المحتوى الرئيسى

فجوة المعلومات وقراءة فى النص القانونى «لمعاهدة السلام المفترى عليها»

09/22 08:39

نشرت «الشروق» مقالا بعنوان «معاهده السلام المفتري عليها» لكاتبها السفير ايهاب وهبه مساعد وزير الخارجيه المصريه الاسبق للشئون الامريكيه (18/8/2012) ومع احترام التوجه العام للحجه الرئيسيه اذا كان الكاتب يحاول ان يقول من خلالها ان المشكله اليوم ليست في نصوص كامب ديفيد بقدر ما هي في عدم تحركنا بعدها لملء الفراغ في سيناء، الا ان الطرح بالمقال يستوجب التعقيب والنقد الموضوعي حيث انه لا يعبر فقط عن نمط من الحجج يتبناها ويعبر عنها قطاع من السياسيين والدبلوماسيين وغيرهم من المعنيين بالشان العام.

بل لانه يعبر عن وجود فجوة علي مستوي ممن نسمهم في لغويات القانون بالنصيين Textualists الذين قاموا ببناء النص والتفاوض حول صياغته كما في حاله السفير وهبه الذي كان عضوا في فريق التفاوض بكامب ديفيد او علي مستوي الكثير من السياقيين Contextualists ممن تناولوا المعاهده بالتحليل والرأي والذين يتسم خطابهم بنفس ملامح هذه الفجوه المعلوماتيه وهذا الامر يعد من أكبر معضلات ومشاكل واقعنا السياسي والاعلامي والقانوني عبر الملفات المختلفه... من هنا ارصد ما يلي من تعقيبات:

«اعود الي اللغط المثار حول معاهده السلام والمبرمه في عام 79، وذلك من اجل الرد علي هؤلاء الذين يبغون التشكيك في قدراتنا وفي انجازاتنا. اقول لهؤلاء ان معاهده السلام المفتري عليها قد صيغت بعنايه فائقة، ولا ابالغ اذا قلت ان كل كلمه وردت فيها، وكل بند اتت المعاهده علي ذكره، قد اخذ الوقت الذي يستحقه في جلسات المفاوضات المتعاقبه والتي استغرقت اكثر من سته اشهر».

ويستطرد سيادته منوها بحجم الفريق التفاوض من دبلوماسيين وقانونيين وغيرهم ممن اخرجوا هذا النص من الجانب المصري، ولتوضيح الفجوه اعود لمقال سابق كتبته ونشرته «الشروق» وجاء بعنوان «دلالات النص (المختطف) من إتفاق كامب ديفيد (5/8/2011)»، حيث اشرت الي الـ16 حجه التي كتبها كبير المفاوضين في اتفاقيه السلام وهو رئيس الوزراء الاسبق د. مصطفي خليل والتي سجل من خلالها اعتراضه علي اهم جزئيه راها مجحفه وجائره في حق مصر ووردت في نصوص الاتفاقيه وهي الخاصه بمذكره الاتفاق الامريكي الاسرائيلي والتي اقحمت علي الوفد المصري اقحاما قبل توقيع المعاهده باقل من 24 ساعه، وهنا من الضروري ان اعود الي الحجة الاولي من الـ16 حجه التي ساقها خليل والتي تفيد بان مذكره الاتفاق موجهه ضد مصر وانه يسجل «انه لم تتم استشاره مصر من قريب او بعيد بشان تلك المذكره «NEVER CONSULTED».. كما يقول خليل في الحجه رقم (3) «لقد اشتركنا في المرحله النهائيه للتفاوض علي المعاهده علي مدي اكثر من شهر حتي الان، ومع ذلك لم يحدث وان ابلغنا بنيه الولايات المتحده الاتفاق علي مثل هذه المذكره»، ويضيف قائلا: «وعلاوه علي ذلك فانه قد تمت احاطتنا بالمذكره وليس التشاور (او التفاوض) بشانها»، وهنا نقول بان الامر، وكانه يعبر عن مثال من امثله «عقود الاذعان» التي لا يتم التفاوض حول بنودها.. حيث تحولت المذكره الي احد النصوص الملزمه والتي وقعت مصر عليها، ويذهب خليل في حججه الـ16 ليوضح كيف ان لغه الغموض السلبي التي صيغت بها تلك المذكره تجعلها مجحفه لمصر في نهاية المطاف.. مشكله الطرح الذي ورد في مقإل آلسفير ايهاب انه تجاهل تماما اعتراضات كبير المفاوضين نفسه.

من هنا لا يمكن القبول بصحه الادعاء الذي ذكره السفير ايهاب «بانها المعاهده المفتري عليها» او بان نصوصها «قد صيغت بعنايه فائقه» او ان «كل بند اتت المعاهده علي ذكره، قد اخذ الوقت الذي يستحقه».

المشكله التي ينبغي علينا تداركها اليوم بخصوص مساله «فجوه المعلومات» لا تتمثل فقط فيما ورد بنمط الخطاب الذي تضمنه المقال ولكن المشكله اوسع نطاقا.. لان تحفظات خليل الـ16 المتجاهله اصبحت من نصوص الاتفاقيه.. المؤسف انه قد تم «اختطاف» او «اقتطاع هذا النص المهم» من معظم «نصوص الاتفاقيه المتداوله وحتي في كتاب كارتر» نسل ابراهيم «وفي مواقع وزارة الخارجية الإسرائيلية وفي كتب وثائقيه اخري. هذا فيما عدا مصدر رسمي مهم للغايه، حيث اورد نص خليل وكذلك جاء فيه رد وزارة الخارجية الأمريكية عليه وهذا المصدر هو «النص المعتمد من قبل مكتب الشئون العامه لوزاره الخارجيه الامريكيه (الوثيقه رقم 8973)».

من هنا اقترح ان تقوم وزارة الخارجية المصرية وكذلك هيئه الاستعلامات باعتماد ونشر هذه الوثيقه الامريكيه التي تضمنت ذلك النص «المختطف» او المسكوت عنه في معظم نصوص المعاهده المتداوله لاعتماده في اي اعاده تفاوض او في اي تفاعلات اخري مستقبليه بخصوص هذا الشان لانه يفند اهم نقاط الاجحاف بالمعاهده وقد اثبتت الاحداث والتفاعلات حول الاتفاقيه انه كان مناسبا، وبالتالي يمكن الاستناد اليه كذلك في تبرير مصر الثوره لفتح ملف اعاده التفاوض اذا رات ذلك.

ثانيا: درس الا نسمح بالاستبداد الرئاسي: افهم من طرح المقال موضع التعقيب والنقد ان الكاتب كان يدافع عن مجهود وطني راه مخلصا وان المعاهده قد صيغت بعنايه فائقه وانها عرضت علي مجلس الشعب في استفتاء، وان ما يُقال عن تساهل او تقصير من قبل المفاوض المصري ومن قبل القياده المصريه هو «مجرد هراء» علي حد قوله.. ولكن ماذا عن القول بان كلا من مصطفي خليل وبطرس غالى قد رفضا مذكره الاتفاق الامريكي الاسرائيلي التي نالت من نصوص المعاهده الاخري ولم يبالِ السادات برفضهما، ولم يبالِ باعتراضات وزير خارجيته حينذاك محمد ابراهيم كامل وغيره! فهل كان ذلك مجرد هراء؟!

واخيرا يذهب السفير الي اهميه ان نعيد التفاوض حول كامب ديفيد بخصوص المنطقه (جـ) للتعامل مع المستجدات بعد ثلاثه عقود، واشارك سيادته باهميه هذا حيث كتبت مقالا منذ 6 سنوات «الارهاب واعاده التفاوض حول كامب ديفيد» (الاخبار 4/5/2006). وكان ذلك عقب احداث الارهاب المتكرره في سيناء في ذلك الوقت والتي لا نزال نعاني منها اليوم.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل