المحتوى الرئيسى

لوحة الغورى.. آخر آثار "درب الحج" بسيناء

10/21 11:39

لاتزال بعض اثار طريق الحجيج من دول المغرب العربي ومصر المار بصحراء شبه جزيره سيناء، للحجاز، باقيه حتي اليوم، تشهد علي ما قدمته امبراطوريات ودول متعاقبه علي هذا المكان لخدمه حجاج بيت الله الحرام.

ويمتد طريق الحجيج في سيناء لمسافه تقارب 350 كم تبدا من قناة السويس غربا، وتنتهي عند منطقه طابا بالجنوب الشرقي للمحافظه الحدوديه، يسير خلالها عبر دروب رمليه بمناطق صحروايه قاحله وممرات صخريه ضيقه، واوديه تخترق سفوح  سلاسل جبلية وعره.

وانقسم طريق الحج القديم الي ثلاث مراحل متقاربه تبدا من القاهره، حتي مدينه "عجرود" في محافظة السويس بطول 150كم والثانيه حتي مدينه "نخل" بطول 150كم ايضاً اما الثالثه فتنتهي بمدينه "عقبه ايه" بطول 200كم، وكانت كل مرحله تستغرق مسيره 3 ايام علي ظهور الابل.

ومن ابرز اثار هذا الطريق الباقيه لليوم بسيناء، لوحه أثرية نقشت علي بطن جبل يسمي "دبه البغله" بوسط سيناء، وحملت توقيع السلطان المملوكي " قنصوة الغوري".

ومن بين عباراتها الايات الاولي من سورة الفتح  "انا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تاخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا" صدق الله العظيم.

وكذلك عباره تنسب فضل تمهيد الطريق للغوري جاء فيها "مهد طريق المسلمين الحجاج لبيت الله تعالي وعمار مكه المكرمه والمدينة الشريفه والمناهل عجرود ونخل وقطع الحبل عقبه ايلا وعمار القلعه والابار وقلعه الازلم والموشحه ومغارب ونبط الفسافي وطرق الحج الشريفه، مولانا المقام الشريف والامام الاعظم سلطان الاسلام والمسلمين الملك الاشرف ابو النصر قنصوه الغوري نصره الله نصراً عزيزا".

وتشكل هذه اللوحه معلما اثريا  في المنطقه، اذ احاطت الجهات المسئوله الموقع بسور شائك، ومع ذلك بقي مزارا للعابرين  من هذا الطريق الصحراوي  الذين ترك بعضهم توقيعه علي سفح ذاك الجبل الواقع في بدايه منخفض علي طريق دولي يربط شمال سيناء بجنوبها.

وعن هذه النقوش يشير الاثري عبدالرحيم ريحان مدير منطقه اثار نويبع  بسيناء، في دراسه منشوره له الي انها تحدد معالم هذا الطريق بوسط سيناء وتقع بين مدينه نخل وصحراء النقب، وهي عباره عن نقش علي الصخر للسلطان الغوري صاحب اليد الشريفه في اعمار طريق الحج بسيناء والعقبه والحجاز، وتمثل ايات قرانيه ونصا عن اعمار طريق الحج، ولاهميته الكبري قام المجلس الأعلى للآثار بحمايته من خلال انشاء سور حوله علي الطراز الاسلامي.

ويلفت ريحان الي ان هذا الطريق  كان ينبض  بالحياه في الماضي مع حلول موسم عبور الحجاج وعودتهم، وكانت مدينه نخل -التي تبعد عن العاصمه المصريه القاهره 240 كيلو متر- اهم محطاته".

فكان يقام بالمدينه سوق ضخم، تباع فيه كافه الفواكه السيناويه، وتضم افراناً لانتاج الخبز، ويتوسطها قلعة نخل التي تحوي اباراً وبركاً لحفظ المياه، واحواضا لشرب الدواب، وخانا (فندقاً) لمبيت الحجاج، وابراجا دفاعيه، وحواصل لذخائر الحجاج، ومسجدا، وجميعها في مبني واحد، بحسب ريحان.

ويضيف الباحث الانثروبولجي اشرف العناني قبل شق قناه السويس لم يكن درب الحج مجرد طريق يعبر من خلاله  المحمل الشريف (موكب كسوه الكعبه) في موكب اسطوري من ديار المحروسه في القاهره الي مكه المكرمه، لكنه اخذ  اسمه هذا من قوافل الحجيج التي كانت تاتي من كل مغارب العالم الاسلامي لتعبره  في موسم الحج كل عام .

واشار العناني الي ان احد اشهر الهجرات العربيه باساطيرها وحكاياتها وماسيها التراجيديه  هي التغريبه الهلاليه من الجزيرة العربية الي تونس الخضراء حيث تمت عبر هذا الدرب بشكل اساسي".

  وبلهجه يعلوها الفخر يقول علينا ان لا ننسي ايضاً  ان علي هذا الدرب كانت اول محاوله للكتابه الابجديه غير  الصوريه (مثل الكتابه الهيروغليفيه) تلك الكتابه التي تعرف في علم الانثروبولجي باسم الكتابه السينائيه، ولا اظنني ابالغ ان قلت بان درب الحج البري  ظل الشريان التاجي لجسد الحضاره الانسانيه القديمه بلا منافس الي ان شقت قناه السويس.

درب الحج في الماضي كان هو طريق حجاج دول المغرب العربي ومصر، يسيرون عبره بالالاف، سالكين دروبه الوعره علي ظهور الابل في  ايام وليال طوال، قد تزيد عن الشهر.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل