المحتوى الرئيسى

الأديب هاشم الرفاعي من أقدم كتبة الملك عبد العزيز

09/23 12:07

ياتي هذا المقال بمناسبه الاحتفاء بالذكري الثمانين الميلاديه (الثانيه والثمانين بالتقويم الهجري) لاعلان توحيد المملكة العربية السعودية، وليستعيد المقال اسم اديب كويتي من اصل عراقي كان من زملاء الامير عبد العزيز آل سعود في احد كتاتيب الكويت، ثم اصبح واحدا من اقدم الكتبه في الديوان السلطاني، وذلك قبل ان يصبح عبد العزيز ال سعود عام 1924 ملك الحجاز ونجد بسنوات قليله.

وكان اسم الرفاعي قد طرق مسمعي لاول مره قبل ثمانيه اعوام، عندما نشر المؤرخ السعودي عبد الرحمن الرويشد مقالا عن سيرته في جريده «الشرق الأوسط» (العدد 9431 في 23 سبتمبر/ ايلول عام 2004)، مشيرا فيه الي كتاب قديم نافد الطبعه للرفاعي بعنوان: «من ذكرياتي»، ظهر في بغداد عام 1939. وقد هاتفني الاستاذ الرويشد في حينه ليلفت نظري الي ما تضمنه الكتاب تحت عنوان «القضاء النجدي العادل» حول قصه حدثت عام 1922، وكلف السلطان عبد العزيز كاتبه هاشم الرفاعي ابان عمله في الديوان السلطاني بالتوسط للصلح بين طرفيها.

وكان الباحث الكويتي يعقوب يوسف الابراهيم نشر في جريده «القبس» الكويتيه مقالا مستفيضا من جزاين (العدد 10954 بتاريخ الاربعاء 10 ديسمبر/ كانون الاول 2003 والعدد اللاحق له في اليوم التالي)، فيه من التفصيل عن سيره الرفاعي ما يلبي الحاجه الاساسيه للباحث، ويمده بمنافذ مفيده للتقصي والاستزاده، حتي جعل كتابه المغمور ينبعث من جديد ويشتهر ويستهوي الكتاب والمؤلفين.

كان الرفاعي - المولود في الكويت عام 1885 - لبي دعوه من السلطان عبد العزيز لمقابلته في القطيف والالتحاق به كاتبا في ديوانه، 20كانت>وكانت المعرفه بينهما بدات في الاساس من الكويت بين والديهما؛ الامام عبد الرحمن (والد الملك عبد العزيز) وأحمد الرفاعي، وكان هاشم يتذكر زيارته برفقه والده احمد لديوانيه الامام عبد الرحمن في الكويت، وقد درس الشاب هاشم مع الامير اليافع عبد العزيز في كتّاب واحد، ثم واصل دراسته في بغداد، وعاد الي الكويت ليسعي لتطوير نفسه، وظهر عنده نبوغ ثقافي وسياسي مبكر، وبعد نحو عقدين، استقطبه عبد الله حمد النفيسي - وكيل السلطان في الكويت - للعمل ضمن منظومه موظفي ديوان الامير عبد العزيز في اواخر عام 1921، وذلك بدليل عدد من القرائن في هذا الكتاب التوثيقي الممتع، ولا يزإل آلعديد من اسرته (20الرفاعية>الرفاعيه) يعيشون في الكويت، وهم في الاصل من الساده الحسينيه (الاشراف) المقيمين في العراق، ومن هنا جاء له شعبيا لقب (السيد)، اما والدته؛ فانها من اسره العبدالرزاق الكويتيه المعروفه ذات الاصول النجديه (من بلده العطار من سدير).

كان هاشم الرفاعي من المتعلمين القلائل الذين التحقوا بديوان السلطان عبد العزيز في تلك الفتره، وذكر الاستاذ يعقوب الابراهيم ان السلطان عبد العزيز كلف الدكتور عبد الله الدملوجي بالبحث معه في مساله راتبه، فاتفقا علي الفين وخمسمائه روبيه شهريا، فما كان من عبد العزيز الا ان ضاعف المبلغ، وكلفه بمسائل في داخل البلاد وفي منطقه الخليج، تتطلب فهما خاصا بالامور الماليه والسياسيه والقانونيه، ومن بينها اشراكه في عضويه وفد مؤتمر العقير (1922) ومهمات اخري تتعلق بامتياز النفط، وبالاشراف اخيرا علي ماليه الاحساء وجمارك القطيف، الا ان الكتب التي تحدثت عن تلك الحقبه لم تورد الا القليل عن سيرته، باستثناء ما كتبه الريحاني والزياني كما سيرد، وذلك علي ما يبدو عائد الي ان اقامته في سلطنه نجد والاحساء لم تدم طويلا، ولولا هذه الذكريات المطبوعه التي خلفها الرفاعي في كتابه السابق ذكره لربما بقيت سيرته مطويه باقل قدر من المعلومات عنه، وهو ما يثبت اهميه تدوين مثل هذه الذكريات.

ذكر مقال الاستاذ الابراهيم ان الاديب اللبناني المعروف أمين الريحاني، الذي اشار مرات الي الرفاعي في كتابه (ملوك العرب)، قد التقي في البصره (عام 1922) بالرفاعي موجها للريحاني اول دعوه من السلطان عبد العزيز لزيارته، وقد وصف الريحاني الرفاعي بانه «اديب الادباء»، وكان الرفاعي، علي ما يبدو، في زياره لعبد اللطيف باشا المنديل (السلطان ممثل عبد العزيز ال سعود) في البصره، في امر يتعلق بالتشاور في اتفاقيه للزيت مع الانجليز.

كما يستفاد من كتاب مخطوط ينتظر الصدور عن سيره الشيخ حمزه غوث، ومن مصادر اخري عده، ان السلطان عبد العزيز قد اوفد السيد حمزه عام 1923 رئيسا للوفد النجدي لاجتماعات المؤتمر العربي بالكويت، الذي دعا اليه الكولونيل نوكس المندوب السامي البريطاني في الخليج، حكومات كل من الحجاز ونجد وشرق الاردن والعراق، لارسال ممثلين عنها لحضور الاجتماع المذكور، وكان الوفد يضم في عضويته كلا من الدكتور عبد الله الدملوجي والشيخ حافظ وهبه والشيخ عبد العزيز القصيبي، وتولي اعمال السكرتاريه فيه السيد هاشم الرفاعي.

واشار الاستاذ الرويشد في مقاله انف الذكر الي كتاب: «البحرين بين عهدين»، لراشد الزياني الذي اورد نُبَذًا عن مهمات قام بها الرفاعي مع السلطه البريطانيه في البحرين بتكليف من السلطان عبد العزيز.

بقي الرفاعي في خدمه سلطان نجد والاحساء بضع سنوات (بين 1921 وحتي منتصف عام 1925 تقريبا)، ثم عاد الي الكويت وامضي بقيه سني حياته هناك.

وتكمن اهميه كتابه - المطبوع قديما في مطبعه «الرشيد» ببغداد ثم قامت «دار جداول للنشر والترجمه والتوزيع» في بيروت باعاده نشره هذا العام - في انه لم يكتب في اثناء وجود مؤلفه (الرفاعي) في الرياض، او في ظل تبعيه اداريه لوظيفته، او تحت ظرف يلزمه ادبيا بالمحاباه، فجاءت روايته للاحداث والقصص علي درجه مقبوله من الموضوعيه المستقله، فهو - كما يقول - الفه بعد عودته الي الكويت عقب انتهاء ارتباطه الوظيفي بديوان الملك عبد العزيز، وهو يسرد في مقالات قصصا ومواقف عاشها بنفسه، اما في العراق او في الكويت او في سلطنه نجد والاحساء.

والمعلومات القليله التي بين ايدينا عن الرفاعي، توضح انه كانت لديه اهتمامات صحافيه بلغت «درجه العشق والهيام»، تمثلت بداياتها في تقرير نشره في جريده «الاوقات البصريه» (Basra Times) عام 1921 عن افتتاح المدرسه الاحمديه في الكويت، وفي اصدار جريده «البصره» عام 1934، وفي محاولته الحصول علي ترخيص لاصدار جريده «الصراحه» في البصره، وكانت ذكرياته التي تضمنها كتابه قد نشرت في البدايه مجزاه في صحيفه «الثغر» البصريه، وقد ذكر انه كان يفكر بعد لقائه بالسلطان عبد العزيز في انشاء مطبعه واصدار جريده في الرياض تلبيان اهتمامات السلطان بالاعلام.

جدير بالذكر اخيرا، ان يعقوب يوسف الابراهيم قد قال عن هاشم الرفاعي انه اول صحافي كويتي، ولعله بذلك يقصد ان جريده «الكويت» لمؤرخ الكويت عبد العزيز الرشيد، لم تبدا الا عام 1928، وان الرفاعي كان وحيد والديه، ولم يكن له من عَقِب من ابناء او بنات، ثم قال انه توفي فقيرا في العراق عام 1950 عن عمر ناهز السبعين عاما، ودفن في مقبره الحسن البصرى في مدينه الزبير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل