المحتوى الرئيسى

المخفييون في اليمن: الحكومة تتجاهلهم والجدران تتذكرهم

10/09 08:51

مر اليمن بمحطات عديده من الصراعات السياسيه علي السلطه سواء علي الصعيد الشطري في الشمال والجنوب قبل الوحده او في اطار الدوله الموحده (الجمهورية اليمنية) التي شهدت ايضا حرب صيف 1994 بين قوات الشمال وقوات الجنوب. ورغم ان الوحده كانت قد تمت بطريقه سلميه في 22 ابار / مايو 1990، الا ان ذلك لم يمنع نشوب الحرب التي خلفت الكثير من الضحايا، كما اضافت اعداد اخري لملف المخفيين قسرا الذي  ظل جرحا نازفا في قلب كل اسره يمنيه فقدت حبيبا لها ولم تعرف شيئا عن مصيرة حتي اللحظه. وفيما كان الامل معقودا علي الثوره الشبابيه السلميه بكشف هذا المصير المجهول وتقديم المسؤولين عنه لمحاكمه عادله امام المحاكم الوطنيه، لكن ذلك لم يتم مما يترك علامة استفهام كبيره!

تاسيس رابطه اسر المخفيين قسريا

مرت سنوات عديده ولم تقم الحكومات اليمنيه المتعاقبه بكشف مصير المخفيين قسرا او رد الاعتبار لهم ولذويهم فقررت بعض الاسر المتضرره تاسيس "الرابطه اليمنيه لاسر المخفيين قسرا" في اذار / مارس الماضي وقد وصل عدد اعضاء هذه الرابطه الي نحو 200 عضو. وكانت البدايه ـ حسب هاله القرشي ابنه احد المخفيين ـ بصدور عدد من صحيفه "النداء" اليمنيه حاملا ملف المخفيين قسرا عام 2007. وتهدف الرابطه لتكوين اطار قانوني يتبني القضيه ويقدمها للحوار الوطني المزمع بين القوي الوطنيه، بهدف معرفه مصيرهم وكشف الحقيقه وتقديم المسؤولين للمحاكمه امام المحاكم الوطنيه والدوليه المعنيه بحقوق الانسان استنادا للاعلان العالمي لحمايه جميع الاشخاص من الاختفاء القسري. وتنتهج الرابطه تنظيم الوقفات الاحتجاجيه، وتشكيل جماعات الضغط الاعلامي والاجتماعي، وعقد الندوات ورفع المطالب ورسم اللوحات الجداريه التي تحمل صور وبيانات المخفيين قسرا، كبرنامج للعمل ووسيله للتعريف بضحايا الإخفاء القسري والتذكير بهم وكشف مصيرهم.  

نداء اقرباء الضحايا لم يبلغ الي مسامع اي من الحكومات اليمنيه المتعاقبه

في حديثها مع الـ DWعربيه تتذكر هاله القرشي لحظات اعتقال والدها سلطان امين القرشي، القائد اليساري المعروف و وزير التموين والتجاره اليمني في عهد الرئيس اليمني الاسبق إبراهيم الحمدي (1974 ـ 1977)، حين داهمت قوات امن يمنيه تتبع جهاز الاستخبارات المعروف حينها بـ"جهاز الأمن الوطني" – السيئ السمعه - المنزل بقياده رئيس الجهاز حينها المقدم محمد خميس وتحديدا في عصر يوم 20 فبراير/ شباط 1978. وتقول هاله متذكره " ان الاسره تلقت اول رساله في مايو 1978 يهنئ فيها والدها شقيقتها انتصار بعيد ميلادها ويؤكد علي تسميه المولود المنتظر (ازل) وهو اسم شقيقها الاصغر الذي ولد في 17 مايو من نفس العام". وتضيف القاضيه اليمنيه ان الرساله الثانيه والاخيره من والدها كانت في "يوم 12 اكتوبر 1978 تحدث فيها عن ظروف السجن والتعامل القاسي معه ورفاقه المعتقلين في سجن حنظل الكائن في منطقه البونيه وسط العاصمه اليمنيه،" مشيره الي تاكيد والدها في هذه الرساله علي انعدام التغذيه والرعاية الصحية السليمه وانه ورفاقه كانوا لا يزالوا بملابسهم التي دخلوا بها"، رغم مرور نحو تسعه اشهر علي اعتقالهم.

ومن جانبه يحكي لـ DWعربيه استاذ الفلسفه بجامعه صنعاء دكتور جميل عون قصه اعتقال شقيقه الاكبر، عبد العزيز، الضابط حينها في القوات المسلحة اليمنيه والطالب الجامعي في السنه النهائيه بكليه التجاره والاقتصاد يوم 6 فبراير 1977 فيما كان يمر بجوار جامعه صنعاء، ويقول دكتور عون ان الجهه التي قامت باعتقال شقيقه واخفائه قسرا هي جهاز الاستخبارات اليمنيه التي داهمت سكن شقيقه بعد اعتقاله واستولت علي كافه محتوياته. وينسب دكتور عون لشهود عيان في المستشفي العسكري بصنعاء مشاهدتهم عبد العزيز في المستشفي لمرتين متتاليتين عام 1979 لتلقي العلاج وكانت اثار التعذيب تبدو واضحه علي جسمه، حسب قوله.

كانت الامال معلقه علي الثوره الشبابيه التي اطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح في معالجه ملف المخفيين قسرا وانهاء معاناه اهاليهم، لكن هذه الثوره لم تعالج بعد هذه القضيه الانسانيه، بل ان الاحداث الاخيره قد اضافت اسماء جديده الي قائمه الضحايا.

هاله القرشي الثوره الشبابيه تنفي اهمال الثوره الشبابيه لملف المخفيين قسرا، مؤكده لــ DWعربيه "ان كشف مصير المخفيين السياسيين كان وما يزال احد الاهداف الرئيسيه للثوره" مذكره بدور شباب تعز منذ الايام الاولي للثوره وحمله "الجدران تتذكر وجوههم"، في اشاره الي مبادره اطلقها احد الفنانين بالتعاون مع اسر الضحايا وتتلخص في رسم وتعليق صور الضحايا في الشوارع العامه.

لكن القرشي تتهم حكومه الوفاق الوطني التي جاءت بها الثوره، ليس "بالسكوت عن قضيه المخفيين فحسب، بل بالتفريط بقضايا اخري كثيره وكبيره،" مؤكده  لــ DWعربيه " اصرا ر ضحايا الاخفاء القسري واسرهم علي رفض اقرار قانون العداله الانتقاليه الا بعد اتمام الحوار الوطني، الذي علي قاعدته سيتم اقرار القانون"، معتبره ان الحكومه الحاليه لا تمثل قوي الثوره الحقيقيه كونها "لا تزال تضم قوي شاركت في عمليه الاخفاء القسري". وتطالب هاله القرشي بــ  كشف حقيقه الاخفاء القسري لوالدها، الذي كان امينا عاما لحزب الطليعه الشعبيه اليمني اليساري عند اعتقاله ورفاقه، وكذلك بكشف مصير جميع المخفيين في كل محطات الصراع في اليمن باسره وتقديم المسؤولين عنه للمحاكمه ومعاقبتهم كمجرمين. ولم نستطع الحصول علي تعليق من جانب وزاره حقوق الانسان حول موقف الحكومه من هذه القضيه.

ووفقا لهاله سلطان القرشي، نائب رئيس الرابطه اليمنيه لاسر المخفيين فقد شكلت في عام 2006 لجنه حكوميه بضغط من الامم المتحده كان من بين اعضائها غالب القمش رئيس جهاز الامن السياسي وعبد القادر قحطان مسؤول الانتربول حينها ووزير الداخليه الحالي وعلي تيسير وكيل وزاره حقوق الانسان حينها، وذلك لكشف مصير المخفيين قسريا و حاولت اللجنه يومها توفير كل ما من شانه اغلاق الملف وليس لانصاف الضحايا و الكشف عن مصيرهم، حسب ما تقول القرشي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل