل فى الرجوع إلى بعض من ألفاظ ومفردات السلف على هيئة استحضارات تخلو من العمق الذى قدمه الرواد من الشيوخ الأوائل. ومنقول، تشكّل عبر الخطوط العريضة للوهابية تلك التى وجدت الجماعة السلفية الراهنة مصلحة فى تبنيها..

ومصنوع، ابتدعته هذه الجماعة بطريقة تركيبية موافقة للأحداث، ويظهر فى البعض من طبعات جديدة لكتب التراث الإسلامى مثل (تفسير الجلالين)، و(تفسير الألوسى)، و(تفسير النسفى) وكتب أخرى فى علم التوحيد على وجه الخصوص، جرى الاعتداء الصريح على متن كل منها، واستبدال ما فيها من آراء وتفسيرات ومفاهيم وسطية معتدلة أو أقرب إلى الاعتدال، بآراء وتفسيرات وهابية تم إسقاطها عليها عمدا بشكل شوه تجلياتها الحقيقية ومضامينها الأصلية، بما يوحى للقارئ العادى غير المتخصص أو البعيد عن الإلمام بشىء من علوم التراث.. أن آراء السلفية الوهابية المعاصرة هى التى يقول بها، أو قال بها كبار المفسرين، خصوصا أن الطبعات الأولى من هذه الكتب القديمة صدرت عن الأزهر!

■ وهل صحيح ما يتواتر عن أخطاء كثيرة ومتعددة وقع فيها علماء السلفية المعاصرة فى إحيائهم للتراث وإعادة نشر كتبه؟

- من المهم فى هذا الصدد الإشارة إلى أن كتابًا مثل (شرح العقيدة الطحاوية)، وهو الكتاب العمدة فى موضوعه، ويعد بمثابة «مانيفستو» الجماعة السلفية فى العقيدة، ومن الكتب الدراسية الأساسية المعتمدة والمقررة فى مناهج جامعة المدينة المنورة بالسعودية، وجدت مخطوطة له غُفلا من اسم المؤلف، ونُسبت إلى صدر الدين بن أبى المعز الحنفى، وأن لجنة شكلت من مشايخ وعلماء سعوديين قامت بتصحيحه ونشره، والإشراف على طبعه، وأوكلت هذا الأمر إلى المحقق المصرى المعروف الشيخ أحمد شاكر، شقيق المحقق الأشهر محمود شاكر.

■ مصيرنا إلى أين؟ دولة دينية أم دولة مدنية؟ وما دور النخب السياسية والثقافية إزاء هذا الخطر المحدق؟

- الإشكالية هنا، أن هذا التساؤل يهل علينا فى ظروف يعانى فيه قطاع عريض من النخبة أسوأ حالات تشرذمه، حيث لم تستطع أن تقيم توافقا وطنيا فى ما بينها كحائط صدّ فى المقاومة المدنية، بينما لا يملك أعضاء نخبة الإخوان الحاكمة سوى لحية خفيفة وعلامة صلاة ونظرة مسترخية، مع انضباط السمع والطاعة، والقدرة على الحشد.

يزيد من الطرح الخاطئ لهذه الإشكالية، أنها تأتى عبر ملابسات تتقاطع فيها الدعوات التراثية والحداثية وما بعد الحداثية، بما هيّأ الفرصة لاستعادة مماحكات الطرح المضلل لأطر الثقافة المصرية المرجعية، والتى تتلخص إما فى الدعوة إلى التماهى فى الآخر واستعارة ذاكرته، أو فى القطع معه بما يؤدى إلى التطرف فى العزلة، أو فى التأليف بينهما على طريقة الشيخ رفاعة الطهطاوى، وبكل ما اضطرت إليه حيثيات هذا التأليف لاحقا من تمحّل وتلفيق.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل