المحتوى الرئيسى

ف.افيرز: حرب المياه مستبعدة ولكن الشرارة موجودة

10/21 21:08

استبعدت مجله "فورين افيرز" الامريكيه اندلاع حروب بسبب المياه في العالم،  ولكنها حذرت من ان النزاعات علي المياه يمكن ان تفجر أكبر الصراعات في العالم. وقالت ان التغيرات المناخيه لن تؤدي الي نزاعات جديده.

واوضحت المجله في تقرير لها عن نزاعات المياه، ان الحديث عن الانكماش الاقتصادي العالمي والاضطرابات في العالم العربى يحتل عناوين الصحف، ولكن هناك مشكله اخري كبيره تلوح في الافق وهي "التغير البيئي".

فاضافه الي انماط الطقس المتقلبه والصعبه، وارتفاع منسوب مياه البحر، والاخطار الطبيعيه الاخري، والاحتباس الحراري، كل ذلك يعوق توافر موارد المياه العذبة، وبالطبع ان ذلك يخلف اثارًا اجتماعيه وسياسيه صعبه.

وفي وقت سابق من هذا العام، نشر مكتب مدير "الاستخبارات الوطنيه" في امريكا تقريرا حول "الامن المائي العالمي"، وتقييم السياسات المائيه في جميع انحاء العالم، واكد التقرير ان النزاعات المائيه الدوليه لن تؤثر فقط علي المصالح الامنيه للدول المتشاطئه والتي تمر عبرها الانهار والبحار، ولكن ايضا علي الولايات المتحده.

وقالت المجله انه في اجزاء كثيره من العالم، تعتبر المياه العذبه بالفعل من الموارد النادره، فهي تشكل 2.5 % فقط من حجم المياه المتاحه علي كوكب الارض، وفقط حوالي 0.4 % من تلك الكميه هي التي يمكن الوصول اليها بسهوله للاستهلاك البشري، ومن هذا الكميه الصغيره، تتناقص حصه مياه الشرب بسبب الاستخدامات الزراعيه والصناعيه والتلوث، ومن المرجح ان يزداد ذلك سوءا، ولكن العديد من مسطحات المياه العذبه المشتركه بين الدول المتشاطئه سواء اثنين او اكثر من ذلك، تعاني من تعقيدات في ادارتها.

   حرب وحيده من 4500سنه

واضافت المجله انه بطبيعه الحال، تنبا المجتمع السياسي كثيرا بحرب مياه وشيكه، ففي عام 2007، حذر الامين العام للامم المتحده "بان كي مون" من ان ندره المياه، هي وقود لحروب قويه وصراعات". ورغم ان التاريخ لم يشهد الكثير من هذه النوعيه من الحروب، الا ان الحرب الرسميه الوحيده الموثقه علي المياه  وقعت قبل 4500 سنه، حيث اندلع نزاع بين مدينتي "لكش" و"امه" علي نهر دجلة في العراق.

  وفي الاونه الاخيره، كانت هناك بعض المنازعات، خاصه في منطقة الشرق الاوسط القاحله، فقبل حوالي سنتين من حرب عام 1967، تبادلت اسرائيل وسوريا اطلاق النيران في خلافات علي حوض نهر الأردن، واتهم كلاهما الاخر بالاستخدام المفرط للمياه، واذا كانت الاشتباكات المسلحه المحدوده علي المياه قد تلاشت، الا ان الخلافات السياسيه علي حصص المياه من الموارد المائيه المشتركه لازالت قائمه بين الدول.  ففي عام 2002، قام لبنان ببناء مضخات مياه علي احد روافد النهر، وهو ما سبب قلقا لاسرائيل دوله المصب ورغم ان المشروع لم يؤدِ الي اي نزاع مسلح رسمي بين البلدين، الا انه في ظل سلام هش في منطقه غير مستقره بالفعل، اضطرت الولايات المتحده للتدخل للتهدئه بعد ان تبادل البلدان الحرب الكلاميه، وقبل الطرفان بحل وسط في نهايه المطاف من شانه ان يسمح للبنان بسحب كميه محدده مسبقا من المياه وفقا لاحتياجاته المحليه.

وباختصار، فان التوقعات باندلاع حرب عالمية حول المياه امر مستبعد، ومع ذلك، يمكن ان تتسبب الخلافات حول استخدامات المياه في اشعال الصراعات الاقليميه، ومن المتوقع ان تؤدي التغيرات المناخيه الي زياده الجفاف، والفيضانات، وغيرها من الظروف الجويه القاسيه التي تهدد كميه ونوعيه المياه العذبه، وبالتالي تزداد المخاطر والتهديدات بتفجر مزيد من النزاعات.

وقام البنك الدولي باعداد تقرير، نشر في عام 2010، عن احواض الانهار باعتبارها تشكل اكبر المخاطر حاليا.

وقام الباحثون بتحليل الاثار الماديه لتغير المناخ علي الانهار الدوليه، وتمت دراسه التباين في الجريان السطحي السنوي للانهار في الماضي وسيناريوهات التغيرات المناخيه في المستقبل، كما تمت دراسه طبيعه القدرات المؤسسيه حول احواض الانهار، في شكل معاهدات المياه الدولية، للتعامل مع الاثار المحتمله لتغير المناخ.

ووفقا لتلك الابحاث، فان 24 من احواض الانهار الدوليه البالغ عددها 276 في العالم يعانون بالفعل من زياده تقلب المياه، وتخدم هذه الاحواض ال 24، مجتمعه حوالي 332 مليون نسمه، وهي عرضه للتوترات السياسيه ذات الصله بالمياه، وتقع الغالبيه العظمي من تلك الاحواض في شمال افريقيا وجنوب الصحراء الكبري، ويقع جزء قليل منها في الشرق الاوسط واسيا الجنوبيه والوسطي، وأمريكا الجنوبيه، وتشمل هذه الانهار نهر "تافينا" في (الجزائر والمغرب)، ونهر "دشت" في (ايران وباكستان)، والكونغو في (أفريقيا الوسطى)، وبحيره تشاد في (وسط أفريقيا) والنيجر في(غرب افريقيا)، والنيل (شمال شرق أفريقيا)، وشيرا  في (اكوادور وبيرو) ، حيث لا توجد معاهدات قويه تحكم استخدام هذه الاحتياطيات من المياه في تلك الاراضي المتوتره، وفي حاله اندلاع صراعات حول هذه الانهار، لا توجد اليات جيده للتعامل معها.

وبحلول عام 2050، سوف يضاف 37 من احواض الانهار التي تخدم 83 مليون شخص، الي قائمه الانهار العرضه للخطر كبير وبالتالي زياده التوترات السياسيه . ولكن، علي عكس اليوم، سوف  تكون احواض الانهار في اسيا الوسطى واوروبا الشرقيه واوروبا الوسطي، وأمريكا الوسطى ايضا في خطر كبير خلال 40 عاما . وتشمل بعض هذه الانهار نهر "كورا-اراكس" في  (ايران، تركيا، والقوقاز)، ونيمان في (اوروبا الشرقيه ) واالعاصي في (لبنان وسوريا وتركيا)، واحواض كاتاتومبو (كولومبيا وفنزويلا)

وقالت المجله ان نهر النيل يعتبر من اكبر الاحواض الافريقيه، وهو له اعظم الاثار المترتبه علي الامن الاقليمي والعالمي، وهناك توترات بشان مياه النهر بالفعل بين اثيوبيا ومصر، وهما الحلفاء الغربيين المهميمن، حيث كانت مصر لاعبا رئيسيا في عمليه السلام في الشرق الاوسط واثيوبيا هي قوه اقليميه مهمه في منطقه القرن الافريقي، وتقوم حاليا بمساعده القوات الافريقيه الاخري في الصومال.

وعلي مر السنين، كان هناك عدد من معاهدات المياه الدوليه التي وضعت قواعد لحوض النيل، لكنها كانت محدوده الي حد كبير، وعلي وجه الخصوص، وقعت مصر والسودان فقط اتفاقيه نهر النيل عام 1959، وهي المعاهده الرئيسيه المتعلقه بالنهر.

وقالت المجله ان مصر، التي هي دوله المصب، استغلت قوتها كواحده من اقوي البلدان في المنطقه، في التاثير بشكل كبير علي نظام تقاسم المياه، فيما تركت دول المنبع، مثل اثيوبيا وبوروندي، لتواجه صعوبه كبيره في الاستفاده من النيل لتلبيه احتياجاتهم الخاصه.

وفي عام 1999، ومع الخطاب اللاذع بشكل متزايد بين مصر واثيوبيا، ضاعف البنك الدولي وتصل مشاركته مشروعات حوض النيل، حيث ساعد في انشاء شبكه من المصارف فضلا عن مجموعه من الاستثمارات في عدد من الاحواض الفرعيه. ومع ذلك، فان عدم صياغه اتفاق جديد حتي الان ، يجعل دول المنبع لا تتنازل عن حقها في تطوير البنيه التحتيه للمياه، في حين لا تتنازل دول المصب عن حمايه حصصها.

وفي عام 2010، وقعت اثيوبيا اتفاقيه مع عدد من بلدان المنبع الاخري  املا في تحقيق التوازن ضد مصر والسودان. وفي الاونه الاخيره، اعلنت البلاد عن خطط لبناء عدد من السدود الكبيره في المنبع، والتي يمكن ان تؤثر علي الاستقرار في المنطقه.

وبحلول عام 2050، ستكون الحاله البيئيه في حوض النيل اسوا مما عليه الان، مما يجعل هناك ضروره ملحه لانشاء معاهده قويه ومنصفه للمياه الان، ويجب ان تركز مثل هذه المعاهده علي سبل لتسخير امكانيات النهر ألمائيه لاشباع احتياجات الطاقه لجميع الدول المتشاطئه مع الحفاظ علي سلامه النظام الايكولوجي.

وهناك حوض مياه اخر عرضه للتوترات، هو بحر " اورال"، التي تشارك فيه كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان واوزبكستان، وهو حوض يتكون من اثنين من الانهار الرئيسيه، نهر "سير داريا" و"امو داريا".

وخلال الحقبه السوفياتيه، كان يدار هذان النهران بطريقه فعاله نسبيا، وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي، بدات التوترات، حيث الخلاف الرئيسي حاليا بين قرغيزستان دوله المنبع واوزبكستان دوله المصب علي نهر سير داريا، فخلال فصل الشتاء، تحتاج قرغيزستان المياه المتدفقه لانتاج الطاقه الكهرومائيه في حين تحتاج اوزبكستان لتخزين المياه لري حقول القطن في وقت لاحق.

وقدمت دول عده محاولات لتسويه النزاع، ووفرت اوزبكستان، وهي غنيه بالوقود والغاز والطاقه، كميات معقوله الي قيرغيزستان للتعويض عن حفظ المياه في الخزانات الكبيره حتي موسم زراعه القطن، مثل اتفاقيات المقايضه، ومع ذلك، لم تحقق هذه المبادره الا نجاحا محدودا، لانه يتم التلاعب بها بسهوله، حيث تقوم دوله المصب بتقديم كميه اقل من الوقود خلال سنه الامطار، بدعوي انها تحتاج كميات اقل من المياه من خزانات المنبع، ودوله المنبع تقدم كميات اقل من المياه بغرض الانتقام، وتسعي قيرغيزستان، في ظل الاحباط والياس للحصول علي الطاقه في فصل الشتاء، لتدشين خطط لبناء محطات توليد كهرباء ضخمه في اراضيها،  ودوله منبع اخري هي طاجيكستان، تدرس كذلك مشرعات كهرباء مائية لاشباع احتياجاتها من الطاقه الخاصه بها، وفي الوقت نفسه، تقوم اوزبكستان ببناء الخزانات الكبيره.

وعلي الرغم من ان هذه الخطط قد يكون له معني علي المدي القريب جدا، فهي غير فعاله علي المدي المتوسط والطويل لانها لا تحل الاحتياجات الحقيقيه لدول المصب لسعه التخزين الكبيره لحمايه المياه ضد التقلبات عبر الزمن.

في الواقع، كل من قيرغيزستان واوزبكستان، جنبا الي جنب مع كازاخستان، سوف تشهد زيادات كبيره في استخدامات المياه المتباينه بحلول عام 2050.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل