المحتوى الرئيسى

ضابط الصاعقة.. الفارس الشاعر الشاب محمد وديع

09/27 09:21

فداكي.. زي ما وعدتك.. في قسمي وعمري ف يوم ما هاخون..

ولو داسوا عليا اكتر.. ولو ينفوني اخر الكون..

ولو يرموني في مصحه.. يقولوا خلاص.. بقيت مجنون..

كانت هذه كلماتك تخرج من قلب مستشفي الصحه النفسيه الذي نقلوك اليه مؤخرا من حبسك الانفرادي المظلم الطويل، عقابا لك علي «يوتيوب» نشرته مدافعا عن نفسك شارحا حجم الظلم والتنكيل وعمليات الكسر المنظمه التي تتعرض لها انت واسرتك، والتهمه، انك ذكرت السيد صاحب القداسه وزير الدفاع! حبسوك لانك خرجت يوم 8 ابريل مدافعا عن الثوره.. الثوره التي اتت بحكامك الذين ردوا لك الجميل بترقيتك من نزيل سجن الي نزيل مستشفي، مستشفي الصحه النفسيه. اقول لك يا ولدي الحبيب كلمه واحده واضحه، اياك ان تنكسر، ليس مسموحا لك بذلك يا حضره الضابط، اياك ان تخيّب ظني فيك.

لك مني رساله، ولي عندك طلب، اما الرسالة فهي اعتذار عن كل ما يفعله هؤلاء بك وبوالديك. انت لم تُلقِ بالبذاءات والاحجار وكسر الرخام علي رؤوس اخوانك من فوق اسطح شارع مجلس الوزراء، ولم تطلق عليهم النار ساعه الفجر، ولم تفقا عيونهم، ولم تجرّد اختك الشريفه من ملابسها في عُرض الشارع، ولم تمد يدك الطاهره علي اختك لتُجرِي لها كشف عذريه حقيرا كاصحابه، لم تعذب احدا او تهدد احدا او تدهس احدا بمدرعه يا محمد، انت لم تكن مثل اي من هؤلاء الذين لم تطا ارجلهم السافله لا سجنا ولا مستشفي صحه نفسيه. انت لست واحدا من هؤلاء الذين ازهقوا الارواح وهتكوا الاعراض ثم عادوا اخر النهار الي بيوتهم سالمين غانمين، ياكلون ويشربون، بل ويحمل بعضهم قلادة النيل! انت لم تفعل ايا من ذلك لكنك اردت تحذيرنا من كل ذلك يا حضره الضابط، فدفعت الثمن ولا تزال، اتهموك بالتواطؤ مع زملائك، افرجوا عنهم ثم تركوك متهما وحيدا بالتواطؤ، كانك تواطات مع نفسك! والان، اريدك ان تحمد الله كثيرا، فلحسن حظك انك لست تربيه المشير، اي مشير، والا لكنت مثل هؤلاء القتله ولو تحرروا، ولكنك تربيت في بيت مصري طيب علمك معني الشرف والشجاعه ولو حبسوك، ولو ظلموك، ولو اودعوك مستشفي الصحه النفسيه ونكلوا بك وباسرتك، التي علقت امالها علي ولدها الوحيد. صدقني يا ولدي، قد تظنهم احرارا ولكنهم يعيشون حقراء جبناء اذله يدارون وجوههم المجرمه خشيه ان يكشفها او يراها احد، ظنا منهم اننا قد ننسي، ولكننا لن ننسي، ابدا لن ننسي، اما انت، فلقد خرجت وصحبك تحت الشمس وفي قلب النور مؤيدا للثوره مدافعا عنها علي قمه جبل علي راسه نار، تصرخ وحيدا في وجه شبان وبنات اخذتهم الفرحه ونشوه النصر غير شاعرين بما يدبَّر لهم في الغرف المغلقه، مغامرا بنفسك وحياتك وعمرك الاخضر ومستقبلك، محاولا ان تحول بجسدك بينهم وبين ذلك الهول القادم في الطريق قبل حتي ان يبدا، ذلكم هو من تكرِّمهم مصر الثوره اليوم بالمناصب والقلادات والاوسمه، وهؤلاء هم من ينكَّل بهم يا ولدي، ولقد اخترت اين تريد ان تكون، واياك ان تندم علي اختيارك. اليوم انشغل الكثيرون عنك ونسوك في مسرح عبثي يموج بالفوضي وانانيه البشر، اناس ممن يبحثون عن نصيب في كعكه السلطه، وانت وحدك في قلب ظلماتك منسيا تقضي ايامك ولياليك وانت تتغني وحيدا بحب مصر.. اعتذر لك يا ولدي بقلب اب محمَّل بالاحساس بالذنب، لقد حاولت ومن وراء ظهرك، طرقت الابواب، راسلت حتي المستشار محمود مكي رفيق الكفاح الذي اصبح بعد الثوره نائبا لرئيس الجمهوريه، ولكنه لم يعد يرد علي رسائلي، ولعلها الشبكه، شبكه الرياسه! احساس بالعجز والذنب تجاه كل شهيد فقد حياته او اصيب او اوذي من دوني، حاولت، واتذكر الان اخاك الشهيد محمد الذي نجحت في تدبير الدواء الذي سيوقف نزيف الرصاصه التي اخترقت جسده راقدا في المستشفي بين الحياه والموت، اتصلت لانقل بشري الدواء لاعلم انه قد مات قبل وصول الدواء بدقائق ليزرع في صدري نوعا من المشاعر جديدا عليّ تماما، لا اعرف كيف اصفه، ولكني اعرف جيدا انه سيصاحبني الي قبري. محمد يا ولدي وحبيبي، انت شاب في عشرينيات عمرك تدربت علي تحمل الاسْر في معتقلات الاعداء، والمعتقل هو المعتقل يا محمد، ولو كان في وطنك بكل اسف. تذكر انه عندما نزلت الرساله علي محمد كان قد تجاوز الاربعين، ولم يكن يعرف حتي القراءه والكتابه، تذكر وانت في مستشفي الصحه النفسيه ان اهله ساروا خلفه في شوارع مكة يتهمونه بالجنون والسحر، وهو لا يحمل سلاحا سوي قلبه بين كفيه وايمانه بالله، تذكر انه ذاق في حياه واحده ما لا يطيقه ملايين البشر، ولا يزالون يتطاولون عليه وهو في مقعده العالي في السموات ولن يستطيعوا مهما فعلوا. اهانوه.. نعم، ضربوه بالسيف في راسه فانغرست خوذته في عظام وجهه الشريف.. نعم، وضعوا له السم في الطعام.. نعم، حقّروه، طردوه، جوّعوه.. نعم، نعم، ولكنه في كل مره كان يعفو، سار للطائف علي كعبَي قدميه الطاهرتين في قلب الصحراء يدعو الي الله، فقذفوه بالاحجار والطوب وهو اعزل عاجز عن حمايه راسه ليسيل دمه الطاهر ويجلس مناجيا ربه «اللهم اني اشكو اليك ضعف قوتي وقله حيلتي وهواني علي الناس.. ان لم يكن بك غضب عليّ فلا ابالي»، ردِّدْها انت ايضا يا محمد يا بني، ان لم يكن بك غضب عليّ فلا ابالي، وعندما ساله الله فيهم اختار ايضا ان يعفو.

ويا ام محمد، اياك ان تخسري ثواب الصبر، لا تجزعي علي ولدك الوحيد وتذكري ام النبي موسي التي امرها الله ان تضع وليدها في سله في قلب النيل والتيارات العاتيه مؤمنه بان الله مُجرِيها ومُرسِيها، تذكري خادمه فرعون التي القوا باولادها امام عينيها في النار واحدا بعد واحد ان تعود عن كلمه إلحق فابت، ولما جاء الدور علي ولدها الرضيع تمسكت ذراعاها به جزعا واشفاقا فانطقه الله ان تصبر ولا تجزع وانها ستجده ان شاء الله من الصابرين.

اعلم يا محمد انك لست وحيدا، انا معك، افكر فيك ليل نهار واحس بما تحس، لن انساك، اعلم يا ولدي انك بطلي واني احبك وفخور بك كل الفخر اباهي بك العالمين، ولا اتمني لولدي الوحيد الا ان يكون مثلك ايها الفارس الشريف، فارس الصاعقة المصرية الذي يتم اختباره الان وفي هذه اللحظات. لا يهمني راي السيد وزير الدفاع فيك، لا السابق ولا الحالي، فاذا كان سيادته يري ان هذا مكانك، فانا كمصري اقول لك انه لن يطمئن لي قلب او يغمض لي جفن الا وانا اعلم ان هناك علي حدود بلدي بطلا شابا يقف ويحتضن سلاحه ويتمتم باشعاره الوطنيه في قلب الليل ليحميني ويحمي مصر كلها، ليس هذا الا انت يا حماده، اوجِّه من قلبي صرخه الي كل مصري شريف من اجل ولدي الجميل محمد وديع، اما انت يا محمد فامرك انِ اثْبت.. فانت الاقوي يا ولدي الحبيب.

اتصل بنا | شروط الاستخدام | عن الموقع

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل