المحتوى الرئيسى

«تاريخ ازدهار وانهيار النخبة القانونية المصرية» «الحلقة الثانية»

10/17 09:12

إن قامت الثورة فهى عند أهل القانون جريمة، وعند أهل الثوار عدل وقصاص.

كذلك كانت المعضلة فى 23 يوليو 1952، وكذلك الحال اليوم، والناس مصدومة فى عزوف نخبتنا القانونية عن إقامة العدل الثورى الحق بعد 25 يناير 2011، ربما لأسباب تاريخية تبقى معنا بعد ستة عقود من انقلاب الجيش، تركتنا جميعا فى حالة توجس من أى تعامل ثورى مع نظام مبارك وحاشيته، بينما نتابع أحكام البراءة تصدر الواحد تلو الآخر فى شأن كل من قامت ثورة 25 يناير فى وجه سلطانه.

هى هواجس الماضى، ولها حاضر علينا ذكرانه.

بدأ «نظام يوليو» أسبوعه الأول فى الحكم بأزمة دستورية، صدر بشأنها فتوى من مجلس الدولة فى 31 يوليو 1952، قيل حينها «إن الطرفين المدنى والعسكرى التزما مسبقا بالنزول على هذه الفتوى الدستورية أيا كان محتواها».

والحق أن هذه الفتوى كانت أول قطرة لغيث من التدابير «الثورية»، الخارقة فى مجملها لمبادئ سيادة القانون واستقلال القضاء خلال الفترة ما بين انقلاب الجيش وأزمة مارس 1954، كمحاكم «الغدر» و«الشعب»، وحل الأحزاب والنقابات، وتحصين قرارات العسكر عن رقابة مجلس الدولة عليها، وكل ذلك بمباركة كبار قضاة مجلس الدولة نفسه، وفقهاء القانون بكليات الحقوق من ورائهم.

كان الملك فاروق قد تنازل عن العرش لابنه الرضيع أحمد فؤاد الثانى فى 26 يوليو 1952، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من انقلاب الجيش، فثار التساؤل حول تشكيل مجلس الوصاية على العرش ليحكم باسم المليك القاصر، ومدى وجوب حلف هذا المجلس باليمين أمام البرلمان قبل توليه السلطة؟

وكان دستور 1923 هو الحاكم لحظتها، وكانت مواده متسقة إلى حد بعيد مع مبادئ الحكم الديموقراطى فى الدولة المدنية الحديثة، فنصت صراحة على أن «جميع السلطات مصدرها الأمة»، واشترطت المادة (50) منه على وجوب حلف الملك باليمين أمام البرلمان قبل توليه الحكم، كما اشترطت المادة (51) منه أن يحلف الأوصياء على العرش بذات اليمين قبل توليهم الحكم باسم الملك إذا كان قاصرا فى السن.

وقد روعيت تلك المواد عند وفاة الملك فؤاد سنة 1936، وانتقال الحكم إلى ولى عهده الأمير فاروق، والذى لم يكن قد تجاوز بعد السابعة عشرة من العمر، فشكل البرلمان حينئذ مجلسا للوصاية على العرش، وقام أعضاؤه بحلف اليمين أمام البرلمان، إلى أن أتم فاروق الثامنة عشرة بالتقويم الهجرى، فذهب بدوره إلى مقر البرلمان فى 29 يوليو 1937، ووقف أمام الأغلبية الوفدية فيه ليتلو باليمين الذى نصه:

«أحلف بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين الأمة المصرية وأحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه».

ومن العجيب أن مواد دستور 1923، بروحها المدنية الحديثة تلك، جاءت أيضا متسقة تماما مع واقع الحكم فى مصر لحظتها، حيث لا يتصور عاقل نزوح من بيده السلطة عنها إلا بموته لمرض فتاك، أو فنائه لسبب أعنف فى مقدرات السياسة.

ومن ثم يبدو أن واضعى الدستور آثروا الاقتصاد فى مداد أقلامهم، واكتفوا فى صياغة المادة (52) منه بتنظيم مسائل انتقال الحكم لوفاة الملك دون التعرض لغيرها من احتمالات خلو العرش لأى سبب آخر، كأن يتنازل الملك عنه مثلا لمرض يعيقه عن الاضطلاع بمهامه، أو أن يتم عزل الملك عن العرش بثورة الشعب عليه، ثم يبقى حيا يرزق على وجه الأرض.

وإزاء هذا الغموض فى مواد الدستور أخذت التصريحات تتضارب بشأن مجلس الوصاية على عرش الأمير أحمد فؤاد، فنجد على باشا ماهر رئيس الوزراء حينئذ تارة يقول بوجوب حلفان الأوصياء باليمين أمام البرلمان قبل توليهم سلطات الحكم وفقا للمادة (52) من الدستور، وتارة أخرى ينفى ذلك ويدعى بأن المادة (52) تقتصر فقط على حالة وفاة الملك دون تنازله عن العرش.

وحتى لا يتصور القارئ أن هذا الخلاف فى تفسير دستور 1923 كان خلافا فقهيا مجردا عن أى أثر سياسى، ينبغى علينا التذكير بأن وزارة الهلالى باشا كانت قد أمرت بحل مجلس النواب عقب وقوع حريق القاهرة فى يناير 1952، ثم تلا ذلك إيقاف جلسات مجلس الشيوخ، فكانت الحياة النيابية معطلة تماما عند قيام «حركة الجيش» فى 23 يوليو 1952، وبالتالى كان من شأن الإصرار على أداء الأوصياء اليمين أمام البرلمان أن يتم دعوة أعضاء المجلس النيابى للانعقاد، ومن ثم عودة الأغلبية الوفدية إلى مقاعدها، وهو أمر لم يكن على هوى حكام مصر الجدد من العسكر، ولا على هوى ساسة البلد من المناوئين لحزب الوفد.

انعقد قسم الرأى بمجلس الدولة فى الساعة الحادية عشرة من صباح يوم 31 يوليو 1952 بغرض الإجابة على طلب الفتوى المقدم من رئيس الوزراء، ونصه «هل يجوز دعوة البرلمان المنحل للانعقاد لفض مظروف الوصاية (على العرش) وليحلف الأوصياء أمامه باليمين الدستورية وذلك تطبيقا للمادة 52 من الدستور؟».

توجه إلى ذلك الاجتماع الطارئ جميع مستشارى قسم الرأى بالمجلس، بمن فيهم سليمان بك حافظ وكيل المجلس لقسمى الرأى والتشريع، كما فوجئ الحضور بقدوم رئيس مجلس الدولة الدكتور عبدالرزاق باشا السنهورى ليرأس الاجتماع بنفسه، وذلك على غير العادة حيث كان حافظ هو الذى يترأس تلك الاجتماعات فى الظروف العادية.

استمر الاجتماع قرابة الست ساعات، حتى انتهى فى الرابعة والنصف مساء، وأخذت لهجة النقاش فيه تزداد حدة بمرور الوقت، حسب محضر الجلسة، والذى يشير إلى انقسام الرأى فى تفسير المادة (52) بين وجهتين، الأولى تبناها الدكتور وحيد رأفت دون غيره من الحضور، فذهب إلى أن الأصل فى الدستور هو حلفان مجلس الأوصياء باليمين أمام البرلمان، وأن حالة التنازل عن العرش يجب أن تقاس على خلوه لوفاة الملك، فيلزم دعوة البرلمان للانعقاد فيها أيضا.

أما الرأى الثانى والذى ادعى به سائر قسم الرأى وفى مقدمتهم السنهورى وسليمان حافظ فقد كان مفاده «أن المادة 52 من الدستور مقصورة على حالة الوفاة، أما حالة النزول عن العرش فإن الدستور لم يواجهها ولا يمكن دعوة مجلس النواب المنحل إلى العمل فى هذه الحالة».

وفى نفس يوم الاجتماع هذا نشرت جريدة «الأهرام» أولى مقالات الدكتور سيد صبرى فى سلسلته عن «الفقه الثورى»، والتى دافع فيها إجماعا عن النظرية الدستورية التى تقول بسقوط الدساتير القائمة بعد الثورات والانقلابات، فذهب إلى أن ما حدث يومى 23 و26 يوليو 1952 ما هو إلا «ثورة» أطاح فيها الجيش بنظام الحكم القديم، ولم يتبق سوى إعلان قادة هذه الثورة لسقوط دستور 1923، إثباتا بذلك لواقع الحال، ودونما الحاجة لأى إجراءات أخرى. ويبدو أن المقال لقى اهتماما لدى الضباط الأحرار وكان له صدى أيضا فى آراء بعض مستشارى مجلس الدولة ممن حضروا اجتماع قسم الرأى يوم نشره.

انتهت فتوى المجلس بالفعل إلى عدم الحاجة لدعوة البرلمان بالانعقاد، ولكن صائغيها لم يستندوا فى ذلك إلى نظرية الفقه الثورى، وليتهم فعلوا فأصابوا، ولكنهم مع الأسف اكتفوا بتسبيب رأيهم على أساس قصور أحكام دستور 1923 عن تناول حالة النزول عن العرش صراحة.

وما بين وجهتى النظر هاتين، لا نجد أى صعوبة فى ترجيح رأى الدكتور وحيد رأفت على أنه الأقرب إلى المنطق القانونى السليم، بينما لا يسعنا فهم رأى الأغلبية فى هذا الاجتماع وفى مقدمتهم السنهورى باشا سوى بتحميل رأيهم هذا على أثره السياسى البالغ.

فالقول مع وحيد رأفت بتطبيق المادة (52) من الدستور بعد تنازل الملك فاروق عن العرش كان يستتبعه إعمال الفقرة الثانية من نفس المادة، فيحق للمجلس النيابى المنحل أن ينعقد «من تلقاء نفسه» إذا لم تتم دعوته للانعقاد من قبل الحكومة، وهو ما كان من شأنه أن يفتح المجال للأغلبية الوفدية فى العودة إلى تولى السلطة وسحب الثقة من وزارة على باشا ماهر التى شكلت فى أعقاب انقلاب الجيش، بل وتشكيل حكومة وفدية بديلة.

ولا يمكننا سوى تصور وعى جميع من حضروا الاجتماع بهذه التبعة السياسية لتفسير الدكتور رأفت، حتى أننا قد لا نبالغ إذا قلنا إن هذا الهاجس السياسى لابد وخيم فى ذهن جميع رجال مجلس الدولة حال نظرهم فى طلب الفتوى.

ويبدو من مذكرات وحيد رأفت أن مقدار العداوة بين السنهورى وحافظ من جهة والوفد من جهة أخرى كانت قد وصلت إلى حد المطالبة بأن «تضمن الفتوى الصادرة منا دعوة الحكومة إلى استخدام القوة إذا ما حاول مجلس النواب الوفدى المنحل الانعقاد من تلقاء نفسه».

ثار رأفت فى وجه سليمان حافظ عند استماعه لهذا الرأى مذكرا بأنه «لا يليق بسدنة القانون وحرماته أن يستعدوا الحكومة على نواب انتخبهم الشعب لتمثيله»، خاصة والوطن:

«بصدد انقلاب عسكرى لا يعلم إلا الله أين سيقود البلاد وإن واجبنا كحقوقيين مدنيين أن نتضافر لمواجهة ما يصاحب تلك الانقلابات العسكرية من خطر على الحريات».

صدرت البيانات الأولى للقائمين على انقلاب الجيش دونما استخدام لكلمة «الثورة» فى وصفهم لوقائع ليلة 23 يوليو 1952، وبقى الحال كذلك لما يقارب الستة أشهر بعد وقوع الانقلاب، فأشاروا لأنفسهم أولا بمصطلح «القيادة العامة» ثم «الضباط الأحرار» وأخذت الصحف تشير إلى «حركة الجيش» ثم «الحركة المباركة»، ولم يظهر مصطلح «ثورة 23 يوليو 1952» فى الخطاب العام للصحافة أو فى بيانات الضباط الأحرار حتى مشارف سنة 1953.

وإلى أن حدث ذلك كانت العلاقات الودية بين على ماهر والضباط الأحرار قد انهارت تماما، وفى مقدمة الخلافات بينهما كان اعتراض ماهر صراحة على مشروع قانون تحديد ملكية الأرض الزراعية، بما تلاه ليلة 5 سبتمبر 1952 من اعتقال أربع وستين شخصية من كبار الساسة ثم إقالة ماهر من رئاسة الوزارة فى اليوم التالى.

كان اسم السنهورى هو أبرز الأسماء المرشحة لمنصب ماهر، إلا أن الضغوط الأمريكية أثنتهم عن هذا الاختيار، وكان فى مقدمتها اعتراضات السفير الأمريكى جايمز كافرى على السنهورى لسبق توقيعه على «إعلان ستوكهولم» سنة 1951، ذلك الإعلان الذى تبنته حركة السلام الدولية وأيده كبار المفكرين من اليسار الأوروبى، فكانت ثانى الأسماء المرشحة لرئاسة الوزارة سليمان حافظ، الذى كان بدوره مستعدا لترك المجلس والانضمام للوزارة الجديدة ولكن دون تولى رئاستها.

وإزاء ذلك ولدت الوزارة الجديدة برئاسة اللواء محمد نجيب فى 7 سبتمبر 1952، فكانت أول وزارة مدنية يرأسها رجل من العسكر فى تاريخ السياسة المصرية منذ أن تولى عرابى باشا رئاسة الوزارة سنة 1882، ويبدو أن الثنائى القانونى السنهوري/حافظ قد قاما بدور مهم فى إقناع نجيب بتولى منصب رئاسة الوزارة، مرجحين له السلامة الدستورية لاضطلاع رجل الجيش بزمام مجلس الوزراء فى أعقاب الانقلابات العسكرية.

انضم سليمان حافظ إلى وزارة نجيب نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية، وكان له الدور الأكبر فى انتقاء أغلب وزرائها والذين بالطبع لم يشملوا أى وفديين فى صفوفهم، وفى نفس يوم تشكيل الوزارة قُبلت استقالة الدكتور وحيد رأفت من منصبه لما رآه من تخطيات مسّتهُ بغير وجه حق فى حركة إعادة تنظيم مجلس الدولة.

كذلك فى نفس يوم تشكيل وزارة نجيب تلك ظهر مقال للأستاذ أحمد أبو الفتح بجريدة «المصرى» المؤيدة للوفد، وتحت عنوان «إلى أين؟» أخذ الصحفى بتكوينه القانونى يسترجع وقائع الانقلاب ويؤصل لما تواجهه البلاد من مخاطر الانفلات الدستورى، فهاجم السنهورى ومعه حافظ دون أن يذكرهما صراحة، ووضع ثقال اللوم عليهما فقال:

«وفى اعتقادى أن الخطأ بدأ يوم أفتى مجلس الدولة فتواه فى مجلس الوصاية المؤقت، وتلاه خطأ آخر يوم استمسك على ماهر بهذه الفتوى، ويوم نادى بعض الكتاب بالفقه الثورى».

وكأن أبو الفتح بذلك توقع ما سيصيب الحياة الحزبية فى الأشهر التالية من إعادة هيكلة جذرية على يد الثنائى حافظ/السنهورى، أصابت الوفد ومعه أحزاب الأقلية فى مقتل، وأبقت على الإخوان والشيوعيين إلى أن كان الفتك بهم عقب أزمة مارس فى 1954.

فقد كانت الدعوة إلى «تطهير» الحياة السياسية هى النداء الرئيسى للاتجاه الإصلاحى فى السياسة المصرية قبل انقلاب الجيش فى يوليو 1952، حتى إن حكومة الهلالى باشا بادرت بتشكيل «لجان تطهير» بالوزارات المختلفة فى مارس 1952، ثم واكب فتوى مجلس الدولة فى 31 يوليو 1952 بشأن الوصاية على العرش صدور نداء فى نفس اليوم من اللواء محمد نجيب إلى كل الأحزاب والهيئات السياسية المصرية «بتطهير نفسها والإعلان عن برامجها».

وبعد يوم من تشكيلها فى 7 سبتمبر 1952، استصدرت الوزارة المرسوم بقانون فى شأن تنظيم الأحزاب السياسية، مضيقة فيه الخناق على حرية تشكيل الأحزاب بنحو لم تشهده الحياة السياسية المصرية من قبل، وباسم الحاجة إلى «التطهير» أجازت المادة 5 منه لوزير الداخلية الاعتراض على طلب تكوين الحزب، وجعلت من اختصاص القضاء الإدارى بمجلس الدولة نظر الطعون فى هذه الاعتراضات.

وإذا كانت أحكام هذا القانون الذى أعده سليمان حافظ قد طالت نظريا جميع الأحزاب فى الساحة السياسية المصرية، إلا أن حزب الوفد كان وبدون شك المتضرر الرئيسى من أحكامه، فقام الوفد بإعادة تنظيم أوراقه الداخلية متوخيا أحكام قانون الأحزاب الجديد، وتنحى النحاس باشا عن رئاسة الحزب وأسندت إليه رئاسته الفخرية، بينما انتقلت رئاسة الحزب الفعلية إلى عبدالسلام باشا جمعة خلفا للنحاس.

اعترض سليمان حافظ بصفته وزير الداخلية على إخطار الوفد بإعادة تشكيله هذا، فانتقل الخلاف بين حافظ والوفد إلى مجلس الدولة، وشكل الوفد هيئة للدفاع عن الحزب تكونت من 12 من كبار رجال المحاماة حينئذ وفى مقدمتهم الأساتذة إبراهيم فرج ومحمود سليمان غنام ومحمد صلاح الدين ووحيد رأفت.

قامت محكمة القضاء الإدارى بتأجيل دعوى الوفد للحكم إلى 19 فبراير 1953، غير أن المجلس لم يتسن له الفصل بالنزاع فى نهاية المطاف، فقد أذاع اللواء محمد نجيب فى 10 ديسمبر 1952 بيانا أعلن فيه باسم الشعب المصرى سقوط دستور 1923 وأن «الحكومة آخذة فى تأليف لجنة تضع دستورا جديدا يقره الشعب ويكون منزها عن عيوب الدستور الزائل»..

ثم تلا ذلك إذاعة بيان آخر فى ليلة 16 يناير 1953 أعلن نجيب فيه «حل جميع الأحزاب السياسية منذ اليوم ومصادرة جميع أموالها لصالح الشعب بدلا من أن تنفق فى بذر بذور الفتن والشقاق، ولكى تنعم البلاد بالاستقرار والإنتاج أعلن قيام فترة انتقالية لمدة ثلاث سنوات حتى نتمكن من إقامة حكم ديموقراطى دستورى سليم»، فتم شطب دعوى الوفد أمام مجلس الدولة.

كذلك صدر فى 18 يناير 1953 مرسوم بقانون اعتبر «كل تدبير اتخذه أو يتخذه القائد العام للقوات المسلحة بوصفه رئيس حركة الجيش التى قامت فى 23 يوليو 1952، بقصد حماية هذه الحركة والنظام القائم عليها، من قبيل أعمال السيادة التى لا يجوز الطعن فيها أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة»، وعلى هذا الأساس أصدر مجلس الدولة حكمه فى قضية يحيى البدراوى عاشور فى 21 يناير 1953، رافضا طعن هذا الأخير بشأن عدم دستورية قانون تحديد الملكية الزراعية.

هكذا إذن تعاقبت المراسيم بقوانين تعلن سقوط الدستور ثم حل الأحزاب وتحصين جميع التشريعات والتدابير الصادرة منذ 23 يوليو 1952 عن رقابة المحاكم، وبينما بقى السنهورى على رأس قضاء إدارى منزوع المخالب، لا سلطان لمجلس الدولة فيه حيال هذه التدابير الثورية المحصنة من رقابة المحاكم، استمر سيل المراسيم بقوانين الصادرة عن وزارة نجيب، تارة بتعديل قانون الأحكام العرفية وإنشاء نوع جديد من المحاكم يجلس على منصة القضاء فيها خمسة من ضباط الجيش لمحاكمة أعداء النظام، وتارة أخرى باستحداث مجموعة من المحاكم الاستثنائية مثل «محكمة الغدر» فى ديسمبر 1952، ومن بعدها «محكمة الثورة» فى سبتمبر 1953، ثم إحالة أعداء النظام لهذه المحاكم الاستثنائية.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل